نوّه نقيب الصيادلة في لبنان زياد نصور، بقرار وزير الصحة العامة محمد خليفة، خفض أسعار الدواء في لبنان، ووصفه بأنه قرار شجاع وعلمي.
ولفت نصور في حديث مع "المستقبل"، إلى أن "بلبلة أسعار الدواء اليوم في لبنان، ناتجة من عدم احترام قرار الخفض الرسمي، فالفوضى قائمة في السعر، لذلك على الصيدلي معرفة سعر الدواء من خلال المادة 80، إلا أن إلغائها جعل الصيدلي لا يعرف السعر، فأصبحت الأسعار مثل سوق الآسهم، ففي عكار سعر الدواء شيء وفي بيروت شيء آخر، وهذا خطأ".
وأوضح أن "لا علاقة للصيدلي بسعر الدواء، فالدولة تسعّر، ونحن مختلفون على مهنة الصيدلة لا في موضوع الأسعار. الدولة تراقب الأسعار".
وأكد أن النقابة اليوم تسعى في حماية مهنة الصيدلي من السمسرة والتجارة، بإرسال مشروع قانون معجل مكرر لصرف الدواء بموجب السعر الرسمي، لإعادة العمل بالمادة 80 من قانون مزاولة الصيدلة، بعدما ألغيت في العام 2002، ورأى أن تعديل هذه المادة، حول الصيدلي إلى سمسار في الأسعار، مع ان هذه المادة لا تعني في الأساس تسعير الدواء، لأن سعر الدواء يكون بناء على القرارين 1/306 و1/51، وهو يسعر في وزارة الصحة.
وقال: "إن قرار وزير الصحة كان قراراً شجاعاً جداً، لأن لا أحد حتى اليوم واجه الموضوع بطريقة علمية، فدوماً يتكلمون في الموضوع بطريقة شعبية. وقد ألف الوزير لهذه الغاية لجنة من نقابة الصيادلة ووزارة الصحة، وضعت دراسة مقارنة لتسجيل الدواء في لبنان، في مقابل تسجيله في الأردن والسعودية. وبناء على هذه المقارنة قرر تصحيح سعر الدواء في لبنان، على مستوى تسجيله في هذين البلدين، لأن القرار 1/208 يلزمنا أن تكون أسعارنا مثل التي في دول الجوار، فالقرار إذن شجاع ولم يتخذه أحد قبله، فقد خفض سعر 880 دواء بين 5 و50%، وثمة أدوية غير موجودة في الأردن ولا السعودية، لم تخفض على هذا الأساس، فخفضها الوزير على أساس إعادة التسعير في لبنان، وقسم أشطرا، ونزّل سعر الشحن والجمرك وغيرهما، وأصبحت كل الأدوية في لبنان مخفضة بين 3و 15%. عملياً هذا إنجاز تاريخي".
وأوضح نصور أن تكلفة الدواء في لبنان نحو 500 مليون دولار، إلا أن هذا ليس سعر البيع في الصيدليات، إذ ان هناك نحو 200 مليون دولار، لا تدرج في هذا الحساب. ومنها الأدوية التي تستوردها الدولة للمرضى ذوي أمراض معينة، مثل قصور المناعة المكتسب والسرطان وغيرهما، وهي تعطى مباشرة إلى المستشفيات دون المرور بالصيدليات.
وعما أنجزته النقابة، قال نصور: "طرحنا قضية مهنة الصيدلة، وهي قضية صحة الإنسان في لبنان، وكانت قد دفنت في لبنان في العام 2002، والسؤال هل نعلم ماذا نريد، وهل نريد أن يكون بلدنا بلداً نهائياً لنا، أو فندقاً متى حدث أمر نوضب أشياءنا ونمشي، فإذا أردنا أن يكون لبنان بلداً نهائياً لنا، فلا يمكن إذاك الترقيع، إذ علينا أن نحل الأمور بجد وعمق. وفي موضوع الصحة الذي يعد أثمن شيء عند الإنسان، ومع تطور صناعة الدواء، راد معدل عمر الانسان من 50 إلى 80 سنة، وزامن ذلك إيجاد إنسان أمين على هذا الدواء أي الصيدلي، وهو وحده يملك علماً في استعمال الدواء وصرفه".
وأشار إلى أن "دور الصيدلي هو حماية الإنسان، لا أن يكون تاجر صحة بشهادة، فهدف الصيدلة ليس التجارة، لأن استعمال الدواء في غير مكانه ودون إشراف الصيدلي يعرض حياة الإنسان للخطر. في لبنان كان ثمة إطار جيد في هذا الموضوع، فللطبيب دوره، وللصيدلي دوره صلة وصل بين الطبيب والمريض، فقالت الدولة في العام 2002: نحن لا نريد لك هذا الدور وإنما أنت سمسار، وادخل في مضاربة بينك وبين زميلك".
وأضاف: "نحن لا نستطيع أن نفعل ذلك لأن الدولة ووزارة الصحة تسعران الدواء، فهل يعقل أن يطلب من الصيدلي تسعير الدواء، أو إعادة اللعب بسعر الدواء. لا دولة فعلت هذا، فإذا كان المقصود خفض سعر الدواء، فعلى الدولة أن تفعل ذلك لأنها مسؤولة عن التسعير، ونحن نلتزم السعر الذي يصدر عن وزارة الصحة العامة، إنما إذا كان المطلوب من الصيدلي تسعير الدواء، فالدولة هي التي تضع مقدار جعالة الصيدلي، فإذا أردنا أن يتولى الصيدلي التسعير، فكأننا نقلنا الصيدلي من مهنته الأساسية، وهي متابعة المريض بترشيد استعمال الدواء حسب وصفة الطبيب، ومتابعة مرضى الأمراض المزمنة، فنحن نعطي الدواء كما يجب لا على أساس تجاري، وعلى الدولة أن تقرر الجانب الاقتصادي في عمل الصيدلي، والخطورة هو في تحويل دور التاجر، فالخطأ مكرس مرتين، مرة خطأ التاجر الفاشل، وأخرى في أنه يتاجر بأعز ما عند الإنسان وهو صحته".
ورأى أن "هذا خطأ استراتيجي للدولة اللبنانية، اليوم هناك صيادلة أودام ما زالوا يمارسون دور الصيدلي، هؤلاء يخضعون لمعايير أخلاقية، والسؤال هو: أين تخطيط الدولة في موضوع الصيدلة في لبنان؟ نحن في هذا الإطار، نتكلم عن وضع، لا مجرد نقد للنقد، ولا نستطيع تجاوز الوضع المهني الصعب، ولا نريد شيئاً لنا، إنما نريد أن نخدم المواطن المريض من خلال صيدلي متخصص لا تاجر".
وعن ملابسات إلغاء المادة 80، أوضح نصور "أن المادة 80 هي مادة آداب المهنة، وتعنى بالعلاقة بين الصيدلي وزميله الصيدلي، وتضع أسلوب تصرفه، الدولة ألغت هذه المادة، وكأنهم بإلغائها يقولون للصيدلي تعال والعب بسعر الدواء، تحت شعار ترخيص سعر الدواء، وهو كما أسلفنا لا علاقة له بهذا الموضوع، فسعر الدواء هو بسعر تسجيله، وخفض السعر وزيادته يكونان على أساس سعر تسجيله، فعندما تزيل جعالة الصيدلي المعينة بالقانون، وهي 22.5%، وتقول له هذا معاشك مليونا ليرة على سبيل المثال، أعطنا نصفه للناس، فلا نكون قد رخصنا الدواء وإنما أفلسنا الصيدلي، وفي المقابل سيضطر الصيدلي إلى تعويض ذلك بطرق غير مشروعة، وهذا يساعد في الترويج وزيادة تكلفة الدواء. فمثلاً إذا كان مبيع الصيدلي بمليون ليرة دواء، نظرياً يجب أن يستحصل الطبيب على 200 ألف ليرة، فإذا أعطينا منها 10% للآخرين، فالصيدلي أصبح يكسب 100 ألف ليرة، وعندئذ سيضطر الصيدلي إلى البيع بمليوني ليرة للعودة بدخله إلى 200 ألف ليرة. يعني هذا أننا نضاعف تكلفة الدواء تلقائياً. هناك 4 آلاف صيدلي في لبنان، فيصبح همهم مضاعفة تكلفة الدواء. هذا تخطيط خاطئ للدولة، فعمل الصيدلي هو وقف استعمال الدواء غير المسوغ، أي تقليل استعمال الدواء، ففي كل العالم يعمل الصيدلي لخفض التكلفة إلا في لبنان، فإنه يُدفع إلى رفعها".
وأشار إلى أن "النقابة قد جالت على جميع النواب وكتلهم، وجميعهم أبدى التجاوب لتصحيح الأمر لأنهم علموا أن الوضع القائم خطأ. الآن نتوقع ونأمل. كذلك زرنا لهذه الغاية الرؤساء الثلاثة والوزراء، وكانت النتيجة، أن قدمنا مشروع قانون معجل مكرر خاص بالمادة 80، كان يفترض أن يصدر في الدورة النيابية التشريعية الماضية، ونحن ما زلنا ننتظر الدورة التشريعية المقبلة، أن يوضع هذا المشروع على جدول الأعمال، لنبدأ بإصلاح الخطأ الذي يرتكب في حق الصحة في لبنان. ونتصور أن الجميع واعون هذا الموضوع، لا سيما أن وزير الصحة محمد جواد خليفة أثبت للناس، أن خفض سعر الدواء يكون من خلال القرار 1/301، ومقارنة الأسعار مع أسعار كل من الأردن والسعودية، وبالتالي هذا أثبت أن الخفض يكون على أساس سعر التسجيل لا المبيع. الآن اتخذ وزير الصحة قراراً أن يعاد التسعير وتسجيل الأسعار ومراقبتها في لبنان، وهذا سيخفض سعر الدواء تدريجاً في لبنان، من دون أن يلغوا مهنة الصيدلي، إذ لا يمكن إلغاء مهنة الصيدلة، وهي باقية على أساس الأخلاق التي تربينا عليها، وقد وعدنا بذلك".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.