8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحكومة أمام سيناريوات عديدة لدعم المازوت

يستعجل مواطنو المناطق الباردة، قرار حكومة الرئيس سعد الحريري، صياغة آلية دعم مادة المازوت، مع وصول سعر هذه الصفيحة الى 20000 ليرة، بزيادة لا تقل عن 8000 ليرة، عن الفترة المماثلة من العام الماضي، حيث استفادت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة آنذاك من هبوط أسعار المازوت وبالتالي لم تنفق الخزينة، 70 مليون دولار، بحسب كميات المازوت التي سحبت من السوق والتي قدرت بين 8 و10 ملايين ليتر يومياً.
وكانت حكومة السنيورة قد اتخذت قراراً بدعم سعر صفيحة المازوت الأحمر اذا تجاوز 15 ألف ليرة، على ألا يتجاوز هذا الدعم حدا اقصى مقداره 3 آلاف ليرة لبنانية وذلك بدءاً من 15 كانون الاول (ديسمبر) 2008 وحتى 15 آذار (مارس) 2009.
وقد استغل الأسعار المنخفضة آنذاك، بعض التجار والمهربين، للتخزين ثم البيع بالأسعار التي غالباً ما تعود للارتفاع، بسبب الذبذبة اللاحقة بسوق النفط العالمي، وخصوصاً بعد إحجام المهربين من سوريا الى لبنان عن تهريب هذه المادة الشعبية، بعد تقلص فارق الأسعار بين البلدين المتجاورين، إذ كانت تقدر كميات التهريب بنحو مليون ليتر، بيد أن العام الماضي شهد مفارقة تهريب مازوت من لبنان الى سوريا خلال فترة الدعم.
ويستهلك لبنان ما معدله 900 ألف طن سنوياً من مادة المازوت الأحمر، لأغراض التدفئة والمصانع، وهي غير الكمية المخصصة بمعامل انتاج الطاقة الكهربائية، وغير المازوت الأخضر.
في الوقت الحالي، تدرس وزارة المال موضوع الدعم مع وزارة الطاقة والمياه، لاتخاذ قرار مناسب يساعد المواطن ولا يكبد الخزينة، مع حلول فصل الشتاء، وقد أرغمت العاصفة التي بدأت منتصف الأسبوع المنصرم، المعنيين بالدولة للتعجيل بهذا الاتجاه، ولم تفوت الفرصة وزيرة المال ريّا الحسن، للإعلان عن اتخاذ قرار بهذا الشأن في أول جلسة تعقدها الحكومة.
أما لماذا درس الخيارات وما هو الفارق بين الدعم الذي حصل العام الماضي والدعم الذي سيتوفر للعام الجاري؟، فالمسألة تتعلق بأن الدعم هو لشريحة الفقراء، وليس للتجار الذين غالوا في التخزين العام الماضي، مستفيدين من دعم الحكومة للصفيحة بنحو دولارين، على حساب الفقراء في الجرود والمناطق العالية من لبنان، وهو الأمر الذي لا يمكن تخطيه في القرار الذي سيتخذه مجلس الوزراء، بالإضافة الى أن الدولة تدرس دعماً لا يؤثر بمداخيل الخزينة، والتي تعتمد على رسوم المشتقات النفطية كمورد مهم لها، وبحسب مصادر معنية في القطاع فإن الدعم الذي ستوفره الدولة هو بحدود 30 مليون دولار، وتقول هذه المصادر إن الرئيس فؤاد السنيورة كان ينوي اتخاذ قرار بالدعم قبل إقالة الحكومة، بيد أن هناك من نصحه بعدم فعل ذلك، لأن الدعم لن يقل عن 70 مليون دولار، في ظل الأسعار الحالية لصفيحة المازوت.
من المهم الآن معرفة، أن محطات الوقود في البلد، تتوافر فيها كميات كبيرة من المازوت، يقابلها ضعف في الطلب، فالمواطن يحجم عن الشراء بانتظار الدعم الحكومي، وتبدو أحراج لبنان مذعورة من فؤوس الحطابين، الذين يغزونها في عمليات القطع لأغراض التدفئة، بحجة ارتفاع الأسعار، وهو ما أدى الى تقلص الرقعة الشجرية في هذا البلد، بسبب القطع والحرائق المتزايدة عاماً بعد آخر، ومن هنا فإن إعلان الوزيرة الحسن عن بحث الموضوع سريعاً هو في محله، وتفادياً للكارثة البيئية التي ستحصل في ما لو تأخر الدعم.
لكن لا يبدو خيار الدعم سهلاً أمام الدولة، إذ ان كثيراً من ملفات الدعم مطروحة أمامها، وهو ما يؤثر في خزينة الدولة كما يقول رئيس تجمع شركات النفط مارون الشماس. فيما يرى الخبير النفطي ربيع ياغي، أن الحكومة بامكانها الدعم، لكل شرائح الناس دون استثناء، لأنه يصعب التمييز بين الفقراء والأشد فقراً والمتوسطي الدخل، لذلك يمكن أن تتفادى هذه المعضلة، من خلال دعم للصفيحة يصل الى 5000 ليرة لمدة شهرين بدءاً من 20 كانون الأول (ديسمبر) ولغاية 20 شباط (فبراير)، أي في ذروة الطلب على هذه المادة بغرض التدفئة، وذلك من خلال اقتطاع مبلغ الدعم من الرسم المفروض على صفيحة البنزين، والذي يصل تقريباً الى 8 دولارات، وهذا تقريباً الحل الذي يريح الدولة على مبدأ يا دار ما دخل شر.
ويقول الشماس في ظل أوضاع الخزينة العاطلة، لا يمكن للدولة أن تدفع أكثر مما تجبي، فاليوم يذهب ما بين 30 و40% من المازوت الأحمر، لأغراض التدفئة، ويضيف إن فكرة الدعم هي للمحتاج، وليست للمصانع والفنادق والتجار، فتخزين مليون ليتر يعطي أرباحاً مع الدعم تصل الى 100 ألف دولار.
أما بشأن المقترحات التي قدمها التجمع الى وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، فيشير الشماس، الى أن باسيل يولي أهمية لهذا الموضوع، فالمقترح الأول يتمحور حول ضبط موضوع الدعم بربطه بفاتورة عداد الكهرباء، بحيث يستفيد منها المستهلك صاحب الحق فقط دون سواه على أن تحسم قيمة الدعم من الفاتورة المذكورة.
أما المقترح الثاني، فيتلخص بدعم مادة المازوت الأخضر والأحمر ليبقى هناك توازن في الطلب على هاتين المادتين، وعدم توجه المستهلك الى مادة واحدة خلال فترة الدعم لتخفيف مما يخلق ضغطا على التسليم والتوزيع.
أما كيف سيتم تصنيف المحتاجين في البلد، فيقول الشماس، في المقترح الأول يمكن تحديد الفقراء من خلال المشتركين في عدادات الكهرباء، والذين يبلغ تعدادهم نحو 1،2 مليون مشترك، فالذي تتراوح فاتورته ما بين 50 الى 100 ألف ليرة، يمكن وضعه في خانة المحتاجين، وسيكون الدعم من خلال خصم فاتورة الدعم من فاتورة الكهرباء، بحيث تبقى أسعار المازوت على المحطات كما هي، بيد أن العائق يكمن في التأكد من أن الفواتير المنخفضة تعود لفقراء لا متعدين على الشبكة أو لديهم بيت آخر، أو من المسافرين.
أما بشأن المقترح الثاني، فيشير الشماس، الى أنه في حال تعثر المقترح الأول فيمكن دعم المازوتين الأخضر والأحمر، كما جرى أيام الوزير السابق للطاقة موريس صحناوي، فالمازوت الأحمر مضر بالبيئة، ولذلك فإن الدعم لكلا المادتين يخفف من المضار البيئية ويحل أزمة الركون الى مادة المازوت الأحمر، الذي يؤدي الى عمليات تلوث كبيرة، والى أزمة نفاد هذه المادة في حال تخصيص الدعم لها وحدها.
أما بشأن تخفيف الرسوم على صفيحة البنزين، وما إذا كان بحث هذا الأمر مع الوزير باسيل، خصوصاً وأن تكتل الإصلاح والتغيير كان يطالب بتعديلها، فيؤكد الشماس، أن خفض الضريبة على الصفيحة يؤثر في مالية الدولة، فالرسوم استطاعت إدخال نحو 800 مليون دولار اليها من دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة، وهذا مورد مهم لا يمكن للدولة أن تتجاهله، وقال إن الموضوع ذو شقين سياسي واقتصادي، والنسبة السياسية فيه أعلى من النسبة الاقتصادية، وهو الأمر الذي يتطلب إجماعاً سياسياً لاتخاذ القرار وتحمل تداعياته.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00