لن يتوقف مشروع النقل الحضري، رغم الوضع السياسي الخطير والغموض الذي يحيط بالمرحلة المستقبلية، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، الذي يتأثر سلباً وايجاباً بالأجواء السياسية، على أن المواطن الذي يئن تحت الضغوط الاقتصادية والمعيشية والسياسية، فإنه لم يسلم أيضاً من أعباء أزمات السير المتكدسة بعناوين مختلفة: زيادة في عدد المركبات الآلية، الفوضى التي تعتري قطاع النقل البري، عدد المشاريع والطرق القائمة في العاصمة، بيد أن اللائمة في النهاية تقع على عاتق الدولة التي عليها توسعة القدرة الاستيعابية للشبكة الحالية في نطاق بيروت، فأحجام المرور عليها يتعدى أحياناً قدرتها، لذلك إذا لم تقدم على بذل جهدها في إنشاء خطوط نقل عامة واستكمال شبكة الأوتوسترادات فسيكون الوضع أسوأ، فالدراسات تشير الى أن كل تأخير مدة 15 دقيقة يعادل حرق ربع ليتر بترول لكل سيارة، فتكون النتيجة استهلاك مئة ألف ليتر بنزين، أي خسارة 160 مليون ليرة. اي ما يقارب 40 مليون دولار سنوياً.
منذ العام 1992 وحتى اليوم، هناك ورشة ضخمة من عمليات الترميم وإعادة التأهيل على شبكات الطرق في لبنان، بالإضافة الى شق وتنفيذ طرق جديدة، وقد بلغت قيمة المشاريع المعقودة في هذا القطاع منذ 1992 وحتى العام 2009 نحو 1669,97 مليون دولار، منها نحو 946,47 مليونا قيمة المشاريع المنفذة و723,50 مليونا للشاريع التي لا يزال تنفيذها جارياً لتاريخه، وفي هذا السياق وضع مجلس الانماء والاعمار عدداً من المشاريع لتفعيل وتطوير أداء النقل على شبكة الطرق في جميع المناطق اللبنانية، ومنها مشروع تطوير النقل الحضري لبيروت الكبرى وجبل لبنان، بعد تفاقم مشكلة النقل في المناطق المدينية خصوصاً ضمن وحول بيروت الكبرى، حيث يتم الاعتماد بشكل أساسي على استخدام السيارات الخاصة، مما يحتم في حال عدم تطوير نظام النقل المشترك، ضرورة استحداث مساحة إضافية لمواقف السيارات واعتماد نظام متطور لإدارة السير.
فالنقل الحضري لمدينة بيروت الكبرى، الذي يتوقع تنفيذه كاملاً في العام 2014، يعتبر واحداً من أهم المشاريع المتعلقة بعملية تسهيل المرور من والى العاصمة، وينتظر أن يكون له مردود اقتصادي كبير بطريقة غير مباشرة، مع بدء تلمس مفاعيل هذا المشروع بعد انجازه، لجهة توفير الوقت في التواصل بين المناطق والعاصمة، وفي انماء المناطق، ولا يقتصر الأمر فقط على توفير الوقت بل سيكون فضلاً عن المردود الاستثماري أكبر مع الوفر البيئي وتخفيف حوادث السيارات المرهقة التكاليف البشرية والمالية على حدٍ سواء.
ويضم هذا المشروع 19 محوراً، تشمل ممرات سفلية وعلوية، الانشاء والتمليك، بتمويل من: البنك الدولي لتنفيذ الأعمال، والدولة اللبنانية لتنفيذ الأعمال والاستملاك، والصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق أبو ظبي للتنمية، والبنك الاسلامي، والصندوق الكويتي.
ويشير المسؤول عن المشروع المهندس في مجلس الانماء والاعمار ايلي حلو، الى أن هدف المشروع تسهيل حركة المرور، وتخفيف زحمة السير على شبكة الطرق، وتتفرع منه عناصر عدة تشمل: برنامج إدارة السير، برنامج تحسين المحاور، برنامج تنظيم الوقوف على جوانب الطرق، مساندة شرطة السير: تجهيزات وتدريب وحملة توعية، لافتاً الى أن نطاق العمل هو في بيروت الكبرى.
-ففي إطار برنامج إدارة السير وتنظيم المرور، تم تركيب نحو 185 إشارة ضوئية، وبناء مركز تحكم CCTV لمراقبة حركة السير، بالقرب من وزارة الطاقة عند كورنيش النهر. ويجري تركيب أعداد من أجهزة الUPS عند الاشارات الضوئية حتى لا تتأثر بالتقنين، والمجلس بصدد برمجة هذه الاشارات ليتكيف وضع الاشارة الضوئية (الخضراء) بحسب تدفق السير وبشكل أوتوماتيكي، تمهيداً للبدء بمركز التحكم. ومن المقرر في هذا المحور تركيب 30 إشارة ضوئية مرفقة بups خلال 2011 و2012.
وفي برنامج تنظيم الوقوف على جوانب الطرق، فقد انتهى العمل من تركيب 730 عداداً، ضمن بلدية بلديتي بيروت وبرج حمود، كما أن المجلس يحضر الآن لتركيب عدادات لإضافية في عدد من شوارع العاصمة وفي البلديات الواقعة في نطاق بيروت الكبرى: برج حمود، سن الفيل، الدكوانة، الحدث، الجديدة، الزلقا، الغبيري وجل الديب، على أن يتم تنفيذها خلال 2011-2012.
-أما في ما يتعلق بتجهيزات قوى الأمن الداخلي، فسيتم توريد دراجات نارية لزوم شرطة السير لتفعيل ضبط المخالفات والحرص على النظام، بالإضافة الى استيراد أجهزة اتصالات لاسلكية لهذا الغرض. ومن المتوقع اتمام هذا المشروع خلال 2011-2012، بتمويل من البنك الدولي.
وفي برنامج المحاور والتقاطعات، فإن العمل جارٍ على 19 موقعاً أنجز بعضها وقسم آخر هو قيد الانجاز وآخر قيد التلزيم، ومشاريع قيد التحضير المستقبلي.
وعلى صعيد المشاريع المنجزة: تم انجاز جسر الدورة، جسر انطلياس، تقاطع المتحف، بشامون-عرمون، جسر الحايك، العدلية، تقاطع طريق الشياح وطريق المطار القديمة.
والمشاريع التي يتوقع تنفيذها خلال العام الجاري: جسر الطيونة، مار مخايل ونهر الموت.
-أما المشاريع التي هي قيد التلزيم والتنفيذ: مشروع بشارة الخوري، سامي الصلح مع طريق الشام القديمة، المكلس، الدكوانة المشرفية، وجل الديب. والتي هي قيد التحضير المستقبلي: تقاطع غاليري سمعان (بولفار كميل شمعون مع مستديرة الشياح)، محول بين بولفاري كميل شمعون واميل لحود في نهاية كونيش النهر، وانشاء محول عند بيت الأطفال بدلاً من النفق القائم بين بشارة الخوري وكورنيش المزرعة.
لكن، هل ستقع مشكلات اختناق مروري عند انشاء محول بشارة الخوري وجسر جل الديب؟، يقول حلو هناك في شارع بشارة الخوري ممر سفلي باتجاهي وسط المدينة وشاتيلا، وهو عبارة عن مسربين للسير في كل اتجاه، يؤمن المرور تحت التقاطع للسير المتجه شمالاً وجنوباً عند جادة بشارة الخوري، أما السير القادم من شارع الاستقلال باتجاه منطقة الأشرفية أو بالعكس أي من الأشرفية باتجاه الاستقلال، فسيمر من تحت النفق دون أن يتشابك مع السير على بشارة الخوري، وستكون مدة تنفيذ المشروع سنتين.
أما بشأن مشروع جل الديب، فقد كان من المقرر تلزيم إنشاء جسرين في موقع جسر جل الديب الحديدي، الأول يؤمن حركة السير الآتية من الشمال باتجاه جل الديب وانطلياس. أما الثاني فيؤمن السير من جل الديب عبر ساحتها باتجاه بيروت، وهذان الجسران سيؤمنان السير من والى المناطق الواقعة شرق الأوتوستراد دون أي تقاطع كما هو حالياً تحت الجسر الحديدي القائم، كما يتضمن توسعة وتأهيل طريق طرابلس القديمة مروراً بساحة جل الديب والثانية على تقاطع قريب منها. إنما لم يبدا العمل بهذا المشروع بسبب اعتراض بلدية جل الديب على الجسر الثاني بسبب اعتقادها أن ذلك من شأنه إحداث اختناق مروري في ساحتها. وبحسب الدراسات الموضوعة، فإن التحسينات التي أدخلت على الساحة من شأنها استيعاب حركة مرور إضافية، وهو الأمر الذي جعل المشروع عالقاً، مما تسبب بالغائه والغاء تمويله.
جدوى النقل الحضري
ويشير حلو الى أنه خلال إعداد دراسة المشروع، تبين أن هناك جدوى اقتصادية لكامل المشروع، فالمردود الاستثماري من وضع العدادات والاشارات الضوئية في حال تقيد المواطن بالنظام فهو بحدود 30%، كما أن انشاء الجسور يمكنها أن تحقق مردوداً لا يقل عن 20%.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.