أخذت مطالب السائقين العموميين طريقها إلى الحل، وكان أول الغيث إطلاق خطة تنظيم مهنة نقل الركاب، التي تشكل جزءا من خطة النقل العام، التي طال الحديث عنها، وأخيرا رأت النور في مشروع متكامل رفعه وزير النقل غازي العريضي إلى مجلس الوزراء، لدرسه وإقراره.
وقال المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، إن الخطة التي ستعرض على مجلس الوزراء خلال الأيام القليلة المقبلة، من شأنها أن تضبط قطاع النقل العام في لبنان، وبشكل جذري.
ويعاني قطاع النقل العام في لبنان من فوضى عارمة، منذ العام 1975، يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني، فضلاً عن المضاعفات السلبية التي تتركها بصماتها على السائقين العموميين، ففي السوق موجة تزوير وغش للوحات العمومية، إذ توجد نحو 22000 ألف لوحة عمومية غير شرعية للسيارات الصغيرة، و2000 لوحة للفانات، ونحو 1500 لوحة لباصات الـ24 راكباً، مقابل 33000 لوحة عمومية شرعية للسيارات الصغيرة، و4000 لوحة للفانات و2000 لوحة لباصات 24 راكباً، وهو الأمر الذي يجعل قطاع النقل العام في لبنان، يختلط فيها نابل الشرعي بحابل المزور.
وقال القيسي إن السوق سيبدأ خطوات تنفيذية ستمنع الصخب القائم حول الفوضى في النقل العام، وقد بدأت بداية الأسبوع مع تطبيق القرار المشترك بين وزارتي الداخلية والنقل حول تنظيم مزاولة مهنة النقل العام للركاب، إذ بدأت عملية طلب الترخيص لمزاولة المهنة، من السائقين والشركات والمؤسسات والمالكين للسيارات العمومية، ومع بداية حزيران (يونيو) المقبل، تبدأ الوزارة بإصدار التراخيص وتستمر نحو 9 أشهر، مشيراً الى أن من شأن ذلك وقف الفوضى وبالتالي التعاطي مع مطالب النقل العام بشفافية ووضوح وامكان اتخاذ قرارات تبنى على قاعدة معلومات سليمة، ستكون لها مفاعيلها الايجابية على سوق النقل العام في لبنان.
ويلحظ المشروع خطوات مرحلية، هي عبارة عن إجراءات على ثلاثة مستويات:
إجراءات يتخذها الوزير المعني، والثانية تحتاج إلى قرارات تصدر عن مجلس الوزراء، والثالثة إلى مشاريع قوانين وتحتاج إلى إقرارها في مجلس النواب.
خطوات يحتاج تطبيقها الى قرارات وزارية:
تندرج في مقدمها مسألة تنظيم مزاولة مهنة النقل العام للركاب، عبر إصدار القرار المشترك المتعلق بتنظيم مزاولة المهنة، باعتبار قطاع النقل العام للركاب يقوم الآن على أساس غير منظم، بحيث يمكن لأي كان الدخول إلى السوق، والعمل أينما شاء بمجرد امتلاكه لوحة عمومية.
وتقترح الخطة وضع آلية مناسبة لمزاولة عمل النقل العام للركاب والتراخيص الخاصة بها، أما متطلبات التنفيذ فتكون من خلال إصدار التراخيص اللازمة، وبالتالي تحسين مستوى أداء مهنة النقل العام للركاب. إضافة إلى وضع ضوابط محددة لدخول السوق وإزالة ظاهرة اللوحات المزورة وسائر التعديات التي يشهدها قطاع النقل، وبالتالي منع المنافسة غير المشروعة الناتجة عن ممارسة مهنة النقل العام للركاب من قبل أشخاص بصورة غير قانونية.
وتلحظ الخطة إطلاق حملة إعلامية لإطلاع الجمهور والعاملين في مجال النقل العام للركاب على أهداف القرار وكيفية الإستحصال على التراخيص خلال 9 أشهر. وإنشاء قاعدة معلومات تحفظ فيها كافة بيانات العاملين في القطاع من مالكين وسائقين ومؤسسات وشركات.
وتتضمن الخطة توجهاً للتنسيق مع شركات الإعلانات والتأمين لتوفير الدعم المادي اللازم، لإجراء الإصلاحات على الهيكل الخارجي لمركبات النقل العام وطلائها باللون الموحد، مقابل السماح لها بوضع إعلاناتها على المركبات لفترة محددة يتفق عليها، كذلك التنسيق مع الجهات المعنية لأجل التثبت من مطابقة مركبات النقل لمعايير السلامة والأمان، وحيازتها بوالص التأمين، وكذلك من ملاءمة مظهرها الخارجي وحالتها الداخلية.
أما المسألة الثانية فتكمن في تطوير أداء قطاع النقل العام للركاب، عبر إجراء دراسة لوضع أسس تطوير العمل لقطاع النقل العام للركاب، من خلال دراسة شاملة حول هذا الموضوع أنجزتها الوزارة في آخر نيسان (أبريل) 2009. أما خطوات التنفيذ الأخرى فتنحصر بتحديد خطوط السير ومناطق العمل وتجميعها ضمن رزم عمل، وتحديد متطلبات تشغيلها ومستوى أدائها، بما يضمن تأمين خدمة منتظمة ولائقة وبتكاليف مقبولة. إعداد دفاتر الشروط وملفات التلزيم لتشغيل خطوط السير ومناطق العمل. وإستلام العروض وفضها وتقييمها تمهيداً لترسية الإلتزامات ومباشرة الشركات المشغلة عملها.
كما تشير الخطة الى أهمية إدخال نظام النقل السريع للركاب على الخطوط الرئيسية، إذ بينت دراسات تمت على بعض المحاور الرئيسية، لا سيما منها محور جونية بيروت، الحاجة إلى إحداث نظام نقل سريع يكون قادراً على خدمة أحجام الركاب الكبيرة، وتأمين خدمة نقل منتظمة على خطوط التغذية التي ترتبط بهذه المحاور مما يسهم في تخفيف الازدحام الخانق، وتطالب الخطة لحل هذه المشكلة بإعداد دراسة تخطيط تفصيلية حول خطوط التغذية لهذا المحور بما في ذلك المحطات والمواقف، بداية شباط (فبراير) 2011. إستلام العروض وفضها وتقييمها تمهيداً لترسية الإلتزام. من المتوقع أن تنتهي هذه الخطوة مع نهاية نيسان 2011. ليبدأ تنفيذ البنى التحتية اللازمة.
[ خطوات يحتاج تطبيقها إلى موافقة وإقرار من قبل مجلس الوزراء:
وتلحظ هذه الخطوات بضرورة إقرار سياسة قطاع النقل البري في لبنان، وتعلل الخطة ذلك، بأن وجود سياسة نقل، متناسقة ومستدامة تتبناها الحكومة وتطبقها بشكل فعال هي السبيل الوحيد لتغيير الأوضاع الحالية وتحقيق التطور والتنمية والنمو لقطاع النقل العام للركاب. وقد نصت مبادئ هذه السياسة فيما يتعلق بالنقل العام للركاب على: توفير حركة انتقال داخلية فعالة تخدم كافة المناطق اللبنانية، ذات مستوى عالٍ ومنتظمة وبكلفة معقولة، مما ينعكس إيجاباً على مستوى المعيشة للمواطنين والعاملين في مجال النقل، وتوسيع نطاق المشاركة في القوى العاملة عبر فتح مجالات جديدة للعمل بهدف تعزيز الإستثمار الإقتصادي المتنامي. تنويع وسائل النقل العام المتاحة للركاب، من خلال وضع نظام متطور لنقل الركاب، وخفض المفاعيل السلبية التي تخلفها وسائل النقل البري على البيئة والإقتصاد. تأمين السلامة العامة على الطرق ومواءمة وسائل النقل لعوامل السلامة والأمان وتنظيم محطات انطلاقها وأماكن وقوفها. تحفيز القطاع الخاص لزيادة استثماراته في مجال تأمين خدمات النقل العام.
وتقترح الخطة في هذا المجال، أن يقر مجلس الوزراء مشروع سياسة قطاع النقل البري في لبنان، على أن تتم مناقشة مسودة السياسة مع الجهات المعنية بشؤون النقل من القطاعين العام والخاص، والأخذ بالتعديلات المطلوبة، ومن ثم رفع الصيغة النهائية لمسودة السياسة إلى وزير الأشغال العامة والنقل تمهيداً لرفعها إلى مجلس الوزراء لدراستها وإقرارها. وتطالب الخطة أيضاً بإعادة هيكلة المجلس الأعلى للنقل وتفعيله، وإعداد نص مشروع مرسوم تعديل إنشاء المجلس الأعلى للنقل والمهام الموكلة إليه من قبل المديرية العامة للنقل البري والبحري.
وبالإضافة الى ذلك، تطالب الخطة بمعالجة وضع مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك وتفعيل عملها، وترى أنه لا بد من وضع الآلية المناسبة لمعالجة وضع مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، وتفعيل عمل قطاع النقل المشترك. أما متطلبات التنفيذ فتكون من خلال تفعيل تطبيق قرارات مجلس الخدمة المدنية المتعلقة بتوزيع المتبقي من الفائض وعدده 61 مستخدماً، وتعاون الإدارات والمؤسسات العامة في تحقيق ذلك. وإعداد نطاق العمل لإجراء مسح شامل لأصول وموجودات المصلحة وتقييم العاملين فيها، وإعداد دفتر الشروط للمناقصة. وإتخاذ القرار المناسب لشراء 165 باصاً جديداً ذات مواصفات عالمية تتواكب مع قيام المصلحة بوضع استراتيجية عمل يتم من خلالها الإستفادة من كافة العاملين لديها، وتحديد مستوى خدمة النقل الواجب توفيرها للمواطنين على الخطوط التي يتم تشغيلها مباشرة من قبل المصلحة.
كما تقترح الخطة تنظيم أماكن وقوف السيارات الخاصة ضمن المناطق في المدن، وكذلك إنشاء محطات تسفير عند مداخل المدن الرئيسية وتشغيل محطات التسفير عند مداخل مدينة بيروت وتنظيم إدارتها.
[ خطوات يحتاج تطبيقها إلى مشاريع قوانين يقرها مجلس النواب:
يأتي في مقدمها إعادة هيكلة إدارة قطاع النقل البري، عبر إعداد مشروع القانون اللازم لإنشاء الهيئة العامة للنقل البري، تتمتع بالإستقلالية الإدارية والمالية ويكون لها دور المنظم لعمل القطاع.
وتطالب الخطة بدعم مالي لقطاع النقل العام للركاب، وتشير الى أن التعثر المالي الذي يواجهه أصحاب مركبات النقل العام للركاب والذي يؤثر سلباً في قدرتهم في تحديث مركباتهم وتطوير أدائهم، يستوجب النظر في إمكان تأمين الدعم المالي اللازم لهم في المرحلة الأولى من مهمة تنظيم وتطوير أداء هذا القطاع، وذلك ضمن ضوابط وشروط يتوجب تطبيقها للحصول على هذا الدعم.
ويتمثل الدعم المالي المقترح بمنح الحوافز التالية لكافة فئات النقل العام للركاب من سيارات صغيرة وميني باصات (فانات) وباصات، وذلك بعد تحقيق الشروط المحددة أدناه: الإعفاء من الرسوم الجمركية والحد الأدنى ورسم الإستهلاك ورسم التسجيل، ورسم الميكانيك لأول مرة، ودعم فوائد القروض المصرفية وتجهيز المركبات بنظام GPS.
أما الشروط الواجب تحقيقها، لنيل الحوافز فهي: أن تكون المركبة إما جديدة أو لا يتعدى عمرها 5 سنوات، أن تتوافق مواصفات محركها مع المواصفات ما قبل الأخيرة المعتمدة في الدول الأوروبية لمواصفات EURO أو ما يعادلها، أن تتوفر في المركبة الشروط المتعلقة باللون الموحد، وعوامل السلامة والراحة والأمان، أن تكون المركبة مجهزة بعدّاد (للسيارات الصغيرة)، أن تكون المركبة مجهزة بجهاز قطع التذاكر ومزود بحافظ لقاعدة المعلومات المتعلقة بإصدار التذاكر (للميني باصات والباصات)، وأن تكون المركبة مجهزة بنظام .GPS
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.