8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تراجع البيوعات 11,2% في ك2 وجمود وحذر في سوق الشقق

رسم الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري، ومن ثمّ التعثر في تشكيل حكومة برئاسة نجيب ميقاتي، صورة ضبابية للمسارات الاقتصادية في البلد، وفي طليعتها قطاع العقارات، الذي كانت له انعطافات إيجابية في مراحل صعبة عالمياً وداخلياً، جعلت من العقار فورة لم يشهدها البلد من قبل، وبأسعار فلكية خالفت فيها تراجع قيمته على مستوى العالم.
فبعد خروج القوات السورية من لبنان في نيسان (أبريل) 2005، أعاد العقار تموضعه وصحح أسعاره بنسب فاقت الـ100%، وخلال الأزمة العالمية في أيلول (سبتمبر) 2008، التي تسببت بها أزمة الائتمان العقاري في الولايات المتحدة، التي انعكست سلباً على الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم، حيث أكد سوق العقار للمغتربين العرب والأجانب، أن لبنان بكل مقوماته بمنأى عن تداعيات الأزمة التي ضربت معظم دول العالم، وهو ما زاد من إقبال رؤوس الأموال والاستثمارات الى البلد وانتعاش حركة العقار فيه فائض سعري وصل في أمكنة معينة الى ارتفاع بنسبة 400%، رغم القلاقل السياسية والأمنية في الداخل خلال الفترة الممتدة من 2005 وحتى الانقلاب على حكومة الحريري.
لكن وعلى الرغم من الأداء القوي لسوق العقار خلال 2010، فإن تباطؤاً لوحظ في الفصل الأخير من السنة حين بدأت تتراجع الاستثمارات في هذا القطاع بالتزامن مع انخفاض عدد مبيعات العقار، فالمأزق السياسي، الذي بلغ ذروته أواخر السنة، والذي ترك أثراً سلبياً في ثقة المستهلكين والمستثمرين، وهذا الأمر لم يلحق بالعقار وحده، وإنما أيضاً بقطاع السياحة وقطاعات انتاج وخدمات أخرى، التي بدأت تترنح على إيقاع سياسي غير منضبط وذي ملامح غير واضحة، وهو ما يعبر عنه الخبراء بالقول إن نهاية الطريق اليوم غير معروفة...والعقار لا يعرف الى أين اتجاهاته: مشاريع...أسعار...استثمارات!!.
على أنّ حال العقار اليوم، تميل الى جمود سلبي، أي جمود من غير أسعار عادلة، وهو ما يخشاه خبراء العقار، من أن تذهب الأمور الى انحدار مع مرحلة عدم الاستقرار السياسي، وفي ظل الاضطرابات السياسية التي ستشكله منطقة الشرق الأوسط، التي لن تأتي بالمستثمرين الى لبنان كما المرات السابقة، حيث كانت الثقة بحكومتي الرئيس فؤاد السنيورة وبحكومة الرئيس سعد الحريري كبيرة، فالآن لا يُعرف الاتجاه التي ستلكه الحكومة المقبلة إن شُكلت، وهي على الأرجح لن تستحوذ على ثقة المستثمرين، إذا كان نصف اللبنانيين ليسوا معها. ويقول خبير إن الاستثمارات في مجال العقار، ذهبت الى بلاد تعتبر ملاذاً آمناً وبالطبع ليس لبنان، إنها أوروبا، ويشير خبير آخر، الى أن ما يتم بيعه اليوم بأسعار تفوق الأسعار العادلة بنسبة 20%، هو موضع شك لجهة المال الذي يدفع، هل هذا المال للتبييض أم لإحداث مضاربة؟.
ومن جهته، قال المدير العام لشركة رامكو العقارية رجا مكارم، منذ 6 أشهر لم تتبدل الأوضاع على الصعيد السعري، هناك جمود في قطاع بيع الشقق، فيما قطاع بيع الأراضي مستمر من قبل المستثمرين إما لاستثمار أو للمضاربة أو كملاذ آمن، ووصف صورة العقار في لبنان بأنها ضبابية، فلا أحد يستطيع أو يتوقع ما ستكون عليه أوضاعه. وقال أنا حذر، فالأسعار غير العادلة ما زالت قائمة، لكننا نخشى أن تهبط، لذلك أنا حذر.
وضع العقار نهاية 2010
عرفت سوق العقار نشاطاً جيداً في العام 2010، في وقت شهدت فيه الاقتصادات الإقليمية والعالمية نهوضاً اقتصادياً تدرجياً. وتبين أرقام مديرية الشؤون العقارية أن قطاع العقار سجّل في 2010 أداءً قوياً نسبياً، ناتجاً من نمو اقتصادي وعن ازدياد عدد السكان وعن نشاط سياحي مطّرد نسبياً. فبلغ عدد مبيعات العقار 94,202 عملية في العام 2010 بزيادة نسبتها 12,7% مقارنةً مع 2009. وهذا المستوى القياسي بالنسبة إلى السنوات السابقة عائد إلى حركة قوية في الأشهر الأولى من السنة، خصوصاً في النصف الأول منها حين راوحت معدلات الزيادة بين 35 و45%.
غير أن تباطؤاً لوحظ في الفصل الأخير من السنة حين بدأت تتراجع الاستثمارات في هذا القطاع. فقد انخفض عدد مبيعات العقار 12,2% في الفصل الأخير من العام 2010 بالمقارنة مع الفصل ذاته من 2009.
في موازاة ذلك، فإن عدد مبيعات العقار للأجانب، والذي لا يزال يمثّل حصة ضعيفة من مجموع مبيعات العقار، بلغ 1,920 عملية في العام 2010، أي بانخفاض نسبته 16,8% مقارنة مع 2009. ويعود هذا الانخفاض بخاصة إلى التراجع الكبير الذي شهده الفصل الأخير من العام 2010، باعتبار أن عدد مبيعات العقار للأجانب في الأشهر التسعة الأولى من السنة، ظلّ شبه ثابت بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2009. ففي الفصل الأخير من العام 2010، انخفضت مبيعات العقار للأجانب بنسبة مهمة قدرها 42,1% مقارنة مع العام 2009، بسبب تأثر ثقة المستثمرين بالتوتّرات السياسية.
وبلغت القيمة الإجمالية لمبيعات العقار في لبنان رقماً قياسياً هو 9,5 مليارات دولار في العام 2010، أي بارتفاع نسبته35,1 % على أساس سنوي، رغم أن قيمة هذه المبيعات تراجعت بنسبة 6,2% في الفصل الأخير من السنة. وعليه، ارتفع متوسط قيمة الصفقة العقارية الواحدة في 2010 بنسبة 19,9% مقارنة مع العام 2009 ليصل إلى 100,630 دولار، وذلك نتيجة طلب قوي نسبياً صادر من اللبنانيّين (مقيمين ومغتربين) ومن الرعايا العرب الخليجيّين.
بداية 2011 جمود
لا تبشر بدايات العام الجديد، بإقالة قطاع العقار من عثرته التي ألمت به نهاية 2010، فالتأثيرات السياسية عليه واضحة سواء الآن أو مستقبلاً، ففي كانون الثاني (يناير) تراجعت عدد البيوعات من 6360 وحدة عقارية الى 5648 وحدة، أي بتراجع نسبته 11،194%، فيما تراجع مجموع الأثمان المذكورة في عقود البيع من 826،498،5992 مليار ليرة الى 721،555،599 مليار ليرة، وتكون نسبة التراجع 12،697%، فيما سجل مجموع المعاملات والعقود تقدماً بنسبة 2،420%، ففي كانون الثاني 2010 سجل 14309 معاملات ليصبح المجموع 14664 معاملة في كانون الثاني 2011.
وتظهر احصاءات نقابة المهندسين في بيروت، زيادة المساحات المسجلة بنسبة 57%، في كانون الثاني 2011 لتصل الى 724،484 متراً في مقابل 315,976 متراً في الشهر نفسه من 2010.
رامكو: وضع السوق ضائع
يقول مكارم، إن لبنان مرت عليه الأزمة العالمية ودبي، إلا أنه لم يستفد منهما كما يجب بفعل عدم الاستقرار، والآن وضع السوق ضايع رغم عمليات البيوعات المستمرة في قطاع الأراضي، إلا أنها متوقفة كلياً في قطاع الشقق.
ويرسم مكارم صورة سوداء للوضع القائم مستوحى أو متماثل مع العملية السياسية، التي تبدو غير واضحة الى الآن. وقال إن الوضع السياسي القائم اليوم أصعب مما كان خلاله في السنوات الخمس الأخيرة، صحيح أن الوضع لم يكن أفضل على صعيد الاستقرار، إلا أنه كان حافلاً بالأمل بغد مشرق اقتصادياً، الآن وضعنا يشبه من يدخل غرفة معتمة ولا يعرف الى أين يتجه، مخرج أو منزلق أو حائط مسدود، وأضاف الناس لم يعد بامكانها أن تفكر بالحال السياسية الى الأبد، فقد أصبح عدم الاستقرار السياسي مؤثراً في وضع العقار، لأن العملية السياسية لا تقف فقط عند عدم تشكيل الحكومة وانما في الاتجاه السياسي الجديد، فمنذ 5 سنوات بنينا وكان يحدونا أمل كبير، الآن أتينا لندمر ما بنيناه لنعمّر من جديد لكن لا نعرف ما يبنى لنا بناء أم صليب ليصلبونا عليه.
ولفت الى أن تأثير الوضع السياسي بادٍ على قطاع الشقق، فوضعها جامد، لأن الذي يشتري شقة بات اليوم متردداً في انفاق ماله على شراء شقة، بفعل العوامل السياسية غير المستقرة سواء في لبنان أو بتلك التي تحدث اليوم في البلدان العربية، خصوصاً أن ما يحدث فيها هو أن لا توجه إيدولوجياً وإنما هو مثل قفزة في المجهول، وقد بدأنا نشعر أن اتجاهات الاستثمار في تلك البلدان، تبحث عن ملاذات آمنة ليس في لبنان وإنما في أوروبا لأن وضعها ثابت أكثر.
وأوضح مكارم أن فورة العقار التي شهدناها خلال السنوات الخمس الأخيرة، ستفتر، وأعرب عن اعتقاده أن الأزمات المتلاحقة في الدول العربية والأفريقية ستؤثر في مصالح اللبنانيين في تلك البلدان، وهي بالطبع ستؤثر في الوضع في لبنان.
مضاربات عقارية أم نمو حقيقي
ومن جهته، يلفت المهندس راشد سركيس، الى أن نهضة العقار التي بدأت مع 2008 وتطورت بشكل غير منتظر خلال العامين 2009 و2010 بسرعات متفاوتة حسب المناطق، والتوسع العمراني بدءاً من بيروت صعوداً الى الضواحي فالجبل، كان لها أثر لا بد من الاعتراف به على الصعيد الوطني العام، ولا سيما المردود الكبير الذي حصل في المال العام، وهذه الخطوات لا تعود الى الوراء الا ضمن محدودية معينة لا تؤثر كثيراً في سير الأمور.
ويرى أن تقويماً موضوعياً ومنطقياً، يأخذ بالاعتبار كافة العناصر المؤثرة في عالم العقار وتحولاته، يفضي الى نتائج لا تمت الى السلبية او الضبابية بأي صلة، بل بوضوح تام يلخص ما يحصل بالتالي:
إن العقار في لبنان لا يمكن ان يتأخر نتيجة النقص الحاد في وجوده مما يرفع وتيرة الطلب وبالتالي السعر، إلا ان الأسعار اليوم اصبحت ناضجة الى درجة ان الارتفاع لا يحتمل سرعة مماثلة لما جرى سابقاً، وهكذا يترجم تراجع العقار اذا ما حصل بجمود السعر في مكان واحد... ولا اظن أن هذا حاصل.
إن تدابير مصرف لبنان وتشجيعه على التداول السهل بالسيولة التي تضر في حال الاحتفاظ بها، وتهافت المصارف على برامج الاسكان وتحفيز الناس على التملك بالتقسيط الميسر، إنما يجعل الشباب يختارون افضل استثمار في مطلع حياتهم المهنية، يواكب انتاجهم المتواضع بتركيز وضعهم الاجتماعي والمالي.
إن التكيف مع الطلبات المختلفة فرض على كثير من المالكين تغيير مخططاتهم وتراخيصهم للعودة الى قياسات أكثر ملاءمة للسوق والطلب (الذي لا ينتهي) على الشقق، وبالتالي ستبقى سوق العقار في صعود مهما قال غير ذلك من قال..

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00