انطلقت في مجلس النواب أمس، ورشة العمل الوطنية حول متطلبات التكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للنهوض بقطاع الكهرباء برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، نظمتها لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة.
افتتح الورشة رئيس لجنة الأشغال العامة والطاقة النائب محمد قباني ممثلاً الرئيس بري وحضرها وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، وزيرة المال ريا الحسن ووزير التنمية الإدارية محمد فنيش وعدد من النواب. كما حضر الندوة سفراء وعدد كبير من ممثلي الصناديق العربية والدولية والغرف التجارية في لبنان وشركات، وعدد من المديرين العامين والاختصاصيين وخبراء في مجال الطاقة ورؤساء مصالح في عدد من الوزارات.
النائب قباني الذي رأس الجلسة، شدد على أهمية التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وخصوصاً في ما يتعلق بايجاد حل لمشكلة الكهرباء، واعتبر أن النجاح في إنهاض هذه القطاع يحل مشكلة تهم كل اللبنانيين. وقال إن القطاع في وضعه الراهن يعاني من قصور حاد في المنظومة الكهربائية. وطرح مجموعة الأسئلة للنقاش.
أما الوزير باسيل، فأشار في كلمته الى أن قطاع الكهرباء في لبنان، قد خضع لدراسات عدة جيدة، بيد أن الأمر يحتاج الى قرار، وهذا أفضل من حالة اللاقرار والتخبط التي يعيشها، وقال إن مشكلات سبع يتمحور حولها القطاع، هي: غياب سياسة استراتيجية للقطاع وغياب التنفيذ للخطة، النقص القانوني في التشريعات، النقص في الاستثمارات، نقص في الانتاج، تكلفة الانتاج، النقص الإداري الذي تعانيه مؤسسة كهرباء لبنان، بالإضافة الى الهدر الذي يصل الى 40% (5% جباية، 15% هدر فني و25% سرقات)، وقال إن الخطة التي يعدها هي للمدى القصير والمتوسط والبعيد وتركز على ثلاثة نماذج: مبادئ عامة، خطة تنفيذية ومراحل تفصيلية. وقال باسيل إن خطته ترتكز على 10 نقاط:
- الانتاج: في مرحلته القصيرة، يجب تأمين مستلزماتها لأننا نتوقع تقنيناً حاداً خلال الصيف المقبل، أما في مرحلته المتوسطة، فهو ما أدرجه البيان الوزاري، وقد لحظ في موازنة العام الجاري، استبدال المعامل القديمة وتأهيلها.
- تحضير مشاريع للتوليد الكهربائي المستقل مع منتجي الطاقة المستقلين IPP، بحيث يرتبط بمصلحة الخزينة والدولة على مرحلتين سريعة وعلى مرحلة طويلة تمتد الى 5 سنوات، على أن يكون ذلك وفقاً لشروط المالية العامة والمستثمر، بحيث نتمكن في العام 2015 من انتاج 5000 ميغاوات.
- المحروقات: يجب الاتكال على الغاز رغم عدم توفره الآن، إلا أنه في المستقبل يمكن تحقيق ذلك، كما ينبغي تنويع مصادر الطاقة، والغاز يرتكز على محورين: الغاز الطبيعي والغاز السائل، إلا أنه يجب أن يسبق ذلك بناء معامل لاستقبال الغاز، حتى لا يحدث ما حصل سابقاً، وفي موضوع الفيول أويل يجب التعامل معه بشكل جزئي، بحيث نتمكن من استعمال الغاز والفيول عند الضرورة في أي معمل.
- يجب توسعة شبكة النقل التي لا تتحمل اليوم 1500 ميغاوات، وهذا يحتاج الى خطة كاملة نعمل عليها الآن ونحن نعمل أيضاً على حل مشكلة التوتر العالي في منطقة المنصورية، وتقوية خط كسارة.
- تحسين مستوى التعامل المماثل بين المناطق في عملية التوزيع والجباية.
- في العام 2011 يجب البدء بالمرحلة المتوسطة لتأهيل الشبكات.
- تركيب عدادات عن بعد للضبط والتحكم بالشبكة ولترشيد استعمال الطاقة.
- التعرفة: اللبناني سيدفع أقل ولكن سيدفع لمؤسسة كهرباء لبنان تعرفة أكبر وهي تحتاج الى إعادة تركيب على أساس أن تراعي ذوي المداخيل القليلة لأن التعرفة الحالية هي مرتفعة لهم لأن الدخول الى الشبكة هو مرتفع جداً، وبالتالي هذه التعرفة ستراعي أصحاب المداخيل القليلة، كما أنها ستراعي القطاعات الانتاجية. وبرأيي لا يوجد أي سبب أن تتكبد الخزينة خسائر من الكهرباء. الدولة يجب ألا تخسر، ولا شيء يمنع من أن تؤمن بعض المداخيل من هذا القطاع. وفي دراسة أولية تبين لنا أنه بزيادة التعرفة شيئاً بسيطاً جداً تستطيع الدولة أن تؤمن مداخيل من هذا القطاع.
- الطاقة المتجددة: وهذه يمكنها تأمين حل للامتيازات، التي هي مشكلة قائمة، والطاقة المتجددة تشكل حلاً.
- إدارة الطلب: قريباً سنطلق خطة لترشيد الطاقة واستبدال اللمبات الحالية بأخرى موفرة لاستهلاك الطاقة، واعتماد أسعار تفضيلية لاستخدام الكهرباء في ساعات الليل والنهار.
بعده تحدثت وزيرة المال الحسن، فأشارت الى أنه تم تخصيص 2300 مليار ليرة، لدعم مؤسسة كهرباء لبنان وتغطية تكلفة المحروقات والهدر، وهذا المبلغ يشكل 2,4% من الناتج المحلي. وقالت إن الموازنة الموضوعة هي على أساس 76 دولاراً لبرميل النفط.
وقدمت الحسن عرضاً وجيزاً عن الاعتمادات المرصودة والأموال المتاحة لقطاع الكهرباء في العام 2010 وقالت رصدنا مبلغ نحو 2300 مليار وهو دعم لمؤسسة كهرباء لبنان ليغطي تكلفة النفط وجزءاً من الهدر التقني وغير التقني الذي تتعرض له مؤسسة كهرباء لبنان. والمبلغ يوازي تقريبا 4،2 في المئة من الناتج المحلي. نحن بنينا هذا الاعتماد على فرضية أن يكون سعر النفط تقريباً 76 دولاراً، وإذا ارتفع سعره فهذا المبلغ المرصد للموازنة والمؤكد سيزيد بالنسبة الى النفقات الاستثمارية بالتشاور مع وزير الطاقة تنفيذاً للبيان الوزاري، الذي نحن تعهدنا فيه رصد اعتماد بنفقات الاستثمارية على أربع سنوات يوازي 17225 مليار ليرة، جزء منه دفع في عام ،2010 بين 20 و30 في المئة سيدفع في عام الـ2010 وسيذهب لكي نبدأ ببناء معمل جديد لانتاج الطاقة، والمبالغ المتبقية ستصرف على ثلاث سنوات 2011 و2012 و2013، اليوم في مؤسسة كهرباء لبنان هناك عدة قروض تتم الإفادة منها. أضافت من خلال محادثاتنا مع مجلس الإنماء والإعمار عرفنا أن هناك أموالاً مرصدة لقطاع الكهرباء من مقرضين ومانحين أهمهم الصندوق العربي. وهما قرضان واحد أقره مجلس النواب والثاني المفروض أن يقر بعد البحث في الأشهر المقبلة. هناك 50 مليون دولار من الصندوق العربي وجزء ثان 120 مليون دولار، ما مجموعه 170 مليون دولار، هذه المبالغ مرصدة مبدئياً لإعادة تأهيل معملي الجيه والزوق. وأيضا كما فهمنا من مجلس الإنماء والإعمار إن هناك مبالغ تبحث أيضاً مع مانحين لقروض ميسرة وهي تتعلق بقطاع الكهرباء من الصندوق العربي، الصندوق الكويتي، البنك الإسلامي والصندوق السعودي. هذا المبلغ يراوح بين 550 مليون دولار و700 مليون دولار، مبدئياً ستكون هذه المبالغ مرصدة لقطاع الكهرباء.
وختمت نحن نتطلع الى القطاع الخاص لكي يسهم في عملية إعادة تأهيله وبناء معامل جديدة من أجل أن نستفيد من السيولة المتاحة ولكي نستطيع أن نجرب سوياً أن نخفف من هذا العبء الذي نحمله للمالية العامة.
أما وزير التنمية الإدارية محمد فنيش، فأشار الى المشكلات التي يعانيها القطاع، التقنية والمالية والإدارية، وقال إن عملية الإصلاح يجب أن تشمل هذه الأطر الثلاث، بحيث لا يأتي الإصلاح المالي أو التقني على حساب الإصلاح الإداري أو العكس.
ورأى أن الإصلاح يجب أن يرتكز على خطة كاملة في الانتاج والتوزيع والتوظيف وإعادة هيكلة مؤسسة الكهرباء. وقال إن المرحلة الانتقالية تتطلب تغييراً في طريقة ووسائل الإدارة، واعتماد مفاهيم تتماشى مع مفاهيم الشراكة مع القطاع الخاص واعتماد آليات العمل التجاري الحديث في تقديم الخدمات بدلاً من الآليات التقليدية للقطاع العام.
أما ممثل البنك الدولي ديمبابا، فأشار الى دراسات عدة أجريت حول قطاع الكهرباء في لبنان، مشيراً الى أن أهمية هذا الاجتماع هو الربط بين المستوى التقريري والمستوى التقني والمعرفي بالقطاع، للقيام بالإجراءات اللازمة.
جلسة نقاش
وفي جلسة النقاش التي افتتحها النائب قباني، أكد تمسك لجنة الطاقة النيابية، بضرورة إنشاء الهيئة المنظمة للكهرباء، وبضرورة إشراك القطاع الخاص الخاص في عملية انتاج الطاقة، منوهاًً في هذا الإطار باستعداد جمعية المصارف اللبنانية ورئيسها السابق فرانسوا باسيل لتمويل مشاريع الاستثمار الخاصة بالانتاج.
ومن جهته، أبدى (فرانسوا) باسيل، استعداد المصارف لتمويل القطاع الخاص، ولا سيما في مجال الانتاج.
أما الوزيرة الحسن، فأملت بمعالجة أوضاع هذا القطاع الحيوي، وقالت إنني لا أستطيع استيعاب النفقات الزائدة في الكهرباء. ووصفت خطة الوزير باسيل بأنها لا تزال في مرحلة الخطوط العريضة، مؤكدة أنه بدءاً والى إنشاء معمل جديد للطاقة، يجب الاستفادة من موضوع الغاز الطبيعي.
وأشارت الحسن الى أن الوزارة تضع الاعتمادات اللازمة لحاجات الكهرباء ومنها موضوع تمديد خط الغاز والطاقة البديلة، وأملت بمجيء مستثمرين للاستثمارات الباقية في هذا القطاع، وقالت نفضل بالدرجة الأولى في مجال الاستثمار القطاع الخاص ثم القروض الميسرة بالدرجة الثانية وبالدرجة الأخيرة التمويل من خلال الخزينة.
بعدها، تحدث الوزير باسيل، فشدد على أن الاستثمار في قطاع الكهرباء مجدٍ، بيد أن الأمر يحتاج الى تمويل سريع لأننا لم نستطع تحمل خسائر كبيرة، ورأى أنه يجب وضع خطة للكهرباء، لأن القطاع الخاص لا يأتي بدون خطة، وطالب الدولة بتمويل كامل للخطة، ولفت الى أنه ما دامت الدولة تخسر سنوياً نحو مليار ونصف مليار دولار على الكهرباء سنوياً، فما هو المانع من وضع مليار ونصف مليار دولار لتمويل مشاريع الكهرباء. وقال يجب البدء بمعالجة المتوفر والإقلاع عن الأفكار المسبقة.
ومن جهته، أوضح نائب رئيس مجلس الإنماء والإعمار ابراهيم شحرور، أن الدراسة التي تقوم بها شركة كهرباء فرنسا EDF والتي بدأت بها منذ العام 2007 تهدف الى وضع الضوابط التوجيهية، وأشار الى أن التأخر بموضوع المخطط التوجيهي العام للكهرباء، مرده الى اعتراض الوزير السابق آلان طابوريان كون الاستشاري EDF لم تلحظ المرحلة القريبة التي كانت تمر بها الكهرباء. وهو ما جعل الاستشاري مرتبكاً بعد خطة طابوريان، خصوصاً وأن المخطط التوجيهي كان يلحظ إنشاء معامل بعد 4 سنوات.
وأشار الى أن الوزير باسيل اجتمع مع EDF وطلب منها مخططاً توجيهياً على المديين القريب والمتوسط، وهذا الأمر سينهيه الاستشاري في غضون أسبوع، مشيراً أن موضوع المخطط التوجيهي تقني أكثر منه مالي. وهنا أجرى النائب قباني مداخلة، أشار فيها الى أن EDF هي التي يجب أن تعطي السلطة السياسية التوجيهات وليس العكس. فرد الوزير باسيل، أنه جلس مع EDF وسألناهم عمّ يطلبونه، وقال إن الموضوع كثير التشعب، نحن نعرف حاجتنا أكثر من أي مؤسسة، هناك قرارات يجب أن نأخذها.
وهنا رد قباني على اعتراض الوزير باسيل بشأن تأهيل معملي الزوق والجية، وقال إن الخبراء يقولون إن تأهيلهما يخدمنا نحو 15 سنة لا سنتين كما ذكر الوزير باسيل.
بيد أن باسيل عاود الرد، فأشار الى أن التأهيل لا يعني بالمطلق أن المعامل ستعود جديدة وهذا ليس وجهاً استثمارياً بأي شكل من الأشكال، ولذلك علينا بناء معامل جديدة.
وهنا أوضح شحرور أن الوزيرة الحسن أشارت الى أن من ضمن الـ170 مليون دولار المخصصة للتأهيل، هناك بين 70 الى 90 مليون دولار لتأهيل المعملين، وربما التبس هذا الأمر على الوزير باسيل فظن أن كامل المبلغ مخصص للتأهيل.
وهنا تحدث الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة، فأوضح الصورة في ما يتعلق بتأهيل المعملين المذكورين، فأكد أنه عندما طرح هذا الموضوع كان هناك نقص في التوربينات في المعملين، وكان الأمر يحتاج الى سنتين لتوريد الماكينات أو التوربينات المعطلة. إلا أن الوضع الآن تغير وأصبح بالإمكان الاتيان بالتوربينات المعطلة خلال 6 أشهر. وأوضح أن المشكلة بالنسبة للكهرباء هي في مكان آخر، فالمطلوب أولاً هو الاستمرار في أي خطة تقر وعدم تغير قواعد اللعبة مع كل وزير أو حكومة تأتي. من المهم التأكيد على الاستمرارية.
ومن جهتها، أكدت ممثلة (اسكوا) في الاجتماع أنهار حجازي، أن موضوع الاعتماد على الطاقة الشمسية غير مجد راهناً. أما المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك، فعرض الواقع المرير للمؤسسة لجهة النقص في الكادر البشري، مشيراً الى أن هناك صعوبة في إدارة المؤسسة بسبب هذا الأمر، وتمنى إعادة فتح باب التوظيفات.
أما النائب خالد زهرمان فشدد على ضرورة تنويع مصادر الطاقة وعلى ضرورة فصل زيادة الطلب عن العجز المالي. أما النائب معين المرعبي فسأل عن المشاريع الخاصة بموضوع الطاقة المتجددة. فيما انتقد النائب جمال الجراح عدم التحدث بإسهاب عن موضوع الهيئة المنظمة للكهرباء.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.