فيما هبطت أسعار البنزين والمازوت في السوق المحلية، مقتربة من مستوى سعرها بداية العام الجاري، راوحت تعرفة النقل مكانها، بعد قرار الزيادة الأخيرة عليها في حزيران (يونيو) الماضي، نتيجة لارتفاع أسعار النفط في السوق المحلية ووصولها الى مستويات قياسية.
وبات المواطن اليوم يسأل: لقد انخفض سعر البنزين، فلماذا تبقى أجرة السرفيس 2000 ليرة؟ ويرى رئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري عبد الأمير نجدة، أنه لا يمكن النظر الى موضوع التعرفة فقط من باب انخفاض أسعار المشتقات النفطية في السوق المحلية، وانما يجب اخذ الأوضاع المعيشية بالحسبان، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها.
ويشير المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، الى أن موضوع التعرفة هو قيد الدرس الآن، وقال ان خفضها أو زيادتها بحاجة الى مزيد من الوقت فيما رأى رئيس النقابة العامة لسائقي السيارات العمومية في لبنان مروان فياض، أن هناك امكانية لخفض التعرفة للسرفيس بحدود 500 ليرة.
فقد سجلت أسعار النفط انخفاضاً بوتيرة متسارعة، تنعكس صورتها جلية في أسعار المشتقات النفطية المحلية، وخصوصاً مادتي البنزين والمازوت، بعد وصول أسعارها لمعدلات عالية تخطت حاجز العشرين دولاراً، وشكلت امتصاصاً للحد الأدنى للأجور، قبل الزيادة الجديدة لبدل النقل التي أصبحت سارية المفعول بدءاً من الشهر القادم وهي 2000 ليرة في اليوم، ليصبح البدل بحدود 208 آلاف ليرة كل 26 يوم عمل في الشهر.
ففي حزيران (يونيو) الماضي بدأت الدولة بتطبيق تعرفة جديدة على النقل مع وصول سعر صفيحة البنزين الى 32700 ليرة، الا أن أسعار البنزين عاودت تقهقرها لتصل الى نحو 25 ألف ليرة امس، بفوارق بسيطة وتكاد لا تذكر عن بدايات العام الجاري، وهو ما يعني اعادة النظر بالتعرفة الجديدة للنقل، والتي وضعت على أساس الزيادات الحاصلة في أسعار أسواق النفط العالمية.
واذا كان تطبيق التعرفة الرسمية قد بدأ نهاية العام 2007، بموجب قرار حمل الرقم 817/1 بتاريخ 18/12/2007 في عهد وزير الأشغال العامة والنقل آنذاك محمد الصفدي، فقد اعتبرت نقابات النقل البري القرار المذكور، جزءاً من تحصيل أحد الحقوق في ظل الواقع المعيشي الذي يطال شريحة واسعة من أصحاب الدخل المحدود في البلد.
الا أن أزمة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في السوق المحلية، والتي وصلت الى مستويات قياسية لم يشهدها لبنان من قبل، شكلت أبعاداً سلبية، كان المتضرر فيها بالدرجة الأولى الدولة، التي تراجعت مداخيلها من مادة البنزين الى صفر بالمئة، وضغط شبح الأزمة على السائق العمومي الذي بات بين سندان المواطن من جهة ومطرقة الأسعار النارية من جهة أخرى، أما المواطن (الراكب) فانه استشعر الأزمة، مع بداية تعديل التعرفة ارتفاعاً، اذ كان يأخذ راتبه باليمين ليعطيه باليسار، ففي 29 أيار (مايو) الماضي وضعت تعرفة جديدة، تماشياً مع أسعار النفط المرتفعة ومع مطالب نقابات السائقين العموميين، زادت بموجبها الدولة نحو ألف ليرة على السرفيس في نطاق العاصمة لتصبح 2000 ليرة بدلاً من 1000 ليرة، ولتصبح عبئاً اضافياً على المواطن، وباتت تأكل من الحد الأدنى للأجور (على أساس 300000ليرة) نحو 20% على أساس سرفيس واحد في بيروت. وبالطبع سيتآكل هذا الحد الأدنى مع الاكثار من استخدام وسائل النقل العام.
واليوم بات السؤال ملحاً مع الانخفاض الحاصل في أسعار البنزين والمازوت، عما اذا كانت الدولة ستلجأ الى خفض أسعار النقل، الا ان هذا السؤال سيوجد اشكالية جديدة، مردها الى بدء سريان الحد الادنى الجديد (500000 ليرة) وكذلك سريان مفعول الزيادة على النقل، وبالتالي فان أي تعديل في التعرفة الموجودة الآن ستأخذ في الاعتبار هذه العوامل، ويبقى السؤال ما اذا كان التذبذب في أسعار النفط العالمية سيبقى في نطاق التحرك الحالي بين 70 و80 دولاراً، لتتمكن الدولة من البناء على أساس متين، وبالتالي لجم الفوضى التي يتخبط فيها العاملون في قطاع النقل العام (السائقون) والتي تنشأ بفعل ذبذبة الأسعار وبفعل الأوضاع المعيشية الضيقة وارتفاع التكاليف المعيشية، والتي يشكل الغلاء أحد أبرز سماتها.
لكن من أبرز السمات الحالية في موضوع التعرفة، هو عدم وجود رؤية موحدة الآن بين نقابات النقل البري، للبت بها والخروج بموقف موحد يجيب عن هواجس المواطن في ما يتعلق بموضوع تكاليف النقل.
وفي هذا السياق، يعتبر المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، أن موضوع التعرفة يخضع لكثير من التدقيق والحوار مع المعنيين في القطاع ولا سيما نقابات النقل العمومي.
وقال في اتصال مع "المستقبل" ان المديرية العامة لديها هيكلية لقطاع النقل البري وهي تعمل على درسها للخروج بنتيجة واضحة، ولا يمكنها أن تستعجل في اصدار أمر معين يخص التعرفة دون اجراء مزيد من التشاور مع المعنيين بالقطاع.
وأضاف أن موضوع التعرفة هو قيد الدرس الآن، وبالتالي أي قرار يتخذ بهذا الشأن لا بد من بحث اثاره، الايجابية والسلبية، موضحاً أن خفض التعرفة أو زيادتها بحاجة الى مزيد من الوقت.
ومن جهته، أوضح رئيس النقابة العامة لسائقي السيارات العمومية في لبنان مروان فياض، أن هناك امكانية لخفض التعرفة بنحو 500 ليرة في نطاق بيروت، أي يمعنى العودة بتعرفة السرفيس الى 1500 ليرة، كما ستكون هناك خفوضات على الانتقال في المناطق الأخرى بناء لدراسة تضعها النقابة، وبعد التشاور مع المديرية العامة للنقل البري.
وأوضح فياض أن الدراسات التي تضعها النقابة تأخذ في الاعتبار جميع العوامل التي تدخل في تركيب التعرفة، مع الحفاظ على مدخول السائق والبالغ 900 ألف ليرة شهرياً.
أما العناصر التي تدخل في التركيبة فهي:
- سعر صفيحة البنزين (للسيارات) والمازوت للميني باص (أقل من 20 راكباً) والأوتوبيس (ما فوق 20 راكباً). - استهلاك الوقود بمعدل 20 ليتراً. - معدل طول الرحلة (وتختلف بين وسائل النقل الثلاث). - عدد ساعات العمل اليومية للسائق (8 ساعات في اليوم). - عدد أيام العمل في الشهر (26 يوماً). - معدل الرحلات بالساعة وتختلف بين هذه الوسائل. - تكلفة تشغيل غيار الزيت والتشغيل والفلاتر. - معدل تكلفة الصيانة الشهرية. -المعاينة الميكانيكية بالسنة ورسم الميكانيك السنوي والتأمين الالزامي والخاص سنوياً. -الأجر الشهري للسائق. وتكلفة هلاك السيارة بالسنة.
وأشار فياض الى اختلاف وجهات النظر بين النقابات العاملة في القطاع لجهة موضوع التعرفة، مشيراً الى أن الحكم الاخير في هذا الموضوع يبقى بيد وزارة النقل وتحديداً المديرية العامة للنقل البري.
ومن جهته، يشير رئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري عبد الأمير نجدة، الى أنه لايمكن النظر الى موضوع التعرفة فقط من باب انخفاض أسعار المشتقات النفطية في السوق المحلية، وانما يجب اخذ الأوضاع المعيشية بالحسبان، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها، وكذلك على ضوء اقرار الحد الأدنى للأجور الجديد. وأوضح نجدة أن هذا الأمر سيتطرق اليه المؤتمر الصحافي لاتحاد نقابات النقل البري يوم الأربعاء المقبل.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.