8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

سوق الشقق تشتعل في بيروت ومتر الأرض يرتفع 30% سنوياً

من المتوقّع أن يتواصل المسار التصاعدي في السوق العقارية اللبنانية خلال العام 2010، كما كان العام 2009، بفعل عاملي الاستقرار السياسي والمالي الداخلي، وبفعل الانتعاش الاقتصادي التدريجي الذي تشهده البلدان العربية. فمن المعروف أن لبنان قد أفلت من براثن أزمة المال العالمية، بفضل القيود المصرفية على التسليفات العقارية، وبفعل غياب عامل المنافسة والمضاربة التجارية في مشاريع العقار، يضاف الى ذلك عنصر المساحة الضيقة في لبنان للأراضي المخصصة بالبناء، والتي تلعب عاملاً قوياً في رفع الأسعار. وتتراوح أسعار المتر المربع للشقق في بيروت حالياً بين 2000 و 9000 دولار.
وتبين أرقام مديرية الشؤون العقارية أن عام 2009 شهد ارتفاع القيمة الإجمالية للمبيعات العقارية وارتفاعاً أقل في نمو عدد عمليات البيع هذه. وفي الواقع، ازداد عدد المبيعات العقارية بنسبة 2,3% في 2009 ليبلغ مستوى سنوياً قياسياً هو 83622 عملية. وبوجه خاص ازداد عدد المبيعات العقارية للأجانب بنسبة 17,6% في 2009، مسجّلةً مستوى عالياً على الرغم من تراجع القدرة الشرائية لهؤلاء المستثمرين من جرّاء الأوضاع الاقتصادية الصعبة إقليمياً ودولياً. ويدلّ هذا النمو على أن السوق العقارية اللبنانية لا تزال تجتذب المستثمرين الأجانب، الذين هم بمعظمهم من الرعايا العرب.
وبحسب تقارير مصرفية، بلغت القيمة الإجمالية للمبيعات العقارية في لبنان رقماً قياسياً قيمته 10576,2 مليار ليرة في العام 2009، أي بارتفاع نسبته 8,3% على أساس سنوي. ولما كان هذا الارتفاع قد ترافق مع ارتفاع أقل في عدد هذه المبيعات، فقد ارتفع متوسط قيمة الصفقة العقارية الواحدة في 2009 بنسبة 5,8% ليصل إلى 126,5 مليون ليرة، ما يدل بوضوح على أن أسعار العقارات في لبنان لم تأخذ منحىً تراجعياً كما حصل في أسواق المنطقة.
وينقسم القطاع العقاري في لبنان الى قسمين: السوق السكنية والسوق التجارية. بالنسبة للسوق السكنية فقد اظهراستطلاع قامت به رامكو لللاستشارات العقارية، ان بيروت تبقى اول اختيار لبناء مواقع جديدة، وتنقسم السوق السكنية في بيروت الى مقسم بيروت الوسطي، الجانب الغربي من المقسم والجانب الشرقي. ينقسم المقسم الى مينا الحصن، وادي ابو جميل، فوش، ساحة الشهداء، ومنطقة الصيفي. وتعتبر مينا الحصن الاكثر طلبا من المغتربين والعرب لانكشافها على الواجهة البحرية. وتضم الواجهة الغربية المنطقة الممتدة من عين المريسة الى الرملة البيضاء. وتضم الواجهه الشرقية التي تسمى المثلث الذهبي السوديكو وساسين وسوفيل. وبالنسبة للسوق التجارية فتتركز في مقسم بيروت الوسطي، ويأتي الطلب على المكاتب من المؤسسات العالمية والمحلية والمناطقية باحثة عن مكاتب تلبي الشروط العالمية.
ويظهر مؤشر احصاء عدد الأمتار المسجلة في شهر كانون الثاني (يناير) 2010 (الصادر عن نقابة المهندسين في بيروت) أنها بلغت 593,227 متراً، وهو ما يشكل تقدماً بنسبة 434% مقارنة بعدد الأمتار المسجلة في كانون الثاني 2009 التي بلغت 111,003 أمتار، والزيادة تكون 482,224 متراً.
وزاد عدد المعاملات المسجلة في كانون الثاني 2010 بنسبة 149% عن مثيله في 2009، ففي حين سجل الأخير 300 معاملة سجل الأول 748 معاملة والزيادة تكون 448 معاملة.
تقويم الواقع العقاري 2010
يقول المدير الإداري لشركة رامكو رجا مكارم الوضع الحالي لأسعار العقار ثابت ومستقر بالنسبة للشقق السكنية، وتصاعدي بالنسبة للأراضي المخصصة للبناء وخصوصاً في العاصمة بيروت.
ويضيف هناك هجمة على شراء الأراضي، بدل الاتجاه للإيداع في المصارف، فالتحويلات الهائلة التي استقطبتها المصارف العام الماضي، باتت تفضل العقار كاستثمار نظراً للارتفاع الحاصل في هذا القطاع بين العام 2005 و2010، والذي يراوح سنوياً بين 25 و30%. ويشير الى أنه منذ العام 2009 تصاعدت الأسعار في السوق العقارية ولا سيما في المناطق الجديدة ما بين 5 الى 10%، وقال إن ذلك متأتٍ من ارتفاع قيمة الأراضي المخصصة بالبناء، ففي الأحياء الجميلة في العاصمة لم يعد سعر المتر المربع يعرض بأقل من 3000 الى 3500 دولار.
ويلفت رئيس رابطة المهندسين الانشائيين في نقابة المهندسين في بيروت راشد سركيس، الى أن عناصر النمو العقاري في لبنان، هي على النحو التالي:
المركزية السكنية في العاصمة جعلت الناس يركزون انظارهم للتملك في العاصمة، حيث العقارات اكثر من محدودة والسعر ارتفع نسبيا، وخاصة في ظل قانون البناء الجديد، والتسهيلات التي يقدمها في عوامل الاستثمار العالية ولا سيما ان العاصمة لها تميز خاص في امر الاتصال بطريقين، فيمكن للكثير من العقارات الاستفادة من زيادة عامل الاستثمار بشكل مفيد(20%). وهكذا ابتدأت الاسعار بالارتفاع رويدا رويدا حتى حصلت الكارثة العالمية أواخر 2008 فتحولت الرساميل الى وقفة تفكير عميقة، انتجت توجها كبيرا الى لبنان، لاسباب كثيرة نذكر منها:
أ-استقرار الوضع النقدي في لبنان بسبب التدابير القاسية التي فرضها المصرف المركزي على المصارف، وضمن سلة تدابير حكيمة عمل عليها الحاكم وضبط الايقاع وجعل الاستقرار الكبير يرخي بظلاله المفيدة على الواقع الاقتصادي في البلد.
ب-ارتفاع سعر الاورو الذي أمن وفرا كبيرا لدى المغتربين اللبنانيين في اوروبا حفزهم على التملك في لبنان.
ج-ادخال استثمارات من عمل المغتربين، الذين يرجعون الى لبنان لقضاء بقية حياتهم واهتمامهم بالاستثمار فيه.
د-التسهيلات المصرفية في سياق التملك، (خفض الفائدة من المؤسسة العامة للاسكان وتغيير الارقام وشروط القروض)، ما جعل المواطن يشعر بضرورة التملك بدل الاستئجار.
لا يختلف اثنان على ان قانون الايجارات الاستثنائي وتمديداته غير المنطقية، والتي حولت المستأجر الى مالك، فصار الهدم الحجة الاكثر تبنيا للمالكين للتخلص من آفة هذا القانون.
ان الارث يشكل عنصراً مهماً في التهرب من الضرائب عند ارتفاع الاسعار، كما انه يشكل عنصرا في عدم الاكتفاء بسعر مرتفع لسبب كثرة الشركاء، فمهما كان السعر يصبح ضئيلا عند قسمته بين الشركاء... وهكذا انفلتت العقارات مع المضاربات، في حين لا يأبه الشاري بكل هذه الفروقات لانه مطمئن الى غده الرابح.
والتجار الذين يبنون ويبيعون ولا حدود لتجارتهم فانهم يتسابقون لشراء قاعدة عملهم ومرتكز انطلاقتهم العقار لكي يبنوا ويجنوا الارباح الكبيرة وخاصة في بيروت، فالناس لا تعيش دون سكن والسكن لا ينمو بلا بناء جديد، والفائدة تزيد في ربح غير مسبوق في لبنان، ولا سيما ان الفوائد المالية اصبحت مقبولة وخاصة مع التعامل المزدوج بالليرة اللبنانية والدولار مما يفتح باب الخيارات المربحة اكثر امام كل المستثمرين...
ان الاجانب والعرب دخلوا اللعبة في المضاربات، فليس كل من يشتري يبغي التملك، لان الكثير من الشارين اضحوا مضاربين، فيدفع الثمن او سلفة على الصفقة، ويبيعها في اول فرصة توفر له الربح الذي يقنعه وهكذا صارت المضاربات بحد ذاتها تفوق العقول.
ويشير سركيس الى عناصر مؤاتية يمكن تذخيرها لإعطاء نتائج أكبر:
أ-عقارات بيروت الى انحسار، وكل عقار يبنى من جديد يحذف من قائمة العقارات المتوفرة، الا ان انجذاب الناس الى العاصمة يجعلهم يقبلون بالاقتراب ما امكن منها، وهكذا صارت الاسعار في الضواحي تسابق اسعار العاصمة، وهذا الامر لا يتوقف عند هذه الحدود لانه يمتد على مساحة الوطن كله... فلا عقار الا ويباع ولا عقار الا وينمو...
ان تدابير قانونية كثيرة يمكن ان تساعد بل تشجع المستثمرين على الذهاب بعيدا، وتدفع بالاستثمارات الى بروز وجه جديد لم نعرفه من قبل، وبدفع متزايد في الكسب والارباح الطائلة، ولا سيما في التمييز بين بيروت والمناطق، مع لجم فرص تملك الاجانب المطلق ضمن خطة موضوعية عاقلة وحكيمة، واعادة النظر في قانون البناء وتقسيمه الى شطور، لكي تتميز بيروت في خصوصياتها التاريخية في جذب الناس بلا منازع، واعطاء الضواحي استيعابا اكبر للطلب القريب من بيروت.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00