تبلغ فاتورة الغذاء في لبنان نحو 3 مليارات دولار، فيما قيمة الانتاج الزراعي هي بحدود 1،2 مليار دولار، وهذا يعني أن عجزاً في ميزان الغذاء يبلغ 1،8 مليار دولار، ويصل هذا العجز الى نسبة 80% في بعض السلع سنوياً.
ويكشف التقرير السنوي 2008 للمشروع الأخضر التابع لوزارة الزراعة اللبنانية، أن لدى لبنان مساحة تقدر بنحو 360 الف هكتار صالحة للزراعة من ضمنها 260 الف هكتار يتم استثمارها بينها 85000 هكتار مساحات مروية، ما يعني أن هناك 10 آلاف هكتار غير مستغلة، بمعنى أن نسبة الأراضي الزراعية تشكل ربع مساحة لبنان (284 الف هكتار، 47 % منها زراعات دائمة).
ويلفت التقرير الى أنه وفقاً لأقل التقديرات تفاؤلاً لا يمكن رفع الرقعة الزراعية في لبنان من 284000 هكتار مزروعة فعلاً الى 360000 هكتار الصالحة للزراعة باستصلاح المساحات غير المستغلة ثم الى 460 الف هكتار باستصلاح المساحات الممكن استصلاحها، وذلك وفق خطة عمل سنوية تقضي بزيادة بين 5000 هكتار و10000 هكتار شرط تأمين الاعتمادات اللازمة. علماً أن المشروع الأخضر في ظل الاعتمادات السنوية الأخيرة، تمكن من انجاز 10% من الطلبات المتراكمة التي تقدم بها المزارعون لاستصلاح أراضيهم، ولم يتمكن من إضافة اكثر من 250-300 هكتار، بينما الخطة الموضوعة أكبر من ذلك بأضعاف مضاعفة.
تراكم الطلبات
يؤمن القطاع الزراعي في لبنان 6% من الدخل الوطني، ويشغل ما بين 20 الى 30% من العمالة ويمثل نحو 20% من قيمة الصادرات. وهذا ما يؤكد اهمية عمل المشروع الاخضر في زيادة المساحات المزروعة وفرص العمل والدخل المتأتي من القطاع، لكن مشكلات عديدة تحول دون وضع خطة توسيع الرقعة الزراعية موضع التنفيذ. ورغم هذه الصعوبات ما زال المشروع حاجة ملحة، وتتطلب زيادة تمويل اعماله.
بالعودة الى تقرير 2008، وفي ما يتعلق بالطلبات المتراكمة فقد بلغ مجموعها 3021 طلباً (للاستصلاح والأعمال التكميلية)، وبلغت مساحة الأرض المراد استصلاحها 16500 دونم، أما التكلفة التقديرية فكانت 20،000،000،000 ليرة.
ويقول التقرير إن الطلبات التي ترد سنوياً لا يمكن تلبيتها بالكامل، إذ تقدر نسبة التي تأخذ طريقها للحجز والانجاز بين 15 و20%، وذلك بعد ارتفاع سعر صفيحة المازوت بنسبة 92% في سنة واحدة، وزيادة سعر طن الحديد بما يقارب الضعفين، وبذلك ازدادت التكلفة التقديرية لاستصلاح الدونم الواحد (الف متر مربع) بين 50 و60% كما ارتفعت تكلفة انشاء خزان الباطون 70%، وعليه فإن قيمة القرض الذي يمكن ان يعطى للمزارع الذي يريد استصلاح ارضه والمحدد بالمرسومين 7426/95 و4149/93 لم تعد تتماشى مع الارتفاع في الأسعار، ولم تعد تكفي لتحقيق الأهداف المتوخاة، ويقترح المشروع الأخضر مضاعفتها، لأن المساعدة التي يقدمها لا تكفي سوى لاستصلاح وتجهيز 2500 متر مربع (حسب أسعار العام 2000)، فيما حددت دراسات البنك الدولي مساحة الوحدة الزراعية بـ 5000 متر مربع في الأرض المروية و15000 متر مربع في الأرض البعلية.
أما في يتعلق بالطرق الزراعية، فيفيد التقرير أن العدد المنفذ في 2008 اقتصر على طريقين بطول 6،5 كيلومترات، فيما بلغ عدد الطرق المنفذة بين الأعوام 1999-2008 ستة وخمسين طريقاً بطول 184،5 كيلومتراً، اي بمعدل 6 او 5 طرق في العام طول الواحد منها 18 كيلو مترا.
وخلال العام 2008 بلغ عدد المستفيدين من الأعمال المنفذة والمستلمة 577 مزارعاً، وقدرت المساحة المستصلحة بـ 2571،4 مترا مربعا، و650 متراً مربعاً لأقنية الري، و13698 مترا مكعبا لخزانات الباطون، أما حجم المبالغ التي أنفقت على هذه الأعمال بالإضافة الى أعمدة الكرمة وحفر خزانات ونصوب مثمرة وتصوينات وري حديث، فهي4،423،066،000 ليرة، بزيادة تقارب مليار ليرة عن العام 2007 إذ بلغت 3،600،930،000 ليرة.
الخطة المائية
ويتناول المشروع الأخضر في تقريره خطته المائية، لزيادة الرقعة الزراعية والمساحات المروية لمضاعفة الانتاج والوصول الى انتاج اقتصادي يعود بالفائدة على المزارع ويحقق درجة في سلم الأمن الغذائي.
ويوضح ان أكثر من 513 مليون متر مكعب من مياه الأمطار أصبحت تخزن سنوياً بواسطة برك تليّة ترابية سعة الواحدة منها ما بين 50 الى 60 ألف متر مكعب من المياه، كما أن أكثر من 500 ألف متر مكعب تخزن سنوياً ضمن خزانات من الباطون المسلح قام المشروع الأخضر بتمويل انشائها، كما قام المشروع بالتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية (ايفاد) والبنك الدولي وبمساعدة تقنية من المنظمة العربية للتنمية الزراعية باعداد وتنفيذ برنامج شامل لخزن المياه ضمن بحيرات مائية سعة الواحدة منها نحو 75 ألف متر مكعب، بهدف تطوير القطاع الزراعي وزيادة انتاجه، إضافة الى الاستمرار بتشجيع انشاء برك في مختلف المناطق وخاصة في منطقة العاقورة، حيث أنشأ هناك 105 برك ترابية من أصل 228 بركة (15-25 ألف متر مكعب سعة الواحدة)، وقد ساهمت هذه البرك بعملية انماء نوعية وشكلت عاملاً أساياً في زيادة دخل المزارعين وتحسين معيشتهم والبقاء في قراهم.
وفي البقاع الشمالي تم تنفيذ 18 بركة في 2008 بحجم 297000 متر مكعب، وفي البقاع الجنوبي 7 برك بحجم 312000 متر، وفي الشمال 38 بركة بحجم 418239 متراً، وفي الجنوب 4 برك بحجم 117000 متر، وفي جبل لبنان 161 بركة بحجم 1896000 متر، ويكون مجموع البرك المنفذة في العام الماضي 228 بركة بحجم 4،330،239 مترا مكعبا.
وتأمل إدارة المشروع من خلال هذه البرك بزيادة الرقعة الزراعية والمقدرة الآن بـ 260 ألف هكتار (منها 140 ألفا أراض بعلية فيما الباقي أراض مروية) الى 275 ألف هكتار خلال العامين المقبلين، بتنفيذ خطة استصلاح تقضي بزيادة 5000-8000 دونم سنوياً شرط تأمين الاعتمادات اللازمة لها، علماً أن الطلبات المتراكمة لدى المشروع تفوق قيمتها 15 مليار ليرة.
المخاطر التي تتهدد الأراضي الزراعية
وضعت جمعية الثروة الحرجية والتنمية في لبنان تقريراً حول الغابات في لبنان 2007 بينت فيه ان الغابات هي احدى اهم الثروات الطبيعية في لبنان وأن لها أهمية اقتصادية كبيرة اذ تحتوي على الكثير من المنتوجات والمواد القيمة ويشكل التقرير قاعدة معلومات رئيسية متعلقة بالغابات في لبنان وادارتها واستعمالاتها ومستخدمها كما يعترف بوجود معطيات غير متوفرة في عدة مجالات نظراً لعدم دقتها أو وجودها.
تتميز الغابات في لبنان بتنوعها وخصائصها فهي تعد نموذجاً فريداً في البيئة القاحلة لشرق المتوسط وقد غطت 7% من مساحة لبنان حتى حزيران 2006.
ومن التهديدات الأساسية للغابات في لبنان الحرائق والتوسع العمراني والتغيير في نمط استخدام الاراضي بالاضافة الى المقالع والكسارات والحروب وغيرها وجميع هذه التهديدات بالاضافة الى الظروف الطبيعية والبيئية تتسبب في تقهقر الغابات بشكل عام وتعد الحرائق الخطر الأكبر الذي يهددها (قضت خلال موسم 2006 ـ 2007 على 3700 هكتار من المساحة الخضراء).
واذا كان العالم يحتفل في الخامس من حزيران من كل عام بيوم البيئة العالمي فان هذا اليوم في لبنان يشكل بداية موسم الحرائق وعنوانا من عناوين التدهور البيئي وتغيير المناخ لذا يجب علينا عند العمل على التخفيف من تدهور البيئة ان تتخذ ايضا تدابير للتكييف مع آثار هذا التدهور.
وتتعرض مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتهديد خطير بسبب ما يحدث من استنزاف للاراضي الزراعية الخصبة كون التوسع العمراني وغير العمراني يكون على حساب أجود الاراضي الزراعية التي تخرج من الاستثمار وهذا يشكل خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها كما ان ارتفاع معدلات تجريف الأراضي الزراعية ادى الى انخفاض المحاصيل الزراعية وتقليص الانتاجية والهجرة وانعدام الأمن الغذائي والاضرار بالموارد الاساسية والأنظمة البيئية لأن خسارة الكتلة الحيوية والمادة العضوية للتربة يتسبب في انبعاث الكربون في الهواء الجوي ويؤثر على جودة التربة وقدرتها على الاحتفاظ بالمياه والمواد الغذائية وهذا ما يحدث مشاكل جذرية تؤدي الى عدم فعالية القطاع الزراعي والى تراجع الانتاج نتيجة النزوح نحو المدن والى وجود بيئة غير ملائمة للزراعة بسبب شح المياه.
وتظهر آثار التصحر في النقص في الانتاجية الغذائية مما يقود الى عدم التوازن في العرض والطلب والهجرات والنزوح وما يرافقها من تفكك وتقب في الهيكلية الاقتصادية الاجتماعية مع خسارة اراض واسعة لها امكاناتهائلة لو استصلحت وهنا يبرز دور المشروع الأخضر في مكافحة التصحر عبر استثلاح المزيد من الاراضي غير الصالحة للزراعة ووضعها في خدمة المزارعين وتحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي وتأمين مورد لهم والحد من نزوح الريف.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.