لا تزال المرحلة الثانية من ضخ الغاز المصري الى معمل دير عمار متعثرة، في الوقت الذي يعمل فيه المعمل بنصف طاقته الانتاجية على هذه الكميات المستوردة ،اذ أن اتفاقيتي الاستجرار والتشغيل لم يصدقها مجلس النواب اللبناني على الرغم من ان مجلس الوزراء قد اقر الآتي في جلسته التي انعقدت في 21 كانون الأول (ديسمبر) 2009:
-الموافقة على اتفاقيتي استجرار الغاز الطبيعي والصيانة والتشغيل مع جمهورية مصر العربية وسداد الدفعة الاولى من عقد التشغيل، وعلى مشروعي مرسومين باحالة مشروعي قانون يجيزان ابرامهما. -- سداد قيمة الكميات التي تم تزويد لبنان بها وقيمة لكفالة المصرفية المتعلقة بها.
-سداد قيمة الكميات التي سيتم تزويد لبنان بها وقيمة الكفالات المصرفية المتعلقة بها.
-تكليف رئيس مجلس الوزراء ووزير الطاقة والمياه والمالية تحديد مصدر تأمين المبالغ والكفالات المتوجبة.
وحسب مصادر معنية بالملف، فإن البدء بالمرحلة الثانية من عملية ضخ الغاز المصري، والتي بامكانها تشغيل كافة الوحدات في معمل دير عمار، لن تبدأ قبل سداد الدين المستحق على لبنان، ورغم ذلك الآن نحن نستجر، من خارج بنود العقد.
ومع عدم وجود امكانية لرسم ملامح ازمة بشأن الغاز المصري حتى الآن، ومع أن القيادة المصرية مدركة ومتفهمة للأوضاع السياسية في لبنان، والتي أعقبت الانتخابات النيابية وما أعقبها من تأخر في تأليف الحكومة، إلا أن عدم تصديق اتفاقيتي الاستجرار والتشغيل، بدأ يلقي بتبعاته على مسألة الطلب اللبناني زيادة كميات الغاز الطبيعي المستجرة. وقالت مصادر متابعة للملف إن الطلب اللبناني من مصر بزيادة الكميات التي تشغل نصف المعمل بدءاً من الأول من تشرين الثاني (أوكتوبر) الماضي، لم تلقَ آذاناً صاغية، وهذا عائد حتى الان الى عدم دفع الدولة اللبنانية مستحقات الأشهر التي اشتغل خلالها المعمل على الغاز المصري.
وإذ لم تذكر هذه المصادر، المبالغ المستحقة على لبنان، فقد قللت من الموضوع، لافتة الى أن الجانب المصري متجاوب مع المطالب اللبنانية، إلا أن ذلك سيكون في أعقاب تصديق البرلمان على اتفاقيتي التشغيل والاستجرار.
ومن المعلوم أن لبنان بدأ باستجرار الغاز المصري في الأول من تشرين الثاني الماضي، بموجب العقد اللبناني الموقع مع مصر، والذي ينص على بدء الضخ بمعدل نصف الكمية المتفق عليها اي 900 ألف متر مكعب لترتفع الى 1800 مليون متر مكعب في المرحلة الثانية، أي نحو 600 مليون متر مكعب سنوياً لمدة 15 سنة قابلة للتجديد.
ويعمل فريق فني مصري من شركة غازكو المصرية مؤلف من 14 خبيراً مع وزارة الطاقة اللبنانية، منذ بدء التجارب على خط الغاز ولمدة سنة، للإسهام في الإشراف على الخط. إذ أن لبنان ليس بمقدروه الإشراف وحده على الخط. ويتولى هذا الفريق تدريب فنيين وتقنيين لبنانيين.
وفي كانون الثاني (يناير) 2009، جرى الاتفاق على توصيل الغاز المصري إلى لبنان من خلال المبادلة مع الغاز السوري بمعدل مليون قدم في اليوم، وفي حزيران (يونيو) جرى التوصل إلى اتفاق، ووقّع البلدان اتفاقية الاستجرار ابتداءً من آب (أغسطس) 2009 لتشغيل نصف معمل البداوي (26 مليون قدم مكعب) على أن تُزاد الكمية ابتداءً من تشرين الأول المقبل لتصبح كافية لتشغيل كامل معمل دير عمار (60 مليون قدم مكعب).
وفي منتصف تشرين الأول (أوكتوبر) 2009، بدأت ضخ الغاز المصري، بعد انتهاء عمليتي التنظيف والتجارب التي أجريت لأنبوب الغاز في الثلث الأول من أيلول (سبتمبر) 2009.
وقالت هذه المصادر، إن الوفر المحقق من خلال نصف الكمية المتفق عليها مع مصر، هي 10 ملايين دولار شهرياً، وبالامكان تحقيق 20 مليون دولار وفراً فيما لو تم سحب كامل الكمية التي يحتاجها معمل دير عمار، أي نحو 240 مليون دولار سنوياً.
ويقدر سعر كل مليون وحدة حرارية (BTU) بنحو 3 دولارات واصلة الى لبنان، بحسب مصادر في القطاع النفطي اللبناني، مشيرة الى أن هذا رقم تقديري لأن الرقم يظل سرياً بين الطرفين المتعاقدين.
وتعاني مؤسسة كهرباء لبنان، عجزاً مالياً كبيراً، قدرته أوساط متابعة بنحو 1،2 مليار دولار للعام الجاري، من جراء ارتفاع سعر برميل النفط الى نحو 70 دولاراً، إلا أن هذه الأوساط أكدت أن كل ارتفاع للبرميل بقيمة 10 دولارات يتسبب بعجز قيمته 220 مليار ليرة، وهو ما يعني أن وصول البرميل الى 80 دولاراً سيزيد من عجز الموازنة. باعتبار أن تعرفة مبيع الكيلوات ساعة وضعت على أساس سعر البرميل 25 دولاراً، وهو ما يقلق المعنيين في الحكومة، التي تحاول البحث في خفض الفاتورة التي تسهم في زيادة الدين العام، من غير تحريك موضوع التعرفة راهناً، وذلك من خلال اتفاقات لاستجرار الكهرباء من سوريا (120-150 ميغاوات) بالإضافة الى الكهرباء المستجرة من مصر عبر خط الربط الكهربائي الثماني (150 ميغاوات) بأسعار تقل عن تكلفة انتاجه في معامل توليد الطاقة في لبنان.
وتسعى حكومة الرئيس سعد الحريري الى إيلاء الوضع الاقتصادي أهمية بالغة، وفي معظم الزيارات التي يقوم بها رئيس الحكومة هناك توقيع لاتفاقات اقتصادية، وكان آخرها مع تركيا، ويأخذ موضوع الطاقة وتنويع مصادرها حيزاً من المحادثات التي يجريها مع هذه الدول، وكان آخرها تركيا. وقالت هذه المصادر إن الرئيس الحريري يضع مسألة الغاز المصري في صلب المحادثات التي سيجريها في القاهرة مع القيادة المصرية. فمنذ البداية لم يتوقف الدعم المصري للبنان، إن لجهة الأسعار أو زيادة الكميات التي تسمح بتشغيل وحدات معمل دير عمار الثلاث (450 ميغاوات).
وتتابع المصادر القريبة من موضوع الغاز المصري، أن للجانب المصري مستحقات مالية لكميات متفاوتة من الغاز المصري، ما بين حقبتي التجربة وبدء الانتاج الفعلي لمعمل دير عمار (نصف القدرة الانتاجية) على الغاز.
وعلى الرغم من معرفة الجانب المصري بأن التعثر اللبناني في دفع المستحقات، مرده الى الأوضاع التي سادت في أعقاب الانتخابات البرلمانية، وما أعقبها من عملية تشكيل الحكومة، فإنهم يأملون بعدم تكدس الدين.
وتقول هذه الأوساط، إن البدء بالمرحلة الثانية من عملية ضخ الغاز المصري، والتي بامكانها تشغيل كافة الوحدات في معمل دير عمار، لن تبدأ قبل سداد الدين المستحق على لبنان والآن نحن نستجر، من خارج بنود العقد (العقد بحاجة الى التجديد بعد مرور سنة على توقيعه)، لأن الجانب المصري يعلم أن الاتفاقيتين بشأن الغاز ستقران في مجلس النواب عند أول جلسة تشريعية.
ولفتت هذه المصادر الى أن كافة هذه الأمور سيحل وضعها، خلال زيارة الرئيس الحريري المتوقعة والمرتقبة الى مصر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.