فيما تزداد رقعة التقنين اتساعاً، بالتزامن مع موسم السياحة والاصطياف في البلاد، وكأنها أصبحت لازمة تقليدية من لوازم الموسم، وفيما يتوجس الناس من انسحاب التقنين على شهر رمضان، يزداد اتساع مساحة النقاش حول خطة انقاذ الكهرباء، ذلك أن الخسائر المالية ترهق القطاع وخزينة الدولة الداعمة له عند كل استحقاق، فخسائر الاقتصاد الوطني وكما تؤشر الخطة تصل الى 2،5 ملياري دولار في 2009، مقسمة الى 1،3 مليار دولار للمولدات الخاصة و1،2 مليار دولار كخسائر مباشرة على المستهلكين.
والخطة الطموحة التي أقرتها الحكومة لانقاذ القطاع، أواخر حزيران (يونيو) الماضي، تتطلب مرحلة انقاذية انتقالية تتراوح بين 3-4 سنوات، يتطلب خلالها تأمين المستلزمات المالية والادارية والبشرية لكهرباء لبنان، لتحقيق أهدافها والوصول الى تأسيس حالة قانونية دائمة ومستقرة للقطاع.
وعلى هذا الأساس، انتقل وزير الطاقة والمياه جبران باسيل من مرحلة التوصيف الى مرحلة أكثر تقدماً أي التفاوض المباشر مع المعنيين بالقطاع، لتزخيم الخطة وإعطائها الطابع العملاني، لأن مؤشر القطاع (مالياً وتغذيةً) لا يزال سالباً.
وكانت بداية الحوار بين الوزير باسيل وأصحاب الامتيازات، لحل مشكلة هذه الامتيازات بتسوية عادلة لأصحابها وللدولة عبر تصفية مالية، تعيد للدولة حقوقها مقابل حصول أصحاب الامتيازات على حوافز وتشجيعات لإدخالهم في عمليات الانتاج المستقل، ومقدمي خدمات التوزيع، الأمر الذي أثار امتعاض أصحاب الامتيازات ذلك بـأن العروض التي قدمت غير شفافة وغير واضحة. ورفضوا أن يكون دور الامتياز محصوراً بـالجباية وإن كان هذا العمل جزء من سلة متكاملة تحدد صفة الامتياز، فيما يمكن أن يقوم بالدور الأول شركة خاصة. ويأخذ أحد أصحاب الامتيازات على الوزير باسيل عدم قدرته على التواصل مع أصحاب الامتيازات، ويقول من السهل الوصول الى بابا روما للتواصل، لكن من الصعب التواصل مع الوزير باسيل.
ويحدد هؤلاء دور الامتياز بالآتي:
1-يقوم بأعمال الصيانة والتأهيل، وهو من يقوم بالخدمة العامة بصورة متواصلة، وبإدارة التوزيع، وبالدراسات الفنية والمالية ويتحمل أعباءها.
2-صحيح أن الامتياز هو من يقوم بإدارة وجباية الفواتير، إلا أنه يتحمل غير المدفوع منها، وكذلك يتحمل السرقات على خطوطه بالإضافة الى الهدر الفني العام على الشبكات. ومن هنا فإن الامتيازات ليست شركات جباية وإنما هي شركات مستثمرة، وعليها بنهاية الامتياز تسليم كامل منشآتها بحال جيدة وصالحة للاستثمار، وعلى الامتياز من خلال انتاجيته السنوية استعادة رأسماله خلال مدة الاستثمار لتغطية أعبائه المالية وتأمين أرباحه.
ويستوجب ذلك، أن يشتري الامتياز الطاقة من كهرباء لبنان بتعرفة عادلة لا تشكل خللاً بتوازنه المالي وتمكنه من الاستمرار، على أن يلتزم الامتياز بتعرفة بيع الطاقة للعموم التي تحددها مؤسسة الكهرباء، والمقصود بالتعرفة العادلة هي أن تكون نتيجة معدل عام لتعرفة بيع الطاقة عند كل امتياز، محسوم منها نسبة تتراوح بين 33 و35% كأعباء توزيع الطاقة على التوتر المتوسط والمنخفض، وهذه نسبة عالمية، إذ أن هناك نسبة معينة لتغطية الاستهلاك المالي لاسترجاع الرأسمال المال الموظف من قبل أصحاب الامتياز من جهة، ونسبة أخرى لتغطية الفائدة المحددة في دفتر الشروط على الرأسمال الموظف (تتراوح بين 6 الى 9% وفقاً لكل امتياز) من جهة أخرى.
وتقول مصادر الامتيازات ان على أصحاب الامتيازات تغطية ما يعرف بالاستهلاك الصناعي السنوي المحدد من قبل وزارة المال سنوياً، الذي يستعمل لاعادة تجديد المنشآت خلال فترات الاستثمار، فضلاً عن تغطية أعباء الادارة، التوزيع، وتكاليف أجور الموظفين والسيارات والضمان والتأمين والانشاءات والمحروقات...
مقترحات شركات الامتياز
ويقترح أصحاب الامتياز حلاً للامتيازات، عبر انشاء عدة شركات انتاج وتوزيع خاصة، على غرار ما هو معمول به في سويسرا والبلدان المتقدمة، ويقضي بـ:
التوزيع:
أ-تكمن المشكلة الرئيسية في التوزيع بالنواحي التالية:
1-الهدر الفني والعام موجود بنسبة عالية على شبكات التوزيع على التوتر المنخفض وهذه الشبكات بحاجة الى تأهيل وتقوية.
2-عدادات ووصلات المشتركين بحاجة الى كشف شامل، لكشف التلاعب بالعدادات وإعادة ختمها وتأهيل وصلاتها.
3-إن محطات التحويل من التوتر المتوسط الى التوتر المنخفض 220 فولت، بحاجة الى إعادة تأهيل وتقوية وخفض وفقاً لعدد الزبائن وقدرات الطاقة المسحوبة منها، وهذا ما يعرف بـحسن التوزيع.
4-مسح جغرافي لكامل المشتركين وفقاً لكل محطة للتأكد من مجموع قدرات المشتركين المكتتبة بالتجانس مع قدرة كل محطة، وبرمجة هذه المعلومات بصورة دائمة، وأيضاً برمجة تسجيل استهلاك مجموع المشتركين وفقاً لكل محطة، ومقارنتها مع الكمية المستهلكة على كل محطة بواسطة عداد مركب على كل محطة لملاحقة الهدر الفني والعام.
ب-يجب معالجة مشكلات التوزيع من خلال: تقسيم التوزيع الى مناطق جغرافية عدة يبلغ عددها 12، وتقوم بالتوزيع فيها 12 شركة خاصة، ويتم تسليم شبكات التوزيع (HT, MT, BT) الى شركات خاصة لاعادة التأهيل والتنظيم الفني والاداري. يستلمون الطاقة من شركة النقل بواسطة عدادات في المحطات الاقليمية الموجودة في كل منطقة جغرافية بتعرفة يحسم منها معدل تكلفة التوزيع يتم الاتفاق عليها وفقاً لكل منطقة جغرافية، والتي نحددها بنسبة معينة من تعرفة بيع الطاقة للعموم، وذلك لمدة 25 سنة. على أن الانشاءات المستلمة من قبل مؤسسة الكهرباء تسجل لديهم كمساهمات من قبل الدولة تعاد إليها بنهاية الامتياز بحال جيدة. ويتم استهلاك الانشاءات الجديدة سنوياً خلال مدة الاستثمار.
تدخل الفائدة السنوية على الأموال الموظفة 9% زائد 5% على (recettes brutes dexploitation) السنوية، وذلك في خانة الأعباء، وأي أرباح إضافية تعطى للدولة، وأي خسارة تغطيها الدولة. وتحتسب الأموال الموظفة وفقا لسلة عملات تحدد بـ Indexيتم الإتفاق عليه لأن التوظيف بالعملة الأجنبية تمثل نسبة عالية مع المجموع. ويعطى حق الأفضلية بعد مرور 15 سنة، لتجديد العقد أو إلى شراء الإنشاءات المستلمة من الدولة وتصبح ملكا خاصا للشركة بعد أن يكون قد تمّ تحديد قيمتها سلفا عند منح الإمتياز.
يمكن في اي وقت أن تسترد الدولة هذه الإمتيازات، وتدفع الرساميل الموظفة والتعويضات وفقا لمعادلة حسابية يتمّ الإتفاق عليها سلفاً.
النقل: يتم تأسيس شركة مشتركة من الدولة وشركة الإنتاج والتوزيع لنقل وتأمين الطاقة من أي مصدر شركة إنتاج إلى أي شركة توزيع، في أي منطقة جغرافية، بإدارة مؤلفة من شركات الإنتاج والتوزيع. يتم تسليم الطاقة في المحطات الإقليمية الموجودة في كل المناطق. ويحق لكل شركة توزيع أن تتعاقد مع أي شركة إنتاج.
إن تكلفة النقل يجب أن تمثل نسبة محدودة يتم الإتفاق عليها وتحدد بنسبة معينة وفقا لكل موقع جغرافي للإنتاج والتوزيع والتي نحددها بنسبة معينة من معدل تعرفة البيع للعموم.
الإنتاج: يتم إنشاء شركة للطاقة على جميع الأراضي اللبنانية على أن تريط بشبكات النقل، ويحدد عددها والحد الأدنى لقدرة كل واحد منها وفقا لحاجة المنطقة الجغرافية وتطورها المستقبلي. ويمكن لأي شركة إنتاج أن تتعاقد مع أي شركة توزيع، ويتم من خلال شركة النقل تأمين الطاقة من موقع الإنتاج إلى الموقع الجغرافي لشركة التوزيع. ويمكن لأي شركة توزيع أن تؤمن إنتاجا خاصا بها. والفائض من الطاقة يباع إلى شركة النقل. وأيضا يمكن لها أن تشتري من شركة النقل ما ينقصها من الطاقة. إن مدة الإمتياز وشروطها لشركات الإنتاج هي ذاتها لشركات التوزيع. إن تكلفة الإنتاج لها أيضا نسبة معينة من معدل تعرفة البيع للعموم، ويجب ربط تعرفة بيع العموم ضمن معادلة حسابية تطور تكلفة الإنتاج نظرا لما تمثلة تكلفة المحروقات من تكلفة الإنتاج.
ويقول المدير العام لامتياز كهرباء عاليه ألبير خوري إن الخطة التي أقرتها الحكومة مهمة جداً ونحن نمشي في روحيتها، ونحن نقف الى جانب هذه الخطة، بيد أن المطلوب هو التنسيق والحوار. ويضيف أن المشكلة القائمة اليوم ليست هي معارضة الامتيازات أو عدم قدرتها مناقشة المقترحات التي تضعها الخطة، وإنما في غياب مفهوم هذه المقترحات وشفافيتها، فكيف القبول بعروض لا نفهم مضمونها ونتائجها، هناك حاجة لفهم موضوع الـipp وأين وصل؟، ما معنى مقدمي خدمات التوزيع، لقد طلبنا موعداً من مستشار وزير الطاقة ليتولى لنا شرح هذه الأمور، إلا أنه للأسف الى الآن لم يصلنا رد.
ويدافع خوري عن الامتيازات لأنها أثبتت جدارتها توزيعاً وجباية، لكننا نحن لسنا مشتركين، نحن مستثمرون كقطاع خاص، لقد أثبتنا جدارتنا خلال فترات الحروب، من هنا فإن الحل لا يمكن إلا أن يكون حبياً ومتناسقاً يرضي الجميع، لذلك يجب عدم المضي بسياسة خلط الموضوع الكهربائي بالسياسة وغيرها، فالجميع يهمه مصلحة البلد.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.