أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، أن هناك رغبة من الحكومة الحالية أن يكون هناك إجماع على الخصخصة وتوافق بين كل الأطراف المعنية، ومن هذا المنطلق تقرر أن لا تتم عملية الخصخصة، قبل أن يكون هناك رئيس للجمهورية وحكومة وفاق وطني جديدة.
وقال إنه في ظل الظروف السياسية الراهنة متوقف إصلاح قطاع الاتصالات، لأن مشروع ليبان تيلكوم متوقف، بانتظار تعيين مجلس إدارة، كذلك متوقفة خصخصة قطاع الهاتف الخلوي.
وأضاف في حديث مع "المستقبل"، "كنا قد توقعنا أن يحدث ذلك بين تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) 2007، إلا أنه لم يتم وبما أن أول شباط (فبراير) أتى ولم تأتِ العروض، وفي ظل غياب رئيس للجمهورية وحكومة وفاق وطني، قررت الحكومة الحالية تمديد العملية ربما تكون هناك حكومة جديدة من الآن الى ثلاثة أشهر أو في أقرب وقت لإطلاق مشاريع وقوانين الخصخصة".
وأضاف حايك، وإذا كان أحد لا يدري ما ستؤول إليه الأوضاع في البلد، فنأمل أن تتم عملية تخصيص الهاتف الخلوي قريباً حتى لا نضطر للعودة الى تدوين المعلومات بشكل يومي في غرفة المعلومات، لأن ذلك سيأخذ وقتاً طويلاً، ولدينا عقود مع مشغلين لانشاء شركات جديدة تنتهي مدتها في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وإذا لم نقم بعملية الخصخصة وأطلقناها وأجرينا المزايدة قمنا بعملية استلام وتسليم قبل تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فستكون لدينا مشكلة".
وأكد أن "عملية تخصيص الخلوي هدفها إعطاء منافع عدة للدولة اللبنانية وللاقتصاد الوطني، وهذه الفوائد معروفة، وباختصار: خفض الدين العام، لأنه في قانون الخصخصة حكماً كل إيرادات الخصخصة، ستستعمل لخفض الدين العام، وعندما نخفض الدين العام، لا نعود بحاجة الى المدخول العالي، الذي نحتاجه اليوم لندفع فوائد الدين أو سداد جزء من هذا الدين، اليوم لدينا إيرادات عالية من الخلوي وتقدر بشكل صافٍ بنحو 600 مليون دولار، وهي تستعمل لخدمة الدين، لكن إذا استطعنا إطفاء جزء من هذا الدين، لا نعود بحاجة الى هذه الإيرادات التي تدخل الى الخزينة وتبقى ثوانٍ ثم تخرج لسداد مستحقات الدين العام، وعندما نخصخص الإيرادات تخف، ولكن لا يعود هناك فوائد لندفعها، ولا يعود هناك دين عام، وأيهما أفضل أن يكون هناك سداد لفوائد الدين أو لا يكون هناك دين.
أما بشأن مردود الخصخصة المالي، فقال حايك "نحن اجمالاً لا نصرح عن توقعاتنا بهذا الشأن، وهناك فوائد قد تكون أهم من عملية البيع وعملية إطفاء الدين العام، هذه الفوائد تبدأ من خفض التعرفة، التي من شأنها تنشيط قطاع الاتصالات في لبنان، والذي من شأنه أيضاً تحسين التكاليف للشركات ونوعية الخدمة للمواطن، وخفض التعرفة من شأنه كذلك تحسين نسبة الاختراق والتي تبلغ اليوم 30% فيما هي 60% في الأردن ونحو 100% في دول الخليج العربية، وفي أوروبا هناك تخطٍ لنسبة المئة بالمئة".
وأشار الى أن "الخصخصة ستؤدي الى خفض تكلفة التخابر على المواطن وكذلك الشركات اللبنانية والتي تعتبر عالية جداً، خصوصاً وأننا أصبحنا متأخرين عن العالم ومواكبة العصر في عملية الاقتصاد العالمي، أما الفوائد الثانية فهي تتعلق بنوعية الخدمة التي ستتحسن كثيراً في عملية الخصخصة. ومن المنافع أيضاً تأثير الاكتتاب العام لشركات الخلوي المخصخصة، فنحن نطرح للاكتتاب العام ثلث الأسهم والتي تقدر بملايين ومليارات الدولارات، وهي ستحسن نشاط بورصة بيروت بشكل مهم جداً، وأيضاً من شأنها إعطاء زخم للبورصة، خصوصاً وأنه في العالم أجمع، أسهم شركات الاتصالات، هي الأسهم التي لديها أكبر نسبة تداول في البورصة، وفي كل دول العالم سهم الاتصالات يعد السهم المفضل لدى المستثمرين، وعندما يكون لدينا بورصة فعالة، معناه أن الشركات العائلية في لبنان، والتي تعد أكبر نسبة من الشركات الموجودة في لبنان، واليوم لا تستطيع أن تكبر، لأنها بحاجة الى رأسمال، وهذا الرأسمال لا تستطيع الحصول عليه، يقول لماذا أذهب لأفتش عن شريك، اليوم هذا الشريك هو الذي يأتي ويقول لي كيف أسير عملي، بينما إذا وضعت أسهم شركتي على البورصة، وأتاني ألف مستثمر، هذا الألف سيعطيني رأسمالا، إلا أنهم لا يتدخلون كيف أسير عملي، وهذا ليس غريباً فكل بورصات العالم أنشئت لهذا السبب، حتى تحصل الشركات على رساميل من الجمهور".
ورأى أن "هناك تخوفا لدى البعض من أن تعمل الخصخصة على إطلاق حالة احتكار لدى القطاع الخاص، إلا أننا نقول يجب عدم الخوف من قبل القطاع الخاص، لأنه في لبنان هناك هيئة منظمة للاتصالات، وهي أول خطوة من خطوات عديدة لإصلاح الإدارة العامة، وتكوين هذه الهيئة أهم عامل للإصلاح الإداري في لبنان منذ عقود، وهي وضع سلطة الرقابة والتنظيم بيد فريق عمل مهني تقني، يستطيع بدون تسييس وباستقلالية تامة وشفافية إدارة القطاع وتنظيمه، والهيئة المنظمة للاتصالات هي تشبه وضعية مصرف لبنان ودوره تجاه المصارف، والتي من مهماتها السهر على مصلحة المواطن، وتأمين المنافسة في سوق الاتصالات، وإذا لم تستطع تأمين المنافسة، لا تقوم بعملها بالشكل المطلوب أو السليم، فبمقدور المواطن مطالبة هذه الهيئة القيام بعملها بحسب القانون".
وفي ملف الكهرباء، أشار حايك، الى أنه "من المعروف أن هذا القطاع بحاجة الى الإصلاح ولا شيء جديدا بالنسبة الى الناس، حكومات عدة حاولت إصلاح القطاع، إلا أن كل حكومة تضع خطة، وتنتهي الحكومة قبل أن تنفذ الخطة، وهذا طبيعي لأن إصلاح قطاع الكهرباء يحتاج سنوات عدة، بينما معدل عمر الحكومات في لبنان هو سنة ونصف السنة، لذا يجب أن تكون هناك استمرارية في الخطة التي توضع موضع التنفيذ، وهذا أهم عامل لإصلاح قطاع الكهرباء، لذلك يجب وضع خطة والسير بها الى الآخر".
ولفت الى أن آخر خطة كانت خطة وزير الطاقة والمياه (المستقيل) محمد فنيش وهي خطة مبنية على القانون 462/2002، ولكن تنفيذ القانون 462 ينفذ بطرق عدة، وهذه الطريقة لها منافع عدة، وهذه الخطة ارتأينا كمجلس أعلى للخصخصة تطبيقها، ولكل خطة حسناتها وسيئاتها أما الكمال فهو لله وحده، ويجب أن تستكمل هذه الخطة وتكون لها استمراريتها، وآمل أن تأتي الحكومة الجديدة ألا تضع العراقيل في وجه الخطة التي ننفذها. والخطة كناية عن إصلاح إداري لمؤسسة كهرباء لبنان، يتم عن طريق تشركة المؤسسة مع القطاع الخاص، لتصبح شركات عدة خاضعة للقانون التجاري في لبنان، شركات مساهمة لبنانية أو مغفلة، وكل شركة تكون معنية بمهمة بالتوزيع والنقل والانتاج.
ورأى أن "فكرة تشركة مؤسسة الكهرباء، هي العملية التي أطلقناها في أيلول (سبتمبر) 2007، وهي بحاجة الى مدة سنة ونصف السنة، أي من الآن الى أوائل العام 2009، ونكون قد أتممنا هذا العمل، واليوم الاقتراح الحالي تكوين 7 شركات منها 4 شركات للانتاج وشركة واحدة للنقل واثنتين للتوزيع. وسننتظر موافقة مجلس الوزراء على هذا الأمر، ونأمل أن يكون هناك مؤتمر وطني عام حول موضوع الكهرباء لوضع إطار وتصور مستقبلي لهذا القطاع بدعوة المعنيين بإصلاح هذا القطاع، من كل الأطراف السياسية وهيئات المجتمع المدني الاقتصادية والتجارية والعمالية والنقابية وحماية المستهلك أيضاً".
وأوضح "أن التشركة ليست خصخصة وهي عملية إشباك أو إشراك القطاع الخاص مع القطاع العام، وهي تعمل على تغيير الوضع القانوني والنظام الداخلي بالإضافة الى عملية توظيف لمؤسسة الكهرباء عبر إنشاء شركات عندما تخضع للقانون التجاري يصبح لديها علاقات طبيعية فيما بينها، ونحن اليوم لا نتكلم عن خصخصة أو بيع للمؤسسة، لأن الخصخصة تأخذ أملاكاً أو أصول الشركة ونبيعها الى القطاع الخاص، وعندما نتكلم عن إشراك القطاع الخاص، نقول الذي للدولة هو للدولة، وكل شيء جديد يعمله القطاع الخاص، مثلاً نحن بحاجة الى 500 ميغاوات إضافية، وبدلاً من أن تقوم الدولة بدفع المال لهذا الاستثمار، يقوم القطاع بهذا الاستثمار وتشتري الدولة منه الكهرباء، وهذا يعبر عن تعاون بين القطاعين العام والخاص، دون أن يكون هناك بيع ملكية أو أصول عامة".
ولفت الى أن عملية إصلاح القطاع تستند على 5 محاور:
ـ تشركة مؤسسة كهرباء لبنان.
ـ إشراك القطاع الخاص في عمليتي الانتاج الإضافية الجديدة (450 ميغاوات) عن طريق منتجين مستقلين، وأول مشروع من هذا النوع هو مشروع المعمل الجديد في دير عمار، الذي نعمل عليه.
ـ إشراك القطاع الخاص بعملية التوزيع عن طريق إشراكه في الاستثمار لتركيب عدادات وتحكم عن بعد وتحسين الجباية والفوترة لتحسين أداء القطاع.
ـ اكمال البنى التحتية وخطوط التوتر العالي 220 كيلوفولت ومركز التحكم الوطني الكهربائي (NCC) الذي يقوم به مجلس الانماء والاعمار، ومحطة كسارة.
ـ إصلاح ووضع سياسة جديدة للطاقة في لبنان، عن طريق وضع تصور مستقبلي بالنسبة للمحروقات والتعرفة المرنة لتكون أكثر اجتماعية.
ـ تأمين المحروقات والنقل في ما يتعلق باستيراد الكهرباء والغاز، هناك مشكلات تقنية بالنسبة للغاز والربط السباعي الكهربائي، تمنعنا من المستوى الذي يجب أن نكون عليه، ونأمل أن يكتمل خط أنبوب الغاز المصري من الأردن الى سوريا، ليصل الينا الغاز في منتصف العام الجاري.
وقال "أما في ما يتعلق بالربط السباعي فالشبكة لا تستطيع أن تتحمل كميات كهربائية زيادة، حتى الدول التي لديها فورة نفطية أصبح عندها مشكلات بالنسبة للانتاج، بوجود استثمارات ضخمة لديها، وقدر استهلاك إضافي للطاقة".
وحول الخسارة التي تدفعها الدولة سنوياً لمؤسسة الكهرباء، قال حايك "من الخطأ أن نسميها خسارة فهي دعم، والمحروقات تكلفنا أكثر بكثير، فوق المليار دولار، التعرفة وضعت على أساس سعر البرميل 25 دولاراً أما اليوم فهو مئة دولار، وكل الناس في لبنان تستفيد من هذا الوضع، وحتى الذي يدفع فاتورته كاملة، يأتيه دعم بنسبة جد مهمة، تفوق 50% من التكلفة الحقيقية للكهرباء، والآن المواطن غير مستعد لدفع التكلفة الحقيقية لانتاج الكهرباء، فهو يستدين ويدفع أولادي غداً عني، بمعنى آخر، نحول التكلفة التي يجب أن ندفعها الى دين عام، وهي سياسة دعم غير سليمة، وهناك سياسات دعم للكهرباء سليمة، والسياسة الحالية هي أي عجز في انتاج الكهرباء تتحمله الدولة".
وأمل حايك بحصول توافق سياسي ليستمر إصلاح قطاع الكهرباء، وإلا سنعود 10 سنوات الى الوراء، والأموال التي دفعناها سترمى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.