في العام 1992 وبعد نهاية 17 سنة من الحرب الأهلية، أرست الحكومة اللبنانية خطة لاعادة تأهيل البلد واعماره، وكانت عملية اعادة تأهيل قطاع الكهرباء العنصر الأبرز في هذه الخطة، فقد كلفت أكثر من 33% من تكلفة اعادة الاعمار، كما زادت الاستثمارات، القدرة على انتاج الطاقة الكهربائية من 600 ميغاوات في العام 1992 الى 1400 ميغاوات في العام 1998، إلا أنه مع نمو الطلب على الطاقة بنسبة تقارب 4 الى 6% سنوياً، عملت الحكومات المتعاقبة والحكومة الحالية على الاهتمام بتأمين مصادر الطاقة، وكان آخرها الاتفاق الذي وقعته حكومة الرئيس فؤاد السنيورة مع مؤسسة التمويل الدولية العام الفائت، والذي تقدم بموجبه المؤسسة الى الحكومة، ممثلة بالمجلس الأعلى للخصخصة، الذي سيعمل بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه ووزارة المال، خدمات استشارية مالية لمساعدة لبنان في بدء الاستعانة بمنتجي الطاقة المستقلين.
وكما هو الحال مع القانون 462/2002 الخاص بتنظيم وضع القطاع الكهربائي، ومعالجة مشكلاته ومعضلاته الأساسية، والذي تعرض لانتكاسات منذ صدوره، فإن ما هو حاصل اليوم من إقفال لمجلس النواب وعدم البت بالعديد من المشاريع المتعلقة بالكهرباء، من شأنه "ضعضعة" هذا القطاع الذي يشكو في الأصل من حالة مهترئة، تتمثل في ضعف إمداد المواطنين بالطاقة المطلوبة، رغم الإنفاق المالي الباهظ لإصلاح الوضع، إلا أن السياسة تبقى وكما يقولون بلا قلب.
ففي تشرين الثاني (نوفمير) 2007، وبموجب المادة السابعة من القانون 462 المعدلة بالقانون 775 تاريخ 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 "بصورة موقتة، ولمدة سنة واحدة، ولحين تعيين أعضاء الهيئة الناظمة للكهرباء واضطلاعها بمهامها، تمنح أذونات وتراخيص الانتاج بقرار من مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير الطاقة والمياه"، وقعت مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة والمياه وشركة طاقة الرياح اللبنانية، لانتاج 60 ميغاوات بواسطة الرياح في منطقة عكار، إلا أن المذكرة لم تتحول الى عقد بفعل عدم وجود الهيئة الناظمة للكهرباء، والتي تبقى هي المخولة بالعقود وآلية التنفيذ والدفع للمستثمرين.
ويقول مصدر نيابي على إطلاع بملف الكهرباء لـ"المستقبل"، لا يمكن السير بقانون الخصخصة دون تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء، ويجب أن يمضي مجلس الوزراء سريعاً بتشكيلها، منعاً لتطور التدهور الحاصل في قطاع الكهرباء، وكان يجب أن تشكل منذ عهد (الرئيس) إميل لحود، وقد حالت الخلافات السياسية دون ذلك.
ويأسف المصدر لعدم اتخاذ مجلس الوزراء قرارا بهذا الشأن، لأن المجلس الأعلى للخصخصة لا يمكنه أن يتحرك دون الهيئة الناظمة التي نص عليها القانون 462، فالقرار لا بد منه، لتسيير أمور القطاع.
ويقول رئيس شركة طاقة الرياح اللبنانية روبير دباس، مذكرة التفاهم والترخيص مدته سنة بموجب القانون 775، لقد سبق إصدار هذا القانون الكثير من العقبات، وحتى إصداره مع موافقة الوزير المستقيل محمد فنيش، كنا قد قطعنا شوطاً كبيراً في التحضير لعملية الانتاج، وبعد التوقيع تابعنا هذا الجهد، إلا أن عدم وجود هيئة ناظمة للقطاع سيؤخر عملية الانتاج الى ما بعد العام 2010، وهو ما يعني عملياً أن التأخر في انجاز المشروع قد تسبب في زيادة تكاليف المشروع، لأن معدات الانتاج تباع باليورو كانت تكلفتها 120 مليون دولار وأصبحت اليوم 120 مليون يورو، إلا أن هذا لن يمنعنا من المضي في المشروع.
ويضيف قائلاً "إن قطاع الكهرباء فيه مشكلات عدة، فمن جهة التكلفة عالية والمردود منخفض ولن يتحسن في المرحلة الحالية مع استمرار ارتفاع أسعار النفط، بالطبع الحل هو بالخصخصة وبتحسين الجباية، ومن المعروف أن الدولة هي بحاجة الى زيادة انتاج الكهرباء مع ازياد الطلب في السوق المحلية، ومشروعنا يشكل بين 2و3% من حجم هذه الحاجة، ومن الممكن زيادته الى 15%، ويمكن سد هذه الحاجة من خلال مشاريع الانتاج المائية، فلا يمكن إيجاد حل سحري لمشكلة الكهرباء، نحن بحاجة سريعة للتنفيذ حتى لا يضيع الوقت".
ويشير الى أن الخصخصة هي الأفضل في ما يتعلق بعملية الانتاج، ففي الولايات المتحدة الأميركية وانكلترا تم خصخصة جميع معامل الانتاج، اليوم هناك مشروع لخصخصة الجباية في كل لبنان، ولكن الأفضل لو تمت خصخصة هذا الأمر في كل منطقة من مناطق لبنان.
ويوضح دباس أن المشروع الذي تأخر تنفيذه بسبب الاضطرابات السياسية التي يمر بها البلد، أنه "ذو فائدة كونه يعتمد سعرا ثابتا لسعر الكيلوات ساعة المنتج من الهواء، فهناك سعر عالمي معترف به يتضمن سعر المبيع مضافا إليه المخاطر السياسية (أي ضمانات على الاستثمار)، كما أن السعر لا يتقلب مثل تقلبات بورصة أسعار النفط، بالإضافة الى كونه منتجا محابٍ للبيئة".
وإذ أسف لعدم وجود الهيئة الناظمة للكهرباء، والتي يتسبب تأخر وجودها في انجاز العديد من مشاريع الكهرباء، إذ لا يمكن لمؤسسة الكهرباء وحدها إعطاء ضمانات وخاصة في ما يتعلق بعملية الدفع للشركة المنتجة، قال "نحن منذ 25 سنة نهتم بموضوع الطاقة المتجددة، وخصوصاً تلك المنتجة في أوروبا، وتعاطينا مع شركة الويند أبلاس، وقد عملنا هذا الموضوع مدة سنة بعد تحديد مواقع عدة ووجدناه في منطقة عكار، ونحن ما نزال ننتظر صافرة الانطلاق للمساهمة في تحسين أوضاع القطاع في لبنان".
وأضاف أن كل مشروع مربح إذا كانت هناك شفافية، وخاسر في حال عدم وجودها، والعقد الصالح هو الذي يمنح الطرفين ضمانات وإفادة، ويمكن ساعتها طرح أسهم في السوق لهذه الشركة، اليوم ليس هناك من عقدة لدى المستثمر بل هناك عامل مهم لجذبه وهو الثقة بالدولة لتعزيز ثقة المستثمرين بإقامة مشاريع في لبنان.
ويشار الى أن شركة طاقة الرياح اللبنانية هي شركة خاصة متخصصة بتوليد الكهرباء. وقد تقدمت من وزارة الطاقة والمياه بطلب رسمي للحصول على ترخيص لبناء وتشغيل معمل انتاج طاقة كهربائية بقدرة تقارب 60 ميغاوات، ويمكن ان يستخدم مادة الفيول أويل أو المازوت أو الغاز الطبيعي أو الرياح للانتاج، وقد قدمت لهذه الغاية دراسة أولية تظهر قابلية المشروع للتنفيذ والاستمرارية.
وقد قدمت شركة طاقة الرياح اللبنانية طلبها وفقاً للقانون 775 تاريخ 11 تشرين الثاني 2006 الذي يخول مجلس الوزراء اصدار ترخيص لمنتجي الطاقة المستقلين في خلال سنة واحدة الى حين انشاء هيئة تنظيم قطاع الكهرباء وذلك بناء على اقتراح وزارة الطاقة والمياه. ويعتبر الفريقان ان نتائج محادثاتهما الأولية حول الموضوع منحتهما سبباً لمتابعة تعاونهما في المشروع بهدف اكمال تقويم الجدوى مع مراجعة توقيت المشروع وأشكال تطويره. وفي الوقت عينه يلتزمان باجراء مباحثات حول المعايير التجارية وغيرها في ما يتعلق باستثمار شركة المشروع في المعمل وبتنفيذ المشروع كاملاً بحسن نية متبادلة.
مذكرة التفاهم
وبالعودة الى مذكرة التفاهم الموقعة في 9/11/2007 بين وزارة الطاقة وشركة طاقة الرياح اللبنانية، فهي تكرس التفاهمات الأساسية بين وزارة الطاقة والمياه ممثلة بوزير الطاقة والمياه وشركة طاقة الرياح اللبنانية، وهي شركة خاصة لتوليد الكهرباء مركزها مدينة بيروتلبنان ويشار اليهما في ما يلي بـ"الفريقين". والتفاهم بين الفريقين يتم حول تقييم معمل طاقة واحتمال بنائه في شمال لبنان على ان تقارب قدرته الانتاجية الـ 60 ميغاوات.
ولقد أرست الحكومة برنامجاً اساسياً لاصلاح قطاع الكهرباء، بهدف ادخال مفهوم المنافسة وزيادة الفعالية وتخفيض الخسائر وتحسين الثقة بالتغذية الكهربائية. ويتمثل العنصر الأساسي في هذا البرنامج في التصميم والبناء والتشغيل وتمويل رأس المال العائد لمنشآت توليد الطاقة من خلال مبادرة خاصة يشار اليها في ما يلي بـ"منتجي الطاقة المستقلين" (IPP). ان اصلاح قطاع الطاقة في لبنان من خلال مشاركة القطاع الخاص كان موضع اهتمام كبير في السنوات الأخيرة، وخلال العام 2007 خاصة بعد مؤتمر باريس 3، كان هذا الاصلاح موضوع مناقشات مكثفة بين مختلف السلطات، التي تعنى بهذا الموضوع. أما الان فقد أصبحت الحكومة على استعداد كامل للبحث في مبادرات القطاع الخاص لتوسيع قطاع توليد الطاقة.
وبحسب مذكرة التفاهم التي وقعت، فإن الفريقين يتعهدان بتكريس رغباتهما وخططهما والتزاماتهما مع احترام عملية تطوير معمل انتاج الطاقة الكهربائية في شمال لبنان، ويتألف
المشروع وبحسب المتوقع:
1 ـ تولي شركة طاقة الرياح اللبنانية أو شركة مرتبطة بها عملية بناء وتشغيل وصيانة معمل انتاج الطاقة الكهربائية بواسطة الرياح بقدرة تقارب 60 ميغاوات في شمال لبنان ("معمل انتاج الطاقة الكهربائية").
2 ـ البنى التحتية الأخرى المتعلقة بالمشروع، تتابع وزارة الطاقة والمياه وشركة طاقة الرياح اللبنانية مباحثاتهما حول امكان استثمار الشركة في معمل انتاج الطاقة الكهربائية في شمال لبنان. وبموجب مذكرة التفاهم هذه، يتفق الفريقان على اتخاذ الخطوات الملخصة ادناه لتقييم ومناقشة الترتيبات والاتفاقات الضرورية والمناسبة في ما يتعلق ببناء وتشغيل المعمل، وللتوصل الى قرار نهائي حول تنفيذ المشروع.
يتوقع الآن ان تقارب قدرة المعمل الانتاجية 60 ميغاوات من خلال استعمال تكنولوجيات توليد الطاقة من الرياح، اضافة الى ذلك سينتج المعمل طاقة كهربائية تغذي شبكة مؤسسة كهرباء لبنان (EDL) بشكل مستمر أو كما ينص القانون 462 في ما يتعلق بالمشغل.
تؤمن شركة طاقة الرياح اللبنانية موقع معمل انتاج الطاقة الكهربائية كما تكون مسؤولة عن تطوير متطلبات البنى التحتية الأخرى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.