8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ينام في أدراج طابوريان رغم أطماع إسرائيل بثروات لبنان

انسحب اداء وزير الطاقة والمياه آلان طابوريان، المتسم بالتباطؤ في حل مشكلات المياه والكهرباء، انسحب على أهم ملف لبناني على مستوى الطاقة، هو ملف التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية، والذي تعززت اهميته بعد الاكتشافات الإسرائيلية لكميات هائلة من الغاز الطبيعي في سواحل الأراضي الفلسطينية المحتلة والقريبة من السواحل اللبنانية الجنوبية، وكان ذلك بمثابة جرس الإنذار للدولة اللبنانية، كي تعيد إحياء الملف القديم-الجديد، حيث اسرائيل لا تخفي أطماعها بأرض لبنان ومياهه، فكيف بالأحرى بالنفط والغاز، اللذين يشكلان اليوم مفتاح الحل لقضايا التنمية والاقتصاد وموازنات الدول.
وكانت قضية التنقيب عن النفط والغاز في لبنان، قد دخلت للمرة الاولى أروقة مجلس النواب في أيار (مايو) 2001، بعدما شهدت هذه القضية هبات باردة وهبات ساخنة متعددة ومحدودة في السابق، ولم تخرج ابعد من مقر وزارة النفط، بالرغم من وجود دراسات جيولوجية متعددة تشير الى وجود النفط والغاز، ولا سيما في المياه الاقليمية اللبنانية. إلا أن هذه الدراسات لم تستكمل كون تكلفة الاستخراج في ذلك الحين كانت غير اقتصادية. ويقول مصدر مطلع لـ المستقبل، إن تكلفة حفر البئر الواحدة تراوح بين 60 و 70 مليون دولار.
إلا أن الأمر اتخذ مساراً لبنانياً مختلفاً، بعد إعلان شركة اسرامكو منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي، أنها اكتشفت حقلاً كبيراً من الغاز الطبيعى قبالة سواحل حيفا المحتلة، وبحسب بيان الشركة، فإن هذا الحقل يقع على بعد 90 كيلومتراً قبالة سواحل حيفا، ويعدّ أهم حقل يجري اكتشافه فى المنطقة المحتلة حتى الآن، ويقدر إنتاجه بـ 15 مليار دولار على الأقل، وهو يكفيها لمدة ال30 سنة المقبلة.
وتملك شركة نوبل اينرجي النفطية الأميركية 36% من أسهم اسرامكو، فيما تملك شركتا ديليك دريلينغ وإفنر أويل آند غاز اكسبلوريشن الإسرائيليتان المتخصصتان في مجال الطاقة نسبة 10.35% منها. وبحسب وزير البنى التحتية الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر، فإن حقل الغاز يعدّ اكتشافاً تاريخياً سيغير مستقبل الصناعة الإسرائيلية.
وبدلاً من أن يقابل طابوريان الخطوة الإسرائيلية المتقدمة الى الأمام، بخطوتين الى الأمام، فإنه أمسك بمشروع قانون التنقيب عن النفط دون عرضه على مجلس الوزراء، أو تسليم لجنة الأشغال العامة نصاً رسمياً لهذا المشروع، رغم انها طالبته مراراً وتكراراً بذلك لتدارك الأخطار الإسرائيلية، التي تحدق بهذا الملف، وعلى الرغم أيضاً من الانذارات التي وجهتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، لشركة نوبل انيريجي بألا تتعدى على حدود لبنان في المنطقة الاقتصادية في الجنوب اللبناني، ومن أن الدولة اللبنانية لن تتساهل مع أي نشاط تقوم به الشركة المذكورة او غيرها مما قد يكون له أي تأثير سلبي على موارد لبنان النفطية في المياه الإقليمية للبنان، وكذلك ضمن المنطقة الإقتصادية الخالصة العائدة له.
والسؤال الملح أين أصبح ملف التنقيب عن النفط والغاز في لبنان؟
يقول مصدر مطلع على الملف منذ تولي الوزير محمد فنيش وزارة الطاقة والمياه، كان هناك إصرار من الرئيس الشهيد رفيق الحريري على متابعة هذا الملف بكل حيثياته وتفاصيله بشكل دوري وشهري، وعندما أتى الوزير محمد الصفدي الى الوزارة كانت هناك تحضيرات مع النروجيين، وقد وقع لبنان اتفاقاً مع النروج النفط من أجل التنمية في كانون الثاني (يناير) 2007، وبموجبه سيعمل النروجيون على وضع مسودة مشروع للتنقيب وكذلك المراسيم واتفاقات تقاسم الانتاج.
أما المحور الثاني من المساعدة النروجية فهي وضع قاعدة المعلومات التي يحتاج إليها لبنان، في ما يتعلق بجميع أنواع المسوح السايزمية الثانيئة والثلاثية الأبعاد، وهي بالطبع تحتاج الى جهاز لجمعها، ثم تحليلها لوضع التصورات اللازمة، وذلك لا يكون دون وضع DATA BASE.
والمحور الثالث يتعلق بعملية التحضير لعملية الترخيص الأولى، وهي عبارة عن إعلان يقول إن لبنان مهتم بعملية التنقيب، وعلى هذا الأساس يحصل التفاوض.
وهذه هي التحضيرات الأولى للترخيص، إلا أنها لن تنجز إذا لم ينجز القانون وتحدد المناطق الاقتصادية الخالصة للبنان.
ويضيف المصدر المطلع قائلاً، قبل الوزير آلان طابوريان، كان هناك فريق عمل مشترك بين وزارة الطاقة والمياه والحكومة يرأسها أحد القضاة، إلا أن الوزير طابوريان عندما أتى الى الوزارة أفشل اللجنة، إلا أن الفريق الفني المشترك بقي يعمل على وضع مشروع القانون بشكل حثيث ويومي مع الفريق النروجي. وقد عقدت نحو 5 ورشات عمل، شارك فيها خبراء وأخصائيون بمتابعة من وزارتي المال والبيئة.
ويؤكد المصدر أن مسودة مشروع القانون قد أنجزت، وتمت ترجمتها الى العربية في حزيران (يونيو) 2009، إلا أن الوزير طابوريان رفض عرضها على مجلس الوزراء واحتفظ بها، ولم يكتف بذلك بل رفض أيضاً عرض اتفاقية الغاز المصري على مجلس الوزراء، لأسباب تحفظ المصدر عن ذكرها.
وقال المصدر، إن قانون التنقيب الذي اطلع على تفاصيله، عصري وحديث يتناول الشقين الفني والإداري لتنظيم عملية التنقيب، وأضاف قائلاً إلا أن الأبرز هو الشق المالي القانون، الذي ينص على انشاء صندوق خاص بالعمليات النفطية، على أن توضع العائدات المتأتية من الغاز والنفط في الصندوق، ويدار من مجلس الوزراء، وهذا البند مهم مالياً، إذ إن الأجيال المقبلة ستستفيد من هذه الأموال.
أما في ما يتعلق بامكان أن تمد اسرائيل يدها وأطماعها الى المياه الإقليمية اللبنانية خلال عمليات التنقيب عند السواحل الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة، فيقول المصدر إنه حرصاً واستدراكاً من الدولة اللبنانية بشأن ما يجري من عمليات تنقيب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن الرئيس فؤاد السنيورة ألف لجنة مهمتها وضع تقرير عن الحدود الاقتصادية الخالصة، للبنان يرأسها المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، وتضم خبراء من الجيش اللبناني، وممثلين لوزارتي الطاقة والمياه والخلرجية، وقد وضعت اللجنة تقريرها، وقد وافق مجلس الوزراء على هذا التقرير على أن ترسل نسخة منه الى اللأمم المتحدة، وهذا التقرير يتضمن الأحداثيات المائية شمالاً وجنوباً أي مع سوريا وفلسطين وقبرص. وقال المصدر إن من شأن هذه الإحداثيات التي وضعت أن تتيح في المستقبل للشركات المهتمة بعملية التنقيب أن تطمئن الى الحدود المائية للبنان، ومن أنها تنقب داخل حدودنا لا خارجها.
ولفت الى أن لا مشكلة ترسيم حدود مائية مع السلطات السورية، وأن بامكان الجانب اللبناني ان يقوم بعملية الترسيم من طرف واحد بالاستناد الى قانون البحار، ويعتمد قواعد وأسساً علمية، هامش الخطأ فيها بسيط جداً، كما أن لبنان وقع اتفاقا مع الجانب القبرضي، وبالطبع فان التقرير هذا سيرسل الى المنظمة الدولية.
وبشأن قانون التنقيب الذي ترجم، قال المصدر، إن الحكومة العتيدة المزمع تشكيلها ستتولى عملية عرض القانون وسيكون ضمن أولوياتها، وبعد الموافقة عليه في مجلس الوزراء يرسل الى مجلس النواب لإقراره. وأضاف بالطبع ستكون هناك مراسيم حكومية الى جانب هذا القانون تتعلق بعمليات تقاسم الانتاج والترخيص.
وأوضح المصدر أن من أهم النقاط التي ستعمل عليها الحكومة المقبلة هي مسألة تعيين مدير عام للنفط يتولى رئاسة اللجنة التي ستتابع ملف التنقيب عن النفط والغاز. وقال إن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة كانت قد أجرت مقابلات مع نحو 100 مرشح لتولي هذا المنصب، إلا أنه لم يبق سوى 4 منهم، وعملية التعيين ستتولاها الحكومة المقبلة.
ولفت المصدر الى أن هناك تحضيرات فنية لموضوع التنقيب، وعلى رأسها مسألة تقسيم المياه الى مناطق ووضع استراتيجية للدولة بشأن السياسة النفطية مستقبلاً، وكذلك الشروط التي ستتقدم الى التنقيب، وعمليات التلزيم ودفاتر الشروط. بالإضافة الى عملية الترويج لذلك في المؤتمرات الخارجية، كل ذلك سيكون قبل الجولة الأولى للترخيص، كما أن لبنان بحاجة لإعداد كوادر للتعامل مع هذا الملف الحيوي والاستراتيجي، كون المديرية العامة للنفط خالية من الخبرات في هذا المجال، كما أنه يمكن الاستعانة بخبرات من الدول العربية الشقيقة. وتوقع أن يصل الى الجولة الأولى من الترخيص بين السنة والسنتين من الآن.
ومن جهته، يقول رئيس لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه النائب محمد قباني، بدأت متابعتنا لموضوع التنقيب عن النفط منذ نحو 4 سنوات، عندما كان المسح الثنائي الأبعاد في بداياته، وكنا دائماً نحرص على أمرين:
-أن تكون هناك جهة رسمية لبنانية تملك الكفاءة والصلاحيات لمتابعة الموضوع.
-أن يكون هناك وضوح في الرؤية اللبنانية لمسألة التنقيب أولاً والاستثمار ثانياً، من خلال وضع استراتيجية وسياسة نفطية واضحة.
ويضيف قباني قائلاً الآن تقدم المسح من مرحلة الثنائي الأبعاد الى مرحلة الثلاثي الأبعاد، لكن هذا التقدم الحاصل هو في منطقة محددة من البحر تقع بين بيروت والشمال، إلا أنه لا تقدم على مستوى الادارة وهو شبه معدوم من حيث الجهاز المسؤول عن متابعة الموضوع وسمّه ما شئت، فأين هو المدير العام للنفط، منذ 7 سنوات و3 أشهر لا زال هذا المنصب شاغراً، فكيف يمكن متابعة أمر بهذه الأهمية دون وجود للمدير العام للنفط؟. وهذا برأيي يشكل فضيحة بحد ذاته، كما أنه لا جهة حقيقية تتابع الملف، لا خبراء ولا رؤساء مصالح، وتابع ومن معالم التأخر في معالجة الموضوع أن العدو الإسرائيلي توصل الى اكتشافات مهمة ظهرت قبل ثلاثة أشهر، وبالتالي نحن في لبنان متأخرون عن دولة العدو نحو 4 سنوات، وقال إن متابعة الملف يتولاها الوزير ومستشاره ورئيس الحكومة ومستشاريه، إلا أنه لا جهة رسمية أو جهاز فني يتابع بدقة هذا الموضوع.
وقال قباني قطاع النفط والغاز في لبنان واعد، وقد يكون أفضل قطاع لجهة معالجة العجز المالي مستقبلاً، والذي تئن تحت وطأته الدولة الآن، رغم ذلك فإن الشركات تعمل وتمسح ولكن لا حسيب ولا رقيب، باستثناء رئيس الحكومة ومستشاريه والوزير ومستشاره الذي يتغير بتغير الوزير، فهل من فضيحة أكبر من ذلك، ومهزلة أشد. وبحسب علمي فإن الوزير في حكومة تصريف الأعمال اليوم لم يفعل شيئاً سوى إبلاغ المنظمة الدولية بالتنقيبات الإسرائيلية التي تتم اليوم، وإخطار الأمم المتحدة بضرورة عدم اقترابها من مياهنا الاقليمية.
ويضيف في حزيران (يونيو) 2007 عقدت لجنة الأشغال العامة والنقل جلسة، أبلغنا فيها مستشار الوزير محمد الصفدي آنذاك أنه يعد قانوناً للتنقيب عن النفط، لكن يمكن وضع قانون للتنقيب دون مناقشة السياسة النفطية للدولة، ونحن ننتظر أن تبلغنا الحكومة بذلك. وفي عهد طابوريان أبلغنا بأنه يضع مشروع قانون للتنقيب عن النفط واستثماره، ونحن لم نزل ننتظر أن يسلمنا إياه. والى الآن فإن طابوريان لم يسلم اللجنة لا سياسة نفطية ولا مشروع قانون للتنقيب عن النفط والغاز ينظم العملية التي يجب أن تبدأ اليوم قبل الغد. ومن المعروف أنه لا يمكن إجراء اي تنقيب دون أن تكون هناك استراتيجية أو قانون لذلك.
وأوضح قباني أن لبنان ليست لديه الامكانات المالية التي تكلف ملايين الدولارات، وعليه ان يستعين بشركات للتنقيب، لكن لا أحد منها يأتي إذا لم يكن هناك قانون يحمي حقوقها أو يفسر ماهية عملها، إذا كانت ستعطى ترخيصاً بالامتياز أو المشاركة.
وقال قباني منذ بداية العام وفي جلسة للجنة الأشغال والطاقة النيابية في 19 كانون الثاني (يناير) 2009، دعونا الى تشكيل هيئة مستقلة لإدارة القطاع النفطي، ودعونا الى تحديد المنطقة الاقتصادية، لكننا لم نحدد إلا مع قبرص، وعندما حددناها زعل الأتراك.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00