لا يزال الدفق السياحي في أوجه، رغم اقتراب موسم السياحة والاصطياف، من نهايته، مع بدء عودة المغتربين الى أعمالهم في بلاد الاغراب، ولم يفلح واضعو التفجير في العاصمة الثانية، الأسبوع الماضي، في تعطيل الموسم وإكمال مسيرته الناجحة رغم كل المراحل المعقدة أمنياً وسياسياً في البلد منذ مطلع الصيف الحالي، بل زاد ذلك من إصرار وزير السياحة إيلي ماروني وفريق العمل في الوزارة على وضع حملة إعلامية، بهدف تبديد مخاوف السياح للعودة إلى لبنان وإكمال الموسم.
وتدل مؤشرات القطاع إن بالنسبة لارتفاع نسبة الحجوزات أو ارتفاع نسبة الانفاق، أو قطع التذاكر باتجاه لبنان، على أن إنعطافة الفرقاء السياسيين اللبنانيين نحو التهدئة والتوافق، سرعان ما تمت ترجمتها سياحياً، وبالتالي فإنها تؤسس لمواسم ناجحة خلال السنوات المقبلة.
وأكد رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان بيار الأشقر، لـ"المستقبل"، أن نسبة الحجوزات في الفنادق وصلت الى نحو 98 في المئة، واصفاً هذا السنة السياحية بـ"العجيبة"، وقال إن موسم العام الحالي هو أفضل مما كان في العام 2004، الذي سبق الأعوام الثلاثة الماضية الحافلة بالمشكلات الأمنية والتفجيرات وحرب تموز (يوليو) 2006، وحرب مخيم نهر البارد 2007، والاعتصام في وسط بيروت.
ورد الأشقر ارتفاع هذه النسبة للموسم الحالي، الى اشتياق السياح العرب والأجانب والمغتربين أيضاً الى المجيء الى لبنان بعد ثلاث سنوات، أجبرتهم قسراً للابتعاد عن لبنان، فيما بدأ يميل الوضع السياسي بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة، نحو الاستقرار، أما العامل الآخر فهو عامل الأسعار للفنادق والمطاعم وغيره المتدنية قياساً مع الدول العربية والأجنبية، فمثلاً سعر الغرفة في أي من فنادق لبنان هي بفارق يبلغ نحو 40 في المئة مع مثيلتها في الفنادق العربية و50 في المئة مع مثيلتها في الفنادق الأجنبية.
واعتبر الأشقر، أن المطاعم والمقاهي وكذلك أمكنة السهر كانت بوضع مماثل إن لم يكن أفضل من وضع الفنادق، مرشحاً استمرار هذا الصعود الايجابي لقطاع السياحة حتى انتهاء الموسم والمحدد في أواخر تشرين الأول (أوكتوبر) من كل عام، لافتاً الى حجوزات كبيرة بدأت الآن من السياح الأوروبيين.
وأشار الى أن موسم السياحة الناجح، توزع على كافة المناطق السياحية والجبلية في لبنان، وقال إن التفجير المؤسف في طرابلس، كانت تأثيراته محدودة، واستطاع القطاع السياحي تخطي هذا "القطوع"، ذلك أن السائح العربي والمغترب يعلم تماماً كيف يتدارك الأوضاع السيئة في لبنان.
وإذ أبدى تفاؤله بعودة السياحة الى النسب التي ينبغي أن تصل إليها، لفت الأشقر الى أن القطاع السياحي يحتاج الى موسمين أو ثلاثة مماثلة للموسم الحالي، لتحصيل الخسائر التي تكبدها على مدى السنوات الثلاث الماضية، مشيراً الى أنه يمكن التأسيس على الموسم الحالي.
ومن جهته، أعلن نقيب وكالات السياحة والسفر جان عبود، في تصريح أمس، عن تحقيق "نمو كبير هذا العام، برهن على أن السياحة لا تحتاج إلا للاستقرار والهدوء، فالإتفاق السياسي إنعكس إيجابا على كل القطاعات وبنوع خاص على القطاع السياحي"، وقال "إن سوق قطع التذاكر شهد نمواً بنسبة 50 في المئة مقارنة بالسنة الماضية وتحديدا شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس)، أما السياحة الواردة فهي بطبيعة الحال ما زالت خجولة نوعاً ما، فكما هو معروف فإن إتفاق الدوحة أتى متأخرا بعض الشيء بالنسبة إلى الموسم السياحي، علماً أن السياحة الواردة تتأثر جدا بالأجواء السياسية. لقد تمكنا إلى حد ما من إستلحاق الموسم مسجلين قدوم أعداد من السياح المغتربين واللبنانيين المقيمين في الخارج، أما السياح العرب فيأتي بالمقدمة الأردنيون ثم الكويتيون والسعوديون، وفي ما يختص بالسياحة الصادرة فقد وضعت في السوق اللبنانية "شارتر" إضافية إلى وجهات سياحية عدة مع تزايد الطلب على هذه الوجهات بنسبة تصل إلى 35 في المئة".
وسط هذا التفاؤل للقطاع السياحي، وفي ترجمة لحال القطاع خلال الموسم الجاري، فقد خلصت الإحصاءات الصادرة عن شركة "غلوبل ريفند"، المكلفة إعادة دفع ضريبة القيمة المضافة إلى السائحين على النقاط الحدودية اللبنانية، إلى أن المشتريات المعفاة من الضريبة المذكورة خلال الثلث الأول المنتهي في تموز (يوليو) المنصرم قياساً بنظيره سنة 2007، أظهرت ارتفاعاً في إنفاق السائحين بلغت نسبته 33 في المئة.
واحتلت نفقات السائحين القادمين من المملكة العربية السعودية 15 في المئة من مجموع الانفاق السياحي بين البلدان، وكذلك الامارات العربية المتحدة 14 في المئة، والكويت 11 في المئة، والأردن 8 في المئة، ومصر 6 في المئة وبقية الدول مجتمعة 46 في المئة.
أما على صعيد تطور المشتريات بين السياح، فتأتي الجمهورية العربية السورية في المرتبة الأولى من بين 11 دولة، مع وصول هذا التطور في الانفاق الى نسبة 119 في المئة، يليها فرنسا 87 في المئة، ثم الامارات العربية المتحدة 74 في المئة، نيجيريا 58 في المئة، ثم قطر 57 في المئة، فالولايات المتحدة الأميركية 34 في المئة، ثم مصر 31 في المئة، والأردن 28 في المئة، ثم السعوديون 7 في المئة، والكويت في المرتبة الأخيرة صفر في المئة.
أما بالنسبة لتوزيع النفقات حسب الفئات، فقد أظهرت الإحصاءات أن "الأزياء والثياب" شكلت نسبة 66 في المئة من مجموع النفقات. وتبعتها "الساعات" بحصّة 13 في المئة، ثم "مستلزمات المنازل والحدائق" 4 في المئة، و"العطور ولوازم التجميل" 4 في المئة، و4 في المئة لبضائع مختلفة.
وعلى مدى عام انتهى في تموز (يوليو) الماضي قياساً إلى العام السابق، رصدت زيادة للإنفاق بحسب الفئات، بلغت نسبته 33 في المئة، فقد زاد الإنفاق على فئة "الأزياء والثياب" بنسبة 29 في المئة، "الساعات" 44 في المئة، "العطور ولوازم التجميل" 87 في المئة، وأخيرا "الهدايا والتذكارات" 77 في المئة، و8 في المئة لـ"مستلزمات المنازل والحدائق".
وبحسب المناطق داخل لبنان، فقد حظيت بيروت بأعلى نسبة من الانفاق السياحي 80%، ثم في المتن ـ جبل لبنان 14 في المئة، 3 في المئة في كسروان في جبل لبنان، و1 في المئة في بعبدا و2 في المئة في المناطق الأخرى.
أما على صعيد نمو الانفاق السياحي في المناطق، فقد زاد بنسبة 31 في المئة في بيروت، 49 في المئة في منطقة المتن بجبل لبنان، و31 في المئة في كسروان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.