أشاع القرار الاستثنائي لوزيرة المال ريّا الحسن، القاضي بخفض سعر صفيحة البنزين خمسة آلاف ليرة، والذي ينتظر موافقة رئيس الجمهورية، أجواءً تفاؤلية خصوصاً في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة داخل لبنان وخارج لبنان، وفي ظل تمنع جبران باسيل وزير الطاقة والمياه المستقيل، عن توقيع جدول تركيب الأسعار الأسبوعي، الذي أحدث بلبلة في السوق المحلية تسبب بخسارات للشركات المستوردة، الذي قرر تجمعها عقد اجتماع استثنائي اليوم، ريثما يصدر قرار الموافقة.
وفي محاولة منه لامتصاص الجو الايجابي، والاستئثار بموضوع الخفض، أكد باسيل أن أمنيته هي بإلغاء مبلغ 9350 ليرة غامزاً من قناة الوزيرة الحسن، أنه لا يجوز وضع الألغام، أو إجراء مزايدة من قبل أحد في ما أن هذا الأحد يعلم أنه يضع لغماً لحكومة الرئيس ميقاتي ولميقاتي تحديداً، مبدياً تمنياته بحل الأمور في اليومين المقبلين.
ومن جهتها، أوضحت الوزيرة الحسن، أن خفض رسم البنزين ليس مزايدة، بل كان وارداً لدينا قبل أكثر من شهر وكنا سنطرحه على مجلس الوزراء لو لم يعطلوا الجلسات ويسقطوا الحكومة. فيما أكد رئيس تجمع شركات النفط أن الأجواء ايجابية وأن المشكلة قد حلت، فإن الشركات ستستمر برفد السوق المحلية بمادة البنزين، وقال إن باسيل سيوقع على جدول تركيب الأسعار.
ورأى عدد من الوزراء والنواب والخبراء والنقابيين، أن خطوة الوزيرة الحسن، كانت صائبة وفي مكانها الصحيح، خصوصاً في ظل الارتفاع المتلاحق والتصاعدي لأسعار النفط، والذي يؤدي الى أزمات اجتماعية، وأملوا من رئيس الجمهورية توقيع الإجراء الاستثنائي. وقال الخبير الاقتصادي مازن سويد، إن قرار الوزيرة الحسن، يهدف الى تحقيق هدفين، الأول التعويض من ارتفاع أسعار النفط، أما الثاني فهو إجراء احترازي أي امتصاص الارتفاع الذي قد يحصل على أسعار النفط.
ووصف سويد الخطوة بالإيجابية، وأنه لا يجب أن ترى في إطار تسجيل النقاط كما يراها باسيل، فدافعها الأساسي الخفض الضريبي لامتصاص ارتفاع الأسعار، ويجب أن ينظر الى هذه الخطوة من هذه الزاوية.
الحسن
وفي هذا الإطار، تلقت وزيرة المال ريا الحسن، اتصالاً أمس، من رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، الذي شكر لها مبادرتها، مشيداً بهذه الخطوة لمساهمتها في تخفيف الأعباء عن المواطنين.
وفي السياق نفسه، نفت الحسن في تصريح لاذاعة لبنان الحر أن يكون هدف الخطوة المزايدة على باسيل. وقالت هذا الطرح كان وارداً لدينا منذ مدة، وقبل ان تسقط الحكومة، وكنا نعتزم طرحه من خلال الاطر القانونية على مجلس الوزراء، قبل أكثر من شهر. وأضافت الوزير باسيل يعرف اننا كنا نعتزم اقتراح الخطوة، لكنه بعد أن سقطت الحكومة، سارع الى طرحها، وبالتالي من الواضح أنه هو الذي يلجأ الى المزايدة، ليس علينا فقط بل على الشعب كله.
وتابعت في الرسالة التي أرسلناها الى الأمانة العامة لترفعها بدورها الى رئاسة الجمهورية، طرحنا أن الظروف التي نعيشها اليوم استثنائية، فسعر النفط يرتفع عالمياً والأزمة في مصر سيكون لها وقع على سعر النفط، وفي لبنان الحكومة لم تتألف بعد ولا مجلس وزراء ينعقد لنعرض الأمر عليه كما كنا نتمنى، وبالتالي في ظل كل هذه العوامل لا حل الا طلب موافقة استثنائية. واذا أشارت الحسن الى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري يدعم خفض رسم الاستهلاك على البنزين، أوضحت أن رئيس الجمهورية سيتشاور مع رئيس الحكومة المكلف، ليقررا ما اذا كان ثمة سبب لاعطاء هذه الموافقة الاستثنائية الى وزارة المال لتنفيذها. وأكدت أن الاجراء الذي اتخذناه ليس سهلاً، ونحن ندرك انه مكلف للخزينة، ولكن في ظل الأوضاع التي نعيشها اليوم، لا يمكننا أن نتجاهل أن ارتفاع أسعار البنزين، يسبب ضائقة اجتماعية وقد يؤدي الى أزمة اقتصادية في البلد، وتالياً ثمة ضرورة اقتصادية واجتماعية اليوم للقيام بهذه الخطوات.
وأضافت نحن نعرف أن الخزينة ستخسر على المدى القريب، ولكن ثمة حاجة الى القيام بخطوة مرحلية في انتظار رصد كيفية تطور اسعار البنزين عالمياً، على أن يتم اجراء اعادة تقويم بعد شهرين وفي ضوئها تتقرر الخطوات المقبلة. أما في ما يتعلق بتأمين الايرادات البديلة، فعلى الحكومة المقبلة أن تدرس بالطبع تداعيات هذه الخطوة على الخزينة وتأخذ اجراء لتأمين مصادر أخرى للايرادات.
ترحيب بالإجراء الاستثنائي
وفي ردود الفعل المرحبة لخطوة الحسن، رحّب وزير العمل بطرس حرب بقرار الوزيرة الحسن، لافتا الى ان هذا كان توجه أكثرية الحكومة وكان من الممكن ان يتخذ هذا القرار منذ اشهر لو لم تعطل قوى 8 آذار جلسات مجلس الوزراء وتطرح مطالب وأولويات، مما حمّل المواطنين أعباء زيادة أسعار المحروقات. ودعا وزيرة المال الى البدء بتطبيق هذا القرار استنادا الى ما تم الاتفاق عليه في آخر جلسة لمجلس الوزراء، بأن يصار الى اتخاذ القرارات المستعجلة من قبل الوزير المختص بالتوافق مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وعرضها على مجلس الوزراء عندما يجتمع.
وأثنى رئيس لجنة الطاقة والمياه النيابية النائب محمد قباني، على خطوة الوزيرة الحسن، في ظل هذه الظروف الاستثنائية، التي تحتاج الى إجراء استثنائي مع وجود حكومة تصريف للأعمال.
وأكد أن وزيراً لا يستطيع أخذ إجراءات تنفيذية منفردة في مثل هذه الأوقات، فالقرار يأخذ مجراه التنفيذي عبر مجلس الوزراء الذي يعطي أوامره مباشرة الى المجلس الأعلى للجمارك للسير به، والخطوة التي أقدم عليها باسيل بإرساله مباشرة القرار الى الجمارك، غير صحيحة، وقد أدت الى ما أدت اليه، وكان المخرج بالإجراء الاستثنائي الذي اتخذته الوزيرة الحسن.
واعتبر النائب غازي يوسف أن ما قامت به الوزيرة الحسن، هو إجراء قانوني صائب، ذلك أن القرار الذي اتخذه باسيل كان غير قانوني، وهو كان يخاطب المجلس الأعلى للجمارك دون الرجوع الى مجلس الوزراء، وهو كان يطرح خفضاً بقيمة 3300 ليرة. وأضاف أن الوزيرة الحسن التي سلكت طريقاً قانونياً ارتأت أن قيمة الخفض التي اقترحها باسيل غير كافية، ولا تشعر المستهلكين بالراحة، واستقر رأيها على الخفض بقيمة 5000 آلاف ليرة على الصفيحة، وقد وجهت هذا الاجراء الى الأمين العام لمجلس الوزراء ومن ثم الى رئيس الحكومة والى رئيس الجمهورية للحصول على موافقة استثنائية في هذه الظروف، وهذه الموافقة هي على سبيل التسوية ريثما تتألف الحكومة التي عليها أخذ القرار. وأبدى يوسف استغرابه، هذه الغيرة والاندفاع اللذين أبداهما باسيل، فأين كانتا عندما كانت الحكومة قائمة؟.
ومن جهته، رحب رئيس النقابة العامة لسائقي السيارات العمومية مروان فياض، بقرار وزيرة المال. وقال إن ذلك يأتي ثمرة تحرك مطلبي منذ زمن لخفض أسعار هذه المادة الحيوية، التي سينعكس انخفاضها ايجاباً على النواحي الاقتصادية والاجتماعية وبالدرجة الأولى على قطاع النقل البري.
وأشار فياض الى أن السائقين العموميين كانوا قد طلبوا منذ أكثر من 6 أشهر من الوزير باسيل، وإبان حكومة الرئيس سعد الحريري، أن يرفع هذا المطلب الى الحكومة، وللأسف فإنه لبى هذا المطلب بعد أن تحولت الحكومة الى حكومة تصريف أعمال، والهدف من تمنعه عن عدم التوقيع هو المزايدة السياسية، لا تحقيق المطلب العمالي المزمن، كما أن طريقة طلبه للخفض غير قانونية ولا تستند الى أسس علمية، ونحن نشكر الوزيرة الحسن، لتحقيق هذا الأمر وبالوسائل القانونية والدستورية الصرفة، ونأمل من رئيس الجمهورية التوقيع على هذه الموافقة الاستثنائية.
باسيل
وأكد باسيل في مؤتمر صحافي أمس، أنه لا يوجد موقف مبدئي قد إتُخذ بعدم التوقيع على جدول أسعار المحروقات من قبله، ولا يجوز الدخول في المزايدات، داعياً الى ترجمة ما قيل عن خفض سعر صفيحة البنزين، وعلى المجلس الأعلى للجمارك الذي يشكل الجهة المسؤولة التابعة لوزارة المال أن يأخذ القرار بالخفض، و إن مبلغ 3000 أو 5000 آلاف والمزايدات لا تهم، إذ ان أمنيته هي بإلغاء مبلغ 9350 ليرة ، لكن لا يجوز وضع الألغام، أو إجراء مزايدة من قبل أحد فيما أن هذا الأحد يعلم أنه يضع لغماً لحكومة الرئيس ميقاتي وللرئيس ميقاتي تحديداً، لذلك، فإنّ هذا الموضوع بعد قيامنا بما يلزم باتجاه رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلّف، لأننا عند أخذنا قرار الخفض، أخذنا بالاعتبار أن نكون في صدد توسيع الطريق أمام الرئيس ميقاتي. وأشار الى أنه ليست المشكلة توقيع الجدول عندما تكون النية موجودة بالخفض، وتمّ التنازل والموافقة من قبل وزيرة المال، نشكرها، ما يفتح الحل، وإن ما جرى كان للضغط بعد أن كنا طرحنا الخفض في مجلس الوزراء ولم توافق وزيرة المال، وقد أحبّت الآن الموافقة، كالعادة ولو تأخرت مشكورة. وقال ونحن لا نريد أزمة، ونتمنى أن تُحلّ الأمور في اليومين المقبلين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.