8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الوافدون تجاوزوا المليونين ونسبة النمو 46,3 في المئة

ترك اتفاق الدوحة الشهير، الذي وقع بين الأطراف السياسية المتنازعة في أيار (مايو) 2008، بصمات واضحة على الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، حيث حرك قطاعات الانتاج لكن الاثر الاكبر تركز في قطاع السياحة، منذ توقيع الاتفاق وحتى العام 2009 برمته، الذي كان سنة سياحية بامتياز، مع استقبال لبنان مليوني سائح، متخطياً بذلك الأرقام القياسية التي سجلت في العامين 1974 و2004..
فقد حقق لبنان اعلى معدل للنمو في مجال السياحة على الصعيد العالمي في سنة 2009، وفق مسح لمنظمة السياحة العالمية شمل 165 بلدا حول العالم، علما ان السياحة في 15 بلدا منها فقط نجت من تداعيات ازمة المال العالمية السلبية التي رزحت تحتها. وسجل لبنان معدل النمو في عدد السياح بلغ 46,3 في المئة ليجعله هذا الرقم رائدا في مجال السياحة. وصنفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بيروت على أنها الوجهة السياحية الأولى في 2009، ورأت أن في استطاعتها استعادة لقبها على أنها باريس الشرق الأوسط، في إشارة إلى تعافي لبنان سياحيا. كما صنف الدليل السياحي العالمي لونلي بلانيت بيروت ثالث وجهة سياحية في العالم بعد انتوورب في بلجيكا وغلاسكو في اسكتلندا. وخصصت صحيفة غارديان البريطانية صفحات عديدة للسياحة في لبنان في احد أعدادها الأخيرة، معتبرة ان هذا البلد يمكن أن يقدم الكثير من الناحية السياحية للسياح من مواقع ومطبخ شهي.
ولا شك أن مؤشر السياحة تحرك صعوداً متخطياً عوائق كثيرة ومحطات كان الجميع يضع خلالها يده على قلبه خوفاً من قلاقل وأحداث، ولا سيما في مرحلة التحضير للانتخابات النيابية التي اجريت في حزيران (يونيو) الماضي، إلا أن الانتخابات كذبت المتشائمين، بمرورها بشكل سلس، مسفرة عن فوز قوى 14 آذار بالانتخابات بزعامة الرئيس سعد الحريري، وكان ذلك موضع تحليلات المؤسسات المالية الدولية، التي تكهنت بانعكاس ايجابي على الوضع الاقتصادي في البلاد ومن ضمنها السياحة.
وعلى النقيض من الأداء السلبي للقطاع الفندقي في العالم، بفعل أزمة المال العالمية، فقد سجلت بيروت أفضل نمو في إيرادات الغرفة، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل على مستوى العالم، إذ زادت هذه الايرادات بنسبة 124,4 في المئة لتصل إلى 117 دولارا أميركيا، يدعمها الاستقرار السياسي، وتدفق السياح العرب والاجانب، في واحد من أفضل المواسم السياحية التي شهدها لبنان.
فنسبة الاشغال الفندقي كانت مئة في المئة في كل مناسبات الأعياد والعطل، فيما لم تقل هذه النسبة عن 76 في المئة كمعدل سنوي، أما المداخيل المالية للقطاع عموماً فهي لم تقل عن 5،3 مليارات دولار، وشكلت ما بين 8 و 12% من الدخل القومي للبنان، استحوذ منها قطاع فنادق 5 نجوم (3000 غرفة) على نحو 175 مليون دولار، بزيادة تفوق 20% عن العام الماضي، وبسعر وسطي للغرفة بلغ 150 دولاراً.
وفي الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، تخطى عدد السياح المليون ونصف المليون سائح بوصوله الى 1,574,490 زائراً، فيما افتتحت ثلاثة فنادق كبيرة أواخر العام الجاري.
وعليه، فإن العام 2009، كان محطة غير عادية للسياحة وعاماً ذهبياً، شهد عدداً من الاتفاقات التي أبرمتها وزارة السياحة مع عدد من البلدان، بيد أن اللافت هو إعادة انتخاب لبنان رئيسا لمجلس وزراء السياحة العرب مدة سنتين حتى نهاية العام 2011، خلال اجتماع لجنة الشرق الاوسط العالمية للسياحة برئاسة وزير السياحة (السابق) ايلي ماروني، الذي عقد في اطار الدورة الثامنة عشرة للجمعية العامة للمنظمة العالمية للسياحة التابعة للامم المتحدة في جمهورية كازاخستان.
أما الحدث الآخر اللافت، والذي لم يكتمل بعد، فهو دخول مغارة جعيتا الى الطليعة المتنافسة في مسابقة عجائب الدنيا الطبيعية السبع، بعد تخطيها حواجز التنافس مع 261 موقعاً من 222 دولة، ولم يبقَ سوى اجتياز التحدي الأخير بين 28 معلماً عالمياً، وبانتظار ما سيسفر عنه التصويت من الآن الى العام 2011.
وفي خطوة سباقة ورائدة أطلقت وزارة السياحة خلال 2009 الدليل السياحي للمكفوفين، على طريقة برايل بالأحرف النافرة التي تسمح للكفيف بقراءة المعلومات السياحية.
وفي سباق محموم حول تنشيط السياحة في لبنان، لم تقف الوزارة مكتوفة اليدين إزاء النجاحات المحققة للعام الجاري، بل نشطت في أكثر من اتجاه لإحداث نقلة نوعية على المستوى السياحي في لبنان، وجعلها أكثر تخصصية وهو ما عبر عنه وزير السياحة فادي عبود عندما أكد أن السياحة البيئية ستكون من ضمن أولويات عمله في الوزارة الجديدة، وقد عنى الاهتمام بجمالية الفنادق وهندستها والحفاظ على مكوناتها في ما لوكانت تراثية، وبالتكامل مع فكرة التخصصية اقترحت المديرة العامة للسياحة ندى السردوك مجموعة من الأفكار للحفاظ على السياحة الريفية بمكوناتها التراثية، والحفاظ على المباني الأثرية كوجهة للسياحة، وفي مواجهة هذا الزخم النوعي، انطلقت في بيروت وطرابلس وجبيل اعمال مؤتمر السياحة المعمارية في الوطن العربي وهو الاول من نوعه في الشرق الاوسط، نظمته هيئة المعماريين العرب بالتعاون مع نقابتي المهندسين في لبنان. وسلطت خلاله الضوء على التطور العمراني والعمارة التراثية والارث الثقافي المعماري والسياحة الثقافية والفن المعماري ومعالم السياحة والثقافية في كل من بيروت وطرابلس وجبيل.
وبحسب المديرة العامة للوزارة، فإن لبنان أثبت في العام 2009 انه بلد سياحة الفصول الأربعة وعلى مدار العام، وغير صحيح أن لبنان لا يعرف السياحة إلا في موسم الصيف، بل إننا اليوم نشهد طفرة كبيرة في سياحة المؤتمرات، وهو ما يعزز وضع السياحة في هذا البلد، و نحن نسير بخطى ثابتة نحو المليوني سائح، وهذا فقط من احصاءات المطار، وربما يكون الرقم أكبر إذا ما توافرت الإحصاءات عند الحدود البرية للوافدين، وإذا ما أضيف اليها أيضاً الحركة الاغترابية اللبنانية، فان الرقم قد يتعدى 5،3 ملايين شخص. ولفتت الى أن لبنان خلال العام الجاري، كانت كل أشهره حافلة بالمؤتمرات والمهرجانات والمناسبات المتعددة، وأشارت الى أن الحجوزات امتلأت في الفنادق لعطلتي الميلاد ورأس السنة.
سلبيات....تنتظر من الحكومة حلاً
أما نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، فيرى أن مقومات لبنان السياحية والأثرية تمكنه من إعادة تموضعه على الخارطة السياحية العالمية لا الاقليمية فقط، وأمل من الحكومة الجديدة إعطاء الاقتصاد الوطني ومن ضمنه السياحة أولوية بعيداً عن السياسة، فالسياحة هي نفط لبنان لذلك ينبغي أن تتوجه الحكومة نحو صرف الأموال اللازمة على عملية التسويق والترويج في وسائل الاعلام العالمية، التي لا تعرف لبنان إلا من خلال التفجيرات والحروب، كما أن على الحكومة دعم القطاع السياحي من خلال المشاركة في معارض السياحة العالمية، ومحو صورة السنوات الخمس الأليمة التي مرت على البلد. ورأى أن الحكومة الجديدة معول عليها بشكل كبير، لجهة استكمال البنى التحتية، وعمليات الانارة وحل مشكلة الكهرباء لزيادة استقطاب السياح، وقال عندما بنى الرئيس الشهيد رفيق الحريري مطار بيروت، اعتبره البعض بأنه كبير على لبنان (تكلفة الانشاء 700 مليون دولار) واليوم صحت نظريته، فالمطار يجب أن تتم توسعته لزيادة طاقته الاستيعابية التي تمكنه من استقبال العدد المتزايد من الوافدين، وهو ما يساعد لبنان مستقبلاً على سياحة الـ 365 يوماً المطلوبة.
لكن من الجهة السلبية، فإن السياحة مضطهدة أسوة بالصناعة، كما يقول وزير السياحة الحالي فادي عبود، ويضيف أنه قد صدم في الوزارة التي تشكل مورداً مالياً مهماً للخزينة اللبنانية، لجهة الموقع والصيانة وللأملاك السياحية المصادرة. فموازنة وزارة السياحة 11 مليار ليرة، تشمل الأجور، وهي موازنة لوزارة يجب أن تعتني بالقطاع الأول، الذي يؤمن المدخول الأساسي للبنان. بالطبع هذا الموضوع علينا ان نشتغل عليه بجدية شاملة وكاملة، فموازنة الوزارة تحتاج الى اعادة النظر فيها كي تستطيع القيام بواجباتها.
وإذ يرفض وزير السياحة إعطاء توقعات عن موسم السياحة للعام 2010 على غرار سلفه ايلي ماروني، الا انه يقول توقعات ماروني كانت قريبة من الواقع في ما يتعلق بقدوم مليوني سائح، ولكن لا توقعات لدي حتى أدرس الواقع، واستنباط النتائج من خلال النقابات السياحية. ويشدد على أهمية السياحة البيئية في لبنان، واعطائها الأولوية.
ويعتبر أن القطاع السياحي جاذب للاستثمارات، ويؤكد أنه سيعمل على إعادة العمل بالقانون 402 الخاص بزيادة عامل الاستثمار في بناء الفنادق، وسيكون ذلك بالتفاعل والتعاون مع النقابات السياحية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00