إن نظام النقل اللبناني الحالي غير متناسق مع فكرة السياسة المرغوب فيها، مما يتطلب جهداً لتغيير الوضع الحالي والممارسات الناتجة عنه، وترسيخ دور المؤسسات القادرة على قيادة وإدارة هذا التغيير،
وفي هذا الإطار، وضعت وزارة الأشغال العامة والنقل مسودة بيان حول سياسة النقل البري الواجب اتباعها مستقبلاً والحد من الفوضى في هذا القطاع، وقد رفعت هذه المسودة الى مجلس الوزراء الذي ناقشها في جلسة خاصة، وتم اقتراح جلسة ثانية لمتابعة المناقشة والخروج بتوصيات نهائية في هذا السياق.
وتعمل هذه السياسة على المساهمة في إعادة الدور التاريخي الذي اضطلع به لبنان على المستوى العالمي بصفته مركزاً تجارياً ومالياً وسياحياً مرموقاً في منطقة الشرق الأوسط. كما ترمي الى توفير خدمة النقل للبنانيين جميعاً بتكلفة مقبولة وبصورة مستدامة من الناحيتين البيئية والمالية.
واذ تؤكد الخطة المرفوعة أن نظام النقل الحالي لا يوفر مستوى ملائما لحركة انتقال الأشخاص ونقل البضائع، يتماشى مع حاجات الاقتصاد الحديث، تشير الى أنه يعتمد بشكل رئيسي على السيارات الخاصة، والمتوفرة لنحو 75% من الأسر في منطقة بيروت الكبرى، تاركة 25% من الأسر فعلياً بقدرة أقل للانتقال، وتشير الى أن النقل العام للركاب يفتقد الى التنظيم المترابط ليشكل بديلاً منطقياً للسيارات الصغيرة، وتوضح أن نظام النقل العام للركاب بوضعه القائم واقع في شرك الحلقة المفرغة السلبية، حيث يبدو للفرد أن السبيل الوحيد لتحسين قدرته على الانتقال يكمن في تأمين الحصول على سيارة، كما أنه ينتج عن نظام النقل الحالي تكاليف تلوث عالية نسبياً.
وتقترح إنشاء صندوق ائتمان للنقل يمول سنوياً بقيمة تعادل المبالغ التي صرفت سنوياً على مشاريع النقل خلال السنوات الخمس الأخيرة، على أن يغطي هذا الصندوق عملية واقع نظام النقل الوطني وصيانته وتطويره، كما تقترح الخطة حصر صلاحيات رسم السياسات المذكورة في سلطة واحدة، وستناط هذه المسؤولية بهيئة عامة للنقل تتمتع بالاستقلالية الادارية والمالية، وتقوم بالدور المنظم للقطاع وتكون تحت وصاية وزارة الأشغال العامة والنقل.
واللافت في الخطة دعوتها الصريحة والواضحة للقطاع الخاص للمشاركة والمساهمة في خصخصة خدمات النقل البري، ضمن ثلاثة مراحل:
1 ـ في المرحلة الأولى من خلال عقود إدارية مع القطاع الخاص.
2 ـ في المرحلة الثانية إمكانية بيع 49% من الأسهم.
3 ـ في المرحلة الثالثة إمكانية بيع 100% من الأسهم.
وتناقش المسودة الوضع القائم لقطاع النقل البري اللبناني، وتحدد أهداف السياسة، ومبادئها وفي الآتي:
1 ـ الجدوى الاقتصادية.
2 ـ الآلية الادارية والقانونية.
3 ـ المتطلبات القانونية.
4 ـ القاعدة القانونية.
ب ـ أهداف السياسة:
وتسعى الحكومة من خلال هذه السياسة الى تبديل واقع قطاع النقل وتطوير نظام عمله ليدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الرفاهة الاجتماعية في البلاد، ويمكن تلخيص أهداف هذه السياسة على النحو التالي:
1 ـ تأمين انتقال الركاب بأسعار مقبولة: وينعكس ذلك إيجاباً على مستوى المعيشة وتعزيز الاستثمار الاقتصادي المتنامي.
2 ـ تنويع وسائل النقل البري المتاحة للركاب: من خلال وضع نظام متطور للنقل العام، وتأمين نظام متكامل للنقل البري المتعدد الوسائط.
3 ـ توفير حركة داخلية فعالة وبتكلفة معقولة في المدن والريف.
4 ـ إزالة العوائق التي تحد من القدرة التنافسية للبنانيين من أصحاب وسائل الشحن: مما يشجع على الاستثمار في هذا القطاع.
5 ـ منح لبنان دوراً إقليمياً تنافسياً على صعيد تقديم الخدمات اللوجستية: عبر استخدام السياسات الملائمة وتطوير وسائل وخدمات النقل الداخلي بصورة مستدامة.
6 ـ تخفيف العبء المالي الناتج عن نظام النقل من ميزانية الدولة: عبر إنشاء صندوق ائتمان لتقديم الدعم اللازم ضمن الممكن لجعل نظام النقل في وضع جيد ومن ثم صيانة وتطوير وسائل النقل وتحسين نظام النقل العام، ويمول هذا الصندوق من خلال تخصيص نسبة من الضرائب والرسوم المفروضة على استيراد واستعمال المركبات وقطع الغيار والمحروقات.
7 ـ تطبيق مقاييس محددة على البنى التحتية للنقل بهدف الحفاظ على مناظر خلابة: ويتحقق ذلك بأعمال تشجير الطرق، ووضع تصاميم جميلة ومميزة لمحطات حافلات النقل العام، وتزويد الشوارع بوسائل لراحة المشاة مثل المقاعد، ويفرض نظام مراقبة حازم على الطرق السريعة، وبتقديم تسهيلات زراعية لوقف الزحف المدني، وبتجميل المحيط البيئي.
8 ـ تأمين السلامة العامة على الطرق: عبر وضع مخطط توجيهي عام لعوامل السلامة والأمان لشبكة الطرق وتنفيذه.
9 ـ صيانة البنى التحتية للنقل وحماية منافعها: بما في ذلك حرم الطرق ومحطات النقل وحرم سكك الحديد.
أما المبادئ التي ترتكز عليها هذه السياسة، فهي:
ـ المحافظة على ملكية أراضي منشآت خدمات النقل الأساسية، اعطاء دور أكثر فعالية للقطاع الخاص في مجال النقل، كما سيتم اجتذاب القطاع الخاص الى المشاركة في تطوير النقل البري وتشغيل خدماته وصيانتها وإدارتها، هو أحد أهم عناصر تفعيل دوره في مجال هذا القطاع، وسيتم لذلك اعتماد أحدث الطرق والأساليب التي من شأنها تشجيع القطاع الخاص على هذه المشاركة من خلال إطلاق خصخصة خدمات النقل البري، ضمن ثلاثة مراحل:
1 ـ في المرحلة الأولى من خلال عقود إدارية مع القطاع الخاص.
2 ـ في المرحلة الثانية إمكانية بيع 49% من الأسهم.
3 ـ في المرحلة الثالثة إمكانية بيع 100% من الأسهم.
ـ إنشاء صندوق ائتمان للنقل يمول سنوياً بقيمة تعادل المبالغ التي صرفت سنوياً على مشاريع النقل خلال السنوات الخمس الأخيرة، وستقوم وزارة الأشغال العامة والنقل بالتعاون مع وزارة المال على اقتراح مشروع لتمويل الصندوق بمجموعة من رسوم الاستخدام والضرائب المطبقة على المركبات الآلية وقطع الغيار والمحروقات والمواقف.
وسيغطي صندوق الائتمان للنقل عملية تحسين واقع نظام النقل الوطني وصيانة هذا القطاع وتطويره، كما تخصص أموال الصندوق لتحسين واقع وسائل النقل المختلفة على كامل الأراضي اللبنانية.
ـ هيكلة رسوم استخدام الطرق بحيث لا تحفز على استخدام السيارات الخاصة، دون المس بالقدرة التنافسية التي تتمع بها عمليات الشحن، وتفرض ضريبة نسبية على مستعملي السيارات الخاصة على أساس التأثير في حجم عملية السير بالدرجة الأولى، ثم على أساس الواقع الذي تتركه المركبات الثقيلة على الطرق.
ـ طلب قروض من جهات دولية ممولة من القطاع الخاص على مدى سنوات عدة مقبلة، لتمويل مشاريع ومبادرات ضمن خطة تطبيق سياسة النقل، وتشير الخطة الى أنه تم اعتماد برنامج رفع تدريجي لرسوم استعمال الطرق بغية ضمان القروض الممنوحة لتقديم دعم مستدام لصندوق ائتمان النقل في مرحلة لاحقة، وتطبق هذه الرسوم على مراحل، طوال 10 سنوات.
أما في ما يخص الآلية الادارية والقانونية:
فتقترح الخطة:
1 ـ حصر صلاحيات رسم السياسات المذكورة في سلطة واحدة، بانشاء هيئة عامة للنقل تتمتع بالاستقلالية الادارية والمالية، وتقوم بالدور المنظم للقطاع وتكون تحت وصاية وزارة الأشغال العامة والنقل.
2 ـ لن تصرف أي أموال عامة في حقل النقل والأشغال العامة من دون الحصول على موافقة صريحة من هذه الهيئة، ويمكن للهيئة أن تضع معايير معينة لتطبيق سياسة قطاع النقل وفقاً لما تراه مناسباً وضرورياً.
3 ـ ستنظم الحكومة سلسلة لوجستية واحدة (one-stop-shop) لإضفاء طابع متناغم على حركة الشحن من والى لبنان، بما في ذلك وضع خدمات جمركية غير معقدة، وسيتم إنشاء "اللجنة الوطنية لتسهيل النقل والتجارة"، التي ستضم كافة المعنيين من القطاع العام والخاص وتكون مهمتها وضع الاجراءات الادارية والقانونية اللازمة لتبسيط المعاملات واختصار وقت إنجازها وكافة السبل الكفيلة بتسهيل النقل والتجارة الدولية.
4 ـ تحفيز القدرة التنافسية التي يتمتع بها وكلاء شحن الترانزيت اللبنانيين، من خلال تدابير تشمل تطوير التنسيق مع البلدان المجاورة لخفض الرسوم عند المراكز الحدودية، لا سيما منها رسم العبور وكذلك تقليل زمن الانتظار عند هذه المراكز.
5 ـ اتخاذ جملة من التدابير لرفع مستوى القدرة التنافسية عند شركات الشحن اللبنانية، ويتضمن ذلك تطوير التعاون مع البلدان المحاورة بالاضافة الى منح حوافز جمركية لاستيراد الشاحنات الجديدة.
6 ـ سيفسح في المجال لسيارات الأجرة (تاكسي وسرفيس) لتتنافس بتقديم خدماتها على الطرق العامة على أن تضع لقوانين مرور معقولة تنظم نوعية هذه الخدمات وتحدد تدابير السلامة، وسيجري كذلك تدريب السائقين وتنظيم عملية مراقبة السير والوقوف، كما وسيتم تدريجياً سحب نظام ملكية اللوحات الحمراء على أن يستعاض عنها بتراخيص تجدد دورياً.
أما في ما يخص المتطلبات التقنية:
1 ـ إعطاء الأولوية لخدمات النقل العام عبر إقامة نظام من الممرات الحصرية ومحطات التسفير وبمواقف واضحة على الطرق للحافلات مزودة بتجهيزات مريحة للركاب.
2 ـ تعليق أي مشاريع لشق طرق سريعة جديدة (باستثناء المشاريع التي تهدف الى حماية حرم الطرقات أو حماية سعة الطرقات من خلال ضبط استعمالات الأراضي) حتى إتمام مشاريع النقل العام في بيروت الكبرى وسكة الحديد الساحلية.
3 ـ وضع خطة لاستخدام حرم سكة الحديد الساحلية كأولوية لمركبات النقل العام، وتلك المبادرة تأتي في طليعة الأولويات لتوفير فرص الاستفادة من النقل العام لأكبر عدد من اللبنانيين ولتفعيل الاقتصاد. ويجب أن تترجم هذه الخطة بربط العاصمة بيروت بكافة المدن على امتداد الساحل اللبناني، بالاضافة الى تأمين خدمات النقل العام بين بيروت والبقاع ودمشق.
4 ـ كمرحلة ثانية وبعد تطوير أنظمة النقل المشترك، وتفادياً لازدحام السير، ستعمد الحكومة الى تطبيق سلسلة من التدابير المناسبة للحد من استخدام السيارات الخاصة في المدن. في هذا المجال، إن تطبيق ضريبة استعمال الطريق قد تسهم في توحيد وتنظيم استعمال الأفراد للبنية التحتية للنقل.
5 ـ تبني خطة لإعادة النظر في تصنيف شبكة الطرق الوطنية من خلال وضع أسس جديدة للتصنيف تأخذ بعين الاعتبار كافة عناصر الطريق وأحجام المرور عليها وخدمتها. كما سيتم اتخاذ الاجراءات اللازمة للتحكم بعدد المداخل والمخارج على الطرق السريعة.
6 ـ سعياً وراء تحسين مرونة النقل داخل البلاد، سوف يتم إعادة تنظيم رحلات النقل العام الداخلية بين المدن على الشكل الذي يضمن كفاءة عمليات الانتقال هذه وسهولتها وتغطيتها لكافة المدن. ويشمل هذا التنظيم أماكن ومواصفات وأسس تشغيل مراكز الانطلاق والوصول.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.