ترى وزارة الأشغال العامة والنقل، في خطتها التي رفعتها إلى مجلس الوزراء في خطتها لسياسة قطاع النقل البحري في لبنان، أن خطة تطوير المرافئ اللبنانية وتوسعتها، يجب أن تأخذ في الحسبان إمكان منافسة المرافئ الإقليمية، من حيث التسهيل والتعرفة ونوع الخدمة (العبور، المسافة، وغيرهما)، وتشير إلى أن من أهم عناصر الحساب، حركة العبور إلى العراق، بناء على دراسات عديدة لهذه الحركة. فقد تبين وجود إمكان لنمو كبير في حجم تجارة العبور إلى العراق عبر لبنان من 270.000 حاوية نمطية في العام 2010 إلى 415.000 حاوية نمطية في العام 2015، مع أخذ المنافسة الإقليمية في الحسبان وبغض النظر عن الخطوات التي يمكن أن تعتمد على الحدود البرية.
كذلك ترى الوزارة ضرورة إنشاء هيئة عامة للنقل تحت وصايتها، إلا أنها تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، تقوم بدور المنظم للقطاع وتكون مسؤولة عن وضع أدوات تطبيق سياسة النقل البحري.
وإذ تؤشر الخطة إلى أن الحكومة تنوي حصر دور القطاع العام في وضع السياسة العامة ومراقبة تطبيقها، فإنها ترى أن لا بد من اجتذاب القطاع الخاص للمشاركة في الاستثمار وتشغيل إدارة خدمات النقل البحري وتطويرها، فتكون تطبيقاً للسياسة العامة التي تضعها الحكومة، وتقترح ثمانية بنود لهذا التوجه، أهمها إعادة تنظيم هيكل المرافئ الإداري، وتطوير القطاع، وتنشيط الأسطول اللبناني، وتطوير شبكة قاعدة نقل وتموين رفيعة المستوى، ورسم دور كل مرفأ في لبنان. وفيما يأتي تفصيل هذه المقترحات:
تقترح المسودة المبادئ الآتية لاعتمادها في مجال قطاع النقل البحري في لبنان:
1 ـ تطوير قطاع النقل البحري من خلال سياسة نقل مترابطة
أ ـ سجب أن يكون تنشيط تطوير قطاع النقل البحري ضمن سياسة واضحة لهذا القطاع، تتطلب إنشاء هيئة عامة للنقل تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، وتقوم بدور المنظم للقطاع وتكون مسؤولة عن وضع أدوات تطبيق سياسة النقل، وتكون الهيئة تحت وصاية وزير الأشغال العامة والنقل. إن هدف هذا الإجراء هو تأكيد أن المشاريع والخطوات المنوي تحريكها في هذا المجال، ناتجة من السياسة العامة في هذا القطاع، وإن دور الهيئة سيكون وضع أداة تنفيذ السياسة ومراقبة التنفيذ ودرس مشاريع الاستثمار الكبرى في القطاع الخاص والمشاركة في الموافقة عليها.
ب ـ يجب ألا يصرف أي مال في مجال النقل البحري والأشغال العامة المتعلقة بالنقل البحري من دون مشاركة الهيئة في الموافقة عليها، لا سيما أنها هي التي بإمكانها أن تضع أصول تطبيق سياسة النقل البحري التي تراها ضرورية، لتنسيق البرامج والتصميم والتنفيذ أو التعديل في هذه المشاريع، مهما كان مصدر تمويلها.
2 ـ إعادة تنظيم هيكل المرافئ الإداري
أ ـ إن التنظيم الإداري والهيكل القائم الآن في إدارة المرافئ بحاجة إلى إعادة تنظيم شاملة لتحسين الأداء الإداري وتطويره وفصل شؤون تنظيم إدارة المرفأ عن شؤون التشغيل.
ب ـ يجب وضع القوانين اللازمة لإعادة هيكلة إدارة المرافئ لحصر دورها بشؤون التخطيط والتنظيم والتطوير ومراقبة حسن أداء الخدمات والنشاط المرفئي الذي ينبغي أن يفتح المجال للقطاع الخاص للقيام به.
3 ـ تحريك مشاركة القطاع الخاص
إن الحكومة اللبنانية عازمة على تحريك مشاركة القطاع الخاص في تطوير قطاع النقل البحري وتشغيله وإدارته. وتنوي حصر دور القطاع العام في وضع السياسة العامة ومراقبة تطبيقها. إن اجتذاب القطاع الخاص للمشاركة في الاستثمار وتطوير إدارة خدمات النقل البحري وتشغيلها، سيكون من خلال:
أ ـ عقود إدارة شبيهة بالعقد القائم بين مرفأ بيروت ومشغل محطة الحاويات، إذ استثمرت الحكومة في البنية التحتية والمعدات الثقيلة، ويتولى القطاع الخاص تشغيلها وإدارتها لقاء نسبة من الرسوم المستوفاة.
ب ـ عقود تأجير طويلة الأجل، إذ تستأجر مؤسسة من القطاع الخاص بالتنافس، مرفقاً معيناً في المرفأ أو المحطة، وتطوره وتشتري المعدات اللازمة وتشغلها في مقابل قيمة تأجيرية معينة.
ت ـ تحويل بعض الإدارات والمؤسسات العامة إلى شركات مساهمة تدار وتشغَّل حسب معايير العمل في القطاع الخاص، فيمكن للدولة اللبنانية تملك كل أسهمها أو معظمها أو بعضها، ولكن في جميع الأحوال يجب أن تكون أنظمتها الداخلية حريصة على منع الاحتكار وتكون تطبيقاً للسياسة العامة التي تضعها الحكومة:
1 ـ في المرحلة الأولى من خلال عقود إدارية مع القطاع الخاص.
2 ـ في المرحلة الثانية إمكان بيع 49% من الأسهم.
3 ـ في المرحلة الثالثة إمكان بيع 100% من الأسهم.
4 ـ تطوير أسطول النقل البحري اللبناني وتنشيطه
أ ـ ستتخذ سلسلة خطوات تسهم في تحسين أسطول النقل البحري اللبناني وتطويره، لوقف تدهور حال الأسطول وتقلص عدده. إن ذلك يتضمن تصنيف النقل البحري صناعة وطنية إضافة إلى منح حوافز على صعيد الرسوم المرفئية والضرائب والمحروقات للبواخر التي ترفع العلم اللبناني.
ب ـ ستطور القوانين والأنظمة لا سيما المتعلقة بمتطلبات تسجيل السفن تحت العلم اللبناني لفتح المجال واسعاً أمام مشاركة أكبر عدد من المستثمرين في مجال تملك السفن اللبنانية، دون أن يكون ذلك باعتماد نظام العلم المتساهل.
5 ـ تطوير شبكة وقاعدة نقل وتموين (لوجستيك) رفيعة المستوى
أ ـ ستخصص المناطق اللازمة لإنشاء مناطق حرة ومناطق اقتصادية خاصة ومحطات مستوعبات داخلية (Inland Container Depots) لتوفير المتطلبات الأساسية للقطاع الخاص من خدمات نقل وتموين (لوجستية) في لبنان، باستخدام المرافئ اللبنانية مدخلاً لها.
ب ـ سينشأ "الشباك الموحد" وينشّط لتسهيل حركة انسياب البضائع، ويتضمن هذا تسهيل الجمرك، واتباع سياسة استعمال التكنولوجيا المتطورة في مجال المعلومات والاتصال لمكننة المعاملات وتسريعها. إن ذلك يتطلب مراجعة القوانين المتعلقة بالجمارك ونقل البضائع لتسهيلها وتوحيدها.
ج ـ توضع الترتيبات الآيلة إلى ضمان الدخول الحر والمنافسة الحرة في مجال خدمات النقل والتموين، وستشجع الدولة تطوير البنى التحتية التي تدعم هذا القطاع النامي.
6 ـ التجانس بين المرافئ الكبرى في لبنان
بالنظر إلى موقع المرافئ اللبنانية الجغرافي والمسافة القصيرة التي تفصل بعضها عن البعض، وكذلك موقع المراكز الاقتصادية، ووضع البنية التحتية والاستثمار المطلوب لتحسين المرافئ وتطويرها، فإنه من الأهمية بمكان ضرورة تجانس نشاط المرافئ الكبرى، فيعيَّن دور كل منها ليضمن تكامل خدماتها والتنافس فيما بينها فقط في جودة الخدمات التي يؤديها كل منها، ومستواها. إن تعيين الدور الأساسي لكل من المرافئ والنشاط الذي يقوم به كل منها، يجب أن ينبع من مبدأ تكامل خدمات النقل البحري على صعيد لبنان، مع أخذ قدرة استيعاب كل مرفأ في الحسبان، ووضع أسس الاستفادة منها إلى الحد الأقصى.
يفترض تحقيق هذه الأهداف اعتماد سياسة نقل بحري وملحقاتها وتوابعها، أي اقتراح التالي:
أ ـ تطوير مرفأ بيروت بزيادة قدرة استيعاب محطة الحاويات (يمكن ذلك في المرحلة الأولى بالاستفادة من المساحة والأرصفة المتوافرة الآن في المرفأ، دون أن يتأتى من ذلك أي تكاليف إضافية)، والعمل لإنشاء محطة الغاز ومشتقات النفط وزيادة مساحة المنطقة الحرة، وتحسين قدرته لتحريك نشاط المسافنة.
ب ـ استكمال تطوير مرفأ طرابلس وإنشاء محطة للحاويات وتخصيص مساحة مناسبة للمنطقة الحرة والمنطقة الاقتصادية الخاصة. هذا مع ما يستدعي تطوير البنية التحتية لسكك الحديد من مرفأ طرابلس حتى الحدود اللبنانية السورية، وربطها بشبكة السكك الحديد السورية، لتنشيط دور المرفأ في مجال حركة العبور.
ج ـ النظر في إمكان ربط مرفأ بيروت بمرفأ طرابلس بخط السكك الحديد.
د ـ تطوير مرفأي صيدا وصور لتنشيط دورها السياحي.
هـ ـ تطوير مرفأ جونيه مرفأ سياحيا
و ـ عقلنة هياكل الرسوم بين المرافئ اللبنانية، وإعادة النظر بالتعرفة المفروضة لزيادة قدرتها على التنافس بالمقارنة مع مرافئ الجوار. كذلك اتخاذ التدابير الآيلة إلى الاستفادة القصوى من المساحة المتوافرة في المرافئ ومن الميزات التي تتمتع بها، وعلى سبيل المثال عدم تشجيع تخزين الحاويات الفارغة في المرافئ، لأنه يستنفد المساحة المتوافرة دون أي مردود يذكر، وبالتالي العمل لتطوير محطات مستوعبات داخلية (Inland Container Depots).
7 ـ تنشيط دور لبنان مصدرا للخبرة في مجال النقل
أ ـ إن الحكومة رغبة في تعزيز القدرة التقنية لتطبيق هذه السياسة وتوفير خدمات استشارية في مجال النقل، ستسعى في تطوير أساليب انتقال تقنية النقل إلى لبنان لتزيد مؤهلاته على صعيد القطاعين العام والخاص وعلى الصعيد الأكاديمي إلى المستوى العالمي. وستتضمن أساليب انتقال التقنية الدولية هذه، إنشاء مركز مرموق لدراسات النقل تشارك به الجامعات اللبنانية والقطاعان العام والخاص بالتعاون مع مؤسسات مماثلة في الخارج، كذلك تتضمن خطوات مؤداها أن أي مشروع متعلق بالنقل في لبنان تلزمه خبرة دولية، لا بد من أن يحتوي في أحد عناصره على التدريب التقني المركز المشار إليه ومؤسسات القطاع الخاص في لبنان. وبهذه الطريقة تتطور البنى التحتية الفكرية لقطاع النقل اللبناني بموازاة البنى التحتية المادية، فتسمح بزيادة القدرة على التنافس لهذا القطاع الحيوي.
ب ـ إنشاء معهد التدريب البحري لتأهيل الملاكات البحرية اللبنانية وفتح المجال أمام شباب لبنان للانخراط في عمل قطاع النقل والملاحة البحرية والأعمال المرفئية، وسيتضمن المعهد قسماً متخصصا في مجال تسويق العمالة البحرية اللبنانية في العالم ومتابعة أعمالها، وكذلك دعم الخبرة اللبنانية وتسويقها في مجال إدارة المرافئ ونشاطها.
8 ـ التزام الاتفاقات الدولية
تولي الحكومة أهتماما كبيرا لجميع الاتفاقات والقرارات الدولية في مجال النقل والملاحة البحرية، ولا سيما الصادرة عن المنظمة البحرية الدولية ومنظمة العمل الدولية، حرصاً على تحسين القدرة على التنافس في قطاع النقل البحري ومشاركة هذا القطاع في الأسواق الإقليمية والعالمية، وسيسعى في وضع كل الخطوات اللازمة وتوفير العناصر الكفيلة بتنفيذ متطلباتها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.