22 حزيران 2020 | 08:52

أخبار لبنان

باسيل والأوراق المحروقة

باسيل والأوراق المحروقة

لم يكتفِ رئيس "التيار الوطني الحر" برمي أكثر من ورقة محروقة أصلاً، يعتقد أنه يمتلكها، بل ‏ساهم في حرق أوراق أخرى يفترض الواقع السياسي أنها في يد العهد، على جري عادته‎.‎

فضلاً عن أن معظم الوسط السياسي لم يصدق أنه غادر الوهم بأنه مرشح جدي لرئاسة ‏الجمهورية، وهو الوهم الذي كان يتلبّسه ويحكم سلوكه السياسي في السنوات الماضية، فإن أياً من ‏القوى السياسية لم يتعامل مع إعلانه أنه لا يريد الرئاسة بل يريد الإصلاح على أنه صادق في ‏هذا الإعلان. النتيجة المنطقية أنه مثلما كان وهم ترشيحه للرئاسة ورقة هالكة فإن تخليه عن هذا ‏الطموح ورقة ميتة إذا كان يعتقد بأنه يظهر بمظهر المتعفف أمام أطراف محلية وخارجية ورأي ‏عام ومحازبين في "التيار الحر" نفسه ضاقوا جميعاً ذرعاً بمناورات دونكيشوتية تسببت في ‏تراجع شعبية "التيار" والرئاسة‎.‎

أما من الأوراق التي ساهم في حرقها في مؤتمره الصحافي الأخير فهي الهجوم تارة صراحة ‏وأخرى تلميحات على قوى سياسية يأمل الرئيس ميشال عون بأن تشارك في اللقاء الوطني الذي ‏دعا إليه يوم الخميس المقبل تحت عنوان التوافق على تحصين لبنان بالوحدة الوطنية. فمن أين ‏يمكن للقوى المترددة في حضور هذا اللقاء الذي بات مؤكداً أنه سيكون ناقصاً ومبتوراً بسبب ‏خشية من سيتغيبون عنه من أن يُستغل من أجل إعادة تعويم باسيل. فمن عادة الرئيس عون أن ‏يدعو الفرقاء الذين يعقد معهم تفاهمات مبدئية إلى متابعة الحوار والمناقشات "مع جبران". وهو ‏ما بات غير قابل للاستجابة له إكراماً لموقع الرئاسة لتيسير أمور الدولة والمؤسسات كما كان ‏يحصل في السابق، بعدما اكتشف معظم قادة هذه القوى أن مسايرة عون في ذلك أعطت مفعولاً ‏عكسياً وسلبياً. فباسيل استخدم إحالة عون الفرقاء عليه لممارسة شبق السلطة وشراهة الكسب ‏المصلحي واستضعافهم باسم الرئاسة الأولى، بدلاً من تيسير أمورها في الحكم. الفرقاء ‏السياسيون هؤلاء حلت عندهم "التوبة" حيال التفاهم مع باسيل، مكان التساهل مع ما يطلبه ‏الرئيس منهم، نظراً إلى أن الصهر تفنن في غدرهم أو في التراجع عن أي اتفاق معهم أو في ‏الاستقواء بالرئاسة وتحالفه مع "حزب الله"، من أجل فرض شروطه عليهم. وبإمكان كل من ‏زعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" ‏سمير جعجع (وغيرهما) أن يسرد جردة تبدأ ولا تنتهي في هذا السياق، إلى درجة أن كلاً منهما ‏عبر على طريقته، عن ندمه ليس فقط لقبوله التفاهم مع باسيل، بل لانتخابه عون للرئاسة لأنه ‏أحال سلطتها إلى صهره، ما ساهم في إيصال البلد إلى ما هو عليه من تردٍ وانهيار اقتصادي‎.‎

أما حلفاء عون وباسيل المقربون، فإن أبسط ردود الفعل لديهم عن الأضرار التي ألحقتها بهم ‏وبالبلد سياسة عون - باسيل هي هز الرأس يمنة ويسرة، تحسراً. وبعضهم لا يخفي إخفاقه في ‏محاولة إقناع الإثنين بوجوب تغيير سياستهما‎.‎

في وقت الهدف المعلن للقاء بعبدا خفض التوترات الطائفية والمذهبية التي حصلت في الأسبوعين ‏الماضيين، أمعن باسيل قبل 5 أيام من لقاء بعبدا، في استحضار اللغة الطائفية المغلفة بالشعارات ‏الإصلاحية في ملف الكهرباء، فاستحضر لغة انقسامات الحرب الأهلية وذكراها حين أخذ يتحدث ‏عن "مناطقكم" وعن "مناطقنا" في تبريره الإصرار على معمل سلعاتا للكهرباء، (في منطقة ‏مسيحية) لتبرير العودة إلى نغمة "استعادة الحقوق المسلوبة" قافزاً فوق الوقائع التاريخية بأن بناء ‏المعامل الأخرى توزعت على الساحل اللبناني بمنطق الحاجة لإنتاج الطاقة وليس بدافع تزويد ‏طائفة بذاتها‎...‎

ألم يحرق باسيل ورقة الصفة الوطنية للقاء أيضاً؟



نداء الوطن - وليد شقير

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

22 حزيران 2020 08:52