واكبت الأيدي البيضاء الكويتية مسيرة الخير، منذ استقلال الدولة في العام 1961، إذ سعت الكويت للمشاركة في جهود التنمية الاقتصادية، إنطلاقاً من إيمانها بضرورة التعاون والتكافل والترابط الانساني، وقد سارعت في انشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، ليكون أول مؤسسة إنمائية في الشرق الأوسط تقوم بالمساهمة في تحقيق الجهود الانمائية للدول العربية والدول الأخرى. ولعل أهم ما تتسم به القروض التي يقدمها الصندوق، أنها ميسرة بهدف مساعدة الدول النامية في تمويل مشاريعها الانمائية، وفي تنفيذ برامج التنمية فيها، كما يقوم الصندوق بتقديم المساعدات لتمويل تكاليف إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية للمشاريع الانمائية في هذه الدول، وتدريب الكوادر الوطنية فيها، كما يسهم الصندوق في رأسمال المؤسسات التنموية الدولية والاقليمية، وبذلك يكون أداة مهمة لمد جسور الصداقة بين الكويت والدول النامية. وقد قاربت قيمة منح حكومة الكويت للدول والمؤسسات نحو 973 مليون دولار، فيما بلغت قيمة القروض 14425 مليون دولار.
خارطة الخير الكويتية، التي ينفذها الصندوق الكويتي للتنمية، للبنان مساحة كبيرة عليها، بين الدول التي تستفيد من الصندوق، والتي يزيد تعدادها عن المئة وتمتد من الدول العربية الى دول غرب أفريقيا، دول وسط وجنوب شرق أفريقيا، دول وسط آسيا وأوروبا، دول شرق وجنوب آسيا والمحيط الهادي وصولاً الى دول أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، عدا عن المساهمات التي تشمل مؤسسات التنمية العربية والدولية، فقد أفاد لبنان منذ بداية مسيرة قافلة الخير الكويتية في الأول من كانون الثاني (يناير) 1962 ولغاية 30 أيلول (سبتمبر) 2009، من نحو 17 قرضاً قيمتها الاجمالية نحو 548,14 مليون دولار. وبدأ الصندوق الكويتي للتنمية العربية الاقتصادية بتمويل وتنفيذ مشاريع في لبنان منذ العام 1966 وكانت أول مشاريعه انشاء محطة توليد للكهرباء في منطقة جونية. واستمر الصندوق حتى يومنا هذا بتمويل مشاريع تشمل كافة القطاعات كالبنى التحتية، الزراعة، الري، النقل، الاتصالات والطاقة والصناعة والمياه والصرف الصحي كما القطاعات التربوية والتعليمية والصحية. كذلك ان مشاريعه تتوزع على كافة المناطق اللبنانية. أما المنح والمعونات الفنية فقد بلغت قيمتها حتى 28 شباط (فبراير) 2010 نحو 11،232،863 مليون دولار، فيما بلغت منح حكومة دولة الكويت نحو 405,976،066 دولار، وهناك منح خاصة في أيلول 2006 بقيمة 5،535،734 ملايين دولار. لكن قيمة القروض الى لبنان تعدلت الى نحو 660 مليون دولار بحسب المدير العام للصندوق عبد الوهاب البدر، الذي يزور لبنان لتدشين جملة من المشاريع، كان قد قررها الصندوق في أعقاب الحرب الإسرائيلية، حيث تم إقرار منحة لإعادة إعمار لبنان بقيمة 300,000,000 دولار، توزعت على مشاريع عدة ومتنوعة، دخلت حيّز التنفيذ في العام 2009 على ان ينتهي تنفيذها في العام 2012.
وأكد البدر في حديث لالمستقبل، سعي دولة الكويت الى إعطاء الأولوية من ضمن المساعدات والقروض والمنح التي يقدمها الصندوق، الى الدول العربية، ولا سيما لتلك المشاريع التي تطال مواضيع التنمية أو تلك التي بامكانها دفع قطاعات الانتاج الى الأمام. وإذ قال البدر إن التوجه نحو لبنان البلد الشقيق للكويت بدأ منذ العام 1966، ليبلغ مجموع القروض والمنح والمساعدات نحو 660 مليون دولار، أبدى أسفه لعدم تمكن الكويت في السنوات الخمس الماضية التي عرف فيها لبنان عدم استقرار أمني وسياسي، من زيادة المشاريع المخصصة بلبنان بسبب هذه القلاقل. إلا أن البدر أعاد التأكيد بأن الكويت التي تحرص على استقرار لبنان ونهوضه الاقتصادي، ستأخذ منحىً جديداً بعد العام 2012، عندما تنتهي منحة 300 مليون دولار المخصصة باعادة الاعمار، وذلك من خلال تخصيص لبنان بما لا يقل عن مشروع أو مشروعين سنوياً.
وقال إنه بحث مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري هذا الأمر، كما أن هذا الموضوع سيثار مع مجلس الانماء والاعمار، لوضع صياغة للمشاريع الملحة في لبنان، والتي من أهمها اليوم قطاع الكهرباء وتطوير مطار رفيق الحريري الدولي.
ولفت البدر الى أن افتتاح مكتب للصندوق في لبنان هو الوحيد في المنطقة، إنما هو بحكم الموقت، وقال إنه يأتي في سياق ملامسة تنفيذ المشاريع الخاصة بمنحة إعادة الاعمار عن قرب والوقوف عليها، معرباً عن ثقته الكبيرة بالمكتب.
وأكد أن المعايير التي يتبعها الصندوق لتنفيذ مشاريع في لبنان، تأخذ في الاعتبار ما تقترحه الحكومة اللبنانية في سلم أولوياتها من مشاريع، وهذا هو النهج الذي يتبعه الصندوق أي العلاقة المباشرة مع الحكومة اللبنانية والوقوف على رأيها في هذا المضمار. ولفت الى أن هناك نحو 7 ملايين دولار مقدمة الى الهيئة العليا للإغاثة والبلديات وهيئات المجتمع المدني، لإقامة مشاريع، إنما كل ذلك يتم بالتنسيق والتعاون مع الحكومة اللبنانية.
وكان البدر قد استهل زيارته الحالية الى لبنان، بالتوقيع على اتفاقية منحة دولة الكويت لمشروع تعزيز الخدمات العامة في الجبل والبالغة 5 ملايين دولار، بالإضافة إلى توقيع قرض تمويل مشروع سد القيسماني بقرض مقداره 5.5 ملايين دينار كويتي، وهو المشروع الذي يهدف إلى تحسين مستوى الحياة الإجتماعية والإقتصادية للسكان في حوالي 35 قرية من قرى المتن الأعلى (قضاء بعبدا). بالإضافة إلى وضع حجر الأساس لمشروع المياه والصرف الصحي في البداوي وقضاء المنيه شمال لبنان، والذي خصص له في إطار المنحة مبلغ 4.2 ملايين دولار، وهو المشروع الذي يهدف إلى تلبية الطلب المتزايد على مياه الشرب في منطقة البداوي حتى عام 2030، بالإضافة إلى المساهمة في حماية الصحة العامة من خلال إنشاء شبكة مياه جديدة، وتأهيل شبكة الصرف الصحي الحالية، مما يساعد على حماية البيئة. كما وضع حجر الأساس لمشروع مركز الطوارئ في الضاحية الجنوبية والذي خصص له مبلغ ثلاث ملايين وخمسمائة ألف دولار، وهو المشروع الذي يسهم في تقديم خدمات الإنقاذ من الكوارث الطبيعية (الزلازل الفيضانات) وخدمات الدفاع المدني والإطفاء والطوارئ والحوادث المرورية، والمشاركة في وضع حجر الأساس لمشروع القاعة الرياضية في الضاحية الجنوبية، والذي خصص له مبلغ 4 ملايين دولار، بهدف المساهمة في التنمية الإجتماعية وحماية الصحة العامة وذلك من خلال إنشاء قاعة متعددة الأغراض مع جميع تجهيزاتها. كما سلم البدر مفاتيح 8 مبان سكنية في الضاحية الجنوبية تم إنشاؤها في إطار المنحة من أصل 13 مبنى.
ومن جهته، أوضح الممثل المقيم للصندوق في لبنان محمد الصادقي، أن منحة الكويت لإعادة الاعمار بعد حرب 2006، كانت تهدف الى إزالة آثار الحرمان، ورفع المعاناة عن الشعب اللبناني. وأشار الى أن مشروع باب التبانة لتأهيل نحو 200 مبنى في شارع سوريا والمهاجرين بتكلفة 3 ملايين دولار قد أنجز، مضيفاً أنه سيتبع بمكونات أخرى لتحسين الطرق الرئيسة ومعالجة مياه الصرف الصحي ومياه الشرب في هذه المنطقة. وأوضح أن المعايير التي اتبعت في باب التبانة هي محض انسانية لرفع المعاناة، وقال إن هناك دراسات خاصة بهذه المنطقة قد حدثت، وقال نحن نعمل بشكل مباشر مع مجلس الانماء والاعمار في كل ما يتعلق بالمشاريع ضمن الأراضي اللبنانية.
لمحة عن منحة الكويت
لإعادة إعمار لبنان
تم تقسيم المنحة التي بلغت 300 مليون دولار الى قسمين : القسم الاول والذي يشمل تعويضات بقيمة اجمالية تبلغ 115 مليون دولار، توزعت على الشكل التالي:
100 مليون دولار الى 24 قرية في الجنوب. 15 مليون دولار لاثني عشر مجمعاً سكنياً في ضاحية بيروت الجنوبية.
القسم الثاني يشمل تنفيذ 54 مشروعاً بقيمة اجمالية تبلغ 185 مليون دولار، في كافة المناطق اللبنانية والتي دخل عدد منها حيّز التنفيذ، وتتوزع المشاريع على الشكل التالي:
12 مشروعاً في الشمال بقيمة 28,100000 دولار. 17 مشروعاً في الجنوب بقيمة 47,800000 دولار. 9 مشاريع في بيروت وضواحيها بقيمة 35,800000 دولار. 6 مشاريع في البقاع بقيمة 63,900000 دولار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.