تتسارع الخطى في مشروع التنمية الاجتماعية في مجلس الانماء والاعمار، لإنجاز برامج المشاريع التي أقرها منذ بدء العمل فيه، خصوصاً أن المشروع مستمر حتى شباط (فبراير) 2008.
وهذا المشروع الممول بجزء كبير منه من البنك الدولي، استطاع إطلاق نحو 320 مشروعاً قيمتها 20 مليون دولار، وهذه المشاريع مقسمة على ثلاثة أنواع: صغيرة، ومناطقية والتأهيلية التي بدأت عقب عدوان تموز (يوليو) 2006.
ويسعى المشروع الى مقاربة ثلاث نقاط أساسية:
1 ـ تأكيد سياسة الحكومة الساعية الى إيلاء الهم الاقتصادي والاجتماعي خصوصاً لدى الفئات التي تعاني من الأوضاع الصعبة أهمية قصوى والسعي لإطلاق مشاريع يمكن أن تشكل نقطة انطلاق لحلول ناجعة.
2 ـ إنماء متوازن يخدم المناطق اللبنانية كافة وكل شرائح المجتمع وفق احتياجاتها.
3 ـ تفعيل علاقة الدولة مع مؤسسات المجتمع المدني عبر تعزيز دور مجلس الإنماء والإعمار، الذي طالما ارتبط اسمه بمشاريع إعادة إعمار البنى التحتية، من خلال تنفيذ المجلس مشاريع ذات الشق الإنمائي والاجتماعي مع المموّلين المهتمين.
ويهدف مشروع التنمية الاجتماعية التابع لمجلس الانماء والاعمار، المموّل جزئياً من البنك الدولي، الى إنشاء أداة فاعلة ومستدامة لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية في المناطق التي تعاني من أوضاع اجتماعية صعبة، وبالتالي خفض مستوى الفقر وتأمين المساواة وفرص العمل عبر تحسين إمكانية الاستفادة من البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية وذلك عبر:
1 ـ تأمين الفرص والظروف الملائمة للوصول الى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية من خلال دعم المبادرات المحلية الهادفة الى تحسين فرص الفئات المهمشة في الحصول على خدمات تربوية، صحية وبيئية.
2 ـ تحسين الوضع الاقتصادي للعائلات والفئات ذوي الدخل المتدني عن طريق تحفيز الإنتاجية وزيادة الدخل من خلال التدريب على المهارات الأساسية، وتنمية قدرات المؤسسات والأفراد لإيجاد موارد تخفف من حدة البطالة وتؤمن فرصاً لزيادة الدخل.
3 ـ تطوير برامج اجتماعية محددة تهدف الى تلبية الاحتياجات الخاصة للشرائح الاجتماعية التالية: الشباب، النساء، الأطفال والمعوقين وكبار السن.
4 ـ توثيق التجارب والدروس والإفادة من الخبرات الناتجة عن تنفيذ المشروع للإفادة منها في التنسيق مع الوزارات المعنية لتطوير استراتيجية تنمية بشرية طويلة المدى، تسهم في إنجاح المشاريع التنموية الأخرى الهادفة الى تخفيف حدة الفوارق الاجتماعية والمناطقية.
ويقول مدير المشروع رمزي نعمان لـ"المستقبل"، عن هذا المشروع "هذه التجربة جديدة ونموذجية، بين الدولة ومجلس الانماء والاعمار والبنك الدولي والجمعيات الأهلية، وقد استطعنا الدخول بهذا المشروع الى معاقل الفقر الرئيسية في البلد، واستطعنا وضع دراسات عملانية بالمشاركة بين الأطراف المعنية بالمشروع، لنقل ما هي الأولويات التي تهم الناس ولنبدأ بمعالجتها على الفور".
ويشير الى أن المشروع ينفذ من خلال برنامجين أساسيين:
1 ـ برنامج وطني قطاعي يعمل على تطوير برامج اجتماعية محددة ضمن مجموعة من العناوين القطاعية الوطنية، التي تهدف الى تلبية الاحتياجات الخاصة لشرائح اجتماعية معينة كالنساء والأطفال، المعوقين وكبار السن.
2 ـ برنامج تنموي مناطقي مترابط ينطلق من حاجات المجتمعات المحلية التي يعمل فيها ويستهدف مجموعات محددة من القرى التي تعاني من أوضاع اجتماعية صعبة وتقع في المناطق الجغرافية التالية (مناطق فقر ريفي). 1 ـ قضاء عكار، 2 ـ قضاءي المنية وزغرتا، 3 ـ مدينة طرابلس، 4 ـ أقضية بشري، جبيل والبترون، 5 ـ بيروت الكبرى، 6 ـ قضاءي بعلبك والهرمل، 7 ـ قضاءي راشيا وحاصبيا، 8 ـ أقضية النبطية، صور، بنت جبيل ومرجعيون، 9 ـ قضاءي عاليه والشوف، 10 ـ قضاءي صيدا وجزين.
وقد اعتمد البنك الدولي في اختيار المناطق المذكورة أعلاه على دراسات أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية وعدد من منظمات الأمم المتحدة المعنية بهذا الشأن.
ويوضح نعمان أنه في الإطار التنفيذي، قام المجلس بإجراء مسح اجتماعي سريع في المناطق العشرية المشار إليها آنفاً، وحدد فيها تجمعات الفقر (وهي مناطق ريفية أو مدنية لا يزيد عدد سكانها على 15000 نسمة، تعاني من أوضاع فقر، بالإضافة الى أنها تتشارك في القرب الجغرافي والخصائص الاجتماعية التي تسمح بتنفيذ مشاريع مشتركة في هذه المناطق) كما حدد المسح الحاجات والأوليات الإنمائية في هذه التجمعات بعد التشاور والتداول مع الهيئات المحلية والفعاليات العاملة في المنطقة. وعلى ضوء نتائج المسح، قام المجلس بدعوة الهيئات الأهلية الراغبة بالمشاركة الى تقديم اقتراحات مشاريع للاستجابة الى الأولويات القطاعية التي برزت في المسح. وقام المجلس بدراسة الملفات عبر النظر الى أهلية الجمعيات التي تقدمت باقتراحاتها وإلى جدوى المشروع بمختلف مقوّماته، وذلك وفق دفتر شروط واضح أعد خصيصاً لهذه الغاية ووافق عليه المموّل البنك الدولي. وبنتيجة ذلك، وافق المجلس على التعاقد مع الجمعيات الأهلية لتنفذ 121 مشروعاً بقيمة إجمالية بلغت 12 مليون دولار، وبموازنة قصوى للمشروع الواحد لا تزيد عن 100.000 دولار.
5 ـ وينفذ المشروع برامج قطاعية خاصة بمجالات الإعاقة والشباب على مستوى لبنان، بالتعاون مع جمعيات أهلية.
ويقول نعمان "إن مشاريع التنمية الاجتماعية تتطلب فترة زمنية غير قصيرة لقياس أثرها ومدى التغيير التي استطاعت إرساءه ويمكننا القول إن ما استطعنا تفعيله خلال فترة تنفيذ المشروع، على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي واجهتنا، هو علاقة الثقة التي نشأت بين كل الأطراف المعنية في المشروع. كما وأن التفاعل مع الجمعيات أفسح المجال أمام بناء إمكانية لديها لمقاربة المشروعات وفق ثقافة عصرية ولغة موحدة تتيح لها فرص الحصول على تمويل مستقبلي. إننا نرى إمكانية على المستويات كافة يمكن البناء عليها في المستقبل".
ويوضح "أن المشاريع التي اقترحتها الجمعيات الأهلية، تم تمحيصها وبالتالي الأخذ المناسب منها، والذي من الممكن أن يعطي جرعة دعم سريعة للبيئات الفقيرة، ومشروعنا بالطبع لن ينهي الفقر أو يحدث تغييراً في مؤشرات الفقر بشكل سريع ومباشر، وإنما يهدف الى بناء قدرات المجتمع المحلي، ووضعها ضمن مشروع له أهداف يمكن قياسها وتقويمها، لكن الأهم أن مشروعنا يتبنى المشاريع التي لها طابع الاستدامة بعد تنفيذ المشروع، وخصوصاً تلك التي يتحسس بها الناس ويرونها الأنسب لمعالجة قضاياهم وتلبية حاجاتهم".
ويضيف "بالطبع مشروعنا يبني على ما أنجزته مؤسسات الدولة، بمعنى أن هناك حلقة تواصل، لأن هناك من سيأتي بعدنا ويكمل، ونحن بدأنا أولاً بمعالجة الاخفاقات ونحاول تعديل الكثير من الأمور في بعض المشاريع لنصل الى الأفضل".
وقال "حاولنا من خلال هذا المشروع تفعيل العمل التطوعي الذي هو سمة الجمعيات الأهلية، بغية تأطيره مؤسساتياً، وبالطبع تعامل مشروعنا بشفافية مع الجمعيات والمجتمع الأهلي. هناك نحو 6 آلاف جمعية مسجلة في وزارة الداخلية، واشترطنا على الجمعيات التي تريد الاستفادة من المشروع أن تكون مؤهلة، وأن يكون المشروع له أهمية ملحة، وبناء على ذلك عقدنا العديد من الاجتماعات مع الجمعيات، ودرسنا وضعها أولاً ومدى قبولها من الناس وهل هي ناشطة أم مجرد حبر على ورق، وأخذنا رأي الناس بالمشاريع التي تطرح، لنجعلهم شركاء في المسؤولية، ودفعهم الى الحفاظ عليه، خصوصاً وأن الناس فقدت الكثير من الثقة بالمشاريع لأنه سابقاً لم تعطِ تغييراً في المؤشرات، وكان الناس يسألون أين تذهب الأموال؟، إنهم يريدون الشفافية، ولذلك قمنا سريعاً بتفعيل المشاريع الملحة، واستعدنا ثقة الناس وأشركناهم بالمسؤولية".
ويضيف "نحن نتعامل اليوم مع 320 مشروعا في كافة البقاع اللبنانية، وتبلغ قيمتها الاجمالية 20 مليون دولار، صرف منها الى الآن 13 مليون دولار، فيما الباقي وهو 7 ملايين دولار سيستكمل بالمشاريع الملحوظة حتى شباط (فبراير) 2008 موعد انتهاء مشروع التنمية الاجتماعية، لذلك فإن الحكم وتقويم عملنا ومدى نجاحه، لا يمكن أن يتم مباشرة بعد الانتهاء من المشروع بل بعد سنة، لنرى كيف تفاعلت الناس مع مشاريعها وحافظت عليها. طبعاً التمويل المقدم الى الجمعية صاحبة المشروع، هو بين 30 و100 ألف دولار، المبلغ الصغير هو للمشروع الصغيرة، أما المئة ألف دولار فهو لتلك المشاريع التي نعتبرها مناطقية، ويضاف الى هذه المشاريع، المشاريع التي نفذها مشروع التنمية الاجتماعية بعد عدوان تموز (يوليو) 2006، بالنسبة للمناطق في الجنوب والبقاع التي تعرضت للاعتداءات. ويشير نعمان "مشروعنا يحاول مساعدة الكثير من الوزارات فوزارة التربية نساعدها من خلال معالجة موضوع التسرب المدرسي، وكذلك وزارة الشؤون وفي النهاية نحن جميعاً مؤسسات حكومية يجب أن تتضافر جهودنا لمساعدة الناس وخصوصاً أولئك الفقراء الذين هم بحاجة الى لمسة حنان، والوقوف الى جانبهم لاستنهاضهم، ودفعهم الى المشاركة في بناء المجتمع".
ويؤكد أن جميع المشاريع تصب في خانة الاستراتيجية، التي تقدمت اللجنة الوزارية المشتركة، باعدادها إنطلاقاً من ورقة الإصلاح التي تبناها مؤتمر باريس3.
يذكر أن مجلس النواب كان قد أقر في 29 تموز (يوليو) 2002 القانون رقم 433 الذي يجيز للحكومة إبرام اتفاقيتي القرض والمشروع الخاصتين بـ"مشروع التنمية الاجتماعية" بين لبنان والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وتبلغ قيمة القرض 20 مليون دولار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.