8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

هواجس اللبنانيين تسأل عن مصير 4 ملايين "قنبلة موقوتة" في منازلهم

على الرغم من الارتفاع المتلاحق في سعر قارورة الغاز زنة 10 كيلوغرامات، والذي وصل في المدة الأخيرة الى 15700 ليرة، فإن الهاجس حول هذه المادة الخطرة ليس في أسعارها التي تتفاعل مع بورصة أسعار النفط في الأسواق العالمية، وإنما في تلك القارورة التي تحتويها، والتي هي أشد فتكاً من الأسعار.
وعلى الرغم من أن الدولة طرحت جانباً من الأمان حول هذه المشكلة، إلا أن الخطوة بقيت ناقصة، اذ لا يعقل أن تبادر في استبدال مليوني قارورة خلال سنتين ونصف السنة، وتبقى أربعة ملايين قارورة بين المنازل والمتاجر، دون أي حل على المدى المنظور، تخلق الرعب باعتبارها قنابل موقوتة لا يصح غض الطرف عنها أو تجاهل هذه المشكلة التي تعايش المواطن اللبناني في ليله ونهاره.
وكشف نقيب العاملين والموزعين في قطاع الغاز ومستلزماته في لبنان فريد زينون، أن عملية استبدال قوارير الغاز التي بدأت آب/أغسطس 2003، تسير وفقاً للخطة المرسومة لها، وقال لـ"المستقبل"، إنه منذ صدور قرار الاستبدال منذ نحو سنتين، تم استبدال نحو 1.7 مليون قارورة من أصل مليوني قارورة، على أن يتم الانتهاء من هذه العملية أوائل آذار المقبل.
واذ أكد أنه لا توجد أية عراقيل تعيق عمليات الاستبدال، إلا أنه لفت الى أن نسبة الاستبدال في بعض المناطق أقل بكثير من مناطق أخرى، وعزا السبب الى أن هناك عمليات تهريب كبيرة للغاز من بعض المناطق الحدودية، وهو ما يؤدي الى ازدياد عدد القوارير، وابقاء عدد منها دون استبدال، ولفت الى أن بعضاً من الشركات تتآمر في التجارة ببعض الغاز المهرب، وناشد الدولة أن تكافح هذه الظاهرة التي تضرب هذا القطاع الحيوي، وهي بالتالي لا تفيد المواطن، لأن التهريب لمصلحة بعض الشركات، فإن الضرر يقع على الدولة.
وقال زينون "إن كمية المليوني قارورة التي يلحظها القرار، لا تشكل سوى 25 أو 30% مما يحتاجه المواطنون في هذا البلد"، وأشار الى أنه يوجد في لبنان نحو 1.061 مليون وحدة سكنية، وذلك بحسب دراسة أجرتها ادارة الاحصاء المركزي في العام 1996،
وتبين أن كل وحدة منها تحتاج الى 3 قوارير، ما يعني أن هذه الوحدات وحدها تحتاج الى 3.183 ملايين قارورة، أن كل منزل يملك فعلياً نحو ثلاث قوارير (قارورة تستعمل للطهي، وثانية تستعمل للمدفأة وثالثة احتياط)، علماً أن هذه الوحدات قد زادت بعد مرور 9 سنوات على مسح ادارة الاحصاء المركزي، ويضاف الى ذلك ما تستعمله المطاعم والفنادق وما تملكه المحال التجارية من القوارير زنة 35 كيلوغرام، وما تملكه نقابات التوزيع، حيث يقارب العدد مليون قارورة، فيما المحال التجارية لديها آلاف القوارير، ولذلك فإن عملية التبديل تنتهي في آذار المقبل، لكنها لا تحل مشكلة القوارير المهترئة في لبنان.
وأوضح زينون أن المطلوب من وزارة الطاقة والمياه، أن تعمل قبل انتهاء عمليات الاستبدال، على زيادة كميات القوارير الجديدة لتشمل ما سيتبقى من قوارير على الأراضي اللبنانية برمتها، وإلا سنكون أمام كارثة مؤجلة، فهل يعقل أن يتم استبدال جزء وترك الجزء الآخر، معظم القوارير الموجودة عبارة عن "قنابل موقوتة"، كونها مهترئة ولم تعد صالحة للاستعمال بالمطلق، فالقوارير الجديدة التي دخلت الى السوق اللبنانية عليها تأمين أما القوارير القديمة، فمن يعوض اذا انفجرت القارورة القديمة، بالطبع لا أحد، من هنا يجب على الوزارة اتخاذ هذه الخطوة.
وأكد ضرورة أن تتحمل الدولة دعم هذه القوارير أي دون تحميل المواطن فارق الاستبدال، لأن المواطن لم يعد يستطع أن يتحمل فارقاً جديداً.
كيفية الاستبدال
في 27 أيار/مايو 2003 أصدر وزير الطاقة والمياه قراراً حمل الرقم 83، يقضي باستبدال نحو مليوني قارورة غاز بعد 3 أشهر من صدور القرار، كما قضى بتلف جميع القوارير الموجودة في الأسواق اللبنانية، واستبدالها بالجديدة خلال مهلة سنتين ونصف السنة، أي بمعدل 800 ألف قارورة سنوياً، ويؤكد القرار ضرورة أن تحمل كل قارورة جديدة الاسم التجاري والعلامة التجارية وتاريخ الصنع وتاريخ انتهاء الصلاحية واللون المميز وسكر الغاز لشركة الغاز المسؤولة عن القارورة.
وبموجب القرار كلفت شركات لاستيراد الغاز بتنفيذ عملية الاستبدال وفق آلية مرتبطة بحركة الاسترداد، على أن تتحمل هذه الشركات كامل المسؤولية المدنية الناجمة عن استعمال وصيانة القوارير التي تسلمها للمستهلك وتحمل اسمها وبما يشمل اجراءات التأمينات اللازمة لدى شركات الضمان واعادة الضمان وابرازها للوزارة، وقد أضيف بموجب القرار الى جدول تركيب سعر قارورة الغاز بند "بدل استبدال قارورة الغاز" وحدد بـ1500 ليرة، بحيث تتحمل شركات الغاز فارق تكلفة القارورة وهو 450 ليرة، حيث أن تكلفة التصنيع نحو 19.5 دولارآً".
وقد بدأت الزيادة 1500 ليرة منذ سريان مفعول قرار الاستبدال، يضاف إليها زيادة الـA.V.T على كل 10 كيلوغرامات غاز، كما أن تصنيع القوارير الجديدة يعود الى معمل "سيغما" ومعمل آخر يملكه قيصر رزق الله وهو على الأرجح معمل "ليكوي".
ويشير زينون الى مواصفات القارورة الجديدة، ويقول "إن زنتها وهي فارغة تبلغ نحو 14.7 كيلوغراماً، أما طولها فيبلغ 56 سنتيمتراً وعرضها 30 سنتيمتراً وعلو يدها (أذنها) 11سنتيمتراً، وهي مقسمة الى قسمين ملتحمتين عند بطنها، وتبلغ قاعدة الاسطوانة نحو 1.7 كيلوغرام أما ارتفاعها فيبلغ نحو 7 سنتيمترات"، ويضيف أنه تم خفض طولها الآن نحو 1.5سنتيمتر عند "الأذن" بعد شكوى الأهالي من طولها".
وذكر أن السوق اللبنانية تحتاج الى نحو 154 ألف طن سنوياً من الغاز المنزلي (سائل بوتان)، وأكد "أن التأمين على كل قارورة هو مليونا دولار، لذلك عند الانتهاء من تصنيع المليوني قارورة لن يكون بامكان شركات التوزيع اعطاء قوارير قديمة غير مؤمنة، من هنا ستكون هناك مشكلة مستقبلاً بين الموزعين والمستهلكين، ولا بد من تداركها من اليوم".
المواصفات الفنية
أصدرت مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية "ليبنور" المواصفات الفنية الجديدة لقوارير الغاز، اعتمدت فيها الشروط المتداولة عالمياً، ومنها على سبيل المثال سماكة الحديد التي أصبحت 3 ملليمترات وليس كما كان معتمداً في السابق 2.7 و2.8 ملليمترين، مع تأكيد نوعية الحديد 1SB الخاص بتصنيع قوارير الغاز، مما أفضى إلى زيادة في وزن القارورة، إضافة إلى تحديد المواصفات الفنية لقاعدة القارورة التي وضعتها "ليبنور" بسماكة معينة للحديد وبارتفاع لهذه القاعدة لا تقل عن 3 سنتيمترات لجهة أسفل الاسطوانة، فضلاً عن ابتكار قبضة "اليد" الجديدة للقارورة بغية حماية "سكر" الاسطوانة، بدل القديمة التي كانت لا تؤمن قبلاً حماية هذا "السكر". ولهذه الأسباب، تم تصنيع القارورة وفق المواصفات العالمية المطلوبة، وإن يكن وزنها ارتفع قليلاً عما كان سابقاً.
وكذلك اشترطت "ليبنور" و"معهد البحوث الصناعية" على كل شركات الغاز الكبرى والتي تنتشر فروعها في مختلف المناطق، ان تحمل كل اسطوانة اسم الشركة المصنّعة في شكل واضح وجلي، ولوناً خاصاً بها يكون مسجلاً في وزارة الاقتصاد والتجارة، كي تتحمّل كل شركة مسؤولية قواريرها. علماً ان كل قارورة تحمل المواصفات الفنية المطلوبة ومصرّح عن وزنها ورقمها أيضاً.
والقوارير الجديدة التي أنزلت إلى الأسواق والمصنّعة في لبنان، هي تحت المراقبة الفنية من مهندسي معهد البحوث الصناعية، وكل قارورة تستوفي شروط المعهد تحمل "علامة" معهد البحوث، إضافة إلى شهادة صادرة بهذه القوارير من المعهد أيضاً. كما ان القوارير المصنّعة في لبنان من شركة "سيغما"هي الوحيدة التي تخضع لمراقبة مهندسي شركة "لويدزاوف لندن" البريطانية وتحمل خاتمها، وكل قارورة تحمل "خاتم" هذه الشركة "و"علامة" مع شهادة صادرة عنها أيضاً، وهذا الأمر يحصل لأول مرة في لبنان، على صعيد وضع علامتي "لويدز" ومعهد البحوث وختمهما على القارورة بغية ضمان سلامتها من كل خطر.
هواجس المستهلك
واذا كان موضوع قوارير "القنابل الموقوتة" يشكل علامة فارقة، كون معالجتها أشبه بـ"الدعسة الناقصة"، فهل يصح أن يكون اللبناني في نصف مأمن من مخاطرها، وهل يصح أن تكون المعالجات لقوارير بلغت من الاستخدام العمر عتياً (30 سنة على الأقل عمر القارورة القديمة)، وتجاور الأطفال في مخادعها وفي مطابخ العائلة دون أي ضمانات أو تأمين، ولقد حفلت السنوات الماضية بعدد من الحوادث المميتة من جراء هذا الإهمال المنظور.
أمّا المفارقة الأخرى في عمليات الاستبدال، فهي ما تطرحه مصادر من داخل هذا القطاع، حول الأموال التي توفرها القوارير المستعملة والتي تذهب الى التلف بعد عمليات الاستبدال، فأين تذهب هذه الأموال، والمقدرة بنحو 10 ملايين دولار، لمليوني قارورة قديمة (تزن القارورة الفارغة 12 كيلوغراماً)
مليونا قارورة*12 كيلو=24000 طن (الطن للحديد التالف بـ300 دولار)=7.2 ملايين دولار يضاف عليها أسعار ساعات النحاس والتي تقدر بنحو 3 ملايين دولار.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00