بدد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، مخاوف المستثمرين في لبنان على قاعدة الاستقرار يجذب الاستثمار، ولا سيما في قطاع العقار، حيث القطاع الخاص في لبنان، لا يزال أكبر المستثمرين في مجال القطاع السكني، وبلغ عدد الأمتار المسجلة منذ بداية العام الجاري وحتى أيلول (سبتمبر) الماضي 7،492،310 متر مربع، في حين بلغ عدد المعاملات المسجلة حتى أيلول أيضاً 9،125 معاملة. وسجلت الأثمان المذكورة في عقود البيع المذكورة خلال هذا الشهر920 ملياراً و515 مليوناً و833 ألفاً و586 ليرة. وكان العام 2008 قد أقفل على معدل سنوي بالنسبة للمعاملات المسجلة زيادة وصلت الى 80% بالمقارنة مع النتائج المسجلة في العام 2007. وبعكس التحليلات التشاؤمية التي توقعت عملية تراجع على الطلب في ظل استمرار الأزمة العالمية، والحالة غير المستقرة سياسياً والتي سبقت تشكيل الحكومة، فإن موجة تفاؤل عالية يتوقعها خبراء العقار في لبنان، لكن ستبدو المؤشرات الايجابية أكثر وضوحاً عندما تنجز الحكومة بيانها الوزاري وتنال على أساسه الثقة، ويتوقع أن يكون ذلك نهاية الأسبوع المقبل.
وقال خبراء العقار إن الأسعار ستشهد ارتفاعاً، وربطوا بين الاستقرار السياسي والاحتضان الشعبي للحكومة وإمكان حدوث اندفاعة تجاه العقار وهو ما سيترجم بإمكان انتعاش الأسعار التي نأت عن أزمة المال العالمية، ففي حين سجل انخفاض في الأسعار في العقار وصل في بعض البلدان العربية الى 50%، فإن العقار اللبناني استمر في الفورة التي شهدها العام 2008، ولا سيما في مجال الأبنية السكنية، والتي تشكل مساحاتها النسبة الأعلى بالنسبة لباقي الاستعمالات، إذ شكلت في العام 2008 نحو 82،6% من مجمل مساحات مشاريع البناء الجديدة المسجلة. وتوقعت أن ترتفع قيمة الصفقات العقارية أكثر هذه السنة، موضحة أن معظم الشقق التي تباع في بيروت وجبل لبنان هي صغيرة الى متوسطة الحجم. فالمصارف تقرض لآجال 20 الى 30 سنة وبفائدة 5,9%.
وقال نقيب المهندسين في بيروت بلال علايلي لـالمستقبل، إن الوضع العقاري في لبنان في أفضل أوضاعه، وقال إن الأمتار المربعة المرخصة للبناء حتى تشرين الأول (أوكتوبر) 2009 بلغت نحو 8 ملايين متر مربع، وهو ما يعني زيادة مقدارها 20% عن نفس الفترة من العام 2008.
وإذ أكد أن تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، ستقوي الثقة تجاه الاستثمار في لبنان، وأنها من المؤكد ستؤثر ايجاباً في الوضع العقاري في لبنان، دعا الى التريث قليلاً (أي بعد إنجاز البيان الوزاري ومنح الثقة للحكومة في مجلس النواب)، لإعطاء صورة أوضح لترجمة هذه الثقة في مجال الاستثمار العقاري.
وبشأن الأسعار، قال علايلي إن الأسعار خلال السنة الحالية بلغت مداها الأعلى في بيروت، متوقعاً أن لا يتجاوز ارتفاع الأسعار 15% خلال 2010، نظراً للفورة السعرية المحققة خلال العام الجاري، إلا أن علايلي توقع ارتفاعاً أكبر في الأسعار في المناطق قد يصل في بعضها الى 40%، بحسب عامل الاستثمار. ولفت الى أن ارتفاع الأسعار مرده الى النجاح المحقق في قطاع العقار، وارتفاع سعر الأراضي وارتفاع تكلفة اليد العاملة والأهم هو ارتفاع تكلفة مواد ولوازم البناء.
وقال عضو جمعية منشئي وتجار الأبنية في لبنان محمد سعيد فتحة من المؤكد أن تشكيل الحكومة سيترك ارتياحاً لدى المستثمرين، وسيشكل ذلك إقبالاً أكبر وهو ما سيؤدي الى ارتفاع في الأسعار. وأضاف أن العرض ما زال أقل من الطلب ونسبة الارتفاع منذ العام الماضي 15%.
وأشار الى أن قيمة العقارات تضاعفت في لبنان، وقال إن الارتفاع في أسعار الذهب والنفط لن يؤثر في وضعية الاستثمار اللبناني ولا سيما من المستثمرين الخليجيين، لأن الاستثمار في العقار آمن، ونحن الآن نشهد موجة استثمار من الخليجيين واللبنانيين العاملين في الخارج، ويمكن ملاحظة عدد كبير خلال هذه المرحلة من الفنادق التي تشيد وكذلك مشاريع الأبنية التجارية، هناك مشاريع في الواجهة البحرية وفي عين المريسة سيقوم المستثمر جميل ابراهيم بمشروع سكني كبير للإفادة من عملية استثمار تصل الى 20%، سيما وأنه اشترى مجموعة من العقارات الصغيرة، كذلك هناك مشروع كرياكوس.
ويراوح سعر المتر المربع في الواجهة البحرية بين 14000 و18000 دولار، وبرج أبي حيدر والمصيطبة يصل السعر الى 4000 دولار، وفي الطريق الجديدة بين 2000 و3000 دولار، وفي الرملة البيضاء من 6000 الى 8000 دولار، وفي مار الياس 10000 دولار.
وقال فتحة إن الأسعار في لبنان لا تزال أقل من الأسعار الموجودة في دمشق وعمان، حيث يصل سعر المتر المربع بين 25000 الى 30000 دولار.
ورأى أن التطور العقاري الملحوظ الآن هو في بيروت الكبرى، على الرغم من المساحات القليلة للأراضي المخصصة للبناء، إذ يعمد المستثمرون الى شراء الأبنية القديمة، وبناء مشاريع كبيرة مكانها، وقال إن الاتجاه في المرحلة المقبلة سيكون باتجاه المصايف بدءاً من بحمدون وصوفر وحمانا والشبانية، وهذا لا يعني أن لا وجود للمشاريع العقارية في مناطق الشمال والجنوب وغيرها، إلا أنها تخضع لمعيار التوسع السكاني.
ومن جهته، اعتبر مدير عام مؤسسة كونتوار الأمانة العقارية وديع يوسف كنعان أن البعض يستغرب كيف أن العقار تأثر سلباً في كثير، إذا لم نقل معظم دول العالم، من أميركا إلى الخليج، بالأزمة المالية العالمية في الوقت الذي لم يحافظ العقار في لبنان على أعلى استقرار له فحسب، بل على نموه أيضاً لأسباب عدة، أهمها سياسة مصرف لبنان الحكيمة التي وفرت كل الضوابط اللازمة للإقراض العقاري، ولم تقل سياسة المصارف حكمة ترجمت قروضاً عقارية متنوعة وغير عشوائية ومدعومة وخالية من السقوف التي كانت تفرض سابقاً، ولا تقتصر هذه القروض على الشقق السكنية فحسب، بل تعدتها الى المشاريع العقارية وحتى الفلل، كل ذلك إنطلاقاً من قناعة راسخة وهي أن العقار في لبنان هو المنتج الأكثر أماناً والأكثر ربحية ويخلو من التقلبات كما هي الحال بالنسبة الى الذهب مثلاً وغيره. ولطالما مر لبنان بظروف صعبة ومع ذلك بقي العقار الملاذ الآمن للأموال والمدخرات.
ورأى كنعان أن المطورين العقاريين الأجانب كادوا يكونون في السابق اللاعبين الأساسيين على الساحة العقارية، أما اليوم، فقد بات صاحب المال اللبناني سيداً على ساحته، حتى أن أي مواطن يملك بعض المدخرات نراه يلجأ الى العقار سواء كان مهندساً أو محامياً أو رجل أعمال.
وأمل في أن تنهض المشاريع المتوسطة والكبيرة على عاتق شركات مساهمة تطرح أسهمها على المستثمرين أو الراغبين في الاستثمار، وقد أسست مجموعتنا أربع شركات مساهمة حتى الآن وتعد لطرح أسهمها في السوق في وقت قريب.
وحول مستقبل العقار في لبنان يؤكد كنعان أن العقار في لبنان قطع نادر وستتهافت عليه الأموال من كل صوب ما يزيد في سعره ويكمل مسيرته التصاعدية بشرط استمرار الاستقرار واغتنام فرصة الحكومة الجديدة للمضي بالمسيرة العقارية.
ويذكر الخبير العقاري بدراسة أعدها في العام 2005 توقعت أن يرتفع سعر العقار في لبنان حتى العام 2011 عشر مرات. وقال الواقع إن هذا الرقم قد تحقق في العديد من المناطق وهو في طور التحقق. ففي منطقة فقرا مثلاً كان يباع سعر المتر المربع بنحو 70 دولاراً أثناء إعداد الدراسة فيما يباع اليوم بـ700 دولار. ولا أغالي إذا قلت إن كل الأراضي اللبنانية، من دون استثناء ستحقق العشرة أضعاف.
واليوم يتوقع كنعان أن يركز المستثمرون على منطقة جبيل ساحلاً وجرداً، لما تتمتع به من بنية تحتية من مستشفيات وجامعات ومدارس وسياحات متعددة وتراث، ويكفي أن نشير إلى أن المتر المربع المبني على شاطئ جبيل يباع اليوم بنحو 4000 دولار وهو الرقم الذي لم يصل اليه شاطئ المتن أو كسروان. ولا يقل الرهان على البترون على الرهان على جبيل. اللتين كانتا تعرفان بـبلاد الدابة أي حيث كانت الدابة وسيلة النقل بين القرى، فتحولت اليوم الى بلاد السهر والسياحة على أنواعها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.