8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الرسوم على الصفيحة تتراجع الى الصفر وفنيش يتوقع عودة الأسعار الى طبيعتها قريباً

توقع وزير الطاقة والمياه محمد فنيش، عودة أسعار البنزين الى طبيعتها مطلع الأسبوع المقبل، وذلك عقب صدور جدول تركيب أسعار المشتقات النفطية أمس، والذي حدد بموجبه زيادة صفيحة البنزين 98و92 أوكتان بمئة ليرة وصفيحة البنزين 95 أوكتان بمئتي ليرة.
ولفت الى أن قرار الزيادة لم يتخذه مجلس الوزراء، وقال "إن هذا الموضوع مرتبط بمعادلة الأسعار العالمية، سابقاً كان هناك قرار من مجلس الوزراء بتثبيت السعر حسب الأوكتان، واذا ارتفعت أسعار النفط عالمياً كان هناك رسم الاستهلاك الداخلي وحده الأقصى 10 آلاف ليرة، فكان يحسم من هذا الرسم للمحافظة على تثبيت السعر، وبعد تواصل ارتفاع الأسعار استنفدت قيمة هذا الرسم ووصلت قيمته الى صفر، ومجلس الوزراء الأخير قال إنه اذا تجاوزت الأسعار رسم الاستهلاك، يتحرك السعر بعد أن يصبح هذا الرسم صفراً، واذا انخفضت الأسعار نعود الى التثبيت كما كان سائداً، ونحن نتوقع أن يعود السعر كما كان الأسبوع المقبل.
واذا كانت وزارة الطاقة والمياه قد أقدمت أمس على زيادة أسعار المشتقات النفطية، فإن الخطوة ليست مستغربة، وتبدو انعكاساً طبيعياً لتطور أسعار النفط في السوق العالمية.
وليس بمقدور الحكومة التي تواجه مشكلة من العيار الثقيل، تتمثل بتراجع ايرادات الخزينة من مبيع مادة البنزين، من جراء ارتفاع أسعار النفط العالمية ووصول سعر البرميل على مشارف الـ70 دولاراً، اذ تراجعت ايرادات الخزينة لا سيما الرسوم الجمركية بنسبة تتراوح بين 97و98% بين أواخر العام 2005 وحتى صدور جدول تركيب الأسعار أمس، بسبب تراجع العائدات على البنزين، بسبب ارتفاع أسعار النفط.
وتشهد هذه السوق ارتفاعاً تصاعدياً للطن منذ العام 2002 حيث كان يراوح معدل السعر من 250 دولاراً الى 280 دولاراً في 2003 وارتفع الى نحو 405 دولارات خلال العام 2004، ليصل الى 525 دولاراً أواخر العام 2005، حيث يبلغ الآن سعر طن بنزين 95 أوكتان 673 دولاراً وواصلاً الى الخزان في لبنان الى نحو 743 دولاراً.
واذ تشكل فاتورة البنزين نحو 35% من مجمل الفاتورة النفطية، فإن السوق المحلية تستهلك ما معدله 250 ألف صفيحة بنزين، فإن الدولة التي كانت تجبي نحو مليوني دولار يومياً قبل سنتين بفضل الرسوم والضرائب التي كانت تجبيها من المستهلكين، لم يعد بامكانها تحصيل أكثر من 200 ليرة على الصفيحة بعد تراجع هذه الرسوم الى مستوياتها الدنيا (70 ليرة لصفيحة البنزين 95 أوكتان و130 ليرة لصفيحة البنزين 98 أوكتان)، على الرغم من زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة بسيطة جداً تتراوح بين 0.4 و0.9%، بسبب ارتفاع الأسعار، وهو يشير الى أن الرسوم على صفيحة البنزين 98 أوكتان 0.58% و0.32% لصفيحة البنزين 95 أوكتان.
وبالمقارنة بين جدول تركيب الأسعار في 20/12/2005 وجدول تركيب الأسعار الذي صدر أمس، يتضح أن ثمن الكيلو ليتر لمادة البنزين 98 أوكتان قد زادت بنسبة 38%، اذ كان ثمن الكيلو ليتر 654000 ليرة في 2005 ليصبح 908500 ليرة، وفي المقابل فإن الرسوم قد تراجعت بنسبة 97.4%، اذ بلغت الرسوم 256500 ليرة في 2005 لتصبح 6500ليرة، كما تراجعت الضريبة على القيمة المضافة عند المبيع 0.44%.
أما بالنسبة للبنزين 95 أكتان فقد زاد ثمن البضاعة لكل كيلو ليتر بنسبة 41%، اذ كان ثمن الكيلو ليتر 620000 ليرة في 2005 ليصبح 850500 ليرة، في حين تراجعت الرسوم بنسبة 98.5%، اذ بلغت الرسوم 249500 ليرة في 2005 لتصبح 3500 ليرة، فيما زادت الضريبة على القيمة المضافة 0.9%.
أما حصة شركة التوزيع فبقيت كما هي 1500 ليرة على كل أنواع البنزين، وكذلك أجرة النقل 8000 ليرة، وعمولة صاحب المحطة 80000 ليرة.
إلا أن ارتفاع أسعار المحروقات بشكل عمودي في أسواق النفط العالمية، والذي أدى الى التأثير سلباً على خزينة الدولة اللبنانية، ففضلت منذ أكثر سنة الاستمرار في الدعم غير المباشر لصفيحة البنزين، بخفض رسم الطابع على الصفيحة مقابل كل زيادة في ثمن البضاعة، ولكن هل بامكان الدولة الاستمرار في الدعم غير المباشر لمادة البنزين التي تكاد تكون المادة الاستهلاكية الرقم واحد.
واذا كان قرار الأمس في هذه الزيادة البسيطة، غرضه مساندة الدولة في تحمل تبعات ارتفاع أسعار النفط عالمياً، فإنه لا يؤشر بالمطلق الى أن الدولة استعادت البحبوحة القديمة التي كانت تحصلها من الرسوم المرتفعة من البنزين.
وفي هذا الاطار، يشير أحد خبراء النفط، الى أن أسعار النفط التي باتت ترتفع عمودياً منذ أكثر من 12 شهراً، لا يمكن للبنان أن يبقى بمنأى عن هذه الارتفاعات وتأثيرتها الاقتصادية والمالية، كونه بلدا مستوردا للنفط، فخلال مدة هذا الارتفاع حاولت الحكومة وبطريقة غير مباشرة المحافظة على سعر لا يتجاوز 22 ألف ليرة (كسعر وسطي لأصناف البنزين الثلاثة في السوق المحلية 98 و95 و92 أوكتان)، وهذا يعني أن الحكومة تدعم بطريقة غير مباشرة سعر هذه المشتقات النفطية، ويمكن ملاحظة ذلك في جداول تركيب الأسعار خلال هذه المدة، ففي حين كانت الدولة تتقاضى على كل صفيحة رسم الطابع المالي ما بين 8 و9 دولارات، لا يتجاوز هذا الطابع اليوم 130 ليرة على الصفيحة، وهو يعني أن الدولة تتحمل كل هذا الفارق في الأسعار عن المواطن­المستهلك، لكن بالتالي أمام الدولة التزامات وديون وغير ذلك ولا يمكنها أن تستمر في هذا الدعم غير المباشر الى ما لا نهاية.
بدوره، يشير الخبير النفطي ربيع ياغي في اتصال مع "المستقبل"، الى أن هذه الزيادة التي طرأت على أسعار المحروقات ومنها مادة البنزين، هي انعكاس طبيعي لأسعار النفط العالمية، كون لبنان بلداً مستورداً لا منتجاً، والحل يكون بالحفاظ على سعر الصفيحة كما هو أي أن تدعمه الدولة، وهو ما لا تستطيع تحمله في ظل الأوضاع المالية التي تمر بها، أو يكون الحل هو على حساب المستهلك، وهذه الزيادة لا يمكن وصفها إلا بالرسوم البدائية لأنها لا تعوض من خسائر الدولة شيئاً.
وأكد ياغي أن الارتفاع في أسعار النفط العالمية مستمر لأكثر من 4 سنوات، وبالتالي فإن سعر الصفيحة قابل للارتفاع لا للتراجع.
من جهته، يؤكد نقيب أصحاب محطات المحروقات سامي البراكس، أن المحطات لا تربح من جراء هذه الزيادة، إذ أن الجعالة لم تزل كما هي 1500 ليرة، وبالتالي فإن النقابة بصدد إعداد دراسة حول هذا الموضوع.
بدوره، أشار الخبير النفطي علي زغيب الى أن الدولة ما زالت في وضع الخاسر على الرغم من الزيادة البسيطة التي طرأت على صفيحة البنزين، اذ أن الدولة تبقى خاسرة بنحو 200 ليرة كما أن المواطن قد خسر بهذا القرار بين 100 و200 ليرة، ولفت الى أن هذه الزيادة ستستمر أسبوعين على الأكثر ثم تعود الى طبيعتها.
من جهته، شكر رئيس اتحاد الشركات المستوردة للنفظ بهيج أبو حمزة، وزير الطاقة محمد فنيش "على جرأته في اتخاذ هذا القرار، لانه دليل على تحمله المسؤولية"، وقال "الجميع يعلم ان خسارة الدولة من قطاع جباية الضرائب تفوق 900 مليار ليرة سنويا، نتيجة ارتفاع سعر المشتقات النفطية في الخارج وانخفاض الرسوم المالية الى حد وصولها الى الصفر، يعني ان الوزارة لا يمكنها دعم المشتقات النفطية، ولا يمكن ان تدعم بالتالي البنزين، فالزيادة كانت قليلة جدا الى حد ان المواطن لن يشعر بها، ولكن يجب ان تكون هناك حلول لتأمين بدائل من هذه الضرائب".
وأكد حصول بلبلة أول من أمس قبل صدور القرار من قبل وزارة الطاقة، وقال "بمجرد صدور الاسعار من الوزارة يجب ان تلتزم الشركات كليا بها، ونضع انفسنا في هذا الاطار في تصرف الوزير فنيش لدراسة كل الاحتمالات الواردة، وخصوصا على صعيد الكلام المتداول في الاسواق العالمية حول الزيادات المتوقعة للمشتقات النفطية والنفط الخام".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00