8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحد الأدنى يشتري 14,5 صفيحة والحبل على الجرار

يتأبط المواطن اللبناني شراً، مع موجة الغلاء التي تجتاحه منذ بدايات العام الحالي، فالتضخم المقدر بـ5% للعام الجاري، لم يبقِِ سلعة استهلاكية من شره، إذ سجل مستوى تضخم الأسعار بين تشرين الأول (أوكتوبر) 2010 ومثيله في 2009، ارتفاعاً نسبته 4،9%.
وتبقى الأسعار الملتهبة لمادة البنزين هاجساً يلاحق اللبنانيين مع كل ارتفاع لأسعار النفط العالمية، التي تتزايد التوقعات بارتفاعها مع تخطي سعر البرميل الـ90 دولاراً، وهو ما ينذر بإحراق ما تبقى من دخل اللبناني، وبات الحد الأدنى للأجور (500000 ليرة) يعادل نحو 14،5 صفيحة مع نهايات 2010 من أصل 15،94 مع بداياته. ففي الأسبوع الأول من العام الجاري سجل سعر مبيع صفيحة البنزين خال من الرصاص 98 أوكتان 31700 ليرة، وصفيحة البنزين خال من الرصاص 95 أوكتان 31000 ليرة، والأسبوع الماضي كان سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان 34800 ليرة، و95 أوكتان بـ34100 ليرة، أي بزيادة المعدل الوسطي لكلا الصفيحتين يبلغ نحو 3100 ليرة أو ما يعادل دولارين.
وتشكل فاتورة البنزين نحو 35% من مجمل الفاتورة النفطية في لبنان، وتستهلك السوق المحلية ما معدله بين 250 و300 ألف صفيحة بنزين يومياً أو ما يعادل نحو 5 ملايين ليتر في اليوم. ويتألف سعر الصفيحة في السوق المحلية من ثمن البضاعة، ونوعين من الرسوم الداخلية والجمركية، ومن حصة شركة التوزيع، عمولة صاحب المحطة، أجرة النقل، والضريبة على القيمة المضافة. وفيما حصة شركة التوزيع، وأجرة النقل، وعمولة صاحب المحطة من الثوابت في جدول تركيب الأسعار، فإن ثمن البضاعة والرسوم والضريبة على القيمة المضافة (10%)، تتحرك وتتغير مع تغير أسعار النفط ومشتقاته في الأسواق العالمية.
لكن الشائعات كثيرة حول امكان وصول سعر الصفيحة الى 40000 ليرة، إذا ما استمر ارتفاع سعر البرميل في السوق العالمية، وهو الأمر الذي سيترك تداعيات كبيرة على الأحوال المعيشية للمواطن، نظراً لارتباط حركة نقل الركاب والبضائع بهذه المادة الحيوية، التي لا يستبعد أن تلجأ الى رفع تعرفات النقل المتنوعة وهو ما سيدفع بشرائح المجتمع بالمطالبة بزيادة الأجور، وهو ما سيضع الحكومة أمام خيارات أحلاها مرٌّ، يضاف الى سلة التعقيدات السياسية التي تشل عملها.
لكن رئيس تجمع شركات النفط (أبيك) في لبنان مارون شماس، ينفي الوصول الى سعر 40000 ليرة، الآن، ذلك أن التوقعات بأسعار السوق المحلية مرتبطة بصعود برميل النفط عالمياً، ولا مؤشر الى ارتفاع السعر الى 140 دولاراً من الآن وحتى حزيران (يونيو) المقبل، فالمؤشرات مبنية على تحاليل معينة وفقاً لخبراء النفط تدل على امكان وصول سعر البرميل الى 100 دولار في حزيران 2011، وهو ما سيوصل سعر الصفيحة في السوق المحلية الى 37،500 ليرة من ضمنها قيمة الرسوم والضرائب والجعالة على الصفيحة، خصوصاً وأن لبنان بلد مستورد ويتبع في ذلك الدول المنتجة.
وتشكل الرسوم والضريبة على القيمة المضافة نحو 37،2% من السعر الإجمالي للصفيحة، ومن المتوقع أن تجبي الدولة من جرائها نحو مليار دولار بنهاية العام الجاري، وهو ما يرخي بثقله على متوسطي الدخل، مضافاً إليها أزمة غلاء سائر السلع الاستهلاكية.
ومن المؤكد أن خفض الرسوم والضريبة على الصفيحة من شأنه أن يؤثر في مالية الدولة، باعتباره مورداً مهماً لا يمكن لها أن تتجاهله.
ويؤكد الشماس، أن لبنان ليس بلداً منتجاً وإنما مستورداً، وكل ما يمكنه فعله هو تخفيف الرسوم والضرائب، وهذا مرتبط بالسياسة المالية للدولة، التي لديها رؤية تتوافق مع مصالحها. وأوضح أن النطاق السعري لبرميل النفط وفقاً للسياسة العامة للدول المنتجة والمصدرة، يراوح بين 75 و85 دولاراً، وتلعب السعودية دوراً في هذا التوازن كونها من أكبر الدول المنتجة والمصدرة، وهي بذلك تملك قوة كبيرة ومؤثرة في سياسة الأسعار. لكنه لفت الى أن هناك عوامل أخرى قد لا تكون موازية لهذه السياسة، فهناك عناصر أخرى تتعلق بتشكيل الأسعار، ومنها: الوضع الاقتصادي العالمي، العوامل الطبيعية (الطقس البارد والحار) التي تزيد من الاستهلاك، المخزونات الاستراتيجية، كميات الانتاج صعوداً وهبوطاً، والوضع السياسي الدولي.
ويشير الى أنه في حال الثبات على الرسوم والضرائب التي تجبيها الدولة من الصفيحة، فيمكن من الآن التكهن بأسعارها مع صعود للبرميل، فوصول سعره الى 100 دولار سيرفع سعر الصفيحة في السوق المحلية الى 37،500 ليرة، وعند 120 دولاراً ستكون الصفيحة بـ42،350 ليرة، وفي حال وصول سعر البرميل الى 140 دولاراً فسيرتفع سعر الصفيحة الى 47،500 ليرة.
ويبلغ سعر طن البنزين الآن نحو 880 دولاراً واصلاً الى لبنان، يضاف اليه مصاريف: البريميوم، الشحن البحري، مصاريف فتح الاعتماد، المصاريف المرفئية، المراقبة لجهة التفريغ وفحص البضاعة، التبخر والتخزين والمصروفات من التوظيف، وهذه بجملتها تتعلق بالشركات المستوردة، ليضاف إليها ما تجبيه الدولة من الرسوم والضريبة على القيمة المضافة عند المبيع، وحصة صاحب الشركة وأجرة النقل، وعمولة صاحب المحطة.
ويلفت شماس الى أن شركة P W C الأميركية قامت خلال العام الجاري، بإعادة هيكلة جدول تركيب الأسعار الموضوع منذ 2003 بعناصره الثابثة، وتضمن الجدول الجديد تحديد المصاريف الناتجة من الاستيراد والتخزين، إلا أنها لم تطرح على الحكومة بانتظار الجو الملائم، فالواقع السياسي الذي يعيشه البلد، يشغل الحكومة في الجانب السياسي أكثر من الاقتصادي، وهي تتفهم هذا الأمر لكن الموضوع ليس في وقته، ملمحاً أنه لا رغبة الآن لدى الحكومة لخفض الرسوم والضرائب.
ويوضح أن جدول تركيب الأسعار الموضوع، بات غير ملائم للاتجاهات الحالية في السوق، فالشركات تخسر من حصتها المقدرة بـ5،5% الى 2،2% مع الاستمرار فيه، وحتى الدولة التي تستورد المازوت الأحمر يتسبب الجدول الموضوع بخسارتها، فالأعباء المالية تطال الشركات المستوردة 2،36 دولارين على كل طن بنزين أو نحو 55 ليرة لكل صفيحة، وهذا لا يستهان به.
ويقول إن نسبة غلاء المعيشة التي تدفع للمواطنين منذ 2003 لم تغير بجدول تركيب الأسعار، رغم أن هناك قرارات سابقة تؤشر الى ضرورة تغييره كلما حدثت زيادة في الأجور لغلاء المعيشة، مشيراً الى أن ما يدفعه المواطن كبير ولا علاقة له بأرباح الشركات، وإنما مرتبط بحجم الرسوم والضريبة. وقال من المهم أن يتم ترميم الثقة مع المواطنين وهذا ما نحاول القيام به، لأننا نمثل جزءاً من الاقتصاد الوطني.
إن عمليات الاستيراد تتم بواسطة 14 شركة اعضاء في مجموعة ابيك، ويخضع الاستيراد لقوانين صارمة تخص نوعية المنتج. بيد أن قيم عناصر معادلة السعر لم تتغير منذ سنة 2003. وقال ان مجموعة ابيك لمستوردي البترول مهتمة بان لبنان لديه محطة خدمة واحدة لكل 500 سيارة مسجلة، وهي اكثر باربع مرات من الرقم الموجود في فرنسا، فهناك نحو 2500 محطة محروقات وهذا ما يفرض ضبط ايقاعه، وخفضه الى النصف، لما في ذلك من مصلحة لأصحاب المحطات، الذين بامكانهم أن يجنوا أكثر في ما لو استثمروا في نواحٍ اقتصادية أخرى.
ويؤكد الشماس أن موضوع إطلاق مشروع التخزين 1،5 مليون متر مكعب من النفط في منشأتي الزهراني والبداوي، الذي أعلن عنه وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، مهم بالنسبة للدولة، وهو لأغراض التصدير والتخزين في آن، لافتاً الى ان التجمع غير معني به بشكل مباشر، وإن كانت هناك بعض الشركات المستوردة التي حصلت على دفتر الشروط. وتبلغ تكلفة المشروع نحو 60 مليون دولار، أما عائداته السنوية فهي 55 مليون دولار وفقاً للوزير باسيل.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00