8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تراجع السياح في آب 16,5% والمؤشرات لا تزال إيجابية

أرخت الأزمة السياسية المتدرجة بثقلها على القطاع السياحي في البلاد، كما في قطاعات إقتصادية أخرى، وهو ما يؤشر الى الترابط القائم بين السياسة والأمن، وفيما لو استمرت النبرة السياسية تصاعدية فسيقابلها حتماً انحدار في مستويات النمو، وخصوصاً تلك المتعلقة بعامل الثقة والأمن.
لا شك في أن نسبة التراجع في أعداد السياح خلال شهر آب (أغسطس) الماضي بنحو 16,59 في المئة، وفقاً للإحصاءات التي تضعها وزارة السياحة، بالإضافة الى تدني نسبة الإشغال الفندقي الى أقل من 70 في المئة يترجمان واقع السجالات السياسية، التي قد تطيح كل آفاق النمو المرتقبة، إذا ما تحولت الأقوال الى أفعال، وهو ما يجب أن يتداركه السياسيون من خلال معرفة مدى التأثيرات السلبية لتصريحاتهم على الاقتصاد.
وربما لم يكن وزير السياحة فادي عبود مطلعاً على حجم الأضرار السياسية على السياحة، عندما أكد خلال سفره الأخير الى العاصمة الفرنسية أن بيروت من العواصم الآمنة في العالم، اذا ما قورنت بعواصم اخرى في أميركا اللاتينية والشمالية او اوروبا وغيرها، وان الامن في بيروت قد يكون اهم من مدن عالمية اخرى، فالعالم يسمع ويرى ما يجري في لبنان مباشرةً، وبالطبع لن يبقى لبنان وجهة مفضلة للسياح، كما يشتهي اللبنانيون حكومةً وشعباً، في ما لو استمر الإناء السياسي اللبناني ينضح بالتهديد والوعيد، وستغدو حملات التسويق والترويج للبنان خارج المنطق، الذي يدعو الى تثبيت الاستقرار والأمن كمقدمة لأي نشاط إقتصادي.
مسار انحداري
مما لا شك فيه، أن للاستقرار دوره الكبير في تحقيق مقولة التنافسية على الأقل بين لبنان ودول الجوار، بيد أن الأجواء الساخنة التي تهب على لبنان، تعزز الشكوك في إمكانيات لبنان في الفوز بالسبق السياحي، رغم الأهمية التي ينطوي عليها إن بالنسبة للاقتصاد الوطني أو في تحقيق معدلات نمو عالية.
واللافت أنه خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، كان هناك منحىً تصاعدياً لأعداد السياح المتوافدين الى لبنان، بيد أنه في الشهر الثامن اتخذ المسار السياحي منحىً تنازلياً، مع بدء التوتر السياسي التصاعدي، فبالمقارنة بين الأشهر الثمانية للعام الجاري بالمقارنة مع مثيلاتها من 2009، كان الرهان على تحطيم الرقم المحقق في العام الماضي لجهة أعداد السياح ممكناً، إلا أن تباشير آب (أغسطس) الماضي من شأنها رسم علامة استفهام، إذا ما كان هذا الأمر لا يزال جدياً؟، وهنا يذكر أحد المعنيين بالقطاع أن التوقعات في بداية 2010 كانت تفاؤلية جداً، إذ كانت تشير أن لبنان سيختتم عامه ب2,5 مليون سائح، ولكن الذي حدث أعاد عقارب التوقعات الى خلف الـ2 مليوني سائح.
ويؤكد نقيب أصحاب المنتجعات البحرية جان بيروتي، أن المؤشرات لا تزال ايجابية بالرغم من التشنجات السياسية القائمة، وقال إن التأثير هو على المغتربين أكثر مما هو على السياح الأوروبين والعرب، الذين يتأثرون بالعامل الأمني أكثر من السجالات السياسية.
وحذر من اللعب بالبورصة الأمنية، قال إن من شأن ذلك أن يطيح كل المؤشرات الايجابية الأخيرة، بعد انفتاح الأسواق الأوروبية والعربية وغيرها على لبنان، لافتاً الى أن التراجع في الإشغال الفندقي قد تأثر برمضان ومن ثم بعامل التشنج السياسي. وكانت الاشغالات الفندقية قد تراجعت بشكل متفاوت بين المناطق بين 40 الى 70%.
وإذ دعا السياسيين الى تخفيف التوتير وعدم فتح الملفات، التي تؤسس لمرحلة سيئة، دعا وزارة السياحة والمعنيين بالقطاع السياحي والقطاع الخاص، الى وضع خطة على مدى 6 سنوات وخصوصاً لموسم الصيف حيث سيكون رمضان حاضراً فيها، كما تفعل الدول العربية والمجاورة، للتعويض مما سيفقده موسم السياحة مع كل رمضان. وقال إن الخطة يجب أن تتوجه الى المغتربين اللبنانين من خلال التسويق والترويج والاتصال بهم لحضهم الى المجيء الى لبنان. وأشار الى أن موسم التزلج لا زال الى اليوم متراجعاً مع تأخر الشتاء.
بين 2009 و2010
ففي كانون الثاني (يناير) كانت نسبة الزيادة 37,12% بالمقارنة مع الشهر المماثل من 2009، وفي شباط (فبراير) كانت الزيادة 32,91%، وفي آذار (مارس) سجلت ارتفاعاً نسبته 28,30%، وفي نيسان (أبريل) 23,89%، وفي أيار (مايو) 25,81%، وفي حزيران (يونيو) 20,62%، وفي تموز (يوليو) كانت نسبة الزيادة 11،58%.
أما في آب (أغسطس)، فقد شهد انتكاسةً كبيرة مع تراجع بلغت نسبته 16,132%، إذ دخل الى لبنان 166،132 سائحا في حين سجل آب 2010 نحو 199,167 سائحا، وهذا الشهر الذي لا يمكن أن يتم المرور عليه مرور الكرام، كونه علامة فارقة.
وبالتالي فهناك جملة من الأسئلة ينبغي أن تجيب عنها وزارة السياحة، التي وضعت خطة ل365 يوماً، هل النمو السياحي ثابت كما هو الحال في دول الجوار (سوريا والأردن)؟ ما هو واقع الاستثمار السياحي في لبنان في ما لو استمرت السجالات السياسية قائمة؟، خصوصاً وأن وزير السياحة كان قد أكد قبل أسبوعين
أن السياحة هي سوق تنافسية، وتلعب دوراً مهما في إنعاش اقتصاد البلد وتعتبر نبض القطاع الاقتصادي.
بين لبنان والجوار
تسير وزارة السياحة قدماً في مندرجات الخطة التي وضعتها، إذ بلغ عدد المؤسسات السياحية في آخر أيلول (سبتمبر) الماضي، التي انهت وزارة السياحة مراجعتها ومنحها ترخيص مزوالة الاعمال والنشاط الى 458 مؤسسة من جملة 2711 مؤسسة تقدمت بطلبات ترخيص في المرحلتين الاولى والثانية من تاريخ 1/1/2010 وحتى 28/9/2010.
بيد أنه بالرغم مما تحقق فإن المطلوب يبقى أكثر، فالمنافسة هي التي تستطيع أن توضح الايجابيات الحاصلة في القطاع. وبالأرقام يمكن جلاء حقيقة هذه التنافسية بين لبنان وأقرب دولتين إليه سوريا والأردن: فقد سجلت حركة القدوم السياحي إلى سوريا نموا بنسبة 47% خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من 2009، وبينت وزارة السياحة السورية، أن إجمالي عدد القادمين من سياح وعابرين وزوار وصل إلى 6،5 ملايين زائر مقابل 4،4 ملايين مسجلة في الفترة المماثلة من 2009، أي بزيادة أكثر من مليونين.أما في الأردن، فقد كشفت أرقام وزارة السياحة الأردنية، للأشهر الثمانية الأولى من 2010، ارتفاعاً بنسبة %18 مقارنة مع نفس الفترة من عام 2009، حيث بلغ اجمالي عدد الزوار القادمين خلال الفترة المشار اليها من عام 2010 ما مجموعة 5,674,814 زائر مقابل 4,792398 زائرا خلال نفس الفترة من 2009، كما تبين أن هناك ارتفاعا في عدد سياح المبيت بنسبة 23%، حيث بلغ عددهم خلال فترة القياس من عام 2010 ما مجموعه 3,143785 سائحا مقابل 2,558170 سائحا خلال نفس الفترة عام 2009.
أما في لبنان، فقد تراجعت النسبة من 26،6% المحققة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري لتصل الى 16%، مع التقهقر الذي حصل في شهر آب، ففي الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري دخل الى لبنان 1,492,133 سائحا مقارنة مع 1,284,945 سائحا خلال الفترة المماثلة من العام 2009. صحيح أننا في مرحلة النمو، إلا أن الخشية هي من امكان التراجع، إذ لا يزال الفارق بين المحقق خلال الأشهر الثمانية من 2010 والرقم الإجمالي المحقق لكل أشهر 2009 (1,851,081 مليون سائح) هو 19,39%.
تراجع مداخيل فنادق
يقول المدير العام لفندق السفير (5 نجوم) طارق عماش، أن قطاع فنادق الـ5 نجوم في لبنان متراجع بنسبة 10% خلال هذه الفترة بالمقارنة مع الفترة المماثلة من 2009، لأسباب عدة:
- تراجع سعر صرف اليورو، والذي سهل للكثيرين تمضية إجازاتهم خلال موسم الصيف في أوروبا.
- في شهر رمضان لم يكن هناك إقبال كبير للسياح بل قطاع فنادق 5 نجوم شهد تراجعاً.
- الأزمات الأمنية والضجيج الإعلامي غير المتفائل، فقد مرت حوادث عدة في الصيف، منها الحادثة مع قوات اليونيفل، وحادثة برج أبي حيدر.
ويشير عماش الى أن موسم الصيف كان قصيراً، ولم يكد يحصل تعويض للفنادق بعد عيد الفطر، حتى أطلت الأزمة السياسية برأسها من جديد، من خلال الجدل القائم حول المحكمة الدولية وغيرها. وقال إن إنفجار الأوضاع سيطيح كل المؤشرات الايجابية التي حققها القطاع السياحي ككل الى الآن.
وناهزت مداخيل الأشهر الثمانية الأولى من العام 2010 فنادق 5 نجوم بإضافة المأكل والمشرب 120 مليون دولار، بسعر وسطي للغرفة بين 130 و160 دولاراً للغرفة. وتوقع عماش أن يصل الرقم الى 160 مليون دولار إذا ما استمرت الأوضاع مستتبة، ولفت الى أن 2010 سيكون أقل بنسبة 5% عما تحقق بالنسبة لأعداد السياح في 2009.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00