ارتفعت نسبة تأجير السيارات في لبنان حتى آب (اغسطس) نحو 30% بالمقارنة مع العام 2008، إلا أن هذه النتيجة، وعلى الرغم من ايجابيتها لم تأتِ مطابقة للتوقعات العالية التي كان من المتوقع تحقيقها، بالمقارنة مع الوضع السياحي الاستثنائي، الذي عاشه لبنان هذه السنة، والتي يتوقع أن تقفل على مليوني سائح وبمداخيل مالية لن تقل عن 3،5 مليارات دولار.
ورغم الزيادة في أعداد السيارات المخصصة للتأجير من 10 آلاف سيارة في 2008 الى 13،5 ألف سيارة، والتي تعكس نمو الطلب، بيد أن هناك اللوحات البيضاء التي دخلت منافسة غير شرعية مع مكاتب التأجير، بالإضافة الى السيارات التي تدخل من خارج لبنان وتعمل في هذا القطاع دون أي ترخيص.
ويقول نقيب مكاتب وشركات تأجير السيارات محمد دقدوق، إن العام 2009 على صعيد تأجير السيارات هو الأفضل بعد العام 2004، فالسنوات التي تلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط (فبراير) 2005، أثرت على قطاعات الاقتصاد والانتاج والخدمات، وطبعاً لن يكون قطاع تأجير السيارات سائراً بخلافها، ولأن هذا القطاع تحركه السياحة، فإن لبنان لم يعرف الاستقرار الأمني والسياسي إلا في أعقاب اتفاق الدوحة في أيار (مايو) 2008، بين الفرقاء السياسيين بعد أكثر من 3 سنوات من الاضطرابات الأمنية والسياسية.
لكن دقدوق يعتبر أنه كان من الممكن تحقيق الأفضل، في ما لو لم تكن هناك منافسة غير شرعية. وقال أصبح هناك عشرات دكاكين السيارات للإيجار، فكل شخص لديه اقتدار مادي يشتري 4 أو 5 سيارات ويحولها الى التأجير، وهذا أمر غير شرعي ولم نسكت عنه، ورفعنا ظلامتنا الى وزارة السياحة المعنية بهذا الأمر، كذلك هناك منافسة لسيارات الإيجار الكبيرة التي تنافسها السيارات التي تأتي من دول الخليج.
ولفت دقدوق الى أن الموسم تحرك بدءاً من الشهر الرابع هذا العام الى الشهر الثامن، إلا أنه كان في ذروته في تموز (يوليو) وآب (أغسطس)، لكن الموسم عاد فتقهقر مع بداية شهر رمضان الفضيل، خصوصاً وأن جزءاً كبيراً من الذين ينعشون سوق التأجير في لبنان هم من سياح دول الخليج العربي. وأكد أن السياح في الإجمال يطلبون السيارات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ويبلغ متوسط بدل الواحدة من السيارات الفخمة 250 دولاراً في اليوم، في مقابل بدل متوسط للسيارة المتوسطة يبلغ 100 دولار، اما السيارة الصغيرة فيبلغ بدلها 45 دولاراً. وهناك نحو 145 مكتباً شرعياً لتأجير السيارات.
هذا على المستوى العام، أما إذا ذهبنا مناطقياً الى العاصمة الثانية تحديداً، فعلى الرغم من أعداد السياح القليلة التي تزور طرابلس، الا ان القطاعات المرتبطة بالسياحة شهدت حركة ناشطة خاصةً قطاع تأجير السيارات، والفضل في ذلك يعود للمغتربين الطرابلسيين الذين تدفقوا بأعداد هائلة هذه السنة لقضاء العطلة الصيفية في وطنهم الأُم وسط الأهل والأصحاب.
وقد أجمع أصحاب شركات تأجير السيارات، على ان سنة 2009 كانت سنة ممتازة بكل المقاييس في طرابلس والفضل الأول والأخير يعود للهدوء الأمني الذي نعم به لبنان مؤخراً، الا ان هذا لا يعني ان هذا القطاع لا يعاني من مشاكل عدة وابرزها وجود بعض المكاتب عير القانونية، وغير الحاصلة على الرخصة المفروضة من وزارة السياحة، مما يؤدي الى حصول مضاربة غير مشروعة في الأسعار بسبب تخفيض تعرفة الإيجار في هذه المكاتب لعدم تكبدهم المصاريف الضخمة المفروضة على المكاتب القانونية، بدءاً من الحصول على لوحة خضراء، وصولاً الى دفع ضرائب عالية والتأمين والميكانيك، انتهاءً بالخضوع الى الشروط المكلفة والواجب تنفيذها من قبل الوزارة المعنية.
كما يشكو العاملون في هذا القطاع من لامبالاة الجهات الرسمية في ملاحقة المخالفين، ويؤكدون ان استمرار نجاح هذا القطاع مرتبط 100% بالأوضاع الأمنية، وعلى الرغم من انه مربح الا انه قد يودي الى الإفلاس في حال حصول اي خضة امنية، تدخل الرعب في قلوب الزائرين وبالتالي تشلّ الحركة السياحية.
اعتمادعلى المغتربين
ويقول شادي الهوز (شركة هوز لتأجير السيارات)، ان حركة تأجير السيارات كانت ناشطة بالإجمال وقد زادت بنسبة 30% تقريباً عن السنة المنصرمة، واشار الى انه قبيل الإنتخابات بنحو أسبوعين شهدت الحركة نشاطاً لافتاً الا انها سجلت تراجعاً في بداية آب (أغسطس)، مع التوقع بان تعاود نشاطها خلال شهر رمضان المبارك، بسبب رغبة عدد لا بأس به من السياح بالقدوم الى لبنان لقضاء هذا الشهر الفضيل في لبنان، مشيراً الى ان شهر تموز (يوليو) يبلغ الذروة في هذا المجال.
وأوضح في طرابلس، لا يعتمد قطاع تأجير السيارات على السيّاح نظراً لقلة اعدادهم في مدينتنا، والإعتماد في المبدأ هو على المغتربين ذات الأُصول اللبنانية الذين قدموا هذه السنة بكثافة لتمضية العطلة الصيفية في وطنهم الأُم.
وبشأن طلبات الزبائن، اشار الى أن غالبية الناس ترغب باستئجار السيارات الإقتصادية بسبب ارتفاع سعر البنزين مؤخراً، وأضاف لا ارى ان قطاع السيارات وحده الناشط، انما، بل ان اغلب القطاعات التجارية والسياحية لأنها تشبه السلسلة وتتأثر بعضها ببعض.
وعن مشكلات القطاع، قال الهوز على المسؤولين الإهتمام أكثر بهذا القطاع لأنه مرتبط بالسياحة وبلدنا قائم اقتصادياً على القطاع السياحي بالدرجة الأُولى، وابرز المشاكل التي تعيق العمل هو توتر الأوضاع الأمنية، فعند وقوع اي خضة امنية نلاحظ ان الحركة قد سجّلت تراجعاً فورياً، بالإضافة الى ان المجرمين لا ينالون ما يستحقون من عقوبة عندما يعمدون الى سرقة السيارات، فمنذ فترة مثلاً تعرضنا لسرقة سيارة بقيمة 30 الف دولار، وعند القاء القبض على الفاعل حكم عليه بستة اشهر سجن، رغم اننا لم نتمكن من استعادة السيارة المسروقة مما سيشجعه على تكرار الفعل.
لم يوافق صاحب شركة فور الز لتأجير السيارات وليد الجعيدي على رأي شادي، وقال ان الموسم هذه السنة كان متراجعاً عن السنة الماضية، والسبب الرئيس يعود لوجود محال غير قانونية تقوم بتأجير السيارات خلافاً للأًصول القانونية، ودون الحصول على الرخصة اللازمة ولا على اللوحة الخضراء.
اضاف انشاء مكاتب لتأجير السيارات بطريقة قانونية يتطلب الكثير من التكاليف، فوزارة السياحة تتدخل في كل التفاصيل وتفرض الكثير من الشروط المرهقة، مما يكبدنا الكثير من الجهد والخسائر المادية من اجل الحصول على توقيع ورقة معينة، بالإضافة الى الضرائب والميكانيك والتأمين وعدم السماح بتأجير السيارات لأكثر من ثلاث سنوات مع فرض تأمين مخزن لوضع السيارات، والتدخل في مواصفات السيارات من حيث الحداثة وحتى نوعية الفرش، لتوفير الراحة المطلوبة للسائح، في حين ان هذه المكاتب توظف رأس مال بسيطاً جداً في شراء عدد من السيارات ومن ثم تأجيرها بنمرة بيضاء، وباسعار اقل من تسعيرة المكاتب القانونية وأيضاً دون التأكد من توفر الشروط اللازمة لدى المستأجر مما قد يتسبب ببعض المشاكل، والمستغرب هو غياب المحاسبة من قبل المسؤولين تماماً.
واوضح اعتمادنا الأساسي على المغتربين، لأن اعداد السياح قليلة في طرابلس ولا يقصدون طرابلس الا في حال البحث عن سيارات الإيجار بسبب عدم توافر طلبهم في بيروت.
واشار الى اكثر السيارات المطلوبة هي السيارات ذات المقاعد السبعة، وكذلك السيارات الإقتصادية والسيارات الأرخص ثمناً مما يدلّ على وجود ازمة اقتصادية عالمية.
المشكلات: السرقات والمكاتب غير القانونية
وعن المشاكل قال ابرز ما نعاني منه تعرضنا لحوادث سرقة مع اننا نحاول اخذ الضمانات الكافية ومع ذلك فقد تعرضنا لسرقة سيارتين تمكنا من استرجاع واحدة فقط، كما ان عملنا يتأثر بشكل كبير بالوضع الأمني ومن الممكن ان تتعرض لخسائر فادحة في اوقات الأزمات الأمنية.
اما اسعد بتروني صاحب شركة ( اي- م ) لتأجير السيارات فقال تعدّ هذه السنة من انشط السنوات التي مرّت علينا، اذ ان الحركة قد زادت بنسبة 50% عن السنة الماضية، وأكثر ما يدعو للإستغراب هو قدوم هذه الأعداد الهائلة من المغتربين وبالأخص من استراليا، وكما يبدو فان الجيل الجديد في استراليا محب للحياة ويبحث عن المتعة بغض النظر عن التكلفة، فلم الاحظ انهم كانوا يبحثون عن السيارات الإقتصادية، بل كانوا يطلبون السيارات الفخمة مهما كلفهم ذلك ولم تعنهم على الإطلاق فكرة التوفير باستئجار السيارات الرخيصة.
اما بالنسبة للمكاتب غير الشرعية، فقال الرزق على الله ولا احد يأخذ اكثر مما يقسم الله له، كما انني لا ارفض فكرة وجود هذه المكاتب، لأن سلوكهم لهذا الطريق من اجل الكسب والعيش افضل من سلوكهم طريق السرقة والإنحراف، كما ان حاجتهم دفعتهم لذلك ولو انهم وجدوا وسيلة اخرى للرزق لما عملوا في هذا المجال، لذا افضل عدم ملاحقتهم ما داموا لا يلحقون الضرر بالمجتمع، ولا يجوز محاسبتهم الا عند انصافهم وحصولهم على حقهم الطبيعي كمواطنين.
وفي ما خص حوادث السرقة التي يتعرض لها أغلب مكاتب تأجير السيارات، اشار الى انه لم يتعرض لحوادث تذكر، واوضح ان هذه المهنة تتطلب وجود فراسة وبعد نظر، اي عدم الطمع في المبلغ المعروض من المال مهما كان مغرياً، بل يجب التقصي عن المستأجر ومحاولة استدراجه من خلال محاورته حتى ولو كانت اوراقه المطلوبة سليمة لعدم الوقوع في المحظور.
وشدد قائلاً قطاعنا مرتبط 100% بالوضع الأمني وبوجود امثال ساستنا بالحكم نبقى دائماً في منطقة الخطر، لذا لا يمكن وضع خطة تجارية ولو قصيرة المدى لأننا لا نعلم ماذا يمكن ان يحصل غداً، لأن استقرار البلد للأسف مرتبط بمزاج الزعماء، لذا من الممكن ان يخسر احد التجار كل ماله بلمح البصر، وهذا الكلام لا يتعلق فقط بقطاع تأجير السيارات، بل بكافة القطاعات المرتبطة بالسياحة بشكل او بآخر، وهنا يمكن التأكيد انه لا يوجد في لبنان صاحب مؤسسة، لأن صاحب المؤسسة يملك حق فتحها واقفالها، اما في بلادنا فانه يفتحها فقط ومسألة اقفالها منوط بمزاج حكامنا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.