يقول خبير عقاري، إن التغيرات البلدية في لبنان ستأتي ببعض التأثير، ولا سيما في سياق الديناميكية التي تفعلها التغيرات في مراكز المسؤولية، وضخ افكار وانماط جديدة، يمكن ان تؤثر بشكل كبير في الاستثمارات، سيما وان المرحلة تستقطب نوعاً متقدماً من التفكير التخطيطي، لكسب او جذب وحتى ابتكار أنواع جديدة من الاستثمارات، وعلى وجه الخصوص في المجال العقاري.
وإذا كان الربط بين التغيير في البلديات وطريقة التفكير الجديدة التي ستحمل الوجوه فيها، عاملاً مهماً وفاعلاً في مسألة تطوير العقارات والاستثمار، فإن مؤشرات القطاع لا تزال ايجابية بفعل حركة الاستقرار السياسي في ظل حكومة التوافق الوطني.
وعليه، فقد بلغت قيمة الصفقات العقارية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري ما يزيد عن ملياري دولار، هو ما يؤشر الى الأداء الجيد لسوق العقار في لبنان خلال تلك المدة. ويقول تقرير مالي ومصرفي أن الأداء الجيد لهذه السوق استفاد من النمو الاقتصادي المحلي القوي، ومن استمرار التحويلات المالية المهمة للبنانيّين العاملين في الخارج، ومن تدفق كبير من الرساميل الوافدة، ومن النمو الديموغرافي المحلي والأداء القوي للقطاع السياحي، رغم انعكاس أزمة المال العالمية على أسواق العقار العربية. فالواقع أن الطلب العقاري السليم البعيد عن المضاربات، وقدرة المستثمرين العقاريّين على التقويم الصحيح لهذا الطلب، بحيث تجنّبوا إحداث عرض فائض في السوق المحلية، والحفاظ على أثر الرافعة للمشاريع العقارية بنسب معقولة، كلّها عوامل أسهمت في دعم الارتفاع المنتظم لأسعار العقارات.
وقال الخبير العقاري المهندس راشد سركيس، ان الحركة الحالية بعد عامين من الغليان غير المسبوق في السوق العقاري، تفترض هدوءا نسبيا يساعد على هضم التحولات الكبيرة في الاسعار مع التوازن الطبيعي الذي تفرضه الحياة الاقتصادية السليمة، الا ان النمو يبقى في اتجاهه ما خلا التفاوت في السرعة، قياسا بالموقع والعرض والطلب... وهذه الناحية من التحليل لا تعكس انحسارا او تراجعا انما اعادة تموضع قد تستقر على فترة تقصر او تطول مع فرص خارجية لها تأثيراتها المباشرة او غير المباشرة.
ومن المتوقع ان يبلغ حجم القروض السكنية لاصحاب الدخل المنخفض والمتوسط نحو 2،5 ملياري دولار خلال العام الجاري، في وقت تتجه فيه التوقعات نحو استمرار النمو لسوق العقار بنحو 15% حتى العام 2013، مع ارتفاع الأسعار بنسبة 10% في المناطق المحيطة بالمدن الرئيسية في لبنان. ويقول نقيب المهندسين في بيروت بلال علايلي إن حركة سوق العقار اللبنانية تعتمد على تمويل القطاع المصرفي وبالتالي ستنتج قدرة هذا القطاع قوة وزخما للاسواق العقارية في لبنان.
وتبيّن أرقام مديرية الشؤون العقارية أن الفصل الأول من العام 2010 اتّسم بارتفاع كبير لقيمة المبيعات العقارية وبارتفاع أقل لعدد عمليات البيع هذه. ففي الواقع، فقد ازداد عدد المبيعات العقارية بنسبة 41% في الفصل الأول من العام 2010 ليبلغ 22,059 عملية، وهو مستوى قياسي بالنسبة الى السنوات السابقة، وبوحه خاص، ازداد عدد المبيعات العقارية للأجانب بنسبة 19%.
لقد بلغت القيمة الاجمالية للمبيعات العقارية في لبنان رقماً قياسياً هو 3188 مليار ليرة في الفصل الأول من العام 2010، أي بارتفاع نسبته 110,3% على أساس سنوي. ولما كان هذا الارتفاع الكبير لقيمة المبيعات العقارية قد ترافق مع ارتفاع أقلّ لعدد هذه المبيعات، فقد ارتفع متوسط قيمة الصفقة العقارية الواحدة بنسبة 49,3%، ليصل الى 144,5 مليون ليرة. ولا ريب في أن ذلك عائد الى الارتفاع الملحوظ لأسعار العقارات من الفئة الأولى (الفخمة وذات المواقع المميَّزة)، إنما دون أن يثير مخاوف من فورة محتملة.
ففي كانون الثاني (يناير) الماضي، وبحسب إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية، بلغ مجموع المعاملات والعقود 14309 معاملة، فيما بلغت الأثمان المذكورة في عقود البيع 826,498,986,00 ليرة. وفي شباط بلغ مجموع المعاملات والعقود 15519 معاملة وعقد، فيما بلغت الأثمان المذكورة في عقود البيع 988,812,918,533,00 ليرة. أما في آذار (مارس) فقد بلغ مجموع المعاملات والعقود 20522 معاملة وعقد، وبلغت الأثمان المذكورة في عقود البيع 1,363,070,549,489,00 ليرة.
وفي تقويم جديد لواقع العقار في ظل الاجواء السياسية المتقدمة، يرى سركيس، أن سوق العقار يمتد على قاعدة طلب لن يتوقف أبداً، وقال إن التعمق الجدي في هذه المرحلة، يقتضي التنويه بما يمكن ان يشبه الحوافز المنشطة عبر تسلسل فاعل:
- السياسة الحكيمة التي يعتمدها رئيس الحكومة سعد الحريري في نهج اكثر انفتاحا واكثر تعقلاً، يبرز فيه مستوى عال من الاحترام لادوار الآخرين دون التخلي عن تميزه الكبير الموروث من والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكأنه اليوم يستلم الامانة لينطلق من نقطة التحول لمرحلة جديدة، مرحلة يكسب فيها كل من عرف تلقف المعطيات واستنباط الحلول واستشراف المستقبل، امتحان التخطي المنتج للحلول الثابتة. وهو امر سيأتي ثماره على المديين المتوسط والبعيد وهذا هو المطلوب لصحة اقتصادية سليمة، لأن كل تدبير آني يراكم تعثرات متوالية فتكون المفاجأت السلبية غير المستحبة من الجميع. أما آثاره الراهنة فتكون باستقرار ممزوج ببعض من تفاؤل ونشاط يعكس نمو اكثر حيوية وبلوغ.
الحركة الحالية بعد عامين من الغليان غير المسبوق في السوق العقارية، تفترض هدوءا نسبيا يساعد على هضم التحولات الكبيرة في الاسعار مع التوازن الطبيعي، الذي تفرضه الحياة الاقتصادية السليمة، الا ان النمو يبقى في اتجاهه ما خلا التفاوت في السرعة، قياسا بالموقع والعرض والطلب، وهذه الناحية من التحليل لا تعكس انحسارا او تراجعا انما اعادة تموضع قد تستقر على فترة تقصر او تطول مع فرص خارجية لها تأثيراتها المباشرة او غير المباشرة.
يمكن الوصول الى استقرار في نمو ثابت يخدم الجميع، من خلال بلورة سياسة ترتكز على العلم والتقديرات الراجحة بروية وتبصر لوضع قواعد فاعلة وهادئة، تؤدي الى نتيجة تخرج في اساسها عن التجارة، لتتمركز في خضم الجذب والتطوير المتزن والذي تتبين ثماره على مدى السنين.
حان الوقت لكي يخرج اللبناني من عقدة التجارة الآنية لربح وكسب سريع ويدخل باب الربح الثابت، الذي يدوم ولو أتى برقم يقل في مقارنة سطحية ليزيد في المقارنة الموضوعية، وهذه الحيثية تتوزع بين الجميع في شرائح المجتمع:
أ على مستوى المسؤول: يجب على المسؤول صاحب سلطة ما ان يعمل على هدى القيادة الحكيمة فعلا وقولا، فلا يرفع السقف كثيرا ولا يهبط من عزيمة الغير بل عليه فعلا تنمية روح المسؤولية في تذخير التوازن والاتزان مما ينعكس استقرارا ويشجع ابدا على الركب في الاتجاه الايجابي.
ب على مستوى الدولة والخزينة: على الحكومة ان لا تفرح كثيرا بتطور المداخيل العقارية، ان هي لم تسعى الى وضع خطة وسياسة متكاملة تفضي الى نتائج اكثر ثباتا لمردود مستقر في زيادة مستمرة لبلوغ ارقام اكثر تفاؤلا.
جـ - على مستوى المواطن والتاجر ان يحدد الارباح بموضوعية وعقل راجح فيؤدي بعمله خدمة لمجتمعه الذي سيرد له الصدى بربح مضاعف.
ويختم سركيس، إن العقار في لبنان لا يمكن ان يرجع الى الوراء مهما حصل، وان الذكاء الذي يتمتع به اللبناني في شتى الميادين لن يسمح بالوقوف امام حائط، بل يعرف بحذاقته التفلت من اي نوع من العقبات، الا ان الحكمة تبقى ابدا افضل وارقى من الذكاء.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.