8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

شكوك في الوصول إلى مليوني سائح والإشغال الفندقي إلى 50%

لم يكن انفراط الهدنة السياحية، الأسبوع الماضي، بسبب تعالي الصراخ السياسي فوق أسوار التهدئة، مطابقاً لما تشتهيه الأوساط السياحية في البلاد، إذ ان الخطة السياحية التي تمشي وفقاً لمندرجاتها الوزارة المعنية، للوصول الى ما فوق المليوني سائح خلال العام الجاري، لتحطيم الرقم المسجل في 2009 والذي وصل الى ذروة قياسية مع 1،8 مليون سائح، وقد عبّر الوزير فادي عبود خلال زيارته الأخيرة لفرنسا عن هذا الأمل بالقول إن لبنان لا يزال الوجهة السياحية المفضلة في المنطقة، والإحصاءات تؤكد ذلك، خصوصاً الصادرة عن منظمة السياحة العالمية، مرافقاً تصريحه بتوقع يصل فيه عدد السياح للعام الحالي الى أكثر من مليوني سائح.
وإذا كانت نية الجمال بخلاف نية الجمل، فإن تحقيق الرقم المنشود والمأمول، يصبح من العسير تبيّن ملامحه في ظل غابة التصريحات السياسية المتشنجة، وهي بالتأكيد لا تخدم مسألة لبنان وجهة مفضلة للسياح، بل إنها تعيد ذاكرة اللبنانيين والعرب والأجانب والمغتربين بالأيام الخوالي للحروب اللبنانية المتقطعة، التي يتوجس منها الجميع ويجعل من لبنان منطقة غير مأمونة، وهو ما يلغي فكرة تكررت خلال شهر رمضان بأنه سيكون في لبنان صيفُ آخر، وعليه فإن المطلوب توفير البيئة الآمنة والحاضنة ليس للسياحة فقط وإنما لكافة القطاعات المتضررة من التشنجات السياسية، على قاعدة يعرفها الجميع الارتباط العضوي واللصيق ما بين الاقتصاد والسياسة، إذ لا يصح هذا بدون ذاك.
ومن هنا، فإن هناك من يربط الجمود الحاصل على صعيد التطوير الاستثماري في لبنان، بمسببات السجال السياسي، الذي لا يوفر للاستثمار قاعدة صلبة من الاستقرار، ففي القطاع الفندقي وصلت قيمة الاستثمارات الى نحو 6 مليارات دولار ما بين 2003 و2009، منها 3،5 مليارات دولار من مستثمرين عرب و1،5 مليار دولار من مستثمرين لبنانيين، وشهد القطاع الفندقي افتتاح نحو 5 فنادق بدايات العام الجاري، لكن هل يستطيع المستثمرون ومنهم العرب على وجه التحديد المغامرة في بحر متلاطم الأمواج، ومن هنا يأتي كلام رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في الجلسة الحكومية الأخيرة، بضرورة تحكيم لغة العقل وتغليب منطق الدولة على أي منطق آخر.
وفي لبنان تلعب السياحة دوراً كبيراً في البنيان الاقتصادي، لكثرة فرص العمل التي توجدها، ولا سيما خلال مواسم الاصطياف، فضلاً عن كونها جاذباً كبيراً للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهي أيضاً تعتبر مصدراً للعملات الأجنبية، خصوصاً وأن في لبنان ما يزيد عن 80 ألف عامل في هذا القطاع ومئات المؤسسات السياحية وما يزيد عن مئة فندق ومئات الشقق المفروشة والمنتجعات والمطاعم والمقاهي والنوادي، وهو ما يسهم في زيادة النمو الاقتصادي، مع كل زيادة في مداخيل هذا القطاع والتي لا تقل عن ثلاثة مليارات دولار بالإضافة الى مليارات أخرى تأتي مصاحبة لهذا النشاط الاقتصادي الحيوي والمهم.
التهدئة بعد العاصفة!
يعرب رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، عن كثير من الامتعاض لما آلت إليه الأوضاع السياسية، التي أرجعت نسبة الإشغال الى نحو 50% في القطاع الفندقي بعد التصريحات العالية النبرة. وقال إن نسبة الإشغال خلال فترة العيد كانت 100% إلا أنها تراجعت في الفترة اللاحقة والتي يعوّل عليها القطاع، وأضاف إن العرب والخليجيين باتوا يعتبرون أن المجيء الى لبنان فيه نوع من المغامرة في ظل التهديدات التي حصلت، خصوصاً وأن هناك تجربة في الانتقال من الوعيد والتهديد الى مرحلة الفعل، وهذا بالطبع لن يسهم في زيادة الحركة السياحية، إن لم يعمل على تقليصها.
ولفت الى أن التصريحات العنيفة أدت أيضاً الى الإقلال من الامكانات التي يعطيها القطاع الى حدود ال50%، فمثلاً ازداد عدد السياح السوريين والأردنيين على حساب السياح الخليجيين، فالسوري والأردني عادة ما تكون مدة إقامته لا تتجاوز 4 أيام فيما الخليجي تصل الى 10 أيام، وهذا ما يقلص مدد الإشغال والإقامة والانفاق.
وسأل الأشقر أليست التصريحات هي من يقف اليوم وراء الجمود الحاصل على صعيد الاستثمار العقاري؟. وقال أصبحت السياحة مثل مهب الريح مرة ساخنة وأخرى باردة، وهذا لن يخدمنا إن لم يكن هناك استقرار طويل الأمد. وأشار الى أن الحديث عما يزيد عن مليوني سائح لهذا العام، صعب التحقق في ظل المناخ السياسي السائد، والحلم بصيف آخر في لبنان تبخّر على وقع هذه السجالات، وقال إن الذين أتوا الى لبنان باعتباره وجهة مفضلة كان ذلك قبل الكلام السياسي الحاد، وبالطبع إذا لم يستقر الوضع فإن أمور القطاع الى أسوأ.
رهان الدولة على السياحة
لم يفت وزيرة المال ريّا الحسن خلال عرضها مشروع موازنة العام 2011، قبل أسبوعين من اليوم، من إدراج السياحة كعنصر من عناصر النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني. وقالت ما حرفيته إن النمو لم يقتصر على قطاعات محدودة، بل شمل قطاعات عدة، منها قطاع البناء، وقطاع الخدمات المالية، وقطاع تجارة التجزئة، وقطاع السياحة، وسنسعى الى أن تستفيد كل القطاعات من هذا النمو، لكي تشمل منافعه كل الشعب اللبناني. على أن مشروع الموازنة المذكور لحظ قانون برنامج جديد لإنشاء مرفأ سياحي في خليج جونيه بكلفة إجمالية قدرها 60 مليار ليرة موزعة على ثلاث سنوات، حدد فيه اعتماد الدفع للعام 2011 بمبلغ قدره 10 مليارات ليرة.
على أن الأمور تبقى مرهونة بخواتيمها في لبنان، خصوصاً وأن العناوين الانقلابية والثورية، التي رددها بعض الساسة، لا تبشر بامكان تعزيز الثقة بديمومة الاستقرار، وهو ما يطرح علامات استفهام كبرى عن التوقعات الايجابية بشأن نمو القطاع خلال العام الجاري، فالمجلس العالمي للسياحة والسفر، يتوقع أن تسجّل الصناعة السياحية اللبنانية نمواً حقيقياً بنسبة 11,3% في العام 2010، ما يرفع لبنان الى المرتبة الأولى عالمياً من حيث نمو القطاع السياحي. ويرى المجلس أن هذا النمو المرتقب هو نتيجة استقرار الأوضاع السياسية والأمنية وتزايد ثقة اللبنانيّين المغتربين ورعايا بلدان الخليج. كذلك، يقدّر المجلس المذكور أن تصل مساهمة الصناعة السياحية اللبنانية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 13,3% هذه السنة، كدليل على حيوية القطاع السياحي اللبناني ومتانته. وعلى سبيل المقارنة، من المتوقَّّع أن تبلغ مساهمة الصناعة السياحية العالمية في إجمالي الناتج المحلي العالمي 3,2% في العام 2010، ومساهمة سياحة الشرق الأوسط 2,9%.
وتتوقع شركة HVS الدولية المتخصّصة في الاستشارات الفندقية، افتتاح ما يزيد عن 2000 غرفة فندقية تابعة لشبكات فندقية شهيرة في غضون السنوات الثلاث المقبلة، مع ارتقاب توافر 938 غرفة فندقية جديدة خلال العام 2013. وتتوقّع HVSأن تشهد الاستثمارات في القطاع الفندقي في بيروت نمواً كبيراً، مع تأكيد أن حيوية هذا القطاع رهن بالاستقرار السياسي على الأمد الطويل.
البناء على أساس الثقة
يخشى مراقبون في القطاع السياحي من تأزم الأوضاع السياسية وتداعياتها السلبية على الاقتصاد الوطني، وفي طليعتها السياحة، باعتبار أن السياح لا يأتون الى لبنان مع انعدام عنصر الثقة بتحسن الأوضاع. ويبدي نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة في لبنان جان عبود، خشيته من تفاقم الأوضاع والعودة الى ما قبل اتفاق الدوحة.
وللتذكير، فإن سوق التذاكر في لبنان هو في تطور دائم، فالنمو السنوي لهذا القطاع لا يقل عن 15% وفي أسوأ الحالات 12%، ويقول عبود إن السوق لم تتأثر كثيراً بالتصريحات الخطيرة، ذلك أن الحجوزات كانت قد حصلت قبل هذه الموجة العاتية، وقد نما السوق بما نسبته 15% خلال هذه الفترة مقارنة بالفترة المماثلة من 2009، والآن النشاط هو في سوق التذاكر لجهة الذهاب من لبنان وليس العكس. ويشير الى أن الاشغالات الفندقية تراجعت الآن، بفعل سخونة السجالات، إلا أنها استغلت بموسمها لأن السجالات حصلت عقبه.
ولا يتوقع عبود أن يقل عدد السياح الوفدين الى لبنان خلال العام الجاري عن المليونين، إلا أنه يعاكس التوقعات التي كان قد وضعها المعنيون بالقطاع، والتي بنيت على أساس الزيادة التي حصلت في النصف الأول من 2010، والتي تشير الى زيادة تتعدى 26% مقارنة بالفترة المماثلة من 2009، ويقول مجيء السياح يحتاج الى مزيد من الثقة ببلدنا وهذا لا تدل عليه التصريحات السياسية.
الانفاق السياحي
أما لجهة الانفاق السياحي، فتشير الإحصاءات الصادرة عن غلوبل بلو (غلوبل ريفند) ، المكلفة إعادة دفع ضريبة القيمة المضافة إلى السائحين على النقاط الحدودية اللبنانية، الى زيادة في انفاق السائحين 22% خلال الفترة المنتهية في آب (أغسطس) الماضي، قياساً بالفترة المقابلة من سنة 2009.
وتوزع الإنفاق حسب الجنسيات كالتالي:
1- توزيع الانفاق حسب دولة السكن من سنة الى الآن: الامارات 11%، الكويت 11%، مصر 7%، سوريا8%، السعودية 23%، دول اخرى 41%.
2- نمو الانفاق من سنة الى الآن: سوريا 44%، مصر 42%، فرنسا 34%، السعودية 31%، الاردن 18%، قطر -4%,الكويت 4%، الامارات 7%.
والاحصائيات الآتية تعبر عن مشتريات السياح بعد خصم الضريبة المضافة، وتعطي صورة واضحة عن الميول الشرائية لديهم:
- نمو عدد معاملات الشراء (الريفند ) من سنة الى الآن: سوريا 41%، نيجيريا 23، مصر 35%، السعودية 20%، الامارات 5%، الكويت 1%، الاردن 26%، فرنسا 27%,قطر -5%، الولايات المتحدة 14%، دول اخرى 19%.
- نمو معدل الانفاق من سنة الى الآن: قطر 1%، سوريا 2%، فرنسا 5%، السعودية 9%، الامارات %2، مصر 5%، الاردن -6%، نيجيريا 6%، الكويت 3%، دول اخرى 3%.
تطلعات حسب الفئات:
وتوزيع الانفاق حسب الفئات من سنة الى الآن جاء كالآتي: الموضة والثياب 67%، الساعات 11%، مستلزمات البيوت والحدائق 4%، العطور والتجميل 4%، الهدايا 3%، الالكترونيات 2%.
ونما الانفاق من سنة الى الآن: الالكترونيات 48%، الهدايا 4%، الموضة والثياب 23%، الساعات 31%، العطور والتجميل 26%، مستلزمات الحدائق والبيوت 3%، التجهيزات المنزلية 20%.
وتوزع الانفاق حسب المناطق كالآتي:
- توزيع الانفاق من سنة الى الآن حسب المناطق: بيروت 82%، المتن 13%، كسروان 2%، بعبدا1%، مناطق اخرى 2%.
- نمو الانفاق من سنة الى الآن عن الفترة التي تمتد من السنة السابقة الى الآن: المتن 16%، كسروان 1%، بيروت 24%، بعبدا -10%، مناطق التسوق 22%.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00