امتلأت فنادق لبنان الـ425 بغرفها الـ21 ألفاً، بالسياح في الموسم السياحي للعام 2008، والذي لم ينتهِ، لتبلغ نسبة الإشغال الفندقي مستوىً قياسياً وصل الى 100%. وفي فترة عيد الفطر اي قبل أقل من أسبوعين من الآن، ترجمت الفنادق فيضها من السياح، بالبحث عن غرفة في لبنان وليس في فندق، بعد أن ملئت بالنزلاء وخصوصاً من الدول العربية ومنها الخليجية على وجه التحديد.
لكن في الجانب الآخر، حيث لا يزال الأمن مبعث القلق بالنسبة للسياح وأصحاب القطاع، فإن الخسائر المفترضة كاستثمارات كان يفترض أن تأتي الى هذا القطاع، تقدر ما بين 15 و20 مليار دولار، خلال السنوات الثلاث الماضية، التي أعقبت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فيما لا تزال مشاريع مقدرة بملياري دولار، من المفترض أن تنشئ 3000 غرفة فندقية، رهينة المصالحات وبناء الدولة، واستقرار الوضعين الأمني والسياسي من جهة، ومن جهة أخرى إعادة جذب الاستثمارات الى هذا القطاع، في ظل الأزمة المالية العالمية، التي يبحث المتضررون من أصحاب الرساميل في الدول العربية، عن ملاذ آمن للاستثمار فيه، ويبقى لبنان من الوجهات المميزة والمفضلة لهؤلاء، بفضل السياسات النقدية والمالية والاقتصادية المشجعة في هذا المجال، وبفضل العامل السعري المنخفض بالمقارنة مع الدول الأخرى، وكذلك الموقع المميز للبنان.
بين التفاؤل والتشاؤم، أي في مرحلة التشاؤل، يمكن ادراج حديث رئيس إتحاد النقابات السياحية في لبنان ورئيس نقابة أصحاب الفنادق بيار الأشقر، عن السياحة في لبنان وخصوصاً في موسم العام 2008، حيث بلغت النسبة الايجابية ذروتها.
وقال الأشقر لـالمستقبل، لم تمضِ 48 ساعة على توقيع إتفاق الدوحة الشهير، والذي طوى مرحلة مهمة من الخلافات السياسية بين القادة اللبنانيين، تجلت ذروتها في أحداث السابع من أيار (مايو)، حتى انهالت الحجوزات على الفنادق اللبنانية، لتصل الى نحو 70 و80% في بداية تموز (يوليو) الماضي، وهي نسب قياسية، إذا ما قورنت بمرحلة ما قبل السابع من أيار (مايو) الماضي، إذ لم تتعدَ هذه النسبة 2 و3%. وفي العاشر من تموز (يوليو) الماضي، توجت بمعدل قياسي آخر عندما وصلت الى نسبة 100%، وهو ما يعني أن قدرة الفنادق على الاستيعاب باتت معدومة لهذا الطوفان السياحي، وهو ما جعلها تحول حجوزاتها الى فنادق أخرى، وبالطبع فإن هذه الذورة بدأت بالخفوت مع حلول شهر رمضان المبارك، الذي يعتبر في الدول العربية شهر الركود السياحي، إذ يفضل رجال المال والأعمال والسائحون وخصوصاً من دول الخليج العربية، الصوم في بلادهم وقضاء هذا الشهر مع عائلاتهم، ومع حلول عيد الفطر السعيد، عاود النشاط السياحي ذروته، فأصبحنا نفتش للسائح عن غرفة ليس في فندق بل في لبنان.
وأضاف هذا كله يبرهن أن مقومات السياحة في لبنان لا تزال موجودة وكذلك قدرات الشعب اللبناني، لاستضافة السياح، ومع كل الصعوبات التي تواجهنا في هذا القطاع ولا سيما اليد العاملة المتخصصة في المجال السياحي، والتي هاجرت إبان أحداث السنوات الثلاث الماضية، من حرب تموز (يوليو) 2006 والاعتصام في وسط بيروت مدة سنة ونصف السنة، وكذلك حرب مخيم النهر البارد، هاجرت اليد العاملة المتميزة لبنان الى دول الخليج العربية، والتي هي في أمس الحاجة الى اليد العاملة اللبنانية، ومن المؤكد أنه من الصعب اعادة هذه اليد العاملة بسهولة، نظراً لارتباطها بالمؤسسات التي تعاقدت معها وهي بالطبع عقود أقلها تكون لمدة سنة، إلا في بعض مؤسسات الفنادق الدولية، التي تلجأ الى إعارة جزء من موظفيها.
وحول تطور القطاع الفندقي، أشار الأشقر، الى أن قطاع الفنادق كان قد شهد فترة نمو كبيرة، وإذا عدنا الى العام 2004 ـ 2005، حصلت استثمارات كبيرة في هذا القطاع، إذ كان من المفترض إنشاء نحو 3 آلاف غرفة، لفنادق من فئة 5 نجوم في مدينة بيروت الكبرى.
والمستثمرون اشتروا العقارات التي ستنشأ عليها الفنادق، إلا أن الظروف التي مر بها البلد في أعقاب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، البعض منها ذهب من البلد والبعض بدأ ولم يكمل وأبطأ سرعته، بانتظار جلاء الأوضاع، فيما البعض الأخير لم يبدأ استثماره. وقيمة هذه الاستثمارات تبلغ نحو ملياري دولار، وهي كانت ستأتي بنحو 6 آلاف وظيفة، الآن الخطر الكبير في تلك الاستثمارات التي لم تبدأ، منها ما بين 700 و800 مليون دولار مخصصة كثمن للعقار، فيما 1,2 مليون دولار مخصصة للانشاء والتجهيز.
وأوضح أنه في الأعوام الممتدة من 2004 الى 2006، كانت أسعار العقارات أقل مما هي عليه اليوم، وفي ظل الأزمة المالية العالمية، لدينا خوف من أن تلجأ الاستثمارات الى التحول من إنشاء الفنادق الى بيع العقار، والإفادة من الربح الذي يمكن أن تجنيه من هذه العملية، لأنه كما هو معروف نحن في لبنان ملوك الفرص الضائعة، وهذا بالطبع سيكون على حساب الاستثمار، ونحن بذلك نكون خسرنا الاستثمار والعائد الوظيفي منه كما أن الدولة ستخسر العائد الضريبي من هذه الاستثمارات، والتي بامكانها تمويل الخزينة بشكل مستدام.
واعتبر الأشقر أن لبنان يبقى هو الوجهة السياحية الثابتة للعرب وخصوصاً الخليجيين، لافتاً الى أهمية التسهيلات التي تقدمها الدولة الى السياح، ومنها التأشيرات على المطار، وقال: كان يأتي من الأردنيين نحو 4200 سائح، ارتفع عددهم بعيد إعطاء التأشيرة على المطار الى 7 آلاف، واليوم يتعدى العدد 25 ألفا شهرياً، وأضاف هناك دول كثيرة نستطيع تحويل وجهتها السياحية الى لبنان، فيما لو سهلنا الدخول بالتزامن مع الضبط الأمني، وتنظيم العمالة الوافدة الى لبنان.
ورد الأشقر سبب الهجمة السياحية على لبنان، الى نوعية الخدمات التي يقدمها القطاع السياحي في لبنان، وكذلك الدعاية الناجحة لهذا البلد، إضافة الى الأسعار الرخيصة للأسعار السياحية بالمقارنة مع دول الاقليم السياحي.
لكن رغم التفاؤل الذي أبداه الأشقر، فهو يشير الى أن السياحة اللبنانية لم تجذب السياح من أوروبا وروسيا، والتي تكاد تكون شبه معدومة، والموضوع متعلق بالتحديد بالهاجس الأمني الذي يحيط بلبنان، فالحديث عن السلاح وتفشيه هي غير مشجهة لهؤلاء السياح، أما العدو الأول للسياحة فو كلمة الإرهاب، خلال السنوات التي مرت على لبنان، إذاً المطلوب هو الاستقرار والتأكيد عليه، علينا أن نطمئن السياح ليأتوا الى هذا البلد، لقد خسرنا من جراء ما فوتنا من فرص استثمارية ما يقدر من 15 الى 20 مليار دولار، خلال السنوات الثلاث الماضية، كان يفترض أن تأتي الى لبنان.
ويقول لقد بدأت خسائر القطاع السياحي في اللحظة التي اغتيل فيها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أي منذ 14 شباط (فبراير) 2005، وكان يجب التفاعل مع الدعوة التي أطلقتها آنذاك الوزيرة بهية الحريري، للإنقلاب على الأحزان والانطلاق نحو الحياة وفتح المحال التجارية والمؤسسات والفنادق، إلا أن مسلسل التفجيرات والاغتيالات منعت لبنان من العودة الى الخارطة السياحية.
وتوقع استمرار الزخم السياحي في لبنان في المرحلة المقبلة، حيث هناك عطلة الأضحى وعيدا الميلاد ورأس السنة وكذلك الفرص المدرسية والعطلات المعروفة في الخليج العربي وخصوصاً ما قبل أول السنة المقبلة وفي شهر شباط (فبراير)، حيث يكون قد بدأ موسم التزلج، ونتوقع أن تكون النسبة بين 80 و90%.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.