8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

قرار باسيل خفض البنزين غير قابل للتنفيذ

تجرأ جبران باسيل وزير الطاقة والمياه بحكومة تصريف الاعمال، فجمع صلاحيات مجلس الوزراء مع صلاحياته، متناسياً بالدرجة الأولى أنه وزير تصريف أعمال وليس وزيراً أول، إذ وقع قراراً أول من أمس وحوله الى المجلس الأعلى للجمارك، ويقضي بخفض سعر صفيحة البنزين بنحو 3300 ليرة، قبل ساعات من صدور مرسوم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة.
وكانت صفيحة البنزين ارتفعت أمس 300 ليرة، وبلغ سعر صفيحة 98 أوكتان 36900 ليرة، و95 أوكتان 36200 ليرة، بموجب قرارات صدرت عن باسيل.
وبعيداً عن الأهداف الشعبوية لباسيل والكيدية السياسية التي يمارسها، منذ تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري وصولاً الى مرحلة قراءته بيان الانقلاب عليها، فإن الخفض الذي يقترحه الوزير العوني من شأنه أن تسهم بتفاقم العجز المالي ومضاعفة أرقام الدين العام، إذ أنه سيحرم الدولة من موارد لا تقل عن 220 مليون دولار، فكل 1000 ليرة تخفّض من سعر صفيحة البنزين تجعل الخزينة تخسر 100 مليار ليرة في السنة. وإذا كان مطلب خفض الرسوم مطلباً اجتماعياً، فإنه أيضاً مطلباً لا يمكن أن يتخذه وزير الطاقة المستقيل منفرداً، فهو بذلك ينسف البرنامج المالي والإصلاحي والاجتماعي للحكومة السابقة، فضلاً عن أنه ينسف مسبقاً السياسة المالية والاقتصادية التي ستضعها الحكومة الانقلابية المقبلة، كما أن خفض الرسوم أو زيادتها، يتطلب مرسوماً من الحكومة، كما أنه يتطلب ايجاد مصدر بديل لسد العجز المالي، وهذا المصدر ليس بالضرورة أن يكون ضريبة.
وترفد مادة البنزين الخزينة بمداخيل لا تقل عن مليار دولار سنوياً، من مبيع نحو مليون و550 ألف طن من البنزين سنوياً هي حاجة السوق المحلية. وتشكل فاتورة البنزين نحو 35% من مجمل الفاتورة النفطية في لبنان، وتستهلك السوق المحلية ما معدله بين 250 و300 ألف صفيحة بنزين يومياً أو ما يعادل نحو 5 ملايين ليتر في اليوم.
وأبدت مصادر في وزارة المال أسفها، للخلط الذي يتخبط فيه باسيل، لجهة الصلاحيات الممنوحة له. وقالت إنه بهذا التصرف يبدو أنه يطمح لتبوء منصب وزير المال في الحكومة المقبلة، لافتة الى أن وزارة المال كانت قد وضعت دراسة لوضع سقف لأسعار المحروقات، إلا أن التعطيل منع وزارة المال من تحقيق هدفها.
وأوضحت هذه المصادر أن رداً قانونياً وشفافاً ومفصلاً، سيصدر عن وزارة المال اليوم إزاء طرح باسيل، كما أن المجلس الأعلى سيصدر بياناً بهذا الصدد.
وفي غضون ذلك، وصفت مصادر نيابية، كلام باسيل وآرائه بالشعبوية ومحاولة استقطاب الشارع، وأنه لا يحق بالمطلق تحويل الصلاحيات المعطاة من مجلس النواب الى الحكومة، إليه كوزير. وقالت هذه المصادر إن مجلس النواب حول الصلاحيات المتعلقة بإصدار مراسيم للضرائب والرسوم الى مجلس الوزراء وليس الى الوزير باسيل.
فيما قال الخبير الاقتصادي مازن سويد، إن مسألة الخفض الضريبي الذي يشكل نحو 25% من سعر الصحيفة خارج إطار صلاحيات الوزير، فموارد الخزينة تتأتى من الاتصالات والنفط والضريبة المضافة (TVA)، وأي مساس بهذه الموارد هو مساس بأمن الدولة الاقتصادي.
وأشار الى أن كلام باسيل يصب في خانة المتاجرة والمزايدة، لأن طرح موضوع الخفض لا يستند على أسس علمية، فكأنما المقصود تقويض مقومات الدولة من خلال المساس بهذه الموارد، فتارة يحجز شربل نحاس وزير الاتصالات المستقيل، مليار دولار، وتارة يتحدثون عن الTVA واليوم عن صفيحة البنزين، وهذا هو شأن هؤلاء يتحدثون بما لا يستند الى علم ومنطق وهذا ما يمكن إدراجه في خانة المتاجرة الصرفة، كما هو خطابهم في السياسة والاجتماع والاقتصاد، دونما الالتفات الى الأضرار التي يخلفها مثل هذا الكلام، فضريبة الدخل والTVA هما من الأقل انخفاضاً مقارنة بتلك الموجودة في الدول العربية. وأوضح سويد، أن موضوع الخفض يحتاج الى حكومة ولا يستطيع وزير الطاقة إجراء هذا الأمر لأن يتعلق بصلاحيات وزيرة المال.
ومن جهته، قال رئيس تجمع الشركات المستوردة أبيك مارون شماس، إن وزير الطاقة أصدر قراره بعد اجتماع مع الشركات المستوردة، مستنداً على المرسوم 12480/2001، الذي يخوله بإصدار مثل هذا القرار، وقد أودعه المجلس الأعلى للجمارك، على أن القرار لن يأخذ حيز التنفيذ ما لم تتم الموافقة عليه. وأكد شماس، أن القرار لن يؤثر في العائدات المالية التي تجبيها الشركات.
وقال الخبير النفطي علي زغيب، أن وزير الطاقة ليس هو من يحدد الرسوم على الصفيحة، وهذا الأمر يحتاج الى مجلس الوزراء، الذي بامكانه تحديد السعر والرسوم والضريبة، ولا نعرف ما هي الناحية القانونية التي استند عليها لإصدار هذا القرار.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00