8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحركة التجارية تتراجع 20% ومؤسسات تتجه نحو الإقفال الحريري: الجمود يسيطر على أسواقنا والاستثمار توقف

الكيلومترات الصغيرة التي تفصل العاصمة الثانية عن مخيم نهر البارد، لا تبدو معها طرابلس بمنأى عن مضاعفات الحرب الدائرة منذ نحو أسبوعين، وهي التي تعاني في الأصل جموداً وشللاً إقتصادياً، بفعل الأزمة السياسية القائمة في البلاد منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مروراً بالعدوان الإسرائيلي الصيف الماضي ثم "احتلال" وسط بيروت و"تهشيل" مؤسساته، واستتباعاً إضعاف مؤسسات الوطن الاقتصادية والتجارية والمالية بأكملها بنسب مريعة ومخيفة في آن، وصولاً الى حرب مخيم نهر البارد.
وإذا كانت الحركة التجارية في طرابلس، قد تراجعت الى مستويات قياسية قبل الحرب في نهر البارد، فإن هذا التراجع زاد بسبب الحرب بنسبة 20%، وهو ما يؤشر إليه معظم التجار في شوارع عزمي وقاديشا ونديم الجسر التجارية، بالإضافة الى الأسواق الداخلية البازركان والكندرجية وغيرها، فيما تراجعت حركة الإشغال الفندقي وريادة المطاعم بشكل لافت، وهو ما يؤشر بوضوح الى تفاعل الأزمة الاجتماعية في المدينة سلباً، إنطلاقاً من فشل معالجة الأزمة السياسية.
لا ينفي تجار طرابلس أيضاً تداعيات التفجيرات المتنقلة في المناطق، والتي حدثت في الآونة الأخيرة في بيروت وعاليه، على الحركة التجارية في المدينة، فخلو الأسواق من الزبائن والمارة، دليل على ارتفاع منسوب "الحيطة والحذر" من حدوث أي مكروه، وبالتالي انعكاس ذلك ضعفاً في عمليات البيع والشراء.
ويؤكد هؤلاء أن تراجع المبيع في أسواق الشمال، يعود لأسباب عدة:
­الخوف من الصرف، لعدم القدرة على استشفاف أو رؤية ما يحمله المستقبل من مفاجآت.
­الخوف من الأوضاع الحالية السائدة في الشمال، وهو ما يجعل الكثيرين يحجمون عن التسوق.
­القدرة الشرائية المتراجعة، فضلاً عن ارتفاع منسوب البطالة.
وتوجد في الشمال نحو 18 الف مؤسسة تجارية، منها 6 آلاف في طرابلس، تعتاش منها 18 ألف عائلة، باتت أمام بدائل أحلاها مر: أولاً الاتجاه نحو اقفال عدد لا بأس به من هذه المؤسسات، ثانياً خفض رواتب العمال والاجراء ما لا يقل عن 30%، ثالثاً الصرف وهو النزول فعلاً إلى الشارع.
وإذا كانت حركة التجارة في الشمال تساوي 25% من مجمل حركة التجارة في لبنان، فيما لا تتعدى نسبة النشاط الاقتصادي الـ50%، فان تراجعها هذا الشهر يعد كارثة للتجار واصحاب المؤسسات والمطاعم والمقاهي، ويقول التجار "كنا نعول الكثير على هذين الشهرين وهدنة المئة يوم ومجيء المغتربين والسياح، للأسف بدأنا نأكل من لحمنا الحي، أسبوعان مرا على البلد، لا نبيع ولا نلوي على شيء".
وانطلاقاً من هذا التشاؤم والإحباط الباديين على وجوه تجار المدينة، فإنهم لا ينفكون يسألون عن مآل الأوضاع السياسية و"الأمنية" في البلد، والى متى سيبقى الوضع "مكانك راوح"؟.
ويقول رئيس جمعية تجار لبنان الشمالي أسعد الحريري "وضعنا التجاري في الشمال "تعتير"، وحرب "البارد" جاءت لتوقف الاستثمارات، فلم يعد هناك توظيف للأموال، وبالنظر الى أوضاع الشمال المهترئة في الأصل، فإن أبناء العاصمة الثانية بحاجة الى مزيد من فرص العمل، نعم هناك العديد من مؤسساتنا تتجه نحو الإقفال...فالجمود هو الذي يسيطر".
ويضيف قبل الحرب الأخيرة في نهر البارد وقبلها في طرابلس في شارعي الزاهرية والمئتين، كان هناك التزام جدي من اقتصاديي المدينة وتجارها وبالتعاون مع تجار المناطق في الشمال، لتطبيق هدنة المئة يوم والسعي لإنجاح صيف 2007.
وإذ يأسف الحريري للتضخيم الإعلامي في تصوير الشمال بأنه "ساحة حرب"، يقول "إن هذا الأمر أدى الى تراجع الزائرين الى المدينة، وإحجامهم عن زيارة الأسواق نتيجة لهذه الأحداث".
ويعتبر أن تراجع الحركة التجارية في العاصمة الثانية، لا يمكن حصره في الخانة السياسية وحدها، "فالشمال بحاجة الى تقوية ثقة المستثمرين لتوظيف أموالهم، إذ ليس هناك من توظيف يتجاوز أكثر من 6.2 في المئة من أموال المودعين الطرابلسيين، كما أنه يجب على الدولة الإلتفات أكثر نحو الشمال، عبر برنامج "كفالات" وسن قوانين من شأنها النهوض باقتصاد الشمال المتعثر".
ويضيف "بما أن الشمال هو من المناطق الفقيرة بالمؤسسات وقلة المشاريع، فإن أزمة أخرى تطل برأسها وهي هجرة الشباب الشمالي بحثاً عن فرص العمل، وكذلك هجرة الحرفيين الذين تشتهر بهم العاصمة الثانية، فكيف لمؤسساتنا أن تزدهر دون تطوير علمي والإستفادة من الجامعيين الذين يهاجرون من البلد؟".
ويلفت الحريري، الى أن الجمعية تنوي إعادة تحريك الدورة الاقتصادية شمالاً من خلال تخصيص الأحد من كل أول شهر كـ"يوم تسويقي"، تقدم خلاله حوافز التشجيع والحسوم.
وإذ يشدد على الأهمية المعطاة للأمن في هذه المرحلة، يؤكد أن الأسواق في طرابلس "آمنة" بفعل تواجد القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي على مدار الساعة في الشمال، بالإضافة الى التنسيق في هذا الإطار مع بلدية طرابلس.
ويقول أحد التجار "الوضع الاقتصادي في الشمال في حالة حرجة منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتفاقمت الحال مع عدوان إسرائيل، وتضخمت مع النزول الآن الى الشارع، فالاستثمار تراجع بنسب كبيرة، أما السياحة فهي غير موجودة الآن، بعدما أحجم المغتربون والسياح عن المجيء الى لبنان في هذا الوضع، لقد وقعنا فعلاً في الخسارة".
فيما يشير عبودي الزعبي (أحد الصيارفة في طرابلس)، الى تراجع حركة الصرافة الى مستوياتها الدنيا، ويقول "أين المغتربين، بل أين أهل الشمال، حرب البارد قطعت التواصل بين طرابلس وعكار، ومن المعروف أن 50% من الحركة التجارية في المدينة تأتي بفضل عكار".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00