8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

توقعات بتوجه سوق العقارات نحو الاستقرار 7106 مليارات ليرة مبيعات النصف الأول والصفقات تزيد 39%

يؤكد أكثر من خبير عقاري، أن اتجاهات سوق العقار في لبنان تتجه اليوم نحو الاستقرار أو تصحيح الأسعار المنتفخة، بعدما وصلت الى حالة الذروة العام الماضي، وكانت الأسعار قد أخذت منحاها الفلكي ولا سيما في العاصمة بيروت بدءاً من خروج القوات السورية في لبنان في 2005، التي شكلت أول مرحلة في تحرير الأسعار، وبفعل التدفقات الاستثمارية الخليجية الى لبنان وخصوصاً في أعقاب أزمة المال العالمية التي أدت الى انهيار البورصات العالمية، وهو ما جعل الرساميل تتدفق نحو العقار اللبناني بفضل جني المكاسب المهولة والتي باتت تنافس المعدن الأصفر على هذا الصعيد.
وعلى الرغم من البيوعات العقارية قد حققت خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، ارتفاعاً ملحوظاً بالمقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي، إلا أن أوساط شركات العقار في لبنان تقول إن حركة السوق تتجه منذ بدايات 2010 نحو الهدوء.
وبغض النظر عن مؤشر الأسعار للعقار الذي ارتفع نحو 15% في الأشهر السبعة الأولى من 2009، إلا أن هذا المؤشر مال الى الهبوط، فحركة العمران والبيوعات تتجه الى الارتفاع والاتساع، ويمكن النظر الى الشريط الساحلي اللبناني الممتد من بيروت الى حدود العبودية شمالاً، وقد امتلأ بمئات من المشاريع العمرانية، ويمكن أيضاً النظر أعلى بقليل الى القرى التي لا تعلو أكثر من 400 متر كيف التصقت عمرانياً بالساحل، وبمعنى آخر، فإن القرى تحولت بفعل فورة العقار في لبنان الى بلدات، فيما تحولت هذه الأخيرة الى مدن صغيرة.
وقال أحد الملاكين القرويين تعبيراً عن هذه الحالة القدماء كانوا يقولون: كومة شلوش ولا كومة قروش، لافتاً الى أن الأراضي الزراعية تحولت بفعل سحر الأسعار الى أراض لمشاريع البناء.
فالارتفاعات المحمومة للأسعار كانت تمثل مضاربة ومنافسة أكثر مما تمثل طلباً حقيقياً، فيما واكبت القروض المصرفية بفعل المحفظة المالية العالية للبنوك، الحركة النشطة للعقار، وكان مصرف لبنان قد أصدر قراراً وسيطاً رقمه 10352 في 11/1/2010 لتعديل القرار الأساسي رقم 8735 الصادر في 2001، يسمح فيه للمصارف بخفض احتياطاتها الإلزامية لدى مصرف لبنان، لأغراض منح قروض لشراء سكن وبأسعار فائدة منخفضة.
رامكو: الارتفاع الحالي للأسعار 10%
إلا أن المدير العام لشركة رامكو العقارية في لبنان رجا مكارم، قال لـالمستقبل، إن ارتفاعات الأسعار التي عادت الى مستوى 10% خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري من 15% في مثل هذه الفترة من 2010، مردها الى مقاومة كبيرة لجأ اليها الناس لمواجهة الأسعار الخيالية وغير المنطقية، ولا سيما في ما يخص الشقق السكنية الكبيرة، فالناس غير مستعدة لدفع المزيد من الأموال، وهو ما يدفع باتجاهات السوق نحو الاستقرار، فالمطورون العقاريون يتمسكون بأسعار عالية لكن من يشتري، وهذا النوع من الكباش سيؤدي حتماً الى حركة تعديل للأسعار باتجاه نزولي لكن ليس انخفاضاً بل هو أقرب الى مفهوم تعديل أو تصحيح الأسعار المتورمة.
وأضاف مكارم الأسعار عالية أكثر من قيمة العقار الفعلية، وهي تتأتى إما من سعر الأرض أو البناء أو مبدأ الربح العالي، لقد خف الطلب فعلياً إلا أنه لم يتوقف.
وأشار الى أن غالبية المطورين العقاريين لديهم محافظ مالية ملآنة، ولذلك لن يكون هناك انخفاض في الأسعار خلال الفترة القريبة، إلا أذا بدأوا يتحسسون فعلياً بالمشكلة، وهي ستبدأ في الأغلب من سعر الأراضي، التي ستبدأ أسعارها في الهبوط قبل الشقق السكنية.
الشؤون العقارية:
عدد البيوعات ارتفع بنسبة 39%
وتبيَن أرقام مديرية الشؤون العقارية أن النصف الأول من العام 2010 اتّسم بارتفاع كبير لقيمة المبيعات العقارية وبارتفاع أقلّ لعدد عمليات البيع هذه. فقد ازداد عدد المبيعات العقارية بنسبة 39% في النصف الأول من العام 2010 ليبلغ 45939 عملية، وهو مستوى قياسي بالنسبة الى الفترة ذاتها من السنوات السابقة. وبوجه خاص، استمر عدد المبيعات العقارية للأجانب بالارتفاع بنسبة 9،3%، مؤكِّداً اهتمام هؤلاء، ولا سيّما العرب الخليجيّين منهم، بالعقار في لبنان.
وبلغت القيمة الاجمالية للمبيعات العقارية في لبنان رقماً قياسياً هو 7106 مليارات ليرة في النصف الأول من العام 2010، أي بارتفاع نسبته 92,0% على أساس سنوي، في ظل طلب مستمر على العقارات. ولمَا كان هذا الارتفاع الكبير لقيمة المبيعات العقارية قد ترافق مع ارتفاع أقلّ لعدد هذه المبيعات، فقد ارتفع متوسط قيمة الصفقة العقارية الواحدة في النصف الأول من العام 2010 بنسبة 38,0% ليصل إلى 154,7 مليون ليرة.
أما إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية عن شهر تموز (يوليو) الماضي، فقد بلغ مجموع عدد المبيعات العقارية 18411 عملية بزيادة نسبتها 18،2% عن تموز (يوليو) 2009 حيث بلغ عدد العمليات 15564 عملية، بلغت معها الأثمان المذكورة في عقود البيع 1،382،098،054،55900 ليرة، أي بزيادة نسبتها 52،7% عن الشهر المماثل في 2009 حين بلغت 904،604،314،658 ليرة.
أما على صعيد عدد الأمتار المسجلة وبحسب نقابة المهندسين في بيروت عن شهر تموز (يوليو) الماضي، فقد بلغت 1،411،020 متر فيما عدد الأمتار المسجلة في تموز 2009 بلغت نحو 358،313 متر. أما عدد المعاملات المسجلة في تموز الماضي فقد بلغ 1،472 معاملة، وفي تموز 2009 نحو 587 معاملة.
تقرير مصرفي: السوق استفادت من حركة الانتعاش الاقتصادي
ويقول تقرير مصرفي وضع أخيراً، إن سوق العقار في لبنان تسجل أداءً جيداً مستفيدةً بعض الشيء من عودة الحركة الإقتصادية في النصف الأول من العام 2010 في حين شهدت الاقتصادات الإقليمية والعالمية انتعاشاً تدريجياً، ولو بوتيرة أبطأ، لافتاً الى أن القطاع العقاري اللبناني يرتكز إلى أساسيات متينة، تتمثَّل في طلب سليم آتٍ من اللبنانيين المقيمين ومن المغتربين الساعين الى اقتناء مساكن لهم في لبنان، وفي التحويلات المالية للبنانيين العاملين في الخارج، وفي دفق كبير من الرساميل الأجنبية الوافدة، وفي النمو الديموغرافي المحلي والأداء القوي للقطاع السياحي.
إلا أن التقرير لفت الى أنه ليس هنالك مخاوف من فورة محتملة للسوق العقارية اللبنانية، أولاً بسبب غياب المضاربات وثانياً لكون الأسعار العالية ناجمة عن طلب قوي نسبياً صادر من اللبنانيين المقيمين والمغتربين والرعايا العرب الخليجيين.
ولاحَظ أن أسعار العقارات في بيروت لا تزال مرتفعة بسبب انحسار مساحات الأراضي الصالحة للبناء في العاصمة، والطلب المستمر على المشاريع العقارية فيها، ما حفّز ارتفاع أسعار الأراضي وانعكس بالتالي على أسعار العقارات المبنيّة. وهكذا، ارتفعت قيمة المبيعات العقارية في بيروت بنسبة 73% في النصف الأول من العام 2010، في حين أن عدد هذه المبيعات ارتفع بنسبة 33% في الفترة ذاتها. ومن جرّاء ذلك، ارتفع متوسط قيمة الصفقة العقارية الواحدة في بيروت بنسبة 31% في الفترة المذكورة.
رخصة البناء ـ التشجيع للاستثمار القيم
وفي موضوع يتعلق برخص البناء، يلفت الخبير العقاري راشد سركيس، الى أن رخصة البناء مشوارها طويل، وفي بعض الأحيان قد لا ينتهي. ويقول اليوم يتوجب للبناء ترخيص، اوراق مرتبة تعكس صورة المشروع، توقع حسب الاصول، تعبر في دهاليز التعقيدات لتصل اخيرا موقعة من المراجع المعنية ايذانا باعتبار مضمونها قانونيا اذا نفذ كما هو مطلوب.
ولفت الى أن لبنان يصنف في الترتيب العالمي لجهة رخصة البناء في الدرجة الخمسة والعشرون بعد المئة بين مئة وثلاثة وثمانين دولة حول العالم، من حيث عدد المراحل التي تعبرها الرخصة، رخصة البناء، والتكلفة التي تثقلها. وهذا الامر يستدعي التوقف عنده بدقة للمراجعة والتقويم والتصرف الحكيم.. كما ان هذه التعقيدات تحدو بالمواطن عند الترخيص الى استعمال كامل عامل الاستثمار، حتى ولو لم يكن محتاجاً اليه انما كسبا لكل حقوق يمكنه تثبيتها خوفا من ان تفوته لاحقا لسبب تغييرات متتالية او متعاقبة مفاجئة. وقال ان الترتيب النقابي لا يتطلب اكثر من يومين الى ثلاثة، وهو لا يعكس تأخيرا في المعاملة التي بعد خروجها من النقابة تسلك طريقا شائكا مملوءا بازدواجية التفسير حتى الوصول الى العقبات المختلفة بكل ما فيها من تأخير في دورة بيروقراطية معقدة للغاية، تدخلها في زوايا المسؤوليات والتواقيع المتسلسلة، وبالاستعارة يمكن القول ان التواقيع التي تثقل الاحالات تضاعف وزن الملف.
ونوه سركيس بهذا الصدد بورشة العمل التي جرت برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في حزيران (يونيو) الماضي في السرايا الحكومية، التي عبرت عن تكاتف الجهود الحكومية في سبيل انجاح هذه الورشة في التقويم والبحث بالتعاون مع البنك الدولي في اطار برنامج Doing Business الذي يضع معايير ويقيسها ويقارنها بين الدول في سبيل التشجيع على التحسينات والتطويرات التي يجب اخذها بالاعتبار في سبيل تسهيل التعامل في الملفات وتشجيع الاستثمار في البلاد.
وإذ أعتبر سركيس أن رخصة البناء ومراحلها وتعقيداتها في لبنان، تبقى قضية محورية مميزة. قال إن الامر يمكن معالجته ببعض التدابير الموضوعية، والتي باعتمادها، تدفق على القطاع ثروات مخبأة يجب التنقيب عنها والاستفادة القصوى منها، لافتاً الى ان الآليات المتبعة في التنظيم المالي والاداري والتحفيزات الاستثمارية تشكل النصف الثاني من عوامل التأثير المباشر في حركة العقار والاستثمار، ليعود القطاع العقاري الى القفز مجددا اذا عرفنا كيف نحفز الانتاج التراكمي في هذا القطاع. وأكد أن السرعة هي العامل الرئيسي للربح العقاري ليس الا...
ما هي المراحل العادية التي تتطلبها رخصة البناء؟:
ملكية العقار المنوي تشييده وقرار البناء من قبل كل مالكيه.
اتفاق وتكليف للمهندس المعتمد للدراسات وضع التصاميم وانجاز الملف التنفيذي.
تسجيل الملف في نقابة المهندسين، (بيروت او طرابلس حسب الاصول المعتمدة).
تسجيل الملف في الدوائر الفنية المختصة حسب الصلاحية (بلدية بيروت او طرابلس، مكاتب فنية تابعة لاتحادات البلديات التي تعتمدها، مكاتب التنظيم المدني في المناطق والاقضية المختلفة)، ومتابعته حتى الحصول على الموافقة الفنية مرفقة بجدول المساحات والكشف الفني الذي يصير على اساسه سداد الرسوم الى البلدية المعنية، استنادا الى تخمين خاص بالعقار المعني.
سداد الرسوم وهي تتوزع على:
رسم صندوق تقاعد المهندسين بقيمة 5% من الرسم الاساسي للترخيص.
رسم طابع مالي يسدد للخزينة على اساس 250 الف ليرة عن كل طابق.
رسم الترخيص الذي يسدد الى البلدية التي تصدر الترخيص ممهورا بتوقيع رئيس البلدية الذي له وحده هذه الصلاحية، وحيث لا بلدية يحل القائمقام او المحافظ حسب التسلسل الاداري للقضاء، ما خلا بيروت التي يقوم فيها المحافظ بمهمة الرئيس التنفيذي للبلدية.
بحسب قانون البناء الجديد صار لزاما ارفاق الترخيص بامر المباشرة الذي يوقعه المهندس ويسجله في نقابة المهندسين بعد تقديم كافة الملفات والخرائط التنفيذية اللازمة لتحقيق المشروع ضمن المواصفات المعتمدة بما فيها تقرير المهندس الجيوتقني ودراسات وخرائط كافة الاختصاصات الهندسية، وهو تدبير انطلق من داخل نقابة المهندسين لرفع مستوى الاداء وقد تثبت في القانون ليبرهن ان الوعي والسهر على تحقيق الافضل يؤتي ثماره..
ان هذه المراحل تتطلب اكثر من ستة اشهر في احسن الحالات في منحاها الطبيعي بينما ينص القانون على ضرورة انجازها خلال ما يقارب ثلاثة اشهر (اذا ما حسبت الاوقات للحصول على افادة التخطيط والارتفاق والتخمين والشقلات وما اليها من متعلقات خاصة لكل حالة)، اما اذا كان في المشروع ناحية خاصة (مدرسة، اوتيل، مصنع، ...) فتبلغ الاوقات تأخيرات لا سقف لها...
مقترحات لتحسين رخص البناء
يشير الخبير سركيس الى أنه في المنطق التحسيني ولتغيير النتيجة ومضاعفة الاثمار، عبر النهوض الامثل بقطاع البناء وترشيده وتثميره لا بد من جملة تدابير تعكس حيوية وتفاعل يؤدي خدمة للجميع. لذلك لا بد من اعادة التنظيم وهيكلة طريق الرخصة بشكل يؤدي الى تسهيل كبير في التعاطي العقاري وبنائه واضافة ما يجب من تحسينات على قانون البناء في سبيل تحسين فرص الاستفادة القصوى بيئيا، صحيا، علميا وماليا من كل الاوجه واعطاء دفع جديد، عبر نمط تصاعدي لانتاجية مميزة ترفع العقار المبني في لبنان الى اعلى درجات التعامل الهندسي والمالي.
قد يكون بين الحلول، ايجاد صيغة تعاون بين القطاعين العام والخاص (الاستفادة القصوى من المتقاعدين في القطاع العام الذين يتمتعون بخبرة كبيرة في القطاع) لتحسين مستوى تركيب الملف وضبط المحتويات بشكل دقيق ومتكامل مع النصوص والقوانين المرعية، مع ما يعكس ذلك من تحريك وتسريع في انجاز المعاملات.
ان اعادة توزيع مستويات المسؤولية بين اطراف العمل تؤدي نقلة في هذا المجال خاصة اذا امتزجت بتفعيل الحركة وتقليص المراحل لتوفير الوقت، الامر الذي ينعكس مباشرة في توجيه رؤوس الاموال الى لبنان للاستثمار الذي برهن عن مستوى عالي جدا في المردود المضمون بنتائجه القياسية عبر التاريخ.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00