تعزو مصادر في وزارة الصحة العامة طرح الوزارة مشروع البطاقة الصحية، ضمن سلة إصلاح القطاع الصحي، إلى ارتفاع تكلفة الاستشفاء الباهظة في لبنان، إذ تبلغ التكلفة الصحية نحو ملياري دولار في السنة، ويساوي هذا المبلغ 12% من الناتج القومي، وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا التطور المستمر في الإنفاق الصحي، لا تدل عليه المؤشرات الصحية في البلد، إذ لا يزال ما بين 50 و53% من الشعب اللبناني لا يحظون بأية تغطية صحية.
أما المستفيدون من أنواع التغطية الصحية، فهم: 23.4% يستفيدون من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، 9.0% يستفيدون من تأمين الجيش وقوى الأمن، و4.3% من تعاونية موظفي الدولة، و2.6% من حسابهم الخاص، و2.2% من تأمين خاص في مؤسسة أو نقابة أو هيئة، و1.7% من تأمين على نفقة صاحب العمل.
ويؤكد المستشار في الوزارة بهيج عربيد، أن غرض طرح مشروع البطاقة تنظيم طلب الخدمة الصحية، فضلاً عن ترشيد الإنفاق الصحي، واعتماد سياسة دواء رشيدة، بدلاً من تكلفتها الآن التي تساوي 25% من قيمة التكلفة الصحية، إذ يتعدى طرح الوزارة البطاقة مسألة كونها بطاقة ممغنطة، إلى كونها أداة يمكن من خلالها تنظيم القطاع الصحي في البلد، الذي تجتاحه الفوضى، وأيضاً ستكون هذه البطاقة مرتبطة بسياسة التأمين العامة.
ويؤكد عربيد أن الأمر يحتاج الى قرار سياسي للبدء به، وهو لن يستغرق أكثر من سنتين في حال توافر الإرادة السياسية. أما عن تكلفة المشروع، فإن تكلفة البطاقة الواحدة، بحسب الدراسات التي وضعتها الوزارة، ستكون 10 دولارات، يتحملها المواطن والدولة معاً.
ويوضح أن الأسباب الموجبة الداعية للإسراع في هذا المشروع، هي التالية:
1 ـ النمو الفوضوي في السوق الصحية والخدمات المتطورة، التي تفوق حاجة الناس الحقيقية، ويتناقض هذا مع الأسس المعتمدة في دول العالم المتقدم، ففيما يتجهون نحو توحيد الخدمات، نتجه في لبنان نحو الانفلاش.
2 ـ تعدد المؤسسات الضامنة العامة والخاصة، التي تؤسس للهدر وعدم بلورة سياسة عامة موحدة في مجالات الصحة وشؤون المال.
3 ـ ضعف المعلومات على اختلافها، سواء الخاصة بالأمراض وحركتها ونسب الإصابة بها، أو تلك المتعلقة بالوفيات وأسبابها وغير ذلك. ويلفت عربيد إلى أن مراحل ستعتمد في تنفيذ مشروع البطاقة الصحية، لتصحيح مواقع الخلل في النظام الصحي القائم الآن في لبنان:
ـ المرحلة الأولى: توحيد آساليب العمل في المؤسسات الضامنة، لتخفيف الهدر وضبط الإنفاق، من خلال:
أ ـ توحيد الخدمات مع منتجي الخدمات الصحية من أطباء ومستشفيات.
ب ـ توحيد التعرفات للأعمال والخدمات الطبية، ولا سيما اعتماد البدل المقطوع لأعمال الجراحة التي اعتمدتها الوزارة منذ 3 سنوات.
ج ـ التطبيق الجماعي الملزم لنتائج نظام الاعتماد وتصنيفه، كل 3 سنوات.
د ـ توحيد الرقابة في عمل المستشفيات المتعاقدة مع الصناديق الضامنة، ومدى احترامها للاتفاقات الموقعة معها.
هـ ـ متابعة العمل في القاعدة الموحدة للمعلومات بين الصناديق، لتفادي الازدواج ووقف التلاعب.
وخلال هذه المرحلة ستنشأ لجنة تنسيق وطنية بين الصناديق الضامنة ووزارة الصحة، لتنفيذ البنود المشار إليها أعلاه، في مدة لا تتجاوز 6 أشهر.
ـ المرحلة الثانية: تأسيس مشروع البطاقة الصحية
أ ـ اعتماد التوجه الأساسي وهو أن مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، هو المؤسسة المعنية بمستقبل سياسة التأمين.
ب ـ حسم مستقبل دور وزارة الصحة الذي تلعبه الآن، والذي أملته الظروف القائمة منذ السبعينيات من القرن الماضي، واستمر حتى يومنا هذا.
وبعبارة أخرى، ستكون هذه المرحلة لتوحيد الصناديق الضامنة وخدمات الاستشفاء على الأقل.
ـ المرحلة الثالثة: تنفيذ مشروع البطاقة الصحية
في هذه المرحلة يمكن أن تبقى الصناديق الضامنة العامة متمتعة باستقلالها المالي، لكن يفترض أن تكون توحدت أساليب العمل فيها. كذلك أدخل تعديل جوهري في سياسة الاستشفاء، ويفترض اعتماد وزارة الصحة في هذه المرحلة، على الخدمات ومؤسسات الرعاية أساسا في أنظمة التأمين العامة.
ويوضح عربيد أن طرح مشروع البطاقة يتطلب تنفيذ الأمور التالية:
1 ـ اعتماد الضمان مؤسسة وطنية واحدة للتأمين الصحي في البلد.
2 ـ إنهاء دور الوزارة وتعاونية موظفي الدولة والصناديق الضامنة الصغيرة، لتصبح كلها جزءاً من مؤسسة الضمان لتنفيذ المشروع.
3 ـ تنفيذ مشروعي ضمان الشيخوخة والضمان الاختياري.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.