تواجه الحكومة المستقيلة، مشكلة من العيار الثقيل، تتمثل بتراجع ايرادات الخزينة من جراء ارتفاع أسعار النفط العالمية، وتجاوز سعر البرميل الـ133 دولاراً، ومع وصول الرسوم الجمركية الى الصفر، منذ 4 أشهر، ارتفع سعر الصفيحة من 23000 ليرة الى 32700 ليرة، أي في خلال أقل من شهرين ارتفع سعر الصفيحة ما يقارب 30%.
فقد كان سعر طن البنزين 250 دولاراً في العام 2002 ووصل اليوم الى 1300 دولار، ما يعني تآكل الزيادة المنوي إقرارها قبل أن تولد، وبات على المواطن أن يضع في حساباته اليومية عبء المواصلات، بما لا يقل عن 10 آلاف ليرة في اليوم، بالتزامن مع الزيادة التي وضعتها نقابات النقل البري بالتعاون مع وزارة النقل، والتي بدأ سريانها اعتباراً من 29 أيار (مايو) الماضي.
وتشكل فاتورة البنزين نحو 35% من مجمل الفاتورة النفطية، فيما تستهلك السوق المحلية ما معدله 250 ألف صفيحة بنزين، إلا أن الدولة التي كانت قبل سنوات في موضع التاجر الرابح مع دخول نحو مليوني دولار يومياً الى خزينتها بفضل الرسوم والضرائب التي كانت تجبيها من المستهلكين، باتت اليوم في موقع لا يحسد عليه مع انهيار الرسوم الجمركية الى صفر في المئة، ولم يسلم للدولة سوى الضريبة على القيمة المضافة أي أقل من 3500 ليرة، وهي تواجه مع ذلك انتقادات حادة غير عقلانية أو مدروسة، ويندرج في هذا الإطار اقتراح الاتحاد العمالي بالأمس بجعل سعر صفيحة البنزين 15000 ليرة، وصفيحة المازوت 20000 ليرة، ورفع القيمة المضافة عنهما، وبدعم هاتين المادتين الاستهلاكيتين من قبل الدولة، وهو ما لا يمكن الإقدام عليه، لأسباب ابرزها أنه لا يمكن تحميل الدولة ما لا طاقة لها به، فإذا كانت لا تربح، فكيف على الاتحاد العمالي أن يطالبها أن تخسر؟.
ويلفت الخبير النفطي ربيع ياغي، الى أن سوق استيراد المشتقات النفطية الى لبنان، هي سوق حرة، بمعنى أن السوق اللبنانية تتأثر بشكل مباشر بتبدل أسعار النفط العالمية صعوداً وهبوطاً، فيما تبقى الإفادة الوحيدة للدولة منحصرة بالضريبة على القيمة المضافة، فالاستيراد هو على عاتق الشركات، وعلى المواطن أن يدفع أرباحاً للشركات وبدلات النقل وغير ذلك، وللمثال المحطة تتقاضى 1600 ليرة جعالة وهي أعلى مستوى ربح في العالم للمحطات.
ويشير الى أن الحل الوحيد لمواجهة الأسعار وارتفاعاتها، إما بأن تستورد الدولة البنزين على عاتقها خصوصاً وأن لديها خزانات في الزهراني وطرابلس، أو بالاتفاق مع الدول المنتجة الشقيقة بإعطاء لبنان سعر البنزين على أساس انتاجه دون إضافة أي أرباح عليه، وعلينا أن نتوقع وصول سعر الصفيحة الى 60 ألف ليرة إذا وصل سعر البرميل الى 200 دولار، ولم تتدخل الدولة.
ويقول الخبير النفطي علي زغيب، إن الأسعار التي توضع للمشتقات النفطية، تؤخذ وفقاً لأسعار النفط العالمية ووفقاً للمعدل الشهري كما تصدرها نشرة البلاتس، تتضمن أجرة التأمين والنقل والتبخر أي بزيادة تراوح بين 70 و100 دولار على الطن قبل وصوله الى لبنان، ويضاف في جدول تركيب الأسعار أرباح للشركات، وجعالة لأصحاب المحطات، وبدل النقل والضريبة على القيمة المضافة، ويضيف أن الدولة لم يعد لديها رسوم جمركية سوى الضريبة على القيمة المضافة.
وفي المقابل، يرى مصدر مطلع أن التأخر في إصدار جدول تركيب الأسعار، هو الذي أدى الى هذه الزيادة، وعليه تكون محطات المحروقات هي التي خسرت مع إبقاءالتسعيرة كما هي الأسبوع الماضي، في حين أن كارتل الشركات النفطية هو الذي استفاد من عدم التوزيع، فالمحطات باعت بخسارة الأسبوع الماضي، واليوم زادت التسعيرة 1600 ليرة، لكن المسؤول يبقى قرار التأخر بإصدار الجدول، وليس غريباً أن يدفع المواطن ثمن هذا التأخير.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.