8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المبيعات ترتفع 25% وتلامس 70 ألفاً في 9 أشهر

يسيطر التفاؤل على السوق العقارية في لبنان، على الرغم من فترة الهدوء النسبي التي يمر بها منذ نحو ثلاثة أشهر، والضجيج السياسي المصاحب، الذي رفع من وتيرة الحذر لدى المستثمرين، بيد أنه لم يرقَ الى مستوى التحركات الأمنية، التي من شأنها زعزعة الأوضاع الاقتصادية ككل، بدليل أن توقعات النمو للعام الجاري لا تقل عن 8%.
ويقول رئيس جمعية تجار الأبنية ومنشئيها ايلي صوما، هناك هدوء وليس جمود في السوق العقارية، لقد بيعت خلال فصل الصيف كميات كبيرة من الشقق السكنية، والهدوء هو مرحلة طبيعية تمر بها هذه السوق، ففي دول العالم جميعاً لا يمكن إعطاء مستوى من النشاط الاقتصادي أو العقاري بشكل متساو على مدى 12 شهراً، فضلاً عن أن جمعية تجار البناء ومنشئيها، كانت قد طلبت من المطورين العقاريين زيادة نحو 10000 شقة سكنية لتلبية الطلب المتنامي على العقار.
محصّلة ايجابية
ووفقاً لهذا الايقاع الايجابي، واصلت سوق العقار منحاها الايجابي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، وتبيَن أرقام مديرية الشؤون العقارية أن القطاع العقاري اللبناني سجّل أداءً جيداً في الأشهر التسعة الأولى من العام 2010 حيث لوحظ ازدياد مطّرد لعدد عمليات البيع مقروناً بارتفاع قيمة هذه العمليات. فقد ازداد عدد المبيعات العقارية بنسبة 25,3% ليبلغ 69,501 عملية، وسجلت قيمتها الإجمالية رقماً قياسياً هو 10,495 مليارات ليرة، أي بارتفاع كبير نسبته 60,6% على أساس سنوي. بالإضافة الى ذلك، فقد تواصل النشاط القوي لقطاع البناء. فاستناداً الى إحصاءات نقابتي المهندسين في بيروت وطرابلس، شملت رخص البناء الممنوحة حديثاً 13,0 مليون متر مربّع حتى أيلول، بزيادة نسبتها 43,1% مقارنةً مع الفترة نفسها من العام 2009، وهو رقم قياسي بالنسبة الى الفترة ذاتها من السنوات السابقة. ويشكّل هذا النمو الكبير لحركة البناء محفّزاً هاماً للنشاط الاقتصادي.
وفي تشرين الأول (أوكتوبر) الماضي بلغ عدد الأمتار المسجلة 1،169،834 متراً مربعاً، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 79% مقارنة بالشهر المماثل من العام 2009، الذي سجل 833،624 متراً مربعاً. فيما زاد عدد المعاملات المسجلة بنسبة 42%، مع تسجيل 1549 معاملة بالمقارنة مع 1086 مسجلة في تشرين الأول 2009.
وحققت الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري لجهة عدد الأمتار المسجلة، تفوقاً على مجمل العام 2009، بلغت نسبته 8،2%، إذ بلغ عدد الأمتار على مدى 10 أشهر 12،463،610 أمتار مربعة، فيما بلغ مجموع الأمتار العام الماضي 11،509،142 متراً مربعاً.
ارتفاع متوقع بين 10 و15%
ومع استمرار العقار اللبناني بالسير بعكس التيار في أسواق العقارات العالمية، فإن التوقعات تشير الى ارتفاعها بين 10 و15% حتى العام 2013. ويتوقع صوما ارتفاعاً في الأسعار خلال السنوات الخمس المقبلة بما نسبته 10% لتصل الى مرحلة تضاعفية، وذلك بسبب الطلب المتنامي على العقار في لبنان.
وإذا كانت الدراسات تؤكد أن أسعار العقارات في لبنان ترتفع بوتيرة سنوية بنحو 15% ما سيمنع أصحاب الدخل المحدود من الإستملاك في السنوات المقبلة، وعدم انخفاضها مرده الى تحديد البنك المركزي تحسبا لأي طارئ قيمة التسليف العقاري بما لا يزيد عن 60% ، يلاحظ صوما أنه بالرغم من الارتفاعات الحاصلة على مستوى العقار في لبنان، إلا أنه لا يزال الأقل سعراً مقارنة بدول الجوار، فهو أقل بما نسبته 4 مرات من سوريا، و7 مرات في الأردن و9 مرات في قبرص، فجمالية لبنان ومناخه بالإضافة الى مقومات أخرى تجعل منه سوقاً مفضلة للعقار، وهذا ما يفسر الطلب المتزايد على شراء العقار فيه. وبلغت قيمة الاستثمارات في العقار نحو 4 مليارات دولار خلال العام الجاري، وهي أقل بنحو ملياري دولار عن السنة الفائتة.
ويقول خلال العام الجاري منحت قروض لنحو 10،800 مقترض، بفوائد مدعومة تصل الى 4،9% على العملة اللبنانية، من مصرف الاسكان، المؤسسة العامة للاسكان، والمؤسسة العسكرية للاسكان. وأضاف نظراً لارتفاع الأسعار في العاصمة (بدءاً من 400 ألف دولار سعر الشقة)، فقد أوجدت لها حيثية، من خلال إعطاء قروض مدعومة للمسكن الأول بفائدة تصل الى 5،5%، وقد استحوذ على هذا النوع من القروض في بيروت نحو 3000 مقترض، وبذلك يصبح عدد الشقق المدعومة من المصرف المركزي ومصارف الاسكان نحو 11000 شقة، وهذا الدعم متأتٍ من الاحتياط الإلزامي المقدر بـ10%. وهذا ما يفسر سر الاستمرارية في شراء العقارات في لبنان، فما يدفعه المقترض من أقساط شهرية يعادل تقريباً الايجار.
وإذ يشيد بدور الحكومة التطويري في هذا المجال، بالتعاون مع المصرف المركزي والمصارف اللبنانية، التي أدرجت برامج لدعم الفئات ذوي الدخل المحدود والمتوسطة وغيرها، يشير صوما الى أن الطلب المقدر في لبنان سنوياً على الشقق السكنية بمختلف أحجامها، هي 23000 شقة، وقد أضيف إليها نحو 10000 شقة، نتوقع أن تهضم خلال الصيف المقبل، ذلك أن جزءاً من هذه يباع على الخريطة، وهو ما بات يرغب اللبناني بشرائه، ويؤكد أن سوق العقار من أهم القطاعات الاقتصادية في لبنان، والدليل على ذلك توجه النّاس في أعقاب أزمة المال العالمية نحو الاستثمار في هذا المجال، بفعل عوامل عدة، يأتي في أولها عدم اهتزاز القطاع المصرفي، خفض الفوائد، السرية المصرفية، احترام الملكية الفكرية، وهو الأمر الذي ضاعف من عمليات الاستثمار في القطاع العقاري في 2009 و2010، وهو سيستمر الى الصيف المقبل، وقد طلبنا من تجار البناء التركيز على الشقق الصغيرة واللوكس، فالمواطن يهمه أن تتلاءم قدرته الشرائية مع ما هو معروض.
ويلفت صوما الى أن اللبنانيين اكتشفوا في أعقاب الأزمة العالمية، الفارق الحاصل في قيمة العقار، بين الانخفاض الذي طرأ على أسعاره في أوروبا وأميركا والمقدر بين 50% الى 60، والمنحى المستقر لهذا القطاع في لبنان، ومرده الى عدم وجود مضاربات عقارية، لأن اللبناني يشتري من أجل الحاجة فقط، فالسوق مريحة ومستقرة، فلدينا كمٌ من السياح يشتهون تمضية إقامتهم في لبنان وخصوصاً في فصل الصيف.
والآن، تملك الشقق المبنية يستحوذ على 70% منها لبنانيون، والـ30% المتبقية هي للأجانب، التي كانت تمثل قبل العام 2010 ما نسبته 15%.
شراء اغترابي
يرى صوما أن السوق المحلية، قابلة للتمدد، ويقول إن الجمعية قامت منذ بدايات العام الجاري بمهمة الترويج والتسويق، في كل من أستراليا وكندا والولايات المتحدة الأميركية، لتحفيز المغتربين على شراء العقار والاستثمار فيه، وقد عقدت الجمعية بروتوكولاً لهذه الغاية مع البنك العربي في أستراليا، وقد أعطى ذلك نتائج طيبة أسفرت عن بيوعات للبنانيين بقيمة 600 مليون دولار منذ بداية العام الجاري ولغاية الشهر الحالي، وقد حصل اللبنانيون على ضمانات وفقاً للقوانين الأسترالية، والعقارات المشتراة هي في كافة البقاع اللبنانية. ويلفت الى أن الجمعية ستقوم بزيارات الى الاغتراب اللبناني في القارة الأوروبية، لحثهم على الشراء والاستثمار في لبنان.
حذار العبث الأمني
ويؤكد صوما أن لا أحد خسر في لبنان من شراء أو بيع عقار منذ نشأة هذا البلد، حتى في أيام الحروب المشؤومة، فالعقار استطاع دائماً أن يكون في منأى عن التداعيات السياسية بل كان في حالة من الثبات. ويشكك في تأثير المناخ السياسي المتصاعد على الوضع العقاري، إنطلاقاً من القاعدة الديموقراطية التي تتيح لجميع الأفرقاء الإدلاء بأرائهم وإن بصوتٍ عالٍ، لأن السياسة وفقاً لرأيه مفصولة عن الاقتصاد، فالذي يشتري مسكناً أو متجراً يشتريه لحاجة ولن يبيعه وإن كانت هناك كيديات سياسية. إلا أن صوما يحذّر من ترجمة الخطاب أعمالاً أمنية على الأرض، أو على شكل مظاهر مسلحة، وهذا الأمر سيدفع بالمستثمرين في كافة الميادين والأنشطة الاقتصادية الى تهريب رساميلهم خارج البلد، وبالتالي يدفع لبنان فاتورة كبيرة من جراء ذلك، ولذلك فإن الخطاب السياسي الهادئ من شأنه حث المستثمرين على الاقبال الى لبنان.
لا توقف للنمو
ووفقاً لخبير استشاري، فإن واقع العقار في لبنان ينمو بشكل كبير ولا يتوقف، الا انه يمكنه التحول الى سرعات مختلفة حسب الظروف والاحوال التي تحيط بالمنطقة والعالم الاقتصادي، الا ان الثابت ان لا تراجع لا في المدى القريب ولا في المدى البعيد.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00