8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أسواق جبيل من ضحايا الأزمة والاعتصام 20% من مؤسساتها تقفل أبوابها و"الحبل عالجرار"

"جبيل سْواقا ما بتِنطاق
التّجار بقلبن غصّة
منيح اللي عامل حلاق
بضلّ بطلع لي قصّة"
تلخص هذه "الردية" الزجلية، واقع تجار مدينة جبيل، وكانت جوابا من أحد مزيني الشعر في المدينة حول حال اسواقها، حول ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية والحركة التجارية، في ظل أجواء التشنج السياسي والاعتصام في وسط بيروت التجاري.
وتنعم جبيل بسوق تضم نحو 400 مؤسسة ومحل تجاري، ويصل هذا الرقم الى نحو 800 مؤسسة تجارية على مستوى منطقة جبيل ككل، يعتاش منها نحو 30 ألف شخص بين صاحب رأس المال وعامل وموظف وعائلة.
وإذا كانت محافظة جبل لبنان (من ضمنها قضاء جبيل) تضم نحو 44.1% من مجموع العاملين المقيمين في لبنان، و50.6% كمعدل للنشاط الإقتصادي، بحسب تقرير أوضاع الأسر المعيشية للعام 2004، فإنه لا يؤشر بالمطلق الى أن هذه النسب باتت واقعا بل باتت أقرب الى خيال، مع ارتفاع نسبة الانكماش الاقتصادي في البلد ككل، ومع غياب أي مؤشر للنمو في ظل "تسخين" الأوضاع السياسية بدلاً من تبريدها.
فقد حشرت الأزمة السياسية الراهنة، التجار الجبيليين في "بيت الياك"، وتراجعت الحركة التجارية في أسواق المدينة نحو 50%. وإذا كانت صرخة هؤلاء لم تصل بعد الى آذان المعنيين، فذلك مرده الى أن جمعية تجار منطقة جبيل، التي تنازعتها السياسة، باتت غير موجودة كشخصية معنوية، إلا أن المتسوق في سوقها الرئيسية يشعر أن المحال والمؤسسات كأنها خاوية على عروشها، فلا موسم عيدي الميلاد ورأس السنة قد أفلح في إنهاضها من كبوتها، التي بدأت مع الإعتداءات الإسرائيلية الصيف الماضي، وتحويل جبيل الى ما يشبه الجزيرة، مع تقطيع أوصال شرايين المواصلات من جسر المدفون شمالاً والفيدار في حالات جنوباً، لتضيف الأزمة السياسية الحالية والإعتصام، تراكماً للركود الإقتصادي في سوق المدينة، وليس أدل على ذلك من "سنتر بعيني" التجاري، الذي بدت محاله بالأفول.
وتعد سوق جبيل الأولى في لبنان، على صعيد جذب السياح العرب والأجانب على حد سواء، بحكم الآثار والتاريخ اللذين يعشعشان في قلعتها الصليبية ومرفئها البحري، وكذلك في متحفي الشمع والمتحجرات، إلا أن تراجع نسبة السياح الى نسبة صفر بالمئة، لا يعد انكماشاً اقتصادياً بل إفلاس، يمكن ملامسته عن قرب، فلا زينة أو شجر ميلاد، ولا متسوقين، فأين هي سوق جبيل؟، بل ماذا فعلت السياسة بتجارها؟...
يتقن تجار جبيل سياسة "الأوراق المكشوفة"، فلا يكتمون غيظهم وحنقهم على السياسة، بعد أن أقفل نحو 20% من مؤسساتها التجارية أبوابه، أما المتبقية منها فتنتظر نهاية اللعبة السياسية حتى خاتمتها، فإما مكوث وإما رحيل، وقد شرع جزء لا بأس فيه بذلك.
يؤكد ممثل تجار منطقة جبيل لدى الحكومة فوزي بطرس صليبا، أن الوضع التجاري في المدينة متراجع كثيراً عن العام الماضي، بسبب تأزم الوضع السياسي، ومعه انحسار الوضع الاقتصادي، سنة بعد سنة.
ويدلل صليبا على هذا الوضع، بإقفال عدة محال تجارية، وكذلك بوضع التجار البائس من جراء عدم قدرتهم علي سداد ديونهم المصرفية، او ايجاد حل للديون المتعثرة.
ويضيف "إن الأمر لا يقتصر على سوق جبيل الرئيسية وأسواق المنطقة، بل تضررت المناطق الصناعية والمعامل في جبيل، التي كانت تصدر محلياً وخارجياً".
ويوضح "سوق جبيل تعتمد على المغتربين صيفاً والسياح الأجانب والعرب، فالمستهلك المحلي لا يمكنه إنعاش السوق، مع تراجع قدرته الشرائية. الخسائر موجودة ولا يمكننا الآن إعطاء رقم، ننتظر نهاية موسم الأعياد لنقوّم وضعنا والى أين ستسير الأمور". ويعتبر صليبا "أن عودة السياسيين الى طاولة الحوار مهمة جداً، لإنقاذ الإقتصاد الوطني من محنته، فالتشنج والإعتصام والتظاهر لا يوصل الى نتيجة فاعلة، بل يؤزم الوضع".
وإذ يأمل بإقامة شهر تسوق لتعويض التجار من خسائرهم، يسأل صليبا "هل ستتمكن وزارتا الإقتصاد والتجارة والسياحة، من تنظيم هذا المهرجان، فيما لو استمر الوضع السياسي دون أي أفق للحل؟".
ويختم "لقد بدأت بعض المؤسسات بالإقفال، وهي طبعاً المؤسسات الصغيرة، فيما لجأت اخرى الى تقليص عدد موظفيها أو خفض رواتبهم، وهناك آخرون من أصحاب الرساميل بدأوا التفكير جدياً في إنشاء مؤسسات لهم في الخارج".
وينعي مصطفى الغول (من منطقة الضنية) استثماره في مطاعم جبيل، مع انخفاض عدد الرواد، ويقول كنا ننوي الإنتقال الى وسط بيروت التجاري، إلا أننا سنواجه المصير نفسه....
فيما يصف رشاد خوري (صاحب محل أحذية)، الوضع بـ"العدم"، ويقول "سوق جبيل كلها تشكو الجمود، وليس هناك حركة".
أما سعاد (مستهلكة) فتبدي تخوفها من الانفاق، وتقول " ان الناس تشكو وضعها، فلا عمل ولا حركة، فمن أين لنا أن نصرف مالاً"، وتضيف " لا نشتري إلا الضروريات ".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00