أنفق لبنان ثروات طائلة في القطاعين العام والخاص وعلى مدى عقود من الزمن، لتأمين الخدمات الصحية على أنواعها، وفي ظل جو من الفوضى وغياب التخطيط والتنظيم والمراقبة، إلا أنه مع اعتماد وزارة الصحة العامة الآن، توجهات وسياسات لتصحيح مسار السياسة الصحية، وضبط الانفاق وبالتالي خفضه، فإن الأمر يبدومختلفاً عما كان عليه الوضع من قبل.
ويبدو ذلك جلياً من خلال التقرير الذي وضعه الاستشاري في الوزارة الدكتور بهيج عربيد، عما تحقق في مجال الخدمات الرعائية الأولية وكذلك في مجالات أخرى، ذات صلة بهذا القطاع الحيوي والهام، خلال الحقبة الممتدة من العام 1999 ولغاية 2004.
ويلفت التقرير الى أهمية الخدمات الرعائية الأولية، اذ أن المعلومات العامة حول المؤشرات الصحية العامة، تدل على أن معدل الولادات: 2.1%، فيما تبلغ الوفيات تحت عمر 5 سنوات 0028/1 بالألف، وان هذا المعدل يتحسن باستمرار نتيجة للجهود المبذولة في مجالات الرعاية والنجاحات المحققة في مجالات التحصين الشامل للأطفال، وفي مجالات الصحة الانجابية والتوعية وسواهم.
ويقول التقرير "إن الجهود تنصب الآن لإلغاء الفوارق كمؤشرات صحية خاصة معدل الوفيات عند الأطفال بين المناطق ولتحسين هذه المؤشرات، ويلفت الى ان الحاجة لا تزال ملحة لتأمين نظام تسجيل للوفيات وتحديد اسبابها الحقيقية، وهو مشروع يجب ان يتم بالتنسيق مع وزارات الصحة والعدلية والداخلية".
وحول معدل الحاجة للخدمات خارج الاستشفاء، يلاحظ التقرير أن المواطن يذهب للمعاينة الطبية 3.8 مرات في السنة، منها 23% في المستوصفات والمراكز الصحية والباقي في العيادات الخاصة للأطباء.
ويؤكد أن الوزارة قد عملت ومنذ بداية التسعينات في مجال الرعاية الصحية الأولية على تعزيز الموازنة السنوية المخصصة بالرعاية الصحية بحيث انتقلت من حدود 00/2 بالألف الى نحو 8% من موازنة وزارة الصحة، كما أنها عملت تعزيز المؤسسات الرعائية وخاصة المراكز الصحية ذات الخدمات المتنوعة والمتعددة، فأعادت: تأهيل 10 مراكز صحية حكومية عاملة، وأنشأت 14 مركزاً صحياً متطوراً، مستفيدة من هبات عربية، كما أنه يجري العمل الآن على انشاء عدد من المراكز الصحية الكبيرة بدعم محلي ومن الصناديق العربية: في رميششبعا والخيام، اضافة لمشروع اللبوة والاموال المتوفرة، ومن المنتظر ان تنتهي خلال عام 2006.
وتعمل الوزارة بالإضافة الى ذلك، على تعزيز العلاقة مع القطاع الاهلي حيث عملت الدولة ومن خلال قرض للبنك الدولي على تأهيل 20 مركزاً صحياً اهلياً، كما عقدت اتفاقية للتعاون واعتمدت لائحة من 110 مراكز صحية، اذ يوجد في لبنان 110 مراكز صحية و750 مستوصفاً، 75% منها تعود للقطاع الاهلي.
كما تعمل الوزارة أيضاً على تعزيز الشراكة في ادارة الرعاية الصحية الاولية، فأنشئت اللجنة الوطنية للرعاية الصحية الأولية والتي يتمثل فيها: وزارتا الصحة والشؤون الاجتماعية، القطاع الأهلي، المؤسسات الدولية الداعمة.
ويجري التوجه الآن نحو ادخال قطاع البلديات (تجمع البلديات)، إضافة الى اعتماد عشرات البرامج الرعائية، التي حققت نجاحات مميزة في مجالات عديدة نتيجة للتعاون والتنسيق مع الادارات العامة الاخرى والقطاع الاهلي، خصوصاً في: التحصين الشامل للاطفال، حيث فاقت نسبة التغطية 95%، ولم يسجل اي حالة شلل اطفال منذ نحو 7 سنوات، كما تدنت بنسبة كبيرة جدا حالات الحصبة، وتشمل أيضاً الصحة الإنجابية، التثقيف الصحي، الصحة المدرسية، برنامج الأدوية الأساسية، برنامج أدوية الأمراض المنزمنة، إلى جانب البرامج الوطنية.
كما تعمل الوزارة على بناء قاعدة المعلومات المتشعبة حول الصحة والمؤشرات والمقاييس والمؤثرات، كما اعتمد retsigeR lanoitaN للأمراض السرطانية ولأمراض القلب والشرايين وجراحة القلق المفتوح، فيما يجري العمل الآن على تنفيذ مشروع ريادي "tcegorP etoliP" على مستوى قضائين لمناطق صحية مستفيدين من هبة إيطالية، وتحاول الوزارة تنفيذ برامج عدة، من أهمها نظام الاحالة في المستوى الرعائي تجربة نعمل على تنفيذها في قضاء النبطية.
أما في الشأن المتعلق بالمهن الطبية والموارد البشرية، فتلاحظ احصاءات وزارة الصحة، عدد الأطباء 11000 طبيب، وعدد الصيادلة 4056 صيدلانياً، أما عدد أطباء الأسنان فهو 3427 طبيباً، ومعدل الممرضات هو 1.22 ممرضة لكل سرير استشفاء، أما عدد كليات العلوم الطبية 7 كليات، وعليه فإن الوزارة تعمل على التفاهم التام بينها وبين النقابات المهنية على الأمور التالية: ضرورة تحديد حجم الحاجة لمختلف انواع واختصاصات المهن الطبية، التأكيد على النوعية من خلال: علامة الجدارة لدراسة الطب، الكولوكيوم العام وكولوكيوم الاختصاص، نظام التأهيل المستمر لمختلف المهن الطبية، الحاجة لسياسة توجيه من قبل نقابة اطباء لبنان نحو الاختصاصات الطبية، ومنها: الطب العام، الصحة العامة، طب العائلة، طب الطوارئ، تأكيد الحاجة الملحة للتمريض وتحسين شروط العمل وتوجيه الشباب نحو هذه المهنة، كما تعمل على فصل اتعاب الاطباء للمعالجين في المستشفيات العامة والخاصة عن حقوق المستشفيات، وهي الأتعاب العائدة للاطباء المعالجين المرضى في المستشفيات.
ولجهة خدمات الطوارئ، يوضح التقرير أن الوزارة قد عملت على: وضع دراسة شاملة حول امكان تنفيذ نظام طوارئ طبي NABIL UMAS عام 1996 تقدمها مؤسسة فرنسية متخصصة وبتمويل من الصندوق الكويتي، كما عملت خلال عام 19981999 وبالتعاون مع الجيش اللبناني والصليب الاحمر اللبناني والدفاع المدني والهيئات الاهلية الفاعلة جنوبا ويندرج المشروع في اطار الاستعدادات الوطنية لدعم صمود شعبنا في الجنوب ودعماً لمعركة التحرير، كما عملت الوزارة على دعم جهود الصليب الاحمر اللبناني، فبدءاً من العام 2000، نفذ مشروع الطوارئ الطبي في محافظة الشمال بالتعاون مع الصليب الاحمر اللبناني، كما يجرى العمل الآن وبالتعاون مع الشركاء في مجال الصحة والطوارئ لاعتماد مشروع طوارئ الطرق.
وقد وضعت الوزارة وبالتعاون مع الصليب الاحمر اللبناني تصوراً وخطة لتنفيذ مشروع الطوارئ الطبي للخط الساحلي طرابلسالناقورة، على أن يمدد التنفيذ لمنطقة خط بيروت المصنعوشتورا، زحلة، بعلبك لسنة 2007، وفي سنة 2008 يتم توسيع الاطار التنفيذي ليشمل كل لبنان.
ويلفت التقرير الى أن المبنى الحالي للوزارة في منطقة المتحف، لم يعد يتلاءم والمهام التي تتحملها الوزارة في مختلف الحقول الصحية، لذلك اصبح المبنى الجديد للوزارة يشكل اولوية اساسية في مشاريع الوزارة، خصوصاً وأن الاموال الضرورية للبناء والتجهيزات الادارية والفنية اصبحت متوفرة، وكل الجهد ينصب الآن على تأمين الارض اللازمة لذلك، على أنه من الطبيعي ان يتلاءم المبنى مع الهيكلية الجديدة المقترحة للوزارة والتي تعكس عملياً المهام الموكلة اليها وطنياً.
وفي هذا المجال، فإن الدراسات الاولية للمساحات المطلوبة للبناء هي بحدود: 6500 متر مربع بناء، 2500 متر تحت الارض لمواقف السيارات، والمستودعات، وقاعة المحاضرات وسواها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.