أكد نقيب صيادلة لبنان صالح دبيبو، وقوف الصيادلة مع أي شيء يسهم في خفض الفاتورة ويؤمن صحة المواطن، لكن ليس على حساب الصيدلي أو إلغاء دوره، وأوضح أن ما طُرح في هذا المجال هو كلام حق أريد به باطل.
وإذ نفى ارتفاع أسعار الدواء بشكل كلي وعشوائي، عزا ارتفاع أسعار الدواء في السوق المحلية الى نحو 60%، الى ارتفاع سعر صرف اليورو، كون لبنان يستورد الدواء وبهذه النسبة من الدول الأوروبية، أما تلك الأدوية التي تستورد من البلدان العربية أو من غير البلدان الأوروبية فبقيت أسعارها كما هي، وأكد حرص النقابة على منع تفاقم الفوضى في سوق الدواء التي يبلغ حجمها المادي نحو 550 مليون دولار سنوياً، سواء لجهة الأسعار أو الأدوية المهربة والمزورة، أو طب الأعشاب الذي انتشر في الآونة الأخيرة.
"المستقبل" التقت دبيبو وحاورته حول مستجدات سوق الدواء وهواجس المواطن تجاه ارتفاع فاتورة الدواء، على أن تستتبع هذا الحوار بإلقاء الضوء على هذه السوق وبشكل ميداني في المناطق.
وفي هذا الإطار، أكد دبيبو في ما يتعلق بارتفاع الأسعار، أن لبنان يتعامل تجارياً بالدولار الأميركي، وإذا أجرينا مقارنة منذ 5 سنوات الى الآن، فإن الأسعار لم تتغير، في حين أن الأدوية التي تستورد من أوروبا باليورو أو بالعملات الأخرى هي التي تتغير هبوطاً أو صعوداً. ومن المعروف أن سوق الدواء تعتمد بنسبة 60% على السوق الأوروبية التي ترتفع قيمة عملتها، ويلاحظ أن الأدوية التي تأتي من الدول العربية لم يتبدل سعرها، مع ثبات سعر صرف العملات العربية.
ويقول "إن آلية تسجيل الدواء تخضع للقوانين النافذة، والتي تنص على أنه لا دخول لأي دواء إلا عبر وزارة الصحة وبإشراف لجنة فنية تشارك فيها نقابتا الأطباء والصيادلة ووزارة الصحة، وأي دواء لا يخضع لتسجيل اللجنة هو دواء غير مأمون وغير مراقب ولا يسمح ببيعه".
وقال "منذ بضع سنوات، وضعت آلية لإعادة تسجيل الأدوية، فكما هو معروف إن مصانع الأدوية قد تقوم بخفض سعر الدواء بعد أن تكون قد عوضت تكلفتها، وبالتالي أعيد درس معظم أسعار الأدوية، بعد وضع دراسات مع المستوردين وبمقارنة هذه الأسعار مع دول الجوار، وطبعاً الخفض تراوحت نسبته من 3 الى 20% لمعظم الأدوية الموجودة في السوق المحلية.
وكل سنتين تجري الوزارة إعادة تقويم لأسعار الدواء، وخصوصاً تلك التي انخفضت أسعارها في دول المنشأ وبالمقارنة مع الدول المجاورة، فيتم خفض الأسعار وهو ما يحصل باستمرار".
أما بشأن الأدوية المهربة والمزورة وآلية مكافحتها، مع تناميها في السوق المحلية، فيقول دبيبو "هناك شركات عالمية متخصصة في البحث العلمي وتطور الدواء، وفي هذه الشركات تجري الأبحاث على عدد من التركيبات الكمياوية وبعدها ينتج الدواء، والدواء لو أتى من دول المنشأ لكن من غير إشراف اللجنة الصحية التي تتبع وزارة الصحة، فهو غير شرعي ويشكل خطراً على المستهلكين".
ويضيف "من المعروف أن تصنيع الدواء وحتى الجنريك منه، تكون هناك مؤشرات إطمئنان حوله، فبعيداً عن الاسم العلمي والتحليل الفيزيائي للمواد الأولية لضمان جودة الدواء وفعاليته، ومراقبته من خلال أجهزة معقدة الاستعمال في فترة التصنيع وبعد التصنيع والمتابعة له، تقوم اللجنة الفنية بمراقبة جزء من هذه الأمور وهو الذي يشكل صمام أمان لا يتوفر في الأدوية المهربة أو المزورة، التي لم يثبت وجودها في لبنان".
وفي موضوع مساهمة النقابة في المشروع الذي طرحه وزير الصحة العامة المستقيل محمد خليفة ومن مجلس إدارة الضمان الاجتماعي، حول خفض فاتورة الاستشفاء أو الدوائية وبالنسبة لأدوية الأمراض المستعصية، فقد أكد دبيبو أن النقابة مستعدة للتعاون فيه الى أقصى الحدود، لكن مع المحافظة على مهنة الصيدلة كمهنة حرة، إن الكلام بقصد أو عن غير قصد في ما يتعلق بخفض هذه الفاتورة، يلغي دور الصيدلة، وهذا موضوع حق يراد به باطل، يجب التعاطي مع المريض كمريض، ومن المعروف أن أجر الصيدلي لا يشكل عائقاً أمام خفض تكاليف العلاج، وفي حال الغائه تكون تكلفتها أكثر بكثير من الموجود الآن، لقد رفعنا كتاباً الى وزير العمل المستقيل طراد حمادة حول المشروع المقترح من مجلس إدارة الضمان الاجتماعي شرحنا فيه موقف النقابة، واقترحت مشروع قرار يؤمن من وجهة نظرنا مصلحة الضمان والمضمونين من دون المساس بمهنة الصيدلة.
ويضيف "في القانون: لقد ارتكز مشروع القرار موضوع الكتاب على المادة 22 من قانون الضمان الاجتماعي، والذي يلحظـ إمكان إنشاء مؤسسات طبية وصيدلانية من قبل الضمان، على أن تراعى الأحكام القانونية التي تنظم مهنة الصيدلة. إن قانون مزاولة مهنة الصيدلة يراعي تنظيم المهنة، وبالتالي يتضمن شروط إنشاء صيدليات ومؤسسات وطنية، وشروط توزيع الأدوية على المواطن، لا سيما المواد 86.78 تمنع بما لا يقبل الجدل أن تقوم أي جهة بإنشاء مؤسسات صيدلانية اياً كان شكلها. أما تعديلات مرسوم الضمان الأساسي التي صدرت لاحقاً تحت المراسيم ذات الأرقام 2046 تاريخ 6/10/71 و2653 13/1/72، فإن جميع هذه التعديلات تخالف ولا تراعى القوانين التي تنظم مهنة الصيدلة".
ويلفت الى أن المشروع كما هو مقترح من مجلس إدارة الضمان، يؤدي حتماً إلى إلغاء دور الصيدلي وبالتالي الى إلغاء مهنة الصيدلة، لأن المشروع المقترح ارتكز في حيثياته على عاملين: استخدام عنوان "الأدوية للأمراض المستعصية"، تسليم الأدوية المذكورة مباشرة من الصندوق لخفض التكلفة.
واعتبر أن استخدام تعبير "الأمراض المستعصية" هدفه إعطاء صفة العطف واستدرار الشعور الإنساني ليس إلا، وذلك بقصد تمرير مشروع غير قانوني وغير مهني وسيئ للمريض وللمؤسسة، فتسليم الأدوية بطريقة سليمة وسهلة وأن تكون في متناول المريض واختياره على كامل الأراضي اللبنانية هي حق للمريض تكفله القوانين لا سيما قانون مزاولة مهنة الصيدلة.
أما تجاوز حق الصيدلي بأي شكل من الأشكال فيؤدي في نهاية المطاف الى ضرر كبير.
والاقتراح المذكور لم يتطرق في مضمونه إلا إلى أجر الصيدلي. فهل يا ترى ان أجر الصيدلي هو العائق في تكلفة العلاج؟ بالتأكيد. لا.
واقترح دبيبو في هذا السياق، أن تستمر الصيدليات بالقيام بدورها القانوني في تسليم المرضى هذه الأدوية، وفي أن تقوم إدارة الصندوق بسداد تكلفة الدواء التي هي على عاتقها تجاه المريض والبالغة 95% من ثمن هذا الدواء من المستورد مباشرة. وإذا تمكن الصندوق بأي طريقة كانت (مناقصة أو رضائياً) خفض الثمن يكون قد نجح في خفض أساس السعر، على أن تتسلم الصيدلية هذا الدواء بفاتورة تبلغ 5% من ثمن الدواء، وهي النسبة التي يتحملها المريض قانوناً بناء لنظام الضمان الصحي وتحتسب من ضمنها أرباحها القانونية، التي لن تزيد بأي حال من الأحوال عن بضعة آلاف لن تتعدى أصابع اليد الواحدة، كما اقترح وضع آلية بين المستوردين وإدارة الضمان ونقابة الصيادلة لضمانة عدم الاستغلال بأي شكل من الأشكال.
وفي موضوع طب الأعشاب، الذي يروج له يومياً على شاشات التلفزة، أوضح النقيب دبيبو أن الموضوع المثار اليوم يتعلق بتصحيح وضع ومسار مواد ومنتجات أطلقت لنفسها العنان من دون التقيّد بالقوانين المرعية الإجراء ومن دون مراعاة لأبسط قواعد ضمان تناول واستعمال هذه المنتجات مما قد يشكل خطراً على الصحة العامة، ورأى أن الأسلوب وطرح هذه المنتجات ذات الصفة العلاجية تخالف قانون مزاولة مهنة الصيدلة.
وقال "إن ما يتناوله بعض ممن يطلقون على أنفسهم لقب خبير يقوم بإعطاء آراء طبية واستنتاجات سريرية على الهواء من دون أي صفة قانونية ويتعدى ذلك الى إعطاء نصائح ووصفات طبية من دون أي مسوغ قانوني وهذا الموضوع يتعلق بشكل أوسع بصلاحيات وحقوق الأطباء ونقابتي الأطباء".
ودعا المعنيين الى تصحيح هذا الوضع من خلال وقف المهاترات والخزعبلات الطبية على الشاشات من قبل غير المرخص لهم قانوناً بذلك، والى إلغاء المرسوم 11710 وحصر تسجيل وتصنيف كل الأصناف ذات الأشكال الصيدلانية باللجنة الفنية في وزارة الصحة العامة، وإلزام هذه البرامج عند السماح لها من قبل وزارة الصحة أصولاً بأن تكتب بشكل واضح أن هذه مادة إعلانية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.