8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

وزارة الصحة تعد ورقتها لجلسة مناقشة أوضاع الصندوق: معالجات على ثلاث مراحل تشمل العلاقة مع الدولة والضمان

يدرس مجلس الوزراء، أوضاع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وسبل معالجتها، في الجلسة المخصصة بهذا الملف، على خلفية مقترحات اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، والمؤلفة من وزراء العمل طراد حمادة والصحة محمد خليفة والمال جهاد أزعور والاقتصاد والتجارة سامي حداد وفي ضوء تقرير لجنة الخبراء (مروان اسكندر، كمال حمدان، رفيق سلامة وانطوان واكيم).
وفي هذا الاطار، وضع الاستشاري في وزارة الصحة العامة الدكتور بهيج عربيد، ورقة العمل التي من المقرر أن تضمها وزارة الصحة الى جملة الأوراق المطروحة للمناقشة، وتعكس الورقة وجهة نظر الوزارة في مجال السياسة الصحية، وتؤكد ضرورة أخذ تقرير الخبراء بالاعتبار، وأن لا تتم معالجة مشكلات الضمان بمعزل عن معالجة النظام الصحي العام، وكذلك بالعمل لتحسين الأداء والتنظم والفعالية في الضمان والتوازن المالي، ومن جهة أخرى تأمين الظروف المؤاتية لانتاج خدمات طبية جيدة ومعقولة، وترى أن خطأ جوهرياً في مؤسسة الضمان كونها تضمن المرض ولا تضمن الصحة، والفرق بينهما كبير، وتقترح الورقة مستويات زمنية مختلفة لمعالجة أوضاع القطاع الصحي والضمان، وعلى مستويات مختلفة: الدولة، الضمان ووزارة الصحة.
تعرض الورقة الخدمات والمساعدات التي تقدمها وزارة الصحة العامة، خصوصاً أن 42.5 % من اللبنانيين لا يملكون أي تغطية اجتماعية للخدمات خارج الاستشفاء باستثناء ما تقدمه وزارة الصحة كمساعدات لتأمين بعض الأدوية الغالية وأدوية الأمراض السرطانية وغسل الكلي وبعض اللوازم الطبية حيث تصل لحدود 25 مليارليرة.
كما تعرض واقع سياسة التأمينات الصحية، والصناديق الضامنة التي أنشئت لكل قطاع، وتعدد الادارات التي تدير كل صندوق منها، وتشير الى أن لكل صندوق إدارة خاصة به وسياسة وآليات عمل، وعقوداً خاصة مع المستشفيات، بالرغم من وجود بعض الأمور المشتركة المهمة، وتلفت الى أنه برز في السنوات الأخيرة تضارب في علاقة الصناديق الضامنة مع المستشفيات، فوزارة الصحة اعتمدت نظام البدل المقطوع للأعمال الجراحية في حين بقت الصناديق الضامنة الحكومية تعتمد نظام الفاتورة المركب للأعمال الجراحية في المستشفيات، وتظهر الورقة مصادر التمويل المتنوعة والخاصة بكل منها، والتي تعكس السياسة المالية والضريبية المعتمدة من قبل الدولة.
وتؤشر الورقة الى القرارات المتخذة في مجال التأمينات والتي تفتقر إلى الدراسات المعمقة، ومنها:
­الضمان الاختياري: الذي طرحته الدولة وكلف الضمان الاجتماعي بتنفيذه، وكانت النتيجة أن وقع الضمان في عجز مالي كبير، الأمر الذي اضطره الى التوقف لتسوية أوضاعه، وقد وصل العجز عام 2003: الى 6.86 مليار ليرة (تقرير الخبراء)، وترى الورقة أن تنفيذ الضمان الاختياري لا يمكن أن يعطي نتائجه المرجوة، الا اذا تزامن تطبيقه مع إعادة النظر في الدور الذي تلعبه وزارة الصحة كصندوق تأمين.
­التأمين الالزامي للسيارات:
ترى الورقة أنه بعد مضي أكثر من سنة على تنفيذه، يظهر أن هذا المشروع يواجه صعوبات كبيرة مع الشركات الخاصة الضامنة، وهذا الأمر يحتاج إلى معالجة فمن غير الطبيعي أن تبقى وزارة الصحة أو الصناديق الضامنة تغطي تكلفة معالجة مصاب بحادث سير في المستشفيات.
­ضمان الشيخوخة لم يصدر بعد، والمشروع المعد من قبل الضمان يقتصر فقط على المواطنين المستفيدين من تقديمات الضمان.
­إلغاء المكتب الوطني للدواء: ألغت الدولة المكتب الوطني للدواء بقرار غريب منذ عدة سنوات ولم تطرح بدائل له، فقرار الألغاء هذا لم يتزامن مع اعادة تكليف الضمان باستيراد الدواء لتغطية حاجة المستفيدين لديه على الأقل خاصة، وان تجربة السبعينات كانت مشجعة جداً حيث بلغ الوفر على المريض والصندوق في حدود 50%.
وتقترح الورقة سلة حلول، تتعلق بسياسة التأمينات الصحية، على مستويات زمنية مختلفة:
1­الحلول السريعة الآتية:
أ­مستوى الصناديق الضامنة
* توحيد أجهزة الرقابة الادارية والطبية من خلال أحد الحلول التالية:
­انشاء مؤسسة عامة مستقلة تتولى أعمال المراقبة الادارية والطبية لكافة مرضى الصناديق الضامنة الحكومية وترتبط برئاسة الحكومة كادارة وصاية، أن يتولى الضمان الصحي منفرداً هذه المسؤولية بعد تعزيز إمكاناته، وأن يتم تلزيم أو تخصيص الرقابة، وان تلزم لمؤسسة محلية خاصة متخصصة في مجال الرقابة الاستشفائية.
­ان يتم تلزيم آليات العمل كلها على أساس انها متكاملة ومتداخلة فيما بينها، وتشمل: خدمات دخول المرضى/ الموافقات، الرقابة على خدمات المستشفيات وتقديماتها، بناء نظام المعلومات متكامل وشامل حول الخدمات المستشفيات للمرضى المضمونين، اصدار التقارير الدورية حول حركة المرضى والتكلفة وتطورها وكل ما من شأنه تصويب وتطوير العمل، ومراقبة الخدمات خارج الاستشفاء.
ب­الدواء: يمثل الدواء 25 % من إجمالي الانفاق على الصحة، لذلك يتوجب اعطاء أولوية للتعامل مع الدواء.
* يمكن تبني برنامج تنفذه وزارة الصحة بالتعاون مع جمعية الشبان المسيحيين: برنامج أدوية الأمراض المزمنة، فقد بلغ الوفر لكل مريض مستفيد من البرنامج (107000 مريض) في حدود 70 % من ثمن الأدوية بالاسم التجاري (الأدوية تقدم باسم Generics).
* كذلك في مجال الأدوية: من الأمور المستعجلة وبعد توقف مشروع المكتب الوطني للأدوية أن يعاود الضمان استيراد الأدوية مباشرة (الأدوية النظامية: Generics) للاستخدام خارج المستشفيات والأدوية المعلبة للاستشفاء.
* اعتماد مركزية موحدة لشراء الأدوية واللوازم الطبية لمصلحة الصناديق الضامنة الحكومية والمستشفيات الحكومية.
ج­متابعة بناء القاعدة الموحدة للمعلومات بين الصناديق الضامنة الحكومية وتطويرها لتشمل اضافة للمستفيدين من تقديمات الصناديق الضامنة: الاستشفاء وأهم اسبابها، الوفيات، وأهم اسبابها، والتكلفة ومرتكزاتها، لتشكل قاعدة المعلومات هذه الأساس لكل السياسات التنموية الممكن اعتمادها والأساس ايضاً لكل عمليات التقييم ولمعلومات تصحيح مسار خدمات التأمين.
د­العلاقة مع المراكز الصحية الرعائية: الكل يعلم أن ترشيد الانفاق الصحي يمر عبر التوجه الرعائي في السياسة الصحية، لتوجيه المريض بشكل صحيح نحو المستشفى.
ه­في السياسة الاستشفائية
* البدل المقطوع: يجب أن يطبق فوراً ودون أي تأخير نظام البدل المقطوع ولقد سبق وذكرنا الأسباب وأهمها انه النظام الأوفر والأضمن للسيطرة على التكلفة ولاحتوائه على عناصر الجودة ولسهولة مراقبته.
* بدائل الاستشفاء
وأهمها:­الاستشفاء النهاري (هو تقديم خدمات استشفائية طبية وجراحية لا تتطلب المكوث في المستشفى لأكثر من ساعات محدودة)، فالدراسات الفرنسية تؤكد أن الوفر يبلغ 30 % من تكلفة الاستشفاء.
وكل ما هو مطلوب هو أن تحدد وزارة الصحة العامة المواصفات الفنية لمستشفيات اليوم الواحد وهي خدمات يمكن أن تكون جزءاً من مستشفى قائم أو ان تكون مؤسسات مستقلة.
* الاستشفاء المنزلي: هو أيضاً إحدى البدائل المهمة، ويقضي بنقل المريض المعالج في المستشفى وبعد أن تستقر حالته وتصبح بحاجة للمتابعة والمراقبة، الى منزله ويتولى فريق طبي من ممرضة مجازة وطبيب من المدينة أو من المركز الصحي متابعة حال المريض خلال الأيام التي تلي الاستشفاء وحتى يقرر الطبيب المعالج انتفاء الحاجة للمتابعة العلاجية.
إن الوفر كبير جداً على الصناديق الضامنة وعلى المريض والعقبة الوحيدة الموجودة هي عدم توفر القرارالحاسم في تنفيذ مثل هكذا توجه، ان تقديرات الوفر تفوق 30 % من تكلفة الاستشفاء اضافة الى خفض الحاجة للاستشفاء.
* متابعة نظام الاعتماد وتطويره من قبل وزارة الصحة العامة.
و­ في السياسة الوقائية
نقترح أن تتبنى الصناديق الضامنة وفي المقدمة الضمان الصحي السياسة الوقائية وأن ترصد للوقاية وبرامجها نسبة من الموازنة العامة للضمان بحدود 5 %.
2­الحلول المتوسطة المدى
أ ـ الحلول المتعلقة بالصناديق الضامنة
* البطاقة الاستشفائية: وتفترض تنفيذ الخطوات التالية: تنفيذ المراقبة الموحدة لخدمات الصناديق الضامنة، توحيد كافة آليات العمل الأخرى، دمج تعاونية موظفي الدولة مع الضمان مع المحافظة على حقوق الموظفين التي نصت عليها القوانين، دمج عائلات العسكريين بالضمان، انشاء شبكة الكترونية بين الطبيب والمستشفى والصيدلة والمختبر.
* الضمان الاختياري الذي ينفذه الضمان: البدء بمناقشة الدور الذي تلعبه وزارة الصحة حالياً كصندوق تأمين عام، ان تطبيق الضمان الاختياري يتعارض في جوهره مع متابعة الدور المناط بوزارة الصحة في مجال التأمين.
وثمة اقتناع لدى وزارة الصحة ان الوزارة تلعب دوراً فرضته الأحداث الطويلة، والتي دمرت في حينه المستشفيات الحكومية، فاتخذت الحكومة قرارها بتأمين معالجة المواطنين في المستشفيات العامة والخاصة على نفقتها وبداية كانت الاصابات الناتجة عن الأحداث العسكرية ثم تطورت لتصبح مفتوحة لكل مواطن لبناني لا يمتلك تأميناً عاماً أو خاصا وللخدمات الاستشفائية. ان مشروع تطوير القطاع الاستشفائي الحكومي يسير بشكل جيد، ومن المنتظر الانتهاء منه خلال العام 2007 ليصبح لدى الوزارة حوالي 2715 سريراً بمواصفات عالمية تتمتع باستقلالية مالية وادارية وترتبط بوزارة الصحة كوزارة وصاية.
لذلك تعتقد الوزارة بأن الوقت قد حان لاعادة تقييم دورها واعتماد الحلول المناسبة، والاقتراح هنا هو أن تعتمد الموازنة التي تصرف على خدمات وزارة الصحة لتعزيز مشروعين كبيرين الأول تدعيم عمل وفعالية المستشفيات الحكومية وضمان نوعية خدماتها، والثاني تدعيم برنامج الضمان الاختياري لخفض معدل الاشتراكات فيه وتحسين تقديماته.
ان تنفيذ هذه التوجهات المستقبلية لا تتطلب أكثر من 3­5 سنوات. المهم في الموضوع اتخاذ القرار السياسي واعتماد روزنامة تنفيذية جدية للسنوات الثلاث أو الخمس القادمة.
ب­الحلول المرتبطة بالسياسة الصحية العامة: أهم هذه الحلول هي: تنظيم السوق العلاجية الاستشفائية وخارج الاستشفاء ووقف المزاحمة المجنونة، وحماية المبادرة الفردية، أي تنفيذ مشروع الخريطة الصحية للبنان.
ومشروع القانون موجود حالياً في مجلس الوزراء بانتظار تحويل المشروع الى مجلس النواب.
3­الحلول البعيدة المدى: هذه الحلول مرتبطة بتنفيذ المراحل السابقة خاصة البطاقة الاستشفائية بكافة متفرعاتها وانهاء دور وزارة الصحة العامة وتعزيز الضمان الاختياري للمواطنين.وبذلك نصل الى مرحلة البطاقة الصحية الوطنية، التي يتم اعتمادها كآلية لتنظيم الطلب على الخدمة الصحية بكافة أبعادها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00