8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الخسائر تقدر بـ50 مليون دولار وتوقع ارتفاع الأسعار تلف مواسم البصل والقمح بقاعاً وأضرار الخيم 80 ـ 100% في عكار

هل حلت كارثة بالقطاع الزراعي، من جراء العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان منذ أسبوع وأكثر؟، وإذا كانت التقديرات الأولية للنقابيين الزراعيين بالنسبة للمنتجات الزراعية في هذا الموسم تصل الى نحو 50 مليون دولار خسائر، فإن تداعيات الكارثة في هذا القطاع ستكون كبيرة، وخصوصاً بالنسبة للمواطن الذي سيكتوي بنار الخضر والفواكه، والتي من المنتظر أن ترتفع أسعارها بنسب كبيرة خلال الأسبوعين المقبلين.
فيما يقول مزارعون آخرون، إن ارتفاع الأسعار بدأ منذ الآن، إذ أن أسواق الخضر اللبنانية باتت "تعج" الآن بالخضر المستوردة من الأردن بشكل وكبير ومن السعودية بدرجة أقل، بعد ضرب الموسم الحالي، فمثلاً كيلو الخيار المستورد سعره بين 500 و750 ليرة، يبيعه المستورد لتاجر الجملة بـ1500 ليرة، ويصل الى المستهلك بـ2000 ليرة، وبذلك تكون نسبة ارتفاع السعر أكثر من 100 بالمئة.
أما الخسارة فهي لن تقتصر على المزارعين أو المواطنين، بل ستلحق بتجار الخضر والفواكه، إذ أن لبنان بات بحاجة الى الاستيراد، وهو ما ستترجمه الأيام المقبلة الى ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، وسيزيدها علو موجة ارتفاع الأسعار عالمياً والتي انعكست سريعاً على القدرة الشرائية للمواطن اللبناني.
وإذ تزامنت هذه العاصفة "القارسة والباردة" مع الأحوال السياسية "الحامية" في البلاد، فإن المزارع اللبناني يرهن تحسن أحواله، بتسريع الدولة تكليف الهيئة العليا للإغاثة بمسح الأضرار وتالياً تعويضه، لكن يبقى مطلبه الأهم هو إقرار قانون انشاء الصندوق الوطني للضمان الزراعي من الكوارث والفيضانات والجفاف والعواصف، الذي يقبع في أدراج مجلس النواب منذ سنوات، والذي تبقى الحاجة إليه ملحةً مع تكرار "الكوارث الثلجية" على القطاع الزراعي كل عام.
وتكمن أهمية الصندوق بأن هدفه حماية المزارع في أزمنة الكوارث والنوائب، وهو يخضع (بحسب مشروع القانون) لوصاية وزارة الزراعة، وللرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة، ويمول الصندوق باشتراك نسبي من قبل المزارع المستفيد من الصندوق، وباعتماد نسبي يلحظ في الموازنة العامة، مع مساهمة من غرف التجارة والصناعة والزراعة، الاتحاد الوطني للتسليف التعاوني، ويمول الصندوق من رسم استهلاك مقداره 3% على مختلف أنواع التبغ المستورد من الخارج، ورسم استهلاك مقداره 1% على جميع أنواع المشروبات الروحية بالإضافة الى التبرعات والهبات.
ويقول رئيس جمعية المزارعين انطوان الحويك "إن ما أحدثته العاصفة الثلجية والطقس القارس على المنتجات الزراعية يعد كارثة كبيرة. مضيفاً "لا يمكن إعطاء إحصاءات دقيقة الآن إلا بعد انتهاء العاصفة ومسح الأضرار والتي سيقوم بها الجيش اللبناني".
وأكد الحويك "أن من واجبات الدولة تعويض المزارعين، ولاسيما أن الأفرقاء السياسيين كافة يتحملون مسؤولية عدم إقرار صندوق الضمان الزراعي".
ويلفت الحويك في اتصال مع "المستقبل"، الى أن الأضرار التي ألحقها الطقس بالنسبة للخضر في الخيم البلاستيكية فوق 300 متر هي بنسبة 100%، أما ما دون 300 متر وخصوصاً في المناطق الداخلية فإن الأضرار بلغت نسبة 80%.
وبالنسبة لمزروعات الحشائش (خس وغيره)، فالأضرار 100% سواء في البقاع وعكار، أما أضرار الليمون في الجنوب فتبلغ 50%، وكذلك لحقت الأضرار بالموز إلا أنه لا يوجد رقم محدد له.
ويعتبر رئيس نقابة الفلاحين والمزارعين في البقاع ابراهيم ترشيشي، أن لبنان يمر الآن بظروف مناخية صعبة، يمكن وصفها بـ"المرض" لكل أنواع الزراعات، خصوصاً وأن درجات الحرارة المتدنية دون الصفر وبشكل متفاوت، قد ألحقت خسائر كبيرة بجميع أنواع الانتاج الزراعي.
ويقول إن العاصفة قضت على مواسم البصل والقمح والقرنبيط والشعير في البقاع، كما أنها أجهزت على مزروعات البيوت البلاستيكية التي تحتاج الى تدفئة، إلا أن أصحاب هذه البيوت بغتوا بالعاصفة دون أي تحضير لمثل هذه الحال الطارئة، وهو ما ألحق بمزروعاتهم خسائر فادحة.
ويضيف أن أسواق الخضر اللبنانية التي تستهلك منتجات الزراعة الساحلية (خيار، كوسا، لوبياء وغيره...)، تضررت أيضاً وبشكل كبير من جراء هذه العاصفة، التي لا تزال مستمرة، والخسائر تناهز 50 مليون دولار، وسيرتفع هذا الرقم فيما لو استمر الطقس بهذا الشكل.
ويتوقع ترشيشي، أن تكون هناك أسعار خيالية للوبياء والبندورة وغيرها خلال الأسبوعين المقبلين، وأن نسب الارتفاع ستقارب المئة في المئة، ويشير الى أن توازن السعر اليوم ناتج عن الخضر والفواكه المطروحة في السوق، والتي هي من بقايا المواسم الزراعية الماضية.
ويؤكد النقابي عمر الحايك، أن أكثر من 50% من أهالي عكار يعتاشون من الزراعة، فيما يعيش نحو 25% من أهل الضنية من هذا القطاع، وعليه فإن العاصفة قد أحدثت ضرراً كبيراً، خسائر البيوت البلاستيكية في عكار تصل الى 100%، أما الحمضيات فتصل الى 50%، والبطاطا الى 25% الى الآن.
ويؤكد الحايك أن تكلفة الانتاج الزراعي خلال المدة الأخيرة ارتفعت من جراء ارتفاع أسعار المحروقات والبذار واليد العاملة في هذا القطاع وأغلبها من سوريا، فضلاً عن ارتفاع أسعار المبيدات، فكيف هو حال المزارع بعد الكارثة؟.
ويشدد رئيس اتحاد التعاونيات والجمعيات الزراعية في عكار (عددها 50 جمعية وتعاونية) دياب شخيدم، على أن الكارثة التي حلت بالقطاع الزراعي، أضافت عبئاً جديداً على المزارع وزادت من ديونه، خصوصاً وأن معظم المزارعين العكاريين بدأوا خطوة تحديث للقطاع من خلال قروض، وبدلاً من انتظار مردود الانتاج لسداد الديون، تفاقم وضعهم المالي نحو الأسوأ. ويقول "إن الكارثة أدت بشكل تلقائي الى ارتفاع سعر الخضر، فمثلاً صندوقة الكوسا كانت بـ20 ألف ليرة أصبحت اليوم بـ50 ألف ليرة".
وكشفت نقابة مزارعي الخضر في لبنان على الأضرار التي خلفتها موجة الصقيع، التي ضربت لبنان عموماً والشمال وعكار خصوصاً.
وقالت النقابة إن مئات الخيم في الشمال تزرع الخيار والبندورة والكوسا واللوبياء والباذجان وغيرها تضررت بفعل موجة الصقيع، وبلغت قيمة الأضرار لكل خيمة ثلاثة ملايين ليرة، أما الانفاق التي اصبحت موجودة بكثافة في الشمال وخاصة في عكار فيزيد عددها على 30 ألف نفق مزروعة فريزا ونعنعا وسلب وحشائش، وتبلغ قيمة الأضرار للنفق الواحد مليونا و 500 ألف ليرة مع الانتاج والتكلفة".
وأشارت الى انه يوجد في الشمال ثلاثة آلاف هكتار من الحمضيات والأفوكاتو وغيرها، وبلغت الأضرار فيها بنسبة 50%، ووصلت قيمة الاضرار في الهكتار الواحد الى سبعة ملايين ليرة. أما باقي المزروعات من فول وملفوف وزهرة وباقي أنواع الحشائش خارج الانفاق فتقدر ب 300 هكتار وقيمة الاضرار في الهكتار الواحد مليونا ليرة".
وطالبت بالاسراع في العمل لايجاد صيغة قانونية للاطلاع والتحقيق ميدانياً على الأضرار ودفع التعويضات الى مستحقيها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00