لا يشكو قطاع الغاز المنزلي في لبنان من أزمة ارتفاع الأسعار المتصاعدة فقط والتي وصل فيها سعر القارورة زنة 10 كيلوغرامات الى 16900 ليرة بفعل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالمياً، وإنما الشكوى متأتية من الفوضى التي لا تزال تؤرق المعنيين بهذا القطاع، لكون هذه المادة التي تعد من أخطر المشتقات البترولية، تشكل تهديداً للسلامة العامة في حال انعدام أو غياب وسائل الحماية المطلوبة.
في 27 أيار (مايو) 2003 صدر قرار رقمه 83 قضى باستبدال نحو مليوني قارورة قديمة موجودة في السوق المحلية، بيد أن القرار المذكور لم يحقق غايته المرجوة بفعل عوامل عدة ما تزال بحاجة الى المتابعة والتنفيذ:
ـ أولاً من حيث عدم تغطيته لكل القوارير الموجودة فعلياً والبالغة نحو 6 ملايين قارورة، وهو ما يعني أن قرار الاستبدال لم يتخطّ 40% مما يحتاج له السوق فعلياً، والسؤال هو لماذا توقف القرار عند هذا الحد، ففي لبنان يوجد نحو 1.061 مليون وحدة سكنية، وذلك بحسب دراسة أجرتها ادارة الاحصاء المركزي في العام 1996، وتبين أن كل وحدة منها تحتاج الى 3 قوارير، وهو ما يعني أن هذه الوحدات وحدها تحتاج الى 3.183 ملايين قارورة، ، وهو ما يعني أن كل منزل يملك فعلياً نحو ثلاث قوارير (قارورة تستعمل للطهي+قارورة تستعمل للمدفأة+قارورة احتياط)، علماً أن هذه الوحدات قد زادت بعد مرور 12 سنة على مسح ادارة الاحصاء المركزي، ويضاف الى ذلك ما تستعمله المطاعم والفنادق، وما تملكه المحال التجارية من القوارير زنة 35 كيلوغراماً، يضاف الى ذلك ما تملكه نقابات التوزيع.
ـ ثانياً إعادة بيع بعض قوارير الغاز القديمة والتي استبدلت بأخرى جديدة، والتي كان يفترض أن تكون قد أتلفت، وهو ما بات يعرف باستمرار "القنابل الموقوتة" جوالة وفي البيوت والمنازل والمحال التجارية.
ـ ثالثاً استمرار وجود مراكز تعبئة للغاز المنزلي غير مرخصة، إذ إنه من أصل 80 مركزاً لا يوجد سوى 20 مركزاً مرخصاً، بالإضافة الى استمرار مركبات وسيارات مدنية غير مجهزة بشروط السلامة في نقل هذه القوارير بين الأحياء والمناطق، والسؤال لماذا تبقى هذه الفوضى ولا تضبط بإطار تنظيمي يحد من خطرها الآن ومستقبلاً؟.
وفي هذا الإطار، كشف نقيب العاملين والموزعين في قطاع الغاز ومستلزماته في لبنان فريد زينون لـ"المستقبل"، أن عملية استبدال قوارير الغاز التي بدأت في العام 2003، لم تفِ غرضها المطلوب، وقال "إن قرار التبديل لا يشمل أكثر من مليوني قارورة، وهو ما يعني أن القرار طبق على 40% من حاجة السوق الذي توجد فيه 6 ملايين قارورة".
ولفت زينون الى أن بعضاً من القوارير التي يجب أن تكون الآن قد أتلفت، أعيد بيعها في السوق المحلية، مطالباً بفتح تحقيق حول هذا الموضوع البالغ الأهمية.
ولفت الى أن موضوع تنظيم القطاع مثار متابعة مع وزير الطاقة والمياه بالوكالة محمد الصفدي، وأشار الى أن من جملة المطالب لهذا القطاع والتي رفعت كمذكرات وبشكل متكرر الى الوزارة المعنية، هي:
ـ النظر في متابعة موضوع استبدال قوارير الغاز القديمة الموجودة الآن وعددها نحو 4 ملايين قارورة.
ـ عدم تعبئة قوارير الغاز المنزلي إلا في مراكز التعبئة المرخصة.
ـ وقف السيارات المدنية وغيرها من المركبات غير المجهزة بشروط السلامة، من توزيع الغاز على المنازل، علماً أنه تم إبلاغ الموضوع الى وزارة الدولة بناء لكتاب من النقابة حمل الرقم 17472 تاريخ 14/12/2005، إلا أنه ألغى في 21/12/2005، وهو ما يعني أن القرار لم يدخل حيز التنفيذ أكثر من 7 أيام، علماً بأن النقابة طلبت في هذا القرار تخويلها إعطاء إفادات مجانية للموزعين في جميع المناطق بعد الكشف على المركبات، وقد استحدثت لهذه الغاية 4 مراكز لها في المحافظات، ولكن للأسف توقف القرار، دون معرفة أسباب هذا التوقف.
ـ تفعيل لجنة تنظيم هذا القطاع والتي أنشئت خلال أيام الوزير أيوب حميد لتنفيذ الدور الملقى على عاتقها لأن قطاع الغاز في لبنان يشكو من الفوضى.
ـ زيادة الجعالة التي تتقاضاها النقابة عن كل قارورة والمحتسبة بألف ليرة، منذ أن كانت صفيحة البنزين بسعر 8 آلاف ليرة، واستمرت هذه الجعالة بنفس القيمة مع وصول سعر الصفيحة الى 26 ألف ليرة، علماً أن النقابة تشمل يتوزيعها 98% من الأراضي اللبنانية، وهي تتحمل نفقات إضافية (صيانة المركبات وعدم وجود ضمان للعاملين وتأمين على سيارات التوزيع).
وإذ أبدى زينون أسفه لعدم تجاوب الوزارة المعنية بمطالب النقابة التنظيمية والتي تجعل من القطاع "راوح مكانك"، لفت الى ما يتعرض له قطاع الغاز المنزلي من سرقات من جراء استمرار عمليات التهريب للغاز المنزلي من سوريا الى لبنان، وبكميات تقرب من 45 ألف طن سنوياً، وهو ما يعني حرمان خزينة الدولة من الضريبة والبالغة 50 دولاراً عن كل طن، علماً أن السوق المحلية تحتاج الى 150 ألف طن سنوياً، وفي جانب آخر تتأثر نقابات توزيع الغاز المنزلي من جراء هذا التهريب الذي يحرمها جعالتها البالغة ألف ليرة عن كل قارورة، بالإضافة الى أن التهريب قد يحدث خطراً على السلامة العامة من جراء انتقالها بواسطة مركبات أو سيارات مدنية لا تتوفر فيها شروط السلامة لأن الغاز هو من أخطر المشتقات البترولية.
وسأل زينون عن دور الدولة في مكافحة عمليات التهريب هذه، وقال "إن النقابة تعرف هذه المسألة وتعمل لضبطها من خلال ما تقدمه من معلومات الى الوزارة المعنية، إلا أن مسألة المراقبة والضبط هي على عاتق الدولة".
وطرح زينون في سياق تنظيم القطاع مسألة صيانة القوارير الجديدة التي طرحت في السوق، والتي تتحملها نقابة الموزعين، فيما تقع المسؤولية على شركات التعبئة، فالاتفاق يقضي بأن أية شركة تعبئة تتحمل صيانة أي قارورة ولو لم تكن هذه القارورة قد خرجت من عندها.
وفي ما يتعلق بالارتفاع الدائم لقارورة الغاز، يؤكد زينون أن مسألة صعود الأسعار تعود الى ان لبنان بلد مستورد وغير منتج (يستورد لبنان الغاز المنزلي من الجزائر وإيطاليا)، إلا أنه يقترح في المقابل الاستمرار في عمليات التنقيب عن الغاز، خصوصاً وأن أعمال التنقيب كشفت عن وجود كميات من هذه المادة في لبنان، ولماذا هذا التأخير في ايصال هذه العملية الى خواتيمها؟.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.