8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التهريب والطمع والخوف وراء أزمة المازوت في السوق حجم الطلب يرتفع6ملايين ليتر يومياً

بين إغراق وزارة الطاقة السوق المحلية بمادة المازوت الأحمر بنحو 10 ملايين ليتر يومياً، وانخفاض سعر الصفيحة الى 13000 ليرة، فإن مواطني المناطق الباردة من لبنان (عكار، البقاع وجبل لبنان)، تصطك أسنانهم من الصقيع، بفعل الشح المتعمد في الأسواق، أما شنكاش المسؤولية عن الأزمة، فهو ضائع بين الوزارة وشركات النفط والمحطات، والأسباب أيضاً موزعة بين عمليات تهريب الى سوريا، وفوبيا الناس من ارتفاع أسعار المازوت مجدداً والبيع في السوق السوداء لجني الأرباح.
لكن السؤال هو من الذي يريد أن يحول المادة الشعبية، مادة قابلة للاحتراق، بدلاً من أن تكون برداً وسلاماً على اللبنانيين، مع انخفاض الأسعار وربح الدولة اليوم لنحو 70 دولاراً في طن المازوت (سعره واصلاً الى لبنان 425 دولاراً)، ولماذا اندفاع المواطن نحو التخزين بطاقة تفوق حاجته من 5000 ليتر الى 50000 ليتر، إنه الجشع والطمع والخوف، الذي يدخل المازوت مجدداً في خانة السجال السياسي والانتخابي، أما المهربون المنظمون الذين يعيثون فساداً بالاتجاهين السوري واللبناني، فإن المصلحة بكافة أنواعها، تقضي برسم الحدود وضبطها، حتى لا تبقى الاتفاقات المشتركة المتعلقة بالمعابر الحدودية بين البلدين حبراً على ورق، وحتى لا يبقى جني ملايين الدولارات على حساب الخزينة اللبنانية، لتنمية اقتصاد الظل.
فقد قالت مصادر معنية بقطاع المحروقات في لبنان لالمستقبل، إن جزءاً من أزمة المازوت الأحمر المخصص للاستهلاك المحلي ولأغراض التدفئة في المناطق الجبلية، مرده الى عمليات تهريب من لبنان الى سوريا، بعدما كان يحصل العكس سابقاً، بسبب الفارق في الأسعار بين البلدين، ويصل سعر الصفيحة (20 ليتراً) نحو 13000 ليرة في لبنان، وفي سوريا يصل الى 16500 ليرة.
واتهمت هذه المصادر وزارة الطاقة بسوء الإدارة في عمليات توزيع المازوت في السوق المحلية، وقالت إن استيراد المازوت الأحمر يقع على عاتق الدولة، أما الشركات المستوردة فيقتصر استيرادها على المازوت الأخضر وبالطبع البنزين، مضيفة أنه بالامكان حل الأزمة القائمة والتخفيف من وطأتها، مع السماح للشركات النفطية باستيراد المازوت الأحمر.
واعتبرت أن الأزمة غير مبررة، لأن الدولة تحقق مكاسب مادية من شراء مادة المازوت، فالدعم انتهت مفاعليه في اللحظة التي انخفض فيها سعر الصفيحة تحت سقف 15000 ليرة، وهو ما يجعل السؤال مشروعاً حول ما هية الأزمة؟.
إلا أن هذه المصادر نفت أن تكون أسباب الأزمة سياسية، إنما استغلت سياسياً لأغراض انتخابية، فهناك كوتات (حصص) أكبر لفئات سياسية دون أخرى.
وفي المقابل، قال المدير العام لمنشآت النفط في البدواي والزهراني سركيس حليس لالمستقبل، إن الأزمة في جزء كبير منها، مردها حالة هلع تسود الناس وبعض المناطق، وهو ما يدفعها الى عمليات استهلاك فائضة عن حاجتها، لأغراض التخزين وخصوصاً في المناطق الباردة من لبنان، خشية معاودة أسعار النفط الى الارتفاع مجدداً. فعندما انهار سعر صفيحة المازوت الأحمر من 40 ألف ليرة ليرة خلال المدة التي وصل فيها سعر البرميل الى 147 دولاراً في تموز (يوليو) 2008، الى 13000 ليرة اليوم، اعتمد الناس سياسة التأجيل في عمليات التخزين خشية هبوط السعر أكثر فأكثر، إلا أنه بمجرد تنامي الحديث عن أزمة في مادة المازوت، ازداد حجم الطلب عما هو معتاد.
وأضاف حليس، في مثل هذه الأيام (أيام الذروة حيث يستخدم المازوت الأحمر لأغراض التدفئة مع بداية فصل الشتاء) تبلغ حاجة السوق المحلية بين 3 و4 ملايين ليتر يومياً، إلا أن حجم الطلب ارتفع الى ما بين 9 و10 ملايين ليتر في اليوم، وهو رقم مرتفع جداً في لبنان، ففي الأول من كانون الأول (ديسمبر) الماضي وحتى الخامس عشر منه ضخت المنشآت نحو 19 مليون ليتر، وبعد الدعم الحكومي في الخامس عشر من نفس الشهر وحتى 31 منه ضخت المنشآت 85 مليون ليتر، وهذه برأيي أرقام قياسية ولا سوابق لها.
ولفت الى أن الشركات تستورد نحو 300 ألف طن من المازوت الأخضر، وأما المازوت الأحمر فتستورده الدولة من خلال إجراء مناقصات عامة تجريها، كنا نستورد باخرة كل 15 يوم أما اليوم ومع زيادة الطلب أصبحنا نستورد باخرة كل 5 أيام، فالكميات ارتفعت ثلاثة أضعاف عن السابق، وقال إن السوق المحلية اليوم تشبه الإسفنجة التي تمتص كل الكميات التي نفع بها الى السوق، إلا أن الأزمة لن تستمر أكثر من أسبوع، فنحن نلجأ اليوم الى عمليات إغراق للسوق، وبالتالي لا بد للأزمة من أن تنتهي.
أما نقيب أصحاب محطات المحروقات سامي البراكس، فحمل المسؤولية لكل من وزارة النفط والشركات المستوردة للنفط، نافياً أن يكون هناك أي دور للمحطات في الأزمة، قائلاً إن الشركات تعطينا المازوت بكميات محدودة، ونحن بدورنا لا مصلحة لنا بتخزينها، إلا أن السؤال هي أين تذهب الكميات الفائضة التي تتحدث عنها الوزارة، يقولون هناك ثلاثة ملايين ليتر زيادة على الكميات التي كانت توزع في السابق، لكن أين ذهبت، الأرجح الى السوق السوداء التي يمكن من خلالها جني أرباح أكثر من المحطات، فالمحطات لا تربح سوى 270 ليرة عن كل صفيحة مازوت.
ووجه البراكس نداء الى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، لتعيين عضوين من وزارتي المال والاقتصاد في اللجنة التي شكلت لمعالجة أوضاع السوق النفطية وجعالة أصحاب المحطات.
يذكر أن لبنان يستهلك نحو 225 ألف طن خلال أشهر الشتاء الثلاثة، ويبلغ معدل الاستهلاك اليومي في الأحوال العادية نحو 100 صفيحة يومياً من المازوت الأحمر، وستورد لبنان نحو 1،8 مليون طن سنوياً، 50% لمصلحة كهرباء لبنان و50% للسوق المحلية، والمازوت معفى من الرسوم الجمركية إلا أنها تتقاضى الضريبة على القيمة المضافة، وتتسع خزانات الزهراني والبداوي ل200 ألف طن مازوت، ويوزع المازوت عبر شركات نفط متعاقدة مع وزارة الطاقة، وتنقل الى نحو 3000 محطة محروقات بواسطة 1200 صهريج.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00