فوت لبنان على نفسه ضربة استباقية، سيكون لها مضاعفاتها السلبية، مع إعلان العدو الاسرائيلي عن اكتشاف كميات هائلة من الغاز الطبيعي قبالة شاطئ حيفا، وبالتالي على لبنان أن يبادر الى خطوات عملية وقانونية في آن، تحول دون تمكن إسرائيل من سلب الثروة المحتملة للبنان من الغاز الطبيعي، كجري عادتها في سرقة مياه الحاصباني والوزاني ومزارع شبعا.
الأهم أن إسرائيل التي تسرطنت في فلسطين، بناء على تحريفات وتخريفات توراتية وتلمودية، أتبعتها بدعم سياسي وعسكري منقطع النظير، بدءاً من العام 1917، سيزيد اغتصابها للأراضي الفلسطينة عقب اكتشاف حقل الغاز الهائل قبالة شاطئ حيفا، والذي أجرتها شركة نوبل إنرجي الشريكة لشركة اسرامكو الاسرائيلية، دون النظر الى حدود المنطقة الاقتصادية التي تتبع لفلسطين المحتلة، وهو ما يستدعي التعجيل راهناً بموضوع تحديد المنطقة الاقتصادية للبنان، أقله كي لا تمد إسرائيل يدها الى الأحواض المشتركة في ما بينها وبين لبنان، إلا أن هذا الموضوع تحول دونه عقبات جمة، وهو الأمر الذي ستبحثه اللجنة الموكلة بهذا الموضوع برئاسة عبد الحفيظ القيسي، بعد ظهر غد الثلاثاء مع رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة.
إذاً مع ارتفاع أسهم احتمالات وجود غاز طبيعي في المياه اللبنانية، بعد الكشف الاسرائيلي، فإن دوامة الحديث عن احتمال وجود ثروة نفط وغاز في لبنان، وبعد إجراء المسوح السايزمية الثنائية والثلاثية الأبعاد، لكل من شركتي سبكتروم وجي بي أس النروجية، فإن الأمر بات منوطاً بالتنفيذ والتعهد الرسمي الجدي في هذا الموضوع سريعاً، حتى لا يضيع لبنان فرصة ذهبية، خصوصاً مع وقف تنفيذ إمداد لبنان من الغاز الطبيعي من سوريا أو عبر خط الغاز المصري.
قد يكون من المفيد التذكير أن لبنان، أجرى أكثر من 7 محاولات للتنقيب عن النفط والغاز ما بين العامين 1947 و1966، فضلاً عن الدراسات حول هذا الموضوع، لتعود المحاولات مع شركتي سبكتروم وجي بي أس، ففي العام 2003، لفت وزير الطاقة آنذاك محمد عبد الحميد بيضون، أن مسح سبكتروم الزلزالي بين أن في لبنان امكانات كبيرة وهائلة لوجود النفط والغاز. لتؤكد الشركة النروجية بعدها، احتمال وجود لكميات نفطية تجارية في مياه لبنان الاقليمية.
يرى رئيس لجنة الأشغال العام والنقل النيابية النائب محمد قباني، أنه لا بد من الإسراع في أمرين، الأول إرساء سياسة نفطية نهائية للبنان ليطلع عليها مجلس النواب، والثاني هو الإسراع في انجاز قانون النفط خلال شهر واحد، لأن انجاز هذا القانون بعد شباط (فبراير) المقبل، سيكون من الصعب إقراره خلال الدورة الحالية للمجلس، باعتبار أن البلاد ستكون منشغلة بموضع الانتخابات النيابية.
ويروي قباني، أن الكلام عن وجودالنفط يعود الى الخمسينات، إلا أن التقديرات آنذاك أن تكلفة استخراجه لا تبرر القيام بذلك باعتبار الأمر غير مجد، إذ لم يكن يتجاوز سعر البرميل بضعة دولارات، وكان من الأفضل استيراده من مصادره، بدلاً من التنقيب عنه في أرضنا، وكان يستورد من المملكة العربية السعودية والعراق.
إلا أنه بعد ارتفاع أسعار النفط أصبح مجدياً إجراء التنقيب الجدي وهو ما تم وكان مركزاً في البحر، بداية كان المسح الثنائي الأبعاد بواسطة شركة سبكتروم البريطانية ثم الثاثي الأبعاد مع شركة بي جي أس النروجية التي أنهت عملها قبل سنة ونصف السنة.
ولفت الى أنه في مطلع العام 2007 طلبت لجنتنا النيابية من الحكومة اعداد سياسة نفطية، وكذلك معالجة الثغرة الكبيرة الموجودة بغياب وزارة للنفط، ففي وزارة الطاقة اليوم لا يوجد مدير عام للطاقة ولا جهاز تابع للوزارة بهذا الشأن، والعمل في هذا المضمار كان محصوراً بالوزير ومستشاريه، والسؤال كيف نتصدى لحجم كبير وبهذه الأهمية في غياب أي جهاز.
خلال عام ونصف عام من الآن لم تتم أي خطوة جدية سوى العمل على صياغة سياسة نفطية، إلا أنها ما تزال بحاجة الى تعديلات وتنقيح من قبل الوزير الحالي آلان طابوريان.
ومن جهة ثانية، كنا دائماً نحرص على حفظ حقوق لبنان لما قد يكتشفه في بحره من نفط أو غاز. فبالإضافة الى الفراغ الاداري كانت شركات التنقيب تعمل بما يشبه الاستقلال الذاتي أي أنه لا يوجد متابعة جدية ودائمة من قبل لبنان الرسمي من ناحية، ومن ناحية أخرى كنا نحرص على أن نحدد المنطقة التي تشكل حقاً للبنان وهي المنطقة الاقتصادية التي تتعدى المياه الاقليمية، وتم توقيع اتفاقية بهذا الشأن مع قبرص، إلا أن الاتفاقية لم تحال الى مجلس النواب، ثم أن المسح السايزمي الذي ذكرناه كان محصوراً في المنطقة الشمالية (شمال بيروت).
لكن هل لبنان لديه فعلاً ثروة من الغاز أو النفط، يقول قباني أتى الاعلان قبل بضعة أيام عن اكتشاف حقل للغاز قبالة شاطئ حيفا في فلسطين المحتلة وعلى بعد 60 كيلومتر منها، ليعزز أمرين:
-الاعتقاد يوجود ثروة من الغاز أو النفط في بحرنا لأن حيفا غير بعيدة من لبنان.
-تعزيز المخاوف من أن يكون هناك حوض مشترك بين بحرنا وبحر فلسطين المحتلة، بحيث يقوم العدو الاسرائيلي باستغلال الحقل وسحب محتواه من النفط والغاز قبل أن نتمكن من ذلك.
لذلك، أوصينا الحكومة بأن تسرع عملية تحديد حدود منطقتنا الاقتصادية في البحر، التي كلفت المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، باعتبار أن الشواطئ البحرية تختص بها وزارة النقل، لنقوم بتليغ ذلك الى المنظمة الدولية لحفظ حقوقنا في هذه المنطقة.
من ناحية ثانية طالبنا الحكومة بتوجيه كتاب الى مجموعة الشركات التي تقوم بعمليات تنقيب للغاز لدى العدو الاسرائيلي والتي تقودها شركة نوبل انرجي الأميركية، بألا تتعدى على منطقتنا الاقتصادية في حال وجود حوض مشترك بيننا وبين العدو في فلسطين المحتلة.
كما طالبنا وزير الطاقة الاسراع بمباشرة المسح السايزمي في مياهنا الجنوبية، للكشف عن الأحواض المتوقعة قرب الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية في البحر المتوسط. فنحن لا نستطيع أن نتفرج أو نعمل ببطء، في ما العدو يستعجل استخراج النفط والغاز وربما بتعدى على حقوقنا وثروتنا النفطية.
وأشار الى أن كمية الغاز المكتشفة قبالة شواطئ فلسطين المحتلة، تقدر قيمتها ب15 مليار دولار بالأسعار الحالية، إلا أن سعر الغاز ارتفع بعدما كان منخفضاً وهذا بالطبع سيحدث نقلة نوعية كبيرة بالنسبة للبنان، في ما لو تم اكتشاف الغاز أو النفط لدينا، فباب الخلاص للبنان ساعتئذ من ديونه، ويحقق عامل الرخاء للأجيال المقبلة، لأننا تأخرنا 4 سنوات عما يجب أن يكون عليه التنقيب، وإذا عملنا بجدية فإن الانتقال من مرحلة التوقع النظرية الى مرحلة العمل السايزمي وبعد ذلك الى مرحلة الاكتشاف ومن ثم مرحلة التثمير التجاري، كل ذلك يحتاج الى مدة لا تقل عن 8 الى 10 سنوات، لكن علينا أن نبدأ.
وأكد أن هذا الاهتمام لا يجب أن يعيق اهتمامنا الجدي بمسألة المحروقات والكهرباء لأن ذلك لن يحصل قبل أقل من 8 سنوات ليأخذ عملنا البعد التجاري، لذلك لا نستطيع أن نتوقف للتحول الى الغاز في معامل الكهرباء واستعماله في مجالات عدة.
وعلينا أن نجد حلاً لمصفاتي الزهراني والبداوي، لأنهما يستعملان كخزانات فقط، وهو أمر غريب، ولكن كل هذه الأمور تحتاج الى وجود وزارة نفط جدية والاسراع في انشاء هيئة رسمية تملك القدرة على الحركة بعيداً عن الروتين الاداري، للاشراف على التنقيب، وقال نحن نفكر أيضاً بمجلس أعلى للطاقة لتحقيق أرفع مستوى لمتابعة هذا الموضوع على أن يكون المجلس تابعاً لرئاسة الحكومة.
أما المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، فيشير الى أنه في ما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية للبنان، فإنه بموجب قانون البحار، فإنه لا بد للبلدان المتجاورة من تحديد مناطقها هذه داخل البحار، وعليه فإن لبنان كان قد أجرى نوعاً من الاتفاقية مع قبرص، إلا لأن الأمر لم يكتمل مع وجود انقسام الجزيرة القبرصية الى قبرصين، إلا أنه تم الاتفاق على تحديد 5 أميال بدءاً من الشواطئ اللبنانية ومن فوق 5 أميال لتحديد المنطقة، إلا أن المشكلة لا تقف عند هذا الحد، إذ يتجاور مع لبنان كل من سوريا واسرائيل وقبرص وكذلك هناك مياه مشتركة مع مصر.
ويلفت الى أنه بالنسبة لاسرائيل، فإن أي شركة تبحث عن النفط لديها لا بد أن ترى الاتفاقات الموقعة مع بلدان الجوار، إلا أن اسرائيل التي لا اتفاقية موقعة معها، استعانت بشركة أميركية، وبالتالي فإن الشركة عملت من دون أي إطلاع على المنطقة الاقتصادية، لذلك قررنا إرسال كتاب الى شركة إنرجي الأميركي، عبر وزارة الخارجية لنرى كيف عملت الشركة وفي أي منطقة.
ولفت الى أن تحديد المناطق الاقتصادية للبنان مع دول الجوار ليس بالأمر السهل، في ظل المناخات السياسية بين هذه الدول، لافتاً الى أن لبنان بامكانه الاطلاع حالياً على الخرائط التي لديه لتحديد نقاط مبدئية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.