8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الشركات لن تسلّم والمحطات توقف البيع وباسيل على عناده

لم يحسم جبران باسيل وزير الطاقة والمياه المستقيل، موضوع البنزين، وزاد تأجيج اللهب في الشارع، فبدلاً من أن يصدر جدول تركيب أسعار المحروقات، أصدر جدولاً هجيناً ومشوّهاً، لم يتضمن الأسعار العائدة لمادتي البنزين 95 و98 أوكتان، وإنما أسعار مواد الكاز والغاز أويل (المازوت) والديزل أويل للمركبات الآلية، التي ارتفعت 400 ليرة.
ودفعت أفعال باسيل التي اتسمت بالتعالي والازدراء، الى انتاج أزمة بدلاً من حلٍ يتطلع إليه البلد منذ 4 أسابيع، تضاف الى سلة الأزمات والتعقيدات السياسية المحلية، التي تشلُّ البلاد بكل تفرعاتها ولا سيما المالية والاقتصادية.
وبفعل الأزمة التي حصّنها الوزير الأكثري الجديد، برأي استشاري غير ملزم، بات 4،5 ملايين لبناني في قبضته، متسبباً بخسائر بمئات آلاف الدولارات للشركات المستوردة (أبيك)، بالإضافة الى الخسائر المدوية لقطاع محطات الوقود، التي لم يتبقَّ لديها من المخزون سوى 30%، وهو ما سيدفعها وبالإكراه الذي يمارسه باسيل الى اقفال المحطات، وفرض عطلة قسرية على البلاد واقتصادها.
وفي ظلّ هذه الأجواء الملبدة على سوق المحروقات المحلية، والتي بدأت تتقاطع مع أزمة الأسعار العالمية للنفط، مع تخطي سعر البرميل حاجز ال100 دولار، بفعل الأحداث في ليبيا. دعت وزيرة المال ريّا الحسن، باسيل، الى إصدار جدول تركيب الأسعار، متوقعة أن تصدر هيئة التشريع والاستشارات، رأيها خلال الساعات القليلة المقبلة ليبنى على أساسه، امكان إصدار قرارها الاستثنائي والقاضي بخفض صفيحة البنزين 5000 ليرة، بعد التشاور مع رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال، ميشال سليمان وسعد الحريري.
وفيما أعلن نقيب محطات الوقود سامي البراكس، التوقف عن تعبئة مادة البنزين للمستهليكن بدءاً من اليوم، قرر تجمع الشركات المستوردة عدم تسليم مادتي البنزين 95 و98 أوكتان، حتى يصدر جدول تركيب الأسعار، وفي هذا الوقت عاشت المناطق اللبنانية ولا سيما الأطراف منها مأساة حقيقية، مع نفاد الوقود من بعض المحطات، فيما شهدت محطات التعبئة في المدن الرئيسية في البلاد، تزاحماً وتدافعاً عليها، خشية نفاد البنزين.
الحسن: عليه اصدار الجدول بانتظار الحل القانوني
فقد رأت وزيرة المال ريا الحسن، أن باسيل أخذ في بيانه الجزء الذي يناسبه من رأي ديوان المحاسبة (في شأن موضوع خفض رسم الاستهلاك على البنزين) واستند عليه، وأهمل الجزء الثاني، الذي يقول فيه الديوان ان قراراً كهذا لا يمكن أن يتخذ في ظل حكومة تصريف اعمال، نظراً الى ما يرتبه من انعكاسات مالية كبيرة، والذي يطلب فيه الديوان التريث واجراء دراسة وافية قبل اتخاذ أي قرار في هذا المعنى.
وأوضحت الحسن في حديث الى برنامج نهاركم سعيد عبر المؤسسة اللبنانية للارسال، أمس، أن المجلس الأعلى للجمارك لا يمكن الا أن يتقيد بقرار مجلس الوزراء، ولا يستطيع كادارة عامة أن يخالف قرار مجلس الوزراء، أياّ كان رأي ديوان المحاسبة.
وتابعت ما نطرحه نحن هو أن الاجراء القانوني السليم يجب ان يكون عبر موافقة استثنائية من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال، وفي ظل الوضع الراهن ارتأى رئيس الجمهورية ان يأخذ رأي هيئة التشريع والاستشارات.
وتوقعت الحسن أن يصدر رأي الهيئة اليوم (أمس) او غداً (اليوم) على أبعد حد، وعلى اساسه يبنى القرار، مشيرة الى أن رأي الهيئة يتعلق بالملف ككل وبالمرسوم الذي يستند عليه وزير الطاقة، وبصلاحية اعطاء موافقة استثنائية في ظل الاوضاع التي نعيشها. وأضاف اذا قالت الهيئة ان اعطاء هذه الموافقة ممكن في ظل حكومة تصريف أعمال، نظراً الى ضرورته اجتماعياً واقتصادياً، فان الرئيس الحريري يؤيد السير في خفض الرسم خمسة آلاف ليرة كما طرحنا، وأعتقد أن رئيس الجمهورية في التوجه نفسه.
وعن الطرح القائل بتثبيت السعر، قالت الحسن نحن جميعاً مع تخفيف الأعباء عن المواطنين، لكني أرى أن الخسارة على الخزينة ستكون أكبر على المدى البعيد في حال تثبيت السعر.
واستغربت عدم توقيع الوزير باسيل جدول الأسعار، وقالت رداً على سؤال في هذا الصدد بصراحة، لا اعرف لماذا لا يوقع، ولا أفهم لماذا يتسبب بهذا الارباك. وخلصت الى القول نحن نعمل على الحل القانوني الانسب، وما يطرحه الوزير باسيل ليس الحل القانوني السليم، ولكن في الانتظار عليه ان يصدر جدول الاسعار.
ومن جهته، أكد رئيس لجنة الطاقة والمياه النيابية النائب محمد قباني، خلال لقائه نقابة أصحاب محطات المحروقات، أنه مع خفض أسعار مادة البنزين لكن أن يتم ذلك عبر آلية قانونية، إذ لا يمكن فقط النظر الى الجانب الشعبي في الموضوع. ورأى أن الحل حالياً يكمن في إصدار جدول تركيب الأسعار كما هي العادة، ووجه سؤالاً الى الحكومة المقبلة حول ما إذا كانت ستقبل بخفض يحرمها من موارد لا تقل عن 500 مليار ليرة. وتمنى أن يصدر قرار مشترك عن رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال وإطلاع الرئيس المكلف حول المقترح القانوني للوزيرة الحسن.
أبيك: نسّلم البنزين فور صدور جدول
وفي اطار اجتماعاته المفتوحة، عقد تجمع الشركات المستوردة للنفط في لبنان اجتماعاً أمس، وناقش جدول تركيب الاسعار لهذا الاسبوع الذي صدر مجتزأ للمرة الثالثة على التوالي بحيث لم يلحظ تعديلا على تسعيرة مادة البنزين اسوة ببقية المواد ، وقرر تسليم كافة المواد باستثناء مادة البنزين 95 و 98 اوكتان مع التأكيد على جهوزيّته لتسليم هذه المادة فور صدور جدول معدّل اسوة بباقي المواد النفطية. وابقى التجمع على اجتماعاته مفتوحة لمتابعة التطورات.
لا بنزين والمحطات لا تستوعب قوافل السيارات
ومن جهته، أكد النقيب البراكس اليوم (أمس) ينتهي مخزون محطات البنزين، علماً ان أكثر من نصف المحطات انتهى مخزونها منذ أول من أمس، كاشفاً أنه تلقى الكثير من الاتصالات من قبل اصحاب المحطات في الشمال والبقاع وبيروت، لاسيما من منطقة صور تبلغني بأنهم توقفوا عن بيع البنزين، بسبب نفاد المخزون. وتابع لدينا خمس محطات في بيروت توقفت ايضاً، ورأى ان الوزير باسيل يريد افتعال ازمة مع الوزيرة الحسن، مشيراً الى ان باسيل لا يملك الحق في كل التحركات التي يقوم بها،
وذكر ان باسيل اراد اصدار جدول جديد يفضي الى خفض سعر الصفيحة 3300 ليرة، لكن هذا لم يحصل. وتابع التقينا البارحة بوزير الاقتصاد محمد الصفدي وأوضحنا اننا لا نستطيع تحمل ما يقوم به باسيل.
ووصف البراكس اعطاء ديوان المحاسبة مشروعية لقرار باسيل بأنه كذب ونفاق، كاشفا ان الوزير الصفدي قال خلال الاجتماع إن طرح ديوان المحاسبة ليس قانونيا، ولا يمت للقانون بصلة.
وأوضح ان اصحاب المحطات يتكبدون منذ شهر تقريباً خسائر فادحة كونهم لا يستطيعون تخزين البنزين خشية خفض السعر بشكل مفاجئ، وعندها يصبح خراب البيوت بالجملة. واشار الى ان النائب ميشال عون اطل البارحة صارخاً كالمسعور منادياً يا اهل لبنان سنقوم بخفض سعر صفيحة البنزين ثلاثة آلاف ليرة وأن هيئة الاستشارات اعطتنا الحق بهذا الامر، معتبراً ان كل هذه الاقوال هي كذب على الناس ولا صحة لها.
الى ذلك، دعا امين سر تجمع اصحاب المحطات في الجنوب وسيم بدر الدين المسؤولين في الدولة، الى الاسراع بحل ازمة البنزين التي بدأت صباحاً (أمس) في الجنوب، بعدما نفذت هذه المادة في معظم المحطات، محذرا من تفاقم الازمة في حال لم تسلم الشركات البنزين الى المحطات.
وفي الشمال (علاء بشير)، بدأت ازمة البنزين ترخي بثقلها على المواطنين في مدينة طرابلس والجوار، بدءاً من صباح أمس بعد ان توقفت المحطات عن تسليم المادة الى المواطنين، وقد اقفلت المحطات بشكل نهائي ووضع البعض السيارات في الطريق، كما عمد البعض الاخر على رفع الخراطيم في اشارة الى عدم وجود المادة لديهم.
تحولت محطات البنزين في اقليم الخروب (خديجة حجار) الى طوابير من السيارات، التي تنتظر دورها للتعبئة، في حين اقفلت محطات اخرى ابوابها لنفاد البنزين. وأكد اصحاب المحطات ان مادة البنزين في المحطات لا تكفي لنهاية اليوم، ودعوا الى ضرورة وضع جدول الاسعار.
وأعرب الأهالي عن سخطهم لما آلت اليه الامور في لبنان، مؤكدين ان الازمة السياسية تؤثر بشكل سلبي جدا في الاوضاع الاقتصادية، مؤكدين انه اذا لم يسلم البنزين الى المحطات فعندها لن تستطيع الناس الذهاب الى اعمالها.
وقال يوسف مراد صاحب محطة عانوت ان المحطة اقفلت ابوابها منذ الصباح، واعتبر ان ما يجري هو مسخرة وفوضى في داخل الدولة، مشددا على ضرورة وضع جدول الاسعار وتسليم المواد للمحطات لكي لا تنخرب بيوتنا وبيوت الناس.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00