كثيرة هي العراقيل التي وضعت بوجه تنفيذ مشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري الاقتصادي وتحديداً في قطاع الكهرباء، والتي أدت إلى انهيار هذا القطاع، مع ضياع فرص التطوير والتحديث، وحلول الأعطال والتقنين مكانها، والمحصلة تحويل القطاع من رابح إلى خاسر، وزيادة العجز الذي يرهق خزينة الدولة يومياً، حيث ان تحويلات الخزينة الى المؤسسة وتكلفتها الناتجة عن تزايد الدين العام بلغت 25431 مليار ليرة منذ العام 1982 حتى العام 2008، أي ما يعادل نسبة 40% من صافي الدين العام بنهاية العام 2008. فيما على المواطن اللبناني مواصلة أنينه من عبء الكهرباء، حتى بات يلقب بـذي الفاتورتين واحدة للمؤسسة الرسمية وأخرى لأصحاب مولدات الكهرباء الخاصة.
وشرح العضو السابق في مجلس إدارة كهرباء لبنان، والاستشاري والباحث في علم الطاقة ومراكز التحكم بشبكة الكهرباء محمد عكاوي، أن مشروع الربط الكهربائي كان ضمن خطة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الاقتصادية لقطاع الكهرباء، التي وضعت العام 1995 وتم عرقلة تنفيذ معظم مكوناته.
وقال لقد أدت سياسة المناكفات والكيديات ضد الرئيس الشهيد إلى استمرار التقنين في التيار الكهربائي في كامل أرجاء الوطن. وتطابقت دراستان أجريتا خلال الفصل الأول من عام 2009 من حيث كمية الطاقة غير المؤمنة للمستهلكين نتيجة التقنين اليومي والخسائر الفنية، وبلغت هذه الكمية لعام 2008 نحو 3000 جيغاواط ساعة (3000 GWh) وأدت إلى خسائر في الاقتصاد الوطني بمقدار 2,1 مليار دولار في العام 2008 على أساس 0,7 دولار لكل كيلو واط ساعة (0.7 $/KWh).
وأضاف خلافاً لما كان يتهمه به البعض حتى وبعد استشهاده، من أن مشروعه في قطاع الكهرباء كان غير متكامل أو مترابط، وأن عجز الكهرباء ناتج عن سوء تخطيط وعدم وضع جدول زمني، يبرمج تنفيذ مشاريع الإنتاج والنقل، وعلى عكس هذه الافتراءات والأكاذيب، التي تهدف في مكان ما إلى كسب نتائج سياسية قائمة على التضليل والتعمية عن الحقيقة، فإن مشروع الرئيس الشهيد في مجال الكهرباء كان متكاملاً، بل وأكثر من ذلك كان استباقياً في خطط التحديث التي وضعت للقطاع، وقد لحظ مشروعه جدولاً زمنياً لتنفيذ جميع مكونات المشروع: معامل إنتاج، محطات تحويل، شبكة الـ220 كيلو فولت، الوصلة الهوائية بتوتر400 كيلو فولت ضمن مشروع الربط الكهربائي الثماني، مركز التحكم بشبكة الكهرباء، إنشاء محطة بحرية للغاز الطبيعي، بما في ذلك إنشاء خزانات للغاز السائل لزوم معامل الإنتاج المتطورة في البداوي والزهراني، وضبط جباية الطاقة وتخصيص قطاع التوزيع، ووضع تعرفة متحركة مرتبطة بأسعار المشتقات النفطية، وغيرها بحيث يتم تشغيل جميع تجهيزات المشروع فور الانتهاء من تنفيذها، مما يؤدى إلى تأمين توزيع الطاقة بشكل متوازن وعلى مدار الساعة. ان معظم مكونات مشروع الرئيس الشهيد، إما لم تنفذ لتاريخه أو تأخر تنفيذها.
وأوضح عكاوي أن مشروع الربط الكهربائي للدول الثمانية (مصر والعراق والأردن ولبنان وسوريا وتركيا وليبيا وفلسطين)، يشمل تمديد خطوط الوصل المشتركة بقدرة 400 كيلو فولت، مع شبكة الربط الثماني وذلك بين كسارة والحدود السورية بتكلفة 5.9 ملايين دولار، وإنشاء محطة التحويل في كسارة 400 كيلو فولت/220 كيلو فولت وذلك لربطها مع الشبكة الوطنية 220 كيلو فولت بتكلفة 7.3 ملايين دولار.
ويسمح هذا المشروع بتبادل طاقة كهربائية تبلغ 300 ميغاواط، على المدى القصير، و600 ميغاواط على المديين المتوسط والطويل. وقد تم تنفيذ مشروع الربط الكهربائي أوائل هذه السنة، أي بتأخير نحو 10 سنوات، حيث كان مخططاً بحسب الجدول الزمني لتنفيذ جميع مكونات مشروع الرئيس الشهيد ان يكتمل تنفيذه في كانون ألأول (ديسمبر) 1999. وهذا التأخير سببه العراقيل السياسية، التي وضعت في وجه مشروع الرئيس الشهيد الاقتصادي ولا سيما في قطاع الكهرباء، الذي لم ينفذ بشكل متكامل، كما أن ما نفذ منه لم يتقيد بالمراحل الزمنية المطلوبة التي وضعت للمشروع، وهو ما أدى عملياً إلى تدهور القطاع من الناحيتين الفنية والمالية، والى هدر أموال طائلة في خزينة الدولة، من خلال الاستمرار في إعطاء مؤسسة الكهرباء السلفة تلو السلفة، لسداد ديونها المتراكمة وبدرجة أكبر خوفاً من انهيار القطاع كلياً.
ولفت عكاوي الى أن مشروع الرئيس الشهيد كان قد حدد 31/12/ 1999 حداً أقصى لوقف السلف المعطاة لمصلحة مؤسسة الكهرباء. كما أن التأخير أو عدم تنفيذ أهم مكونات مشروعه كشبكة النقل، والربط الكهربائي، ومركز الوطني للتحكم مع انجاز تجهيز معامل الإنتاج ومحطات التحويل المتطورة، أدى إلى عدم استثمارها، وبدأت الدولة تدفع ديونها وتكلفة تشغيل المعامل قبل الإفادة الكلية منها.
وقال إضافة لمشروع الربط الكهربائي ولزيادة قدرات معامل الإنتاج، وللحؤول دون زيادة التقنين في التيار الكهربائي، فقد لحظ مشروع الرئيس الشهيد لقطاع الكهرباء 82 مليون دولار لاستحداث مجموعات إنتاج جديدة، بقدرة 150 ميغاواط في معمل الجية عام 2002، كذلك استبدال المجموعتين البخاريتين 1و2 والمجموعات الغازية في معمل الذوق بعد تقاعدها عام 2001. علما انه لم يتم ذلك ربما لأسباب سياسية أو بسبب موقع هذين المعملين الجغرافي. خصوصاً ان مدينة بيروت تتغذى بالتيار من معمل الجية بواسطة كابل جوفي بتوتر 150ك.ف مرتبط بمحطة تحويل في منطقة البسطة.
كما لحظت الخطة استبدال المجموعات البخارية 3، 4، و5 في معمل الجية عام 2010، وباقي المجموعات في الذوق والمجموعة البخارية في الحريشة في العام 2015. علماً أن البنك الدولي حدد العام 2001 موعداً أقصى لاستحداث مجموعات إنتاج جديدة في الجية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.