فتحت أزمة الأمطار الأخيرة، والسيول التي تسببت بها في جزء من شوارع بيروت، الأنظار تجاه وزارة الأشغال العامة وتحديداً المديرية العامة للطرق والمباني، المسؤولة عن تأهيل وصيانة وتأهيل الطرق بالإضافة الى صيانة المباني الحكومية، وفيما بدا تقاذف كرة المسؤولية سهلاً، لغياب التنسيق بين المعنيين بأمر الطرق من وزارات وإدارات رسمية، وضع المدير العام للطرق والمباني فادي النمار، مسؤولية ما حصل في بيروت على عاتق بلديتها، وقال في حديث مع المستقبل، إن ما شهدته العاصمة وتحديداً بيروت الإدارية، يقع على عاتق بلدية بيروت، لأنها ليست من ضمن مهمات وزارة الأشغال، وقد سبق لوزير الأشغال العامة غازي العريضي أن حدد المسؤولية بقوله إن المشكلة ليست مع وزارة الأشغال، ولذلك نحن نشدد على ضرورة وجود سياسة واضحة شاملة ورؤية كاملة أولاً على مستوى مدينة بيروت، وثانياً على مستوى المناطق اللبنانية، وتحديد المسؤوليات في إطار تنسيق كامل بين المؤسسات المعنية لمثل هذه الأعمال. لافتاً الى أنه أما في ما خص التنسيق بين الوزارة وجميع الإدارات والوزارات المعنية بالطرق، فيكاد يكون معدوماً، التنسيق كما نعرفه هو أن الادارة أو الوزارة التي لديها أعمال على الطرق يجب أن تتقدم برخصة لهذه الأشغال الى وزارتنا، للعمل ضمن مواصفات محددة، تمنع ازدواجية العمل على نفس الطريق، ولذلك نقترح ونظراً لغياب وزارة التصميم، انشاء لجنة متخصصة ودائمة بين الوزارة وكافة الوزارات والادارات المعنية لمنع ازدواجية العمل ووقف الهدر.
إلا أن مشهد التقتير في الأشغال، يعزوه النمار، الى الانخفاض المستمر لوضعية المتوازنة والاعتمادات المتوفرة منذ العام 2000 وبنسبة لا تقل عن 65%، تماشياً مع وضعية المالية العامة الآن وسياسة الحد من النفقات، وهو ما يؤدي الى انكماش ملحوظ في مشاريع الطرق في الأساس كنا نضع في أولويات الخطط المعتمدة في كل عام للصيانة والتأهيل والمشاريع، ونرفعها لتأتي الموازنة على أساسها، الآن اختلف الوضع اذ تعطى الأموال ونضع المشاريع والصيانة والتأهيل على أساسها.
واذ اقترح النمار انشاء صندوق مستقل لصيانة وتأهيل الطرق تشرف عليه وزارة المال، أكد أن وزارة الأشغال لديها برنامج عمل يوضع كل عام وهو يشمل المناطق اللبنانية كافة دون تمييز بين منطقة وأخرى، وذلك في اطار سياسة الانماء المتوازن المتبعة في الوزارة، ونقصد التوازن الفني لا الطائفي. وهذا البرنامج يعتمد وسائل علمية تسمح بمتابعة شاملة لأوضاع مختلف اقسام شبكة الطرق وتبين حاجاتها وتحدد المواعيد المناسبة للقيام بتجديد تزفيت أو تقوية أو تأهيل مع مراعاة الأولويات الحقيقية والجدوى الاقتصادية.
ونوه النمار بمبادرة رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري بتقديمه 6،5 ملايين دولار لانشاء جسور مشاة على كل الاراضي اللبنانية.
وفي ما يلي نص الحوار:
بداية يشير النمار الى أن قطاع المواصلات يلعب دوراً رئيسياً في تنمية وازدهار الاقتصاد حيث تُشكل شبكة الطرق اللبنانية المصنفة العصب الأساسي لاتصال مختلف المناطق اللبنانية بعضها ببعض مشكّلة رأسمالاً قومياً هاماً ينبغي المحافظة عليه عبر تأهيل هذه الشبكة وتطويرها وتحديثها وضمان إيصال خدمة الطرق للقرى والمناطق كافة.
والمديرية العامة للطرق والمباني في وزارة الأشغال العامة والنقل تتولى شؤون شبكة الطرق العامة المصنفة التي توازي تقريباً نحو 7000 كلم طولي أما بالنسبة للطرق الداخلية فهي تخرج أساساً عن صلاحيات الوزارة ويعود أمر صيانتها وتأهيلها الى البلديات المختصة كل ضمن نطاقها.
يضيف النمار أنه بالنسبة لوضعية الموازنة والاعتمادات المتوفرة فيمكن القول أنها في انخفاض مستمر منذ العام 2000 وبنسبة تُناهز 65% حيث تواجه الإدارة عند تنفيذ برنامج عملها السنوي مشكلتين أساسيتين أولهما انخفاض الاعتمادات الملحوظة لتنفيذ أعمال الصيانة وثانياً عدم صدور الموازنة ضمن المهلة القانونية وبالتالي اعتماد مبدأ القاعدة الإثنتي عشرية في صرف النفقات وما يُسببه ذلك من اختصار لأعمال الصيانة على الأشغال الضرورية والملحة فقط، ومما لا شك فيه أن الانخفاض في الاعتمادات الملحوظة يأتي تماشياً مع الوضعية الحالية للمالية العامة وسياسة الحد من النفقات قدر الإمكان.
ويُتابع النمار أن الإدارة تولي موضوع السلامة العامة على الطرق أهمية خاصة ويدخل ضمن الأولويات والدراسات التي تُنجزها الوزارة وذلك من خلال الالتزام بالمواصفات الفنية العالمية الموحدة بين مختلف الإدارات والمؤسسات العامة وإنجاز الأشغال التي من شأنها تأمين الحد الأدنى من مقومات السلامة على شبكة الطرق.
وقد استطاعت الوزارة الحصول على هبة خصصت لموضوع السلامة العامة وذلك من خلال المشروع السويدي للسلامة العامة (SIDA) المتضمن تحديد النقاط الحساسة التي تشهد حوادث سير والعمل على معالدجتها ضمن خطة تنقسم الى ثلاثة مراحل تم تنفيذ الجزء الأول منها ويُعمل حالياً على استكمالها مع التأكيد على أنه يتم التنسيق مع الجهات المختصة لا سيما وزارة الداخلية بهذا الخصوص.
وأيضاً قامت وزارة الأشغال العامة والنقل بإعداد تلزيم أشغال إنشاء وتقديم أكثر من 120 جسراً للمشاة في مختلف المناطق اللبنانية وبطريقة B.O.T أي من دون أي تكلفة على خزينة الدولة حيث يقوم المقاول بإنشاء هذه الجسور لقاء استثمارها بالإعلانات لفترة معينة، إلا أن هذا المشروع لم يكتمل حيث لم يتقدم أي عارض للتنفيذ والسبب يعود الى فوضى الإعلانات القائمة في مختلف المناطق اللبنانية وعدم الالتزام بالقوانين النافذة.
وتداركاً لأهمية إنجاز وإنشاء هذه الجسور تمكنت الوزارة من الحصول على هبة من الدولة اليونانية تقضي بإنشاء 23 جسراً للمشاة موزعين على الأمكنة الأكثر تعرضاً للحوادث في مختلف المناطق حيث سيتم البدء بإنشاءها خلال فترة وجيزة جداً.
ولفت النمار الى انه في ما خص خطة العمل المستقبلية لتطوير وتأهيل شبكة الطرق يقول المهندس فادي النمار انه في العام 2001 اقرت الخطة العشرية وذلك وفقاً للمادة 23 من قانون الموازنة وهذه الخطة تقوم على تحديث وتأهيل شبكة الطرق بما فيها تأمين الصيانة الدائمة والدورية للمشاريع وكانت تمتد لغاية العام 2010 الا انه بالنظر للوضع المالي القائم وسياسة الحد من النفقات عمدت الادارة الى وضع خطة قصيرة الأمد تمتد لثلاث سنوات وتعتمد بالتأكيد على تأمين الاعتمادات اللازمة خلال هذه الفترة وتم تقديم هذه الخطة ضمن الاقتراحات والتوصيات الخاصة بمؤتمر باريس 111 وهذه الخطة تقوم على مبدأ آلية العقود على أساس الأداء (Performance Based Contract)، وتكمن أهمية هذه المنهجية في تحسين حالة الطرق وتخفيف عبء التكاليف المترتبة من جراء اعمال الصيانة والتأهيل وابتكار اجراءات خاصة بالمحافظة على هذه الشبكة في خطوة مشتركة ما بين القطاع العام والقطاع الخاص الذي يلعب دوراً اساسياً في اعادة الاعمار.
وبالتلاي، فقد ارتأت الوزارة اعتماد مشروع نموذجي باستعمال آلية العقود على اساس الآداء لضمان مستوى عال من الخدمات في مجال اعمال الصيانة الدورية للطرق.
ويتضمن هذا المشروع تنفيذ حوالي 400 كلم من طرق مصنفة على مدى ثلاث سنوات موزعة على الشكل الآتي:
أ ـــ 200 كلم على طرق دولية ورئيسية بما فيها الخط الساحلي وطريق بيروت ـــ المصنع.
ب ـــ 200 كلم على طرق ثانوية ومحلية.
هذا المشروع يشمل تأهيل الطرق وتأمين صيانتها من المقاول لمدة ثلاث سنوات.
كما اقترحت الادارة من ضمن هذه التوصيات العمل على احداث صندوق مستقل للطرق (Road Fund) تودع فيه الواردات الناتجة عن الرسوم التي تفرض لتغطية تكاليف صيانة شبكة الطرق وتعزيز اجهزة الوزارة في ادارة الصندوق المستقل بالتنسيق مع وزارة المالية والاشراف على برمجة وتنفيذ النفقات المترتبة من خلال تخصيص نسبة مئوية من ايرادات الرسوم المتعلقة بمستخدمي الطرق أو من واردات أخرى.
وفي الختام اشار النمار الى ان سياسة وزارة الأشغال العامة والنقل في مجال قطاع الطرق ترتكز على المبادئ التالية:
أ ـــ تطوير شبكة الطرق الوطنية العامة وتحقيق الانماء المتوازن جغرافياً واجتماعياً وذلك عبر المحافظة على هذه الشبكة القائمة بطريقة فعالة وتعزيز سلامة استعمالها وكفاءتها كونها تشكل جزءاً اساسياً من الثروة القومية المتمثلة في البنية التحتية ولما لها من تأثير على الاقتصاد الوطني.
ب ـــ تحسين وتحديث اجهزة الادارة القادرة على نشر تقنيات عصرية في التخطيط والتصميم تحقيقاً للأهداف المرجوة في قطاع الطرق.
ج ـــ تطوير قدرة قطاع الطرق على توفير الموارد الضرورية لتمويل مشاريع تأهيل شبكة الطرق وتطويرها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.