إذا كانت قوانين اللعبة محصورة بين الربح والخسارة، فالسوق العقارية في لبنان تميل الى الجانب الربحي، على الرغم من الاستقرار الذي يطغى عليها، بسبب فقاعة الأسعار المعروضة التي تزيد على الأسعار العادلة بنسبة 10%، أما السبب الآخر فهو الوضع السياسي المتأزم الذي يحوّل أموال الاستثمار الى ودائع. على أن توقعات المعنيين والخبراء للعام 2011، بتراجع الربحية القياسية المحققة في الأعوام 2007 و2008 و2009 و2010، مع تراجع مشاريع البناء 11% مقارنة مع العام الجاري، والنمو سيلحق بالشقق السكنية الصغيرة والمتوسطة.
وإذا كان هناك من يعتبر أن السوق تمر بمرحلة جمود في 2010، فإن هناك من يعتبرها بأنها تمر بفترة هدوء واستقرار، إذ إن أي دولة في العالم، لا يمكن أن تنعم بمستوى عالٍ من النشاط الاقتصادي على مدى 12 شهراً، فهناك أشهر يتخللها هدوء، وهذا ما يتبدى ويظهر الآن على قطاع العقار.
هناك من خبراء العقار من يربط، عمليات انخفاض البيع بمسألة السياح الذين يشكلون جزءاً كبيراً من المشترين. فالقطاع في لبنان لا يشهد تراجعاً اليوم بل حالة من الترقب الحذر لان المستثمرين ينتظرون ما ستؤول اليه الامور والاستحقاقات السياسية التي تواجه هذا البلد، فحالة الركود الجزئي التي يمرّ بها القطاع العقاري اللبناني، ولا سيما على مستوى الشقق ذات السعر المرتفع، تعود الى طبيعة الشاري والاوضاع التي تحكم مسار الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان.
وقال المدير العام لشركة رامكو العقارية رجا مكارم، إن العام 2010 كان عاماً دخلت فيه السوق العقارية مرحلة من الاستقرار، بحيث عادت الأمور الى طبيعتها ولم يعد هناك ارتفاعات كبيرة، وبشكل أدق لم تتجاوز الارتفاعات 10%، فيما توقع الخبير الاقتصادي غازي وزني ألا تكون هناك مخاطر ولا فقاعة عقارية في 2011، وهو ما سيؤدي الى تقلص نمو السوق. ويبلغ الطلب المقدر في لبنان سنوياً على الشقق السكنية بمختلف أحجامها 23000 شقة.
تشرين الأول
تواصل النشاط القوي لقطاع البناء. واستناداً الى إحصاءات نقابتي المهندسين في بيروت وطرابلس، حققت الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري لجهة عدد الأمتار المسجلة، تفوقاً على مجمل العام 2009، بلغت نسبته 8،2%، إذ بلغ عدد الأمتار نحو 12،463،610 أمتار مربعة، فيما بلغ مجموع الأمتار العام السابق 11،509،142 متراً مربعاً. وخلال العام الجاري منحت قروض لنحو 10،800 مقترض، بفوائد مدعومة تصل الى 4،9% على العملة اللبنانية، من مصرف الاسكان، المؤسسة العامة للاسكان، والمؤسسة العسكرية للاسكان. ونظراً لارتفاع الأسعار في العاصمة (بدءاً من 400 ألف دولار سعر الشقة)، فقد أوجدت لها حيثية، من خلال إعطاء قروض مدعومة للمسكن الأول بفائدة تصل الى 5،5%، وقد استحوذ على هذا النوع من القروض في بيروت نحو 3000 مقترض، وبذلك يصبح عدد الشقق المدعومة من المصرف المركزي ومصارف الاسكان نحو 11000 شقة، وهذا الدعم متأتٍ من الاحتياط الإلزامي المقدر بـ10%. وهذا ما يفسر سر الاستمرارية في شراء العقارات في لبنان، فما يدفعه المقترض من أقساط شهرية يعادل تقريباً الايجار.
وفي تشرين الأول (أوكتوبر) الماضي بلغ عدد الأمتار المسجلة 1،169،834 متراً مربعاً، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 79% مقارنة بالشهر المماثل من العام 2009، الذي سجل 833،624 متراً مربعاً. فيما زاد عدد المعاملات المسجلة بنسبة 42%، مع تسجيل 1549 معاملة بالمقارنة مع 1086 مسجلة في تشرين الأول 2009.
أما على صعيد البيوعات العقارية التي تصدر عن المديرية العامة للشؤون العقارية، فقد شهد تشرين الأول (أكتوبر) تراجعاً بنسبة البيوعات العقارية، إذ بيع 8،042 عقار مقارنة مع 8،918 عقار في تشرين الأول 2009، وبذلك تكون نسبة التراجع 10،8%. كما تراجعت قيمة الأثمان المذكورة في عقود البيع من 1،105 مليارات ليرة في تشرين الأول 2009 الى 1،067 مليار ليرة في تشرين الأول 2010، وتكون نسبة التراجع 3%.
ارتفاع ثابت
ويلفت مكارم الى أن سوق العقار في لبنان خلال 2010، تنقسم الى قسمين:
- الأراضي: حيث الطلب مستمر، رغم الأسعار المعروضة، والتي تتجاوز القيمة العادلة.
- الشقق السكنية: وهو ما يهم الناس، حيث هناك جمود بسبب الأسعار التي يطلبها المطورون العقاريون كما أن السوق لا يتقبلها، فالطلب الآن هو على أسعار تقل بنسبة 15 و20% عن الأسعار المعروضة.
وأضاف أن التوقف أو الجمود، بل إن الطلب مستمر لكن بالأسعار العادلة والتي حكماً هي أقل بنسبة 10% من الأسعار المطروحة، فالتردد يطبع المرحلة التي يمر بها المشترون والمطورون. واستشهد مكارم بالمطورين العقاريين الذين يأتون الى الوسطاء لتحريك سوق البيع، ولا سبيل لذلك إلا بخفض الأسعار.
ورأى مكارم أن الأراضي ارتفعت أسعارها أكثر من الشقق، ولسبب مميز، أن الأراضي يسعى اليها المستثمرون فيما يحجم عن ذلك المطورون، فالمستثمر يراهن على المستقبل.
وأوضح المدير العام لـرامكو أن المخزون الشققي هو بحجم 20%، لافتاً الى أن الخليجين يبيعون في لبنان لتحقيق وجني الأرباح. وأكد أن نمو القطاع بين 20 و30% في 2010. وتوقع استمرار الطلب في المرحلة المقبلة بالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، وأكد أن السوق الآن في مرحلة صحية كونها أوقفت الارتفاعات الكبيرة، وهو ما يجعل سوق العقار اللبنانية شبيهة بسوق العقار في لندن، أي ارتفاع ثابت بوتيرة مقبولة، وأوضح أن الأسعار في العام الجاري راوحت بين 2000 و12000 دولار للمتر المربع في العاصمة.
وأكد مكارم، أن حالة الاضطراب السياسي تؤثر في سوق العقار، فبدلاً من تحول الأموال الى الاستثمار يكون لبنان مرأباً لها.
التسليفات المصرفية
وأوضح الخبير غازي وزني، أن الاستثمارات العقارية في لبنان منذ ثلاث سنوات الى اليوم (2007-2010) تتجاوز 25 مليار دولار، حققت منها الدولة إيرادات تقدر بـ1،5 مليار دولار، واصفاً تلك أسعار هذه المرحلة بـالعشوائية والجنونية، بحيث تضاعفت أسعار الأراضي بين 3 و4 مرات والشقق بين 2،5 و3،5 مرات.
وأكد أن الأسعار المرتفعة تسببت بـجمود ولا سيما على مستوى الشقق الفخمة والكبيرة، مع تباطؤ بالنسبة للمتوسطة، وقال إن أسعار الأراضي كان صعودها أكثر انضباطاً. وأوضح أن الأسعار ارتفعت خلال العام الجاري بين 10 و15%.
وتوقع وزني أن تتراجع المشاريع الجديدة في 2011، فيما سيستمر العمل بالقديمة، وقد تبلغ نسبة التراجع 11% مقارنة مع 2010، وهو ما سيترجم بتراجع على مستوى الربحية القياسية في 2011. وقال إن من أهم أسباب ارتفاع الأسعار التي شهدتها السوق المحلية كانت التسليفات العقارية والتي بلغت نحو 5 مليارات دولار، وتشكل ما نسبته 8% من مجمل التسليفات.
وأشار الى أن هذه التسليفات ستتراجع في 2011، لأسباب عدة: تزايد المخاطر، تراجع الفوائض المالية في القطاع المصرفي، تقلص نمو القطاع، ارتفاع معدلات الفوائد في القسم الثاني من العام 2011 أو في نهايته. وهو بالطبع سيكون له علاقة على نمو قطاع العقار وربحيته.
فيما توقع رئيس جمعية تجار البناء ومنشئيها ايلي صوما، أن يرتفع سعر العقار نحو 30% خلال العامين المقبلين، على الرغم من الهدوء الذي سيطر على العقار في الأشهر الستة الأخيرة من العام الجاري، ورأى أن أي تطور ايجابي على العقار معطوف على تحسن الأوضاع السياسية وتخفيف التشنجات القائمة في البلد، وعدم المساس بالأمن. وأكد أن المخزون الشققي المقدر بين 20 و30% من شأنه أن يوازن بين العرض والطلب، وهو ما يمنع الأسعار من التحليق.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.