24 حزيران 2020 | 10:41

أمن وقضاء

قضاء مستقل... وإلا استمرار التشكيك

قضاء مستقل... وإلا استمرار التشكيك

مِنَ الاحتجاج أمام قصر العدل حَضّاً على إقرار التشكيلات القضائية، الى تظاهرة قرب المحكمة ‏العسكرية استنكاراً لتوجيه تهمة العمالة لكندة الخطيب، جوهرُ الموضوع واحد. والسؤال الذي ‏يكاد يصير أزلياً: متى نرى نور القضاء المستقلّ، وإلامَ تبقى ثقتُنا مهتزّة بسلطة واجبة التحصين ‏والتفعيل؟

لن نجاري عاطفياً الجازمين ببراءة كندة الخطيب. لكن يحق لهؤلاء عدم تسليم أمرهم والدفاع عن ‏براءتها حتى الرمق الأخير. ذلك ان القضاء، وخصوصاً العسكري، ضبط بالجرم المشهود ‏مراراً. فلا عوقب مخالف للأصول ولا أقيل قاض ميت الضمير ولا جرى التحقيق بعمليات ‏تعذيب. زياد عيتاني حيٌّ يرزق، والكل يعرف التفاصيل. أنسينا الإفراج عن قاتل النقيب سامر ‏حنا؟ ام نتناسى فضيحة العميل عامر الفاخوري؟

هذا غيض من فيض لئلا نعود كثيراً الى الوراء. لكنه دافعٌ للتشكيك بأيّ تهمة تنال ناشطاً سياسياً ‏اذا لم تدقَّق من هيئة قضائية موثوق بها أو محايدة‎.‎

ربما سمعتْ وزيرة العدل أمس مكبرات الصوت تدعو الى سلطة قضائية مستقلة. لكن أهم مِن ‏طرْق المطلبِ مسامعها، ذاك الوعي لدى الشباب الثائرين بأن هذه النقطة بالتحديد مفصلية ‏وخطوة ضرورية في مسيرة الألف ميل التي ستجتازها الثورة قبل تحرير الدولة، وبالإصرار ‏عليها، يمكن تحويلها الى كعب أخيل المنظومة الفاسدة‎.‎

لا نعلم تحديداً بماذا شعرت السيدة الوزيرة وهي ترقب من مكتبها مواطنين يطالبونها بفحص ‏ضمير والعودة الى ممارسة أقلّ واجباتها، تكفيراً عن دخولها اللعبة السلطوية وتفخيخ تشكيلات ‏مجلس القضاء. بَيْدَ أنّ الرهان سيبقى قائماً على برهان تقدّمه الوزيرة النظيفة الكف عن سلوك ‏مهني رفيع يليق بهذا المنصب بعد ثورة 17 تشرين‎.‎

كل مَطالب المواطنين والثورة أولويات. محاربة الفساد، استعادة الأموال المنهوبة والودائع، ‏الكهرباء، الاتصالات، التوظيفات غير الشرعية في القطاع العام، المحسوبية والزبائنية ‏والمحاصصة، الجمارك والمرافئ الرسمية وغير الرسمية، طرقات التهريب المحمية من أجهزة ‏الدولة والميليشيات، السلاح غير الشرعي، موقع لبنان الاقليمي. لكن اولوية الأولويات تبقى قيام ‏قضاء مستقل ونزيه يعيد الى اللبنانيين الثقة بهذا الحصن المانع للاعتداء على حقوقهم وحرياتهم. ‏وشرط قيامه وجود قضاة شجعان، خطُّهم الأحمر قانونٌ لا يعلوه سياسي مهما علا كعبه، ولا ‏صاحب مال مهما طالت ثروته وانتشرت رشاويه، ولا رجل دين مهما تسلَّح بالحساسيات وهدَّد ‏السلم الأهلي‎.‎




نداء الوطن – بشارة شربل ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

24 حزيران 2020 10:41